الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015
مكتب السيد السيستاني یفند انباء تعرضه لوعكة صحیة
بواسطة:أدمن
10:47 م
انطلاق ندوة "التفسیر المقارن بین القرآن والکتب السماویة الأخرى" بطهران
بواسطة:أدمن
10:45 م
انطلقت ندوة "التفسیر المقارن بین القرآن والکتب السماویة الأخرى"، الیوم الاثنین ۹ نوفمبر / تشرین الثانی، فی العاصمة الإیرانیة طهران.
وأفادت وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا) أن ندوة "التفسیر المقارن بین القرآن والکتب السماویة الأخرى" انطلقت فعالیاتها الیوم الاثنین 9 نوفمبر / تشرین الثانی الجاری فی الساعة العاشرة صباحاً بالتوقیت المحلی فی قاعة المؤتمرات التابعة لمعاونیة القرآن والعترة لوزارة الثقافة الإیرانیة بطهران.
ومن المقرر أن یتحدث فی هذه الندوة، المفکر والباحث القرآنی الإیرانی "أبوالفضل عزتی" حول التفسیر المقارن بین القرآن والکتب السماویة الأخرى
فضل زيارة الاربعين في روايات أهل البيت ع
بواسطة:أدمن
9:59 م
1- عن الحسين بن ثوير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : «يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) ان كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتى إذا اراد الانصراف أتاه ملك فقال: ان رسول الله (صلى الله عليه واله) يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى» .
2- وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : «ان الرجل ليخرج الى قبر الحسين (عليه السلام) فله إذا خرج من اهله بأول خطوة مغفرة ذنوبه، ثم لم يزل يقدس بكل خطوة حتى يأتيه، فإذا اتاه ناجاه الله تعالى فقال: عبدي سلني اعطك، ادعني اجبك، اطلب مني اعطك، سلني حاجة اقضها لك، .. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): وحق على الله ان يعطي ما بذل» .
3- وعن الإمام الرضا (عليه السلام)، قال: «ان لكل امام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وان من تمام الوفاء بالعهد وحسن الاداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا لما رغبوا فيه كان ائمتهم شفعاءهم يوم القيامة»
4- وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : «وكّل الله تعالى بقبر الحسين (عليه السلام) سبعين الف ملك شعثا غبرا يبكونه الى يوم القيامة يصلون عنده، الصلاة الواحدة من صلاة احدهم تعدل الف صلاة من صلاة الادميين، يكون ثواب صلاتهم وأجر ذلك لمن زار قبره (عليه السلام)»
5- وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : «زوروا الحسين (عليه السلام) ولا تجفوه، فانه سيد شباب اهل الجنة من الخلق وسيد الشهداء» .
6- وقال الإمام الكاظم (عليه السلام) : «مَن زار الحسين (عليه السلام) عارفاً بحقه غفر الله له ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخّر» .
7- وقال عبد الله بن هلال للإمام الصادق (عليه السلام) : جعلت فداك ما أدنى ما لزائر قبر الحسين (عليه السلام)؟ فقال لي(عليه السلام): «يا عبد الله ان أدنى ما يكون له ان الله يحفظه في نفسه واهله حتى يرده الى اهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله الحافظ» .
8- وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : «ما من احد يوم القيامة الا وهو يتمني انه من زوار الحسين، لما يرى مما يصنع بزوار الحسين (عليه السلام) من كرامتهم على الله تعالى» .
9- وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : «أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين (عليه السلام) شعث غبر يبكونه الى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له منصور، فلا يزوره زائر الا استقبلوه، ولا يودّعه مودع الا شيعوه، ولا يمرض الا عادوه، ولا يموت الا صلوا على جنازته، واستغفروا له بعد موته»
10- وجاء في وصية الإمام الصادق (عليه السلام) لمعاوية بن وهب حين قال له : «يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين (عليه السلام) لخوف فان من تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والأئمة (عليهم السلام)» .
وروى داود بن كثير عن أبي عبد الله : «ان فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) تحضر لزوار قبر ابنها الحسين (عليه السلام) فتستغفر لهم ذنوبهم» .
11- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أتى الحسين عليه السلام عارفا بحقه كتبه الله تعالى له في أعلى عليين.
12- عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: من زار قبر الحسين بن علي عليهما السلام عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
13- عن أبي سعيد المدايني قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له جعلت فداك أتى قبر الحسين عليه السلام؟ قال نعم يا أبا سعيد ائت قبر ابن رسول الله صلى الله عليه وآله أطيب الطيبين وأطهر الطاهرين وأبر الأبرار فإذا زرته كتب الله لك اثنين وعشرين عمرة.
14- قال أبو عبد الله عليه السلام من أتى قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقه كتب الله له أجر من أعتق ألف نسمة وكمن حمل ألف فرس في سبيل الله مسرجة ملجمة.
15- عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ان أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين عليه السلام شعث غبر يبكون إلى يوم القيامة بينهم ملك يقال له منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا يودعه مودع إلا شيعوه ولا يمرض إلا عادوه ولا يموت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته.
16- عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال لي: كم بينكم وبين الحسين عليه السلام؟ قال : قلت يوم للراكب ويوم وبعض للماشي قال أفتأتيه كل جمعة؟ قال قلت لا ما آتيه إلا في الجمعتين قال ما أجفاك أما لو كان قريبا منا لاتخذناه هجرة - أي تهاجرنا إليه -.
17- عن أبي نمير قال: قال أبو جعفر عليه السلام ان ولايتنا عرضت على أهل الأمصار فلم يقبلها قبول أهل الكوفة بشيء وذلك أن قبر علي عليه السلام فيه وان إلي لزقه [أي إلى جنبة] لقبر آخر – يعني قبر الحسين - وما من آت أتاه يصلي عنده ركعتين أو أربعا ثم يسأل الله حاجته إلا قضاها له وانه لتحفه كل يوم ألف ملك.
18- عن بشير الدهان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام أيما مؤمن زار الحسين بن علي عليه السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل.
19- عن عبد الله بن هلال عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت جعلت فداك ما أدنى ما لزاير الحسين عليه السلام؟ فقال لي يا عبد الله أن أدنى ما يكون له ان الله يحفظه في نفسه وماله حتى يرده إلى أهله فإذا كان يوم القيامة كان الله أحفظ له.
20- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل عند الله عشرين حجة وأفضل من عشرين حجة.
21- قال أبو عبد الله عليه السلام من أتى قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقه كان كمن حج مائة حجة مع رسول الله صلى الله عليه وآله .
22- عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: موضع قبر الحسين عليه السلام منذ يوم دفن روضة من رياض الجنة، وقال موضع قبر الحسين عليه السلام ترعة من ترع الجنة.
23- قال الحسين بن علي عليهما السلام أنا قتيل العبرة قتلت مكروبا وحقيق على الله أن لا يأتيني مكروب إلا أرده وأقلبه إلى أهله مسرورا.
24- عن معاوية بن وهب قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو في مصلاه فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه فيقول: يا من خصنا بالكرامة ووعدنا الشفاعة وحملنا الرسالة وجعلنا ورثة الأنبياء وختم بنا الأمم السالفة وخصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوى إلينا، اغفر لي ولإخواني وزوار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبة في برنا ورجاء لما عندك في صلتنا وسرورا أدخلوه على نبيك محمد صلى الله عليه وآله وإجابة منهم لأمرنا وغيظا أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضوانك فكافهم عنا بالرضوان وأكلأهم بالليل والنهار واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك وشديد، وشر شياطين الإنس والجن وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما أثروا على أبنائهم وأبدانهم وأهاليهم وقراباتهم، اللهم ان أعدائنا أعابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وأرحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام وارحم تلك العيون التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش..
-------------------------------------------
1) كامل الزيارات/ ص 128/ح 378 .
2) كامل الزيارات/ ص 128/ح 379 .
3) كامل الزيارات/ ص 119/ح 352 .
4) كامل الزيارات/ ص 118/ح 350 .
5) كامل الزيارات / ص 107/ح 316 .
6) كامل الزيارات/ص 134/ح 396 .
7) كامل الزيارات/ص 130/ح 382 .
8) كامل الزيارات/ص 131/ح 388 .
9) كامل الزيارات / ص 116/ح 344.
10) كامل الزيارات /ص 107/ح 314
11) كامل الزيارات / ص 115/ح 343.
12) ثواب الأعمال / ص112 .
13) ثواب الأعمال / ص113 .
14) ثواب الأعمال / ص114 .
15) ثواب الأعمال / ص115 .
16) ثواب الأعمال / ص115 .
17) ثواب الأعمال / ص116 .
18) ثواب الأعمال / ص116 .
19) ثواب الأعمال / ص117 .
20) ثواب الأعمال / ص118 .
21) ثواب الأعمال / ص120 .
22) ثواب الأعمال / ص120 .
23) ثواب الأعمال / ص122 .
24) ثواب الأعمال / ص125 .
25) ثواب الأعمال / ص122 .
تنظیم مسابقة القرآن الدولیة للنساء في ایران
بواسطة:أدمن
9:55 م
أعلنت رئیسة کتلة القرآن والعترة فی البرلمان الإیراني عن جهود الجهات الإیرانیة المعنیة لتنظیم المسابقة القرآنیة الدولیة للنساء مع الالتزام بالضوابط الشرعیة.
وأفادت وكالة الانباء القرآنية أنه قالت "لاله إفتخاري" في کلمة لها بحفل إفتتاح الدورة الـ38 من مسابقة القرآن للنساء علی مستوی محافظة طهران إن العدو یلجأ إلی کافة الطرق والأدوات لإضعاف النظام الإیراني المستلهم من النهضة الحسینیة.
وقالت رئیسة کلتة القرآن والعترة فی البرلمان الإیرانی إن النساء یضطلعن بدور ریادی ومؤثر فی إحباط المؤامرات، مؤکدة أن معرفة الثقافة القرآنیة هی طریق التصدی لنفوذ الأعداء إجتماعیاً، وإقتصادیاً، وثقافیاً، وثقافیاً، وأمنیاً.
ودعت هذه المسؤولة النساء الناشطات فی حقل القرآن إلی الإلتزام بالقرآن فی کافة الشؤون منها الزواج، وتعیین المهر، والسلوک الفردی والإجتماعی، والإنتباه إلی الأفلام والقنوات الفضائیة حتی لایتأثرن بها، وترویج ما یرید القرآن منهن.
وأعلنت عن قرار اللجنة العلیا للمسابقات القرآنیة التی هی من أعضاءها، ومنظمة الأوقاف الإیرانیة بإقامة مسابقة القرآن الدولیة للنساء مع الإلتزام بالضوابط والأحکام الشرعیة، معربة عن أملها فی أن تؤدی هذه القرارات إلی تعزیز التقارب والتآزر الوطنی.
واعتبرت لاله إفتخاری أنه ونظراً بعض الملاحظات الشرعیة ربما تقام مسابقة القرآن الدولیة للنساء فی فروع البحث، والفن، والتفسیر، والمفاهیم دون فرعی الحفظ والقراءة، ولکن سنحاول إقامة هذه المسابقة بشکل کامل ومع الإلتزام بالمعاییر الشرعیة.
المرجع السبحاني یطالب باعداد موسوعة عن القضایا الکلامیة المرتبطة بجمع القرآن
بواسطة:أدمن
9:53 م
المرجع السبحاني یطالب باعداد موسوعة عن القضایا الکلامیة المرتبطة بجمع القرآن
طالب المرجع الدیني البارز الشیعة، آیة الله العظمی جعفر السبحاني" باعداد موسوعة حول القضایا الکلامیة المرتبطة بجمع القرآن.
وأفادت وكالة ايكنا للانباء أنه أکد آیة الله الشیخ جعفر السبحانی خلال لقائه رئیس مؤسسة الثقافة والفکر الإسلامی للأبحاث فی ایران، الشیخ علی أکبر الرشاد، ومدراء موسوعة "علم القرآن" ضرورة الدراسة الدقیقة لسیرة النبی الأکرم(ص) فی القرآن والقضایا الکلامیة المرتبطة بجمع القرآن من خلال کتابة الموسوعات.
وأضاف أن حیاة النبی(ص) فی القرآن الکریم والقضایا الکلامیة المرتبطة بجمع القرآن الکریم تعتبران من المباحث المهمة التی یجب دراستهما بشکل دقیق فی الموسوعات.
بدوره، قدم الشیخ الرشاد فی هذا اللقاء تقریراً عن الموسوعات التی أصدرتها مؤسسة الثقافة والفکر الإسلامی للأبحاث فی ایران، معتبراً أن الجزء الأول لموسوعة "علم القرآن" المشتمل علی 7 مجلدات قدتم إعداده بالکامل، وأن الجزء الثانی لها قید الإنجاز وقدتم إعداد بعض مجلداته.
وصرح هذا الباحث أن بعض الموسوعات القرآنیة التی قدتم إصدارها فی الغرب کموسوعة "لیدن" تعانی من شبهات وغموض عدیدة، فقدتم فی موسوعة "علم القرآن" السعی إلی الإجابة علی هذه الشبهات والغموض، وإلقاء نظرة علمیة ومنصفة فی المواضیع المثیرة للجدل.
یذکر أن موسوعة "علم القرآن" یتم تألیفها فی ثلاثة أجزاء رئیسیة هی المباحث المرتبطة بالقرآن (العلوم القرآنیة)، والحکمة النظریة، والحکمة العملیة، ویشتمل علی نحو 900 مدخل رئیسی.
من أهم ادوار الامام السجاد عليه السلام
بواسطة:أدمن
9:44 ص
1- تأسيس المدرسة العلميّة
يعتبر الإمام السجاد عليه السلام المؤسّس الثاني لمدرسة أهل البيت، بعد المؤسّس الأوّل صلى الله عليه واله وسلم والمشيّد على ذلك الصرح الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام.
كان منزل الإمام السجّاد عليه السلام مدرسة، ومسجد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم مركزاً لمدرسته، ومعهداً لتعليم طلّابه، ونقطة انطلاق لتدريب تلامذته، لبثّ العلوم الدينيّة إلى العالم، وإلى الأجيال الصاعدة، فكان يلقي محاضراته وبحوثه على العلماء والفقهاء، وكانت تلك البحوث تتناول العلوم الإسلاميّة المهمّة والحسّاسة، منها علم التفسير، وعلم الفقه، والحديث، والفلسفة، وعلم الكلام، وقواعد السلوك، والأخلاق. كما كان يلقي في كلّ جمعة خطاباً عامّاً جامعاً على الناس، يعظهم فيه، ويزهّدهم في الدنيا، ويرغّبهم في الآخرة. وكان الناس يحفظون كلامه ويكتبونه، وقد التفّ العلماء والفقهاء والقرّاء حول الإمام عليه السلام، لا يفارقونه حتّى في سفره إلى حجّ بيت الله الحرام، يستمعون إلى حديثه، ويسجّلون فتاواه، ويدوّنون ما يمليه عليهم من علوم ومعارف وحكم وآداب. وقد تخرّج في مدرسته مجموعة كبيرة من فطاحل العلماء والفقهاء، الذين اشتهروا بالرواية عنه عليه السلام. منهم على سبيل المثال: أبان بن تغلب، والمنهال بن عمرو الأسديّ، ومحمّد بن مسلم بن شهاب الزهريّ، وسعيد بن المسيّب، وأبو حمزة الثماليّ، وسعيد بن جبير، ويروى أنّ سفيان بن عيينة، ونافع بن جبير، وطاووس بن كيسان، ومحمّد بن إسحاق، قد أخذوا عن الإمام السجّاد عليه السلام بعض الأحاديث، وغيرهم...
وقد أحصى الشيخ الطوسيّ في رجاله، وغيره من أصحاب التراجم، أكثر من مائة وستّين من التابعين والموالي، كانوا ينهلون من معينه، ويروون عنه في مختلف المواضيع، وعدّوا منهم: سعيد بن المسيّب، وسعيد بن جبير، ومحمّد بن جبير بن مطعم، والقاسم بن محمّد بن أبي بكر، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ، ويحيى بن أمّ الطويل، وأمثال هذه الطبقة من أعلام الصحابة والتابعين... وأنشأت في عصر الإمام عليه السلام مدرسة التابعين، وهي أوّل مدرسة إسلاميّة افتتحت في يثرب بعد مدرسة أئمّة أهل البيت. وقد عنت هذه المدرسة بعلوم الشريعة الإسلاميّة، ولم تتجاوزها، أمّا مؤسّسوها وأساتذتها، فهم: سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمّد بن أبي بكر، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد. ومن الجدير بالذكر أنّ بعض هؤلاء العلماء كانوا ممّن تتلمذ على يد الإمام زين العابدين عليه السلام، وأخذوا عنه الحديث والفقه.
وعلى أيّ حال، فلم تعرف الأمّة في ذلك العصر عائدةً أعظم، ولا أنفع من عائدة الإمام عليه السلام عليها، وذلك بما أسّس في ربوعها من مدرسته العلميّة، وبما فتح لها من آفاق الفكر والعلم والعرفان 1.وخلّف عليه السلام تراثاً عظيماً أهمّه
أ- الأحاديثجاء في طبقات ابن سعد، أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام كان ثقة مأموناً، كثير الحديث، عالياً، رفيعاً، ورعاً.."2. وقال الشيخ المفيد في الإرشاد: وقد روى عنه فقهاء العامّة من العلوم ما لا يحصى كثرةً، وحُفظ عنه من المواعظ والأدعيّة، وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيّام ما هو مشهور بين العلماء، ولو قصدنا إلى شرح ذلك لطال به الخطاب، وتقضّى به الزمان 3. ب- الصحيفة السجّاديّة المعبّر عنها "إنجيل أهل البيت"، و "زبور آل محمّد"، ويقال لها: "الصحيفة الكاملة" أيضاً، وقد اهتمّ العلماء بروايته، وعليها شروح كثيرة، وهي من المتواترات عند الأعلام، لاختصاصها بالإجازة والرواية في كلّ طبقة وعصر، ينتهي سند روايتها إلى الإمام أبى جعفر الباقر عليه السلام، وزيد الشهيد ابني عليّ بن الحسين، عن أبيهما عليّ بن الحسين 4.وذكر فصاحة الصحيفة الكاملة عند بليغ في البصرة فقال: خذوا عنّي حتّى أملي عليكم، وأخذ القلم وأطرق رأسه، فما رفعه حتّى مات 5. ج- رسالة الحقوق وهي تحتوي على توجيهات وتعليمات وقواعد في السلوك العامّ والخاصّ، من أدقّ ما يعرفه الفكر الإنسانيّ 6. وقد جاء في آخرها، قول الإمام عليه السلام: "فهذه خمسون حقّاً محيطاً بك، لا تخرج منها في حال من الأحوال، يجب عليك رعايتها والعمل في تأديتها، والاستعانة بالله جلّ ثناؤه على ذلك، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، والحمد لله ربّ العالمين" 7. إنّ رسالة الحقوق التي نظمها الإمام زين العابدين عليه السلام، تدلّ على اهتمام الإمام بكلّ ما يدور حوله في المجتمع الإسلاميّ، وعنايته الفائقة بسلامته النفسيّة والصحيّة، ورعايته لأمنه واستقراره، وحفاظه على تكوينته الإسلاميّة. وإذا نظرنا إلى ظروف الإمام عليه السلام من جهة، وإلى ما يقتضيه تأليف هذه الحقوق، من سعة الأفق وشموليّته من جهة أخرى، وقفنا على عظمة هذا العمل الجبّار، الذي صنعه الإمام قبل أربعة عشر قرناً. إنّ صنع مثل هذا القانون في جامعيّته، ودقّته وواقعيّته، لا يصدر إلّا من شخص جامع للعلم والعمل، مهتمٍّ بشؤون الأمّة، ومتصدٍّ لإصلاحها فكريّاً وثقافيّاً، واقتصاديّاً، واجتماعيّاً، وإداريّاً، وصحيّاً، ونفسيّاً، ولا يصدر- قطعاً- من شخص منعزل عن العالم، وعن الحياة الاجتماعيّة، ولا مبتعدٍ عن السياسة وأمور الحكم والدولة! ولذلك فإنّا نجد الرسالة تحتوي على حقوق مثل: حقّ السلطان، وحقّ الرعيّة، وحقّ أهل الملّة عامّة، وحقّ أهل الذمّة، وغيرها ممّا يرتبط بأمور الدولة والحكم وتنظيم الحياة الاجتماعيّة، إلى جانب الشؤون الخاصّة العقيديّة والعباديّة والماليّة، وكلّ ما يرتبط بحياة حرّة كريمة للفرد وللمجتمع الذي يعيش معه، ومثل هذا لا يصدر ممّن يعتزل الحياة الاجتماعيّة. ورسالة الحقوق عمل علميّ عظيم، يستدعي دراسة موضوعيّة عميقة شاملة، نقف من خلالها على أبعاد دلالتها على حركة الإمام زين العابدين عليه السلام الاجتماعيّة، وخاصّة من المنظار السياسيّ، وما استهدفه من بيانها ونشرها" 8.
2- الدعاء
لقد كان الإمام عليّ بن الحسين، يحرص على أن يضع الناس، على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم، تجاه مسؤوليّاتهم، وما يجب عليهم لله وللناس، ولكن بأسلوب يختلف عن أساليب الوعّاظ والمرشدين والقصّاصين، لقد استعمل أسلوب الحوار مع الله، ومناجاته، واستعطافه وتمجيده 9... فقد كان يوجّه الأمّة من خلال أدعيته، التي كان يضمّنها مختلف المعارف الإسلاميّة: عقائديّاً وهو الأهمّ وسياسيّاً وأخلاقيّاً، وغير ذلك.. ولم يكن بإمكان أحد أن يعترض عليه، ويقول له: لا تدع ربّك.. فإنّ ذلك سوف يكون مستهجناً ومرفوضاً من كلّ أحد..حيث يرونه- بحسب الظاهر- لا يتعرّض لدنيا هؤلاء الحكّام، وإنّما شغل نفسه بعبادة ربّه، وتصفية وتزكية نفسه.. ولقد فاتهم: أنّه كان في الظاهر يدعو الله، ولكنّه كان في واقع الأمر يدعو إلى الله، ويوجّه نحوه، ويعرّف الناس سبيله، ويضمّن كلامه الكثير من التعاليم الإلهيّة، والمعارف الدينيّة التي تهمّهم في أمر دينهم ودنياهم.. كما اتضح جليّاً فيما بعد. وأنّه كان يقود عمليّة التغيير الشامل في بنية العقيدة للأمّة الإسلاميّة بأسرها 10. وكنموذج على البعد السياسيّ في أدعية الإمام عليه السلام، نستعرض بعض الفقرات من دعائه عليه السلام يوم الأضحى، ويوم الجمعة:" أللَّهم إنّ هذا المقام لخلفائك وأصفيائك، ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة، التي اختصصتهم بها قد ابتزّوها... حتّى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزّين، يرون حكمك مبدّلاً، وكتابك منبوذاً، وفرائضك محرّفة عن جهات أشراعك، وسنن نبيّك متروكة، أللَّهم العن أعداءهم من الأوّلين والآخرين، ومن رضي بفعالهم وأشياعهم وأتباعهم.." 11.
3- العبادة
الإمام زين العابدين عليه السلام هذا الوجود المقدّس، كان سيّد الروحانيّة بمعناها الصحيح، أي إنّ من فلسفة وجود رجل مثل عليّ بن الحسين، أنّ الإنسان عندما ينظر إلى آل النبيّ صلى الله عليه واله وسلم كلّهم، ومنهم عليّ بن الحسين، يرى روحانيّة الإسلام أي حقيقة الإسلام، وهذا أمر مهمّ في حدّ ذاته 12. وقد ورد العديد من الروايات التي تذكر حالاته مع الله وعبادته له، ويكفي أنّ من أشهر ألقابه التي عرف بها: "زين العابدين"..
فعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "كان أبي عليه السلام يقول: كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة، كأنّه ساق شجرة، لا يتحرّك منه شيءٌ إلّا ما حرّكه الريح منه"13.
وعنه عليه السلام قال: "كان عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما إذا قام في الصلاة تغيّر لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفضّ14عرقاً" 15.
وعن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّي رأيت عليّ بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة غشى لونَه لونٌ آخر، فقال لي: "والله إنّ عليّ بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه"16.
وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: "...كان إذا قام في صلاته غشى لونَه لونٌ آخر، وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله عزَّ وجلَّ، وكان يصلّي صلاة مودّع، يرى أنّه لا يصلّي بعدها أبداً، ولقد صلّى ذات يوم، فسقط الرداء عن إحدى منكبيه، فلم يسوّه حتّى فرغ من صلاته، فسأله بعض أصحابه عن ذلك، فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ إنّ العبد لا يقبل من صلاته إلّا ما أقبل عليه منها بقلبه، فقال الرجل: هلكنا، فقال: كلا، إنّ الله عزّ وجلّ متمّم ذلك بالنوافل" 17. وروي أيضاً عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كان عليّ بن الحسين إذا كان شهر رمضان لم يتكلّم إلّا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير، فإذا أفطر قال: أللَّهم إن شئت أن تفعل فعلت" 18. وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، "أنّ فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب لمّا نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها عليّ بن الحسين بنفسه منالدأب في العبادة، أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريّ فقالت له: يا صاحب رسول الله، إنّ لنا عليكم حقوقاً، من حقّنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهاداً أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا عليّ بن الحسين بقيّة أبيه الحسين قد انخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه، دأباً منه لنفسه في العبادة، فأتى جابر بن عبد الله باب عليّ بن الحسين عليه السلام، وبالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ في أُغيلمة من بني هاشم، قد اجتمعوا هناك....ثمّ أذن لجابر فدخل عليه، فوجده في محرابه قد أضنته العبادة، فنهض عليّ عليه السلام فسأله عن حاله سؤالاً حفيّاً، ثمّ أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه، يقول: يا بن رسول الله أما علمت أنّ الله تعالى إنّما خلق الجنّة لكم ولمن أحبّكم، وخلق النّار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفّته نفسك؟ قال له عليّ بن الحسين: يا صاحب رسول الله، أما علمت أنّ جدّي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فلم يدع الاجتهاد وتعبّد- بأبي هو وأمّي- حتّى انتفخ الساق، وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ فلمّا نظر جابر إلى عليّ بن الحسين عليه السلام، وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له: يا بن رسول الله البقيا على نفسك، فإنّك لمن أسرة بهم يُستدفع البلاء، ويستكشف اللأواء، وبهم تستمطر السماء، فقال له: يا جابر، لا أزال على منهاج أبويّ مؤتسياً بهما صلوات الله عليهما حتّى ألقاهما، فأقبل جابر على من حضر، فقال لهم: والله ما أرى في أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين إلّا يوسف بن يعقوب، والله لذريّة عليّ بن الحسين أفضل من ذريّة يوسف بن يعقوب، إنّ منهم لمن يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جَوراً"19. وعن سعيد بن كلثوم، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمّد، فذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فأطراه ومدحه بما هو أهله، ثمّ قال: "والله ما أكل عليّ بن أبي طالب من الدنيا حراماً قطّ حتّى مضى لسبيله، وما عرض له أمران قطّ هما لله رضاً إلّا أخذ بأشدّهما عليه في دينه، وما نزلت برسول الله صلى الله عليه واله وسلم نازلة إلّا دعاه فقدّمه ثقة به، وما أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من هذه الأمّة غيره، وإن كان ليعمل عمل رجل كأنّ وجهه بين الجنّة والنّار، يرجو ثواب هذه، ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النّار، ممّا كدّ بيديه، ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخلّ والعجوة، وما كان لباسه إلّا الكرابيس، إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعا بالجَلَمِ 20 فقصّه، وما أشبهه من ولده، ولا أهل بيته أحد أقرب شبهاً به في لباسه وفقهه من عليّ بن الحسين عليه السلام. "ولقد دخل أبو جعفر ابنه عليه، فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفرّ لونه من السهر، ورمصت عيناه من البكاء، ودَبِرَت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة، فقال أبو جعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له، وإذا هو يفكّر، فالتفت إليّ بعد هنيهة من دخولي، فقال: يا بنيّ، أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأعطيته، فقرأ فيها شيئاً يسيراً، ثمّ تركها من يده تضجّراً، وقال: من يقوى على عبادة عليّ عليه السلام"؟!21. وعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "كان عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وكان السقّاؤون يمرّون فيقفون ببابه، يستمعون قراءته"22.. وروي أنّه كان يقرأ القرآن، فربّما مرّ به المارّ فصعق من حسن صوته23..
4- تكفّله للفقراء والمحتاجين
لقد كان الإمام عليه السلام يرعى الفقراء والمحتاجين، ويكثر من التصدّق عليهم، في السرّ والعلن، وفي الليل والنهار، متكفّلاً للكثير من البيوتات التي لم تكن تجد قوتها وطعامه، وفي الغالب من حيث لا يدري أحد منهم، حتّى إذا رحل الإمام إلى ربّه، فقدوا تلك الصدقات، فعلموا أنّ الإمام عليه السلام هو الذي كان يقوم بها. فعن الإمام الباقر عليه السلام: "وكان عليه السلام ليخرج في الليلة الظلماء، فيحمل الجراب على ظهره، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربّما حمل على ظهره الطعام أو الحطب حتّى يأتي باباً باباً فيقرعه، ثمّ يناول من يخرج إليه وكان يغطّي وجهه إذا ناول فقيراً لئلّا يعرفه، فلمّا توفي عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان عليّ بن الحسين. ولمّا وضع عليه السلام على المغتسل نظروا إلى ظهره، وعليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين. "ولقد خرج ذات يوم وعليه مطرف خزٍّ، فعرض له سائل فتعلّق بالمطرف، فمضى وتركه، وكان يشتري الخزّ في الشتاء، فإذا جاء الصيف باعه فتصدّق بثمنه... "ولقد كان يعول مائة أهل بيت من فقراء المدينة، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والأضرّاء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، ومن كان له منهم عيال حمله إلى عياله من طعامه، وكان لا يأكل طعاماً حتّى يبدأ، فيتصدّق بمثله"24... ورأى الزهريّ عليّ بن الحسين عليه السلام (في) ليلة باردة مطيرة، وعلى ظهره دقيق وهو يمشي، فقال: يا بن رسول الله، ما هذا؟ قال: "أريد سفراً أعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريز"، فقال الزهريّ: فهذا غلامي يحمله عنك، فأبى، قال: أنا أحمله عنك، فإنّي أرفّعك عن حمله، فقال عليّ بن الحسين: "لكنّي لا أرفّع نفسي عمّا ينجيني في سفري، ويحسن ورودي على ما أرد عليه، أسألك بحقّ الله لمّا مضيت لحاجتك وتركتني"، فانصرف عنه، فلمّا كان بعد أيّام، قال له: يا ابن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثر، قال: "بلى يا زهريّ! ليس ما ظننت، ولكنّه الموت وله أستعدّ، إنّما الاستعداد للموت تجنّب الحرام، وبذل الندى في الخير" 25.
5- تحريره للعبيد
من الظواهر اللاَّفتة حقّاً في حياة الإمام زين العابدين عليه السلام، هي علاقته بهذه الطبقة الضعيفة من أبناء المجتمع آنذاك، وهم العبيد والإماء، فقد كان يهتمّ بشرائهم وتربيتهم ثمّ عتقهم. قال بعض الباحثين:...فهو يشتري العبيد لا لحاجة إليهم، ولكن ليعتقهم، وقالوا: إنّه أعتق مئة ألف". ويقول أيضاً:..وعرف العبدان ذلك، فباعوا أنفسهم له، واختاروا وتفلّتوا من أيدي السادة ليقعوا في يده، وجعل الدولاب يسير، والزمن يمرّ، وزين العابدين يهب الحريّة في كلّ عامّ، وكلّ شهر، وكلّ يوم، وعند كلّ هفوة، وكلّ خط، حتّى صار في المدينة جيش من الموالي الأحرار، والجواري الحرائر، وكلّهم في ولاء زين العابدين، قد بلغوا خمسين ألفاً أو يزيدون 26. ويصف الإمام الصادق عليه السلام جانباً من تعامله الإنسانيّ والمميّز مع هذه الشريحة الاجتماعيّة، إذ يقول: "كان عليّ بن الحسين إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبداً له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده أذنب فلان، أذنبت فلانة يوم كذا وكذا، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الأدب، حتّى إذا كان آخر الليلة من شهر رمضان، دعاهم وجمعهم حوله، ثمّ أظهر الكتاب، ثمّ قال: يا فلان فعلت كذا وكذا، ولم أؤدّبك، أتذكر ذلك؟ فيقول: بلى يا بن رسول الله، حتّى يأتي على آخرهم فيقرّرهم جميعاً. "ثمّ يقوم وسطهم، ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا عليّ بن الحسين، إنّ ربّك قد أحصى عليك كلّما عملت، كما أحصيت علينا كلّما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك بالحقّ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أتيت إلّا أحصاها، وتجد كلّما عملت لديه حاضراً، كما وجدنا كلّما عملنا لديك حاضراً، فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو، وكما تحبّ أن يعفو المليك عنك، فاعف عنّا تجده عفوّاً، وبك رحيماًَ، ولك غفوراً، ولا يظلم ربّك أحداً، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحقّ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أتيناها إلّا أحصاه، فاذكر يا عليّ بن الحسين ذلّ مقامك بين يدي ربّك، الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبّة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة، وكفى بالله حسيباً وشهيداً، فاعف واصفح يعفُ عنك المليك، ويصفح، فإنّه يقول: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ 27. "قال: وهو ينادي بذلك على نفسه ويلقّنهم، وهم ينادون معه، وهو واقف بينهم يبكي وينوح، ويقول: ربّ إنّك أمرتنا أن نعفو عمّن ظلمنا، فقد ظلمنا أنفسنا، فنحن قد عفونا عمّن ظلمنا، كما أمرت، فاعف عنّا فإنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نردّ سائلاً عن أبوابنا، وقد أتيناك سؤّالاً ومساكين، وقد أنخنا بفنائك وببابك، نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك، فامنن بذلك علينا، ولا تخيّبنا، فإنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين، إلهي كرمت فأكرمني، إذ كنت من سؤّالك، وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم. "ثمّ يقبل عليهم، فيقول: قد عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي ممّا كان منّي إليكم من سوء مِلكة، فإنّي مليك سوء، لئيم ظالم، مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضّل، فيقولون: قد عفونا عنك يا سيّدنا، وما أسأت، فيقول لهم: قولوا: أللَّهم اعف عن عليّ بن الحسين كما عفا عنّا، وأعتقه من النّار كما أعتق رقابنا من الرقّ، فيقولون ذلك، فيقول: أللَّهم آمين، يا ربّ العالمين، اذهبوا فقد عفوت عنكم، وأعتقت رقابكم، رجاءً للعفو عنّي وعتق رقبتي، فيعتقهم. "فإذا كان يوم الفطر، أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عمّا في أيدي الناس، وما من سنّة إلّا وكان يعتق فيها آخر ليلة من شهر رمضان، ما بين العشرين رأساً إلى أقلّ أو أكثر. وكان يقول: إنّ لله تعالى، في كلّ ليلة من شهر رمضان عند الإفطار، سبعين ألف ألف عتيق من النّار، كلّاً قد استوجب النّار، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، وإنّي لأحبّ أن يراني الله، وقد أعتقت رقاباً في ملكي في دار الدنيا، رجاء أن يعتق رقبتي من النّار. وما استخدم خادماً فوق حول، كان إذا ملك عبداً في أوّل السنة أو في وسط السنة، إذا كان ليلة الفطر أعتق واستبدل سواهم في الحول الثاني، ثمّ أعتق، كذلك كان يفعل حتّى لحق بالله تعالى، ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم حاجة، يأتي بهم إلى عرفات، فيسدّ بهم تلك الفرج والخلال، فإذا أفاض، أمر بعتق رقابهم، وجوائز لهم من المال"28. ومن ذلك ما روي، أنّ جارية لعليّ بن الحسين جعلت تسكب عليه الماء ليتهيّأ للصلاة، فنعست فسقط الإبريق من يد الجارية فشجّه، فرفع رأسه إليها، فقالت له الجارية: إنّ الله يقول: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾، قال: "قد كظمت غيظي"، قالت: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾، قال لها: "عفا الله عنك"، قالت: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ 29، قال: "اذهبي فأنت حرّة"30. وقد كان ينادي أحدهم: "يا بنيّ"، ويحنّ عليهم، ويرأف بهم، حتّى صاروا يأمنونه. فقد روي أنّه عليه السلام دعا مملوكه مرّتين، فلم يجبه، ثمّ أجابه في الثالثة، فقال له: "يا بنيّ، أما سمعت صوتي"؟ قال: بلى، قال: "فما بالك لم تجبني"؟ قال: أمنتك، قال: "الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنّي"31. لقد كان من نتيجة هذه التعاطي الخاصّ منه عليه السلام، أن صار الموالي يعتبرون أهل البيت هم المثل الأعلى للإنسان وللإسلام، وكانوا مستعدّين للوقوف إلى جانبهم في مختلف الظروف. هذا في الوقت الذي يمثّل إدانة لمنطق الأمويّين، القائم على أساس تفضيل العربيّ على غيره، وإعطائه كلّ الامتيازات، وحرمان غيره منها بكلّ صورة، واعتباره أذلّ وأحقر من الحيوان، حتّى كان يقال: لا يقطع الصلاة إلّا كلب أو حمار أو مولى، ومنعوهم من الإرث، ومن العطاء، ومن القضاء، ومن الولاية وإمامة الجماعة، ومن الوقوف في الصفّ الأوّل منه، وأباحوا استرقاقهم، ولا يسترقّ غيرهم 32...
6- البكاء على الإمام الحسين عليه السلام
يشكّل البكاء على سيّد الشهداء عليه السلام جزءاً هامّاً من حياة الإمام السجّاد عليه السلام، حيث أخذ حيّزاً كبيراً من عمره الشريف، كما تحدّث بذلك العديد من الروايات، فقد كان يذكّر الناس بمصيبة أبيه، في كلّ يوم، وعند كلّ مناسبة، ليبقي جذوة هذا الحزن وقّادة في نفوسهم، وليذكّر الأمّة بالجريمة، التي ارتكبتها بحقّ آل بيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، بخذلانها لهم، وابتعادها عن نهجهم، حتّى لقد عُدّ الإمام- بحقّ- أحد بكّائي التاريخ، وعرف بلقب "البكّاء" 33 لكثرة بكائه. عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "بكى عليّ بن الحسين على أبيه حسين بن عليّ عشرين سنة، أو أربعين سنة 34، وما وَضع بين يديه طعاماً إلّا بكى على الحسين، حتّى قال له مولى له: جعلت فداك يا بن رسول الله، إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنمّا أشكو بثّي وحزني إلى الله، وأعلم من الله ما لا تعلمون، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلّا خنقتني العبرة لذلك" 35.
وعن الإمام الباقر عليه السلام: "ولقد بكى على أبيه الحسين عليه السلام عشرين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلّا بكى، حتّى قال له مولى له: يا ابن رسول الله، أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فقال له: ويحك، إنّ يعقوب النبيّ عليه السلام كان له اثنا عشر ابناً، فغيّب الله عنه واحداً منهم، فابيضّت عيناه من كثرة بكائه عليه، وشاب رأسه من الحزن، واحدودب ظهره من الغمّ. وكان ابنه حيّاً في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي، وأخي، وعمّي، وسبعة عشر من أهل بيتي، مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني" !! 36
وروي أنّه: أشرف مولى لعليّ بن الحسين، وهو في سقيفة له ساجد يبكي، فقال له: يا مولاي، يا عليّ بن الحسين، أما آن لحزنك أن ينقضي، فرفع رأسه إليه، وقال: ويلك أو ثكلتك أمّك والله لقد شكى يعقوب إلى ربّه في أقلّ ممّا رأيت، حتّى قال: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ 37، إنّه فقد ابناً واحداً، وأنا رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي 38. ولم يغب عن ذهن الإمام زين العابدين المشهد الفظيع، الذي رأى فيه حرق خيام بنات الرسالة وعقائل الوحي، ومنادي القوم ينادي: أحرقوا خيام الظالمين، وقد فرَّت بنات الرسالة من خباء، إلى خباء والنّار تلاحقهن. أمّا اليتامى فقد علا صراخهن، فبين من تعلّق بأذيال عمّته الحوراء لتحميه من النّار، وبين من هام على وجهه في البيداء...
فكان عليه السلام يقول: "والله ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلّا وخنقتي العبرة، وتذكّرت فرارهن يوم الطفّ من خيمة إلى خيمة، ومن خباء إلى خباء، ومنادي القوم ينادي، أحرقوا بيوت الظالمين"39.
يفترن خوات احسين من خيمة لعد خيمة او كل خيمة تشب ابنار ردن ضربن الهيمه ينخن وين راحو وين ما ظل بالعده شيمه والسجاد إجوا سحبوه او دمعه اعلى الوجن ساله وكان عليّ بن الحسين يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عمّك هؤلاء دون آل جعفر، فقال: "إنّي أذكر يومهم مع أبي عبد الله الحسين بن عليّ، فأرقّ لهم"40. وفي المناقب: وقيل: إنّه بكى حتّى خيف على عينيه. وكان إذا أخذ إناءً يشرب ماءً بكى، حتّى يملأها دمعاً، فقيل له في ذلك فقال: "وكيف لا أبكي؟ وقد منع أبي من الماء، الذي كان مطلقاً للسباع والوحوش". وقيل له: إنّك لتبكي دهرك، فلو قتلت نفسك لما زدت على هذا، فقال: "نفسي قتلتها، وعليها أبكي"41. ويخرج إلى السوق أحياناً، فإذا رأى جزاراً يريد أن يذبح شاة أوغيرها، يدنو منه، ويقول: "هل سقيتها الماء"؟ فيقول له: نعم يا ابن رسول الله، إنّا لا نذبح حيواناً حتّى نسقيه ولو قليلاً من الماء، فيبكي عند ذلك، ويقول: "لقد ذبح أبو عبد الله عطشاناً"! لا يُذْبَحُ الكَبْشُ حَتَّى يُسْقَى مِنْ ظَمَأ ويُذْبَحُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ عَطْشانا وجاء عنه أنّه دخل يوماً، فرأى غريباً، فسلّم عليه، ودعاه إلى بيته لضيافته، وقال له بحضور جمع من الناس: "أترى لو أصابك الموت وأنت غريب عن أهلك، هل تجد من يغسّلك ويدفنك"؟ فقال الناس: يا ابن رسول الله، كلّنا يقوم بهذا الواجب، فبكى وقال: "لقد قتل أبو عبد الله غريباً، وبقي ثلاثة أيّام تصهره الشمس بلا غسل ولا كفن"! 42 يناعي لو شفت شيعه وساده اخبرهم بالجره علينه وساده احسين الرمل صاير له وساده ثلث تيام مرمي اعلى الوطيه أيَا جَدَّنا هذا الحسينُ على الثَّرَى طَرِيحاً يُخَلَّى عارِياً لا يُغَسَّلُ
* سيد البكائين، سلسلة مجالس العترة، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- الشاكريّ الحاج حسين: موسوعة المصطفى والعترة ج 10 ص 249-251، وانظر: الأمين السيّد محسن: المجالس السنيّة ج 2 ص 280، ومعروف الحسنيّ هاشم: سيرة الأئمّة الاثني عشر ج 2 ص 146.
2-ابن سعد: الطبقات الكبرى ج 5 ص 222. 3-المفيد: الإرشاد ج 2 ص 153. 4-الطهرانيّ آغا بزرك: الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 15 ص 18. 5- ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 137. 6- الأمين السيّد محسن: المجالس السنيّة ج 5 ص 399. 7- الحرّانيّ ابن شعبة: تحف العقول ص 193. 8- الجلاليّ السيّد محمّد رضا الحسينيّ: جهاد الإمام السجّاد ص 151. 9-معروف الحسنيّ هاشم: سيرة الأئمّة الإثني عشر ج 2 ص 159. 10- مرتضى العامليّ جعفر: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 ص 86. 11-الصحيفة السجّاديّة الكاملة، الدعاء 48. 12-المطهريّ مرتضى: سيرة الأئمّة الأطهار ص 95. 13- الكلينيّ: الكافي ج 3 ص 300. 14-ارفضاض الدموع: ترششها. 15- الكلينيّ: الكافي ج 3 ص 300. 16-الصدوق: علل الشرائع ج 1 ص 271. 17-الصدوق: الخصال ج 2 ص 517. 18- الكلينيّ: الكافي ج 4 ص 88-89. 19- الطوسيّ: الأماليّ ص 636. 20-الجَلَم: الذي يجزّ به الشعر والصوف، كالمقصّ. 21- المفيد: الإرشاد ج 2 ص 141. 22- الكلينيّ: الكافي ج 2 ص 616. 23- المصدر السابق ج 2 ص 615. 24- الصدوق: الخصال ص 517-518. 25- الصدوق: علل الشرائع ج 1 ص 270. 26-مرتضى العامليّ جعفر: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 ص 87، عن كتاب زين العابدين لعبد العزيز سيّد الأهل ص 47. 27- النور: 22. 28-ابن طاووس: إقبال الأعمال ص 560. 29- آل عمران: 134. 30-المفيد: الإرشاد ج 2 ص 146. 31- المفيد: الإرشاد ج 2 ص 147. 32-أنظر: مرتضى العامليّ جعفر: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 ص 89. 33- ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 175. 34- الظاهر أن الترديد من الراوي، ولعلّ عدد الأربعين مبالغة منه، في إشارة إلى استغراق البكاء لتمام عمره الشريف، فإنّ الإمام لم يبق بعد أبيه الحسين أربعين سنة، كما تقدّم ذلك في تاريخ شهادته، فلاحظ. 35- ابن قولويه: كامل الزيارات ص 213. 36-الصدوق: الخصال ص 100. 37- يوسف: 84. 38-ابن قولويه: كامل الزيارات ص 213. 39-القرشيّ: حياة الإمام الحسين ج 3 ص 299. 40- ابن قولويه: كامل الزيارات ص 214. 41- ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 166. 42-الحسنيّ هاشم معروف: سيرة الأئمّة الإثني عشر ج 2 ص 115. |
كلمة السيد حسن نصر الله (حفظه الله) في مؤتمر تكريم الفقيه العارف بالله آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجة قدس سره 3-6-2015.
بواسطة:أدمن
9:41 ص
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية أرحب بحضوركم الكريم في هذا المؤتمر مؤتم تكريم الفقيه العارف بالله آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجة (قدس سره الشريف) ورضوان الله تعالى عليه.
أرحب بالسادة العلماء والإخوة والأخوات وأخص بالذكر سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ علي بهجة والوفد المرافق له.
أيضاً أبارك لكم جميعاً هذا اليوم وهذه الذكرى العظيمة والعزيزة في النصف من شعبان في يوم ولادة بقية الله الأعظم في الأراضين صاحب العصر والزمان آمل المؤمنين والمعذبين والمضطهدين في هذا العالم(عجل الله تعالى فرجه الشريف) وجعلنا وإياكم من أنصاره وأعوانه.
أيها الإخوة والأخوات:
مثلي لا يستطيع أن يتحدث عن سماحة آية الله العظمى الشيخ بهجة وسماحته في ما نحن فيه كالقطب من الرحى ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير. ولكنّ أود في هذا الوقت المتاح والمختصر جداً، أن أتحدث عن سماحته ومدرسته ومنهجه من زاوية حاجتنا نحن الفقراء إليه.
*العرفان موضع اهتمام الناسبعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة الفقيه العارف الإمام الخميني (قدس سره الشريف) انفتحت أمام المسلمين، وخصوصا ًأمام الشباب، عوالم جديدة وآفاق عديدة، لم تكن معروفة من قبل. من جملتها، كل ما يتعلّق بالعرفان، والسير والسلوك، والاهتمام العالي والمركّز بالأبعاد الروحيّة، والمعنويّة والأخلاقيّة.
كان هذا الأمر، في الماضي، موضع اهتمام في دائرة محدّدة محدودة ومحاصرة أحياناً ، كالحوزات الدينيّة العلميّة وبعض الخواصّ. أمّا بعد انتصار الثورة الإسلامية فقد أصبح أمرا ًعامّاً، وموضعاً لاهتمام الكثيرين، ومتابعتهم وبشغف وحبّ كبيرَين.
هذا الطلب، استلزم من كلّ الطالبين والعاشقين والوالهين أن يبحثوا عمّا يتصل بهذا الاتّجاه، سواء ما يرتبط بالجوانب النظريّة أو العمليّة أو الإرشادات والتوجيهات والبرامج. وكذلك البحث عن الشخصيّات المميّزة من العرفاء، وسيرتهم، وسيرهم، ومؤلّفاتهم، ومناهجهم وإرشاداتهم. وبالفعل بعد انتصار الثورة الإسلاميّة، وهذا المستجد الفكريّ والثقافيّ والروحيّ، طُبعت كتبٌ لم تكن مطبوعة يعني كانت مخطوطات مجمدة، وأعيد طباعة ما كان قد نسي وأهمل وحَضَرت أسماء كانت غائبة من الاهتمام العامّ، وأؤلفت كتب جديدة ومتنوعة وحصل تحوّلٌ مهمٌّ جداً على هذا الصعيد. كما قدمت دراسات وأبحاث جديدة وتم إصدار مجلات متخصصة وأيضاً، قُدِّم أشخاص من الأحياء على أنهم عرفاء، وأولياء، وقادرون على الأخذ بيد الطالبين، والراغبين، وهدايتهم وإيصالهم إلى الهدف.
وقدم أشخاص أنفسهم على أنهم كذلك يعني في أناس هم تبرعوا وقدموا أنفسهم أنهم كذلك.
*خطورة بعض المشاكلمع كلّ الإيجابيات التي تحقّقت، برزت هنا مجموعة من الصعوبات والمشاكل التي يمكن تصنيف بعضها بالخطيرة، وعلى سبيل المثال:
أولاً: أن الكتب التي أُعيد طباعتها أو طُبعت أو قُدِّمت، وحتّى الجديد منها في الأعمّ الأغلب، كانت تخصصية ولغتها لغة متخصّصة، وأحياناً معقّدة، ولا يفهمها إلّا من تفرّغ سنوات عديدة للدراسة الحوزويّة الدينيّة، هذا بطبيعة الحال أدّى إلى حرمان جيل الشباب وعامّة الناس من الاستفادة.
ثانياً: تعدّد المسالك يلي انعكس من خلال الكتب. تعدد المسالك والاتّجاهات، والآراء، وتعارضها أحياناً، ممّا يضع الإنسان الطالب في حيرة يعني بدل أن يهتدي يضيع ويحتار.
ثالثاً: دخول أفكار غريبة، في هذه الكتب في بعضها على الأقل، غريبة عن الإسلام والقرآن والسنّة وسيرة النبيّ والمعصومين (عليهم السلام) تأثُّراً بالأفكار الهنديّة واليونانيّة وغيرها، ممّا يجعل التمييز بين هذه الأفكار والأفكار الإسلاميّة الأصيلة صعباً على جيل الشباب.
رابعاً: (وهو الأهمّ والأخطر) صعوبة التمييز بين الرجال المتصدّين أو المعروفين في هذا المجال بسبب وجود ادّعاءات، للأسف الشديد، ادّعاءات كاذبة ومخادعة. وأنت هنا لا تعرف نفسك لمن تُسلمها.
يوجد تعبير شائع - في إيران وفي غير إيران - يصف بعض هؤلاء المدّعين بأنّهم "أصحاب دكاكين". بطبيعة الحال، عندما يُصبح إقبال شعبيّ و إقبال عامّ على هذا المجال كما كل المجالات، سوف نجد قطّاع طرق، سوف نجد مستفيدين دنيويين، وسوف نجد مستغلّين لعواطف الناس ، لصدق الناس، لإخلاص الناس، لاندفاع الناس باتجاه الإسلام وباتّجاه طريق العبودية لله سبحانه وتعالى، هذا أمر طبيعيّ في كل مجال بالسياسة، بالجهاد، بالعلم، وبالفقه وبالدراسة وبالتبليغ وبالإدارة وبالخدمة وأيضاً في مجال السير السلوك، وهذه "الدكاكين" والإدّعاءات فتحت كما هو اليوم الآن الادّعاءات و"الدكاكين" المفتوحة في ما يرتبط بعلامات الظهور وتطبيق علامات الظهور وادّعاءات النيابة الخاصة للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وهذا سفير خاص وهذا نائب خاص وهذا اليماني وهذا ابن المهدي وهذا حفيد المهدي (سلام الله عليه).
*اختيار الوليّ العارفأيضاً في هذا المجال كان هذا الابتلاء الشديد. المسألة هنا خطيرة جداً، لأنّها لا ترتبط بتفصيل دنيويّ أو حياتيّ وإنّما ترتبط بديني ودينك، وإيماني وإيمانك وآخرتي وآخرتك.
إن الشخص الذي يجب أن أختاره مرشداً ومرجعاً لي في هذا الطريق، يجب أن أكون محتاطاً ودقيقاً، وعلى درجة عالية من الدقّة والحذر في اختياره –اسمحوا لي أن أقول- ، حتّى أكثر من اختيار مرجع التقليد، نتيجة حساسيّة هذا الأمر وخطورته.
هذا الشخص يجب أن يكون على درجة عالية من العلم والفقاهة والمعرفة النظرية وأيضاً، يجب أن يكون على درجة عالية من الجدّ، والاجتهاد، والتقوى والورع. كما يقولون، يجب أن يكون سالكاً وواصلاً.
عندما يصل إلى أعلى القمم وإلى أعلى الدرجات هو يتحدث ليس فقط من الموقع النظريّ أو الفكريّ أو العقليّ وإنّما من موقع التجربة من موقع الشهود والمشاهدة والحركة الحقيقيّة. تماماً .
الآن نحن في لبنان نتكلم أكثر شيء في الأمثلة السياسية و العسكرية عندما تريد في معركة عسكرية ما أن تقود جيشاً أو تبحث عن قائد لجيش أو قائد لمقاومة أو لجماعة مسلحة. تريد أن تصل إلى أعلى القمم يجب أن تختار لها مديراً ومرشداً وقائداً لديه الخبرة النظرية ، المعرفة النظرية بكل ما يرتبط بالقتال من استراتيجيات وتكتيكات ومعرفة العدو ومعرفة إمكاناته واستراتيجياته وتكتيكاته ومعرفة الإمكانات المتاحة للصديق وأيضاً معرفة الجغرافيا والطرق والتلال والأودية والكمائن وحجم الكمائن وتكتيكات العدو وحركة العدو. من خاض هذه الحروب وهذه التجارب هو الذي يستطيع أن يقودك ليوصلك إلى قمة الهدف بأقل الخسائر الممكنة وبأفضل نتائج متوقعة.
أما من لا خبرة له حتى لو كان لديه معرفة نظرية فهو لم يمشي في وادي ولم يصعد إلى جبل ولم يواجه كميناً ولم يقاتل عدواً ولم يطلق رصاصةً ولم يقوم بقيادة حتى مجموعة صغيرة كيف له أن يقوم بقيادة فيلق أو فرق أو ما شاكل.
هنا في مسألة السير والسلوك والعرفان المسألة أخطر من هذا بكثير ومع ذلك نحن في المسائل الحياتية ، الدنيوية المهمة والحساسة نبحث عن العالم الخبير المخصص الأمين الموثوق ، فلا يجوز في عالم السير والسلوك أن نلقي بأنفسنا إلى أحضان من لا يتمتّع بهذه المواصفات. ومن كان كذلك، تستطيع أن تسلّم إليه عقلك، وروحك، ونفسك، وسيرك ومصيرك، ولا يجوز التساهل والتسامح في هذا الأمر على الإطلاق.
*وليّ الله العارفأمام هذه الحاجات الروحيّة الشديدة، وأمام هذه المخاطر، والمشاكل، وفي الزمن الذي يكون فيه المؤمن، القابض على دينه كالقابض على الجمر، تجد نفسك بين يدي نعمة إلهيّة عظمى تتمثّل بوليّ الله العارف، الكامل، الفقيه، المرجع سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي البهجة (قدس سره الشريف) الذي أجمع الجميع على عظَمة روحه، وشموخ مقامه، وصفائه، ونقائه، وزُهده، وفقهه ومعرفته ووو... وكراماته الكثيرة والعظيمة...
فإذا كان للعاشق الواله، أو العطشان اللهفان، أو الطالب الحيْران، أن يلوذ في هذا الزمن الصعب، فبه يلوذ، وإلى هذا الوليّ الناصح يلجأ، وبنوره يهتدي، وخلفه يسلك مطمئنّ القلب واثقَ الخطى أنّه يمضي في الصراط المستقيم.
*ميّزات مدرستهولنهج سماحته مميّزات مهمّة جداً:
1- الأصالة الإسلامية، لا تجد فكراً دخيلاً ولا عبارة دخيلة في كلّ كتبه وإرشاداته وتوجيهاته. كلّ ما عند سماحته هو من القرآن والسنّة، من رسول الله وأهل بيت العصمة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
2- الوضوح، من مميّزات مدرسته وتوجيهاته ونهجه، الوضوح، عدم التعقيد، التيسير للخواصّ والعوامّ، عامة الناس الشباب،الرجال، الكبار، الصغار يفهمون هذه الإرشادات ويستطيعون أن يعملوا طبقها.
3- الاختصار، من جملة المميزات الاختصار لا تسمع له لا محاضرات طويلة، ولا طروحات معقّدة، بكلمات بسيطة، وقليلة، يختصر لك كمّاً هائلاً من تجارب الطريق.
مثلاً، خمس كلمات أي أحد يسأله عن السير والسلوك والبرنامج ووو.. "ترك المعصية في الاعتقاد والعمل". في كل الكتب ترون هذا النصّ، جملة ليست من ستة كلمات بل من خمس كلمات "ترك المعصية في الاعتقاد والعمل". وهي تختصر المعاني وتشير إلى و كل النتائج الإيجابية للتقوى التي تتحدّث عنها الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة ومواعظ العلماء وأبحاث العرفاء ووو.. ، في جملة واحدة. أو عندما يقول: "اعملوا بمعلوماتكم الله يعلّمكم الباقي"، يعني أستاذكم في النهاية هو الله سبحانه وتعالى. تشعر في منهج سماحته، أنه يأتي بك ليوصلك بالله، ويوكلك إلى الله عزّ وجلّ، والباقي على الله. المهمّ، أن تعمل أنت بصدق وإخلاص.
*لا ندرك عالَمهما نحتاجه هو أن نتعرّف على هذه الشخصية الربّانيّة الاستثنائيّة، أن نتعرف عليها أولاً، وأن نقوم بتعريفها ثانياً للناس، لحاجتنا وحاجة الناس إليها لا لحاجته هو إلينا وإلى هذا التعريف. وهو في مقامه الشامخ وعليائه في تلك العوالم التي لا ندركها حتّى بالأوهام.
نحتاج أن نعرفه ونعرّفه للناس لنقتدي به، ونستضيء بنور علمه، ونهتدي بهداه، ونمشي في دربه عسى أن نصل إلى بعض ما وصل إليه.
هذا المؤتمر أيها السادة أيها الإخوة والأخوات هو خطوة متواضعة على هذا الطريق ومحاولة يجب أن تتبعها محاولات للتعريف بسماحته ونهجه وأفكاره وإرشاداته.
أسأل الله تعالى أن يوفق السادة العاملين الحاضرين وخصوصاً المحاضرين والمتحدثين في هذا المؤتمر للإضاءة ما أمكن على جوانب هذه الشخصية العظيمة.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية أرحب بحضوركم الكريم في هذا المؤتمر مؤتم تكريم الفقيه العارف بالله آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجة (قدس سره الشريف) ورضوان الله تعالى عليه.
أرحب بالسادة العلماء والإخوة والأخوات وأخص بالذكر سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ علي بهجة والوفد المرافق له.
أيضاً أبارك لكم جميعاً هذا اليوم وهذه الذكرى العظيمة والعزيزة في النصف من شعبان في يوم ولادة بقية الله الأعظم في الأراضين صاحب العصر والزمان آمل المؤمنين والمعذبين والمضطهدين في هذا العالم(عجل الله تعالى فرجه الشريف) وجعلنا وإياكم من أنصاره وأعوانه.
أيها الإخوة والأخوات:
مثلي لا يستطيع أن يتحدث عن سماحة آية الله العظمى الشيخ بهجة وسماحته في ما نحن فيه كالقطب من الرحى ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير. ولكنّ أود في هذا الوقت المتاح والمختصر جداً، أن أتحدث عن سماحته ومدرسته ومنهجه من زاوية حاجتنا نحن الفقراء إليه.
*العرفان موضع اهتمام الناسبعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة الفقيه العارف الإمام الخميني (قدس سره الشريف) انفتحت أمام المسلمين، وخصوصا ًأمام الشباب، عوالم جديدة وآفاق عديدة، لم تكن معروفة من قبل. من جملتها، كل ما يتعلّق بالعرفان، والسير والسلوك، والاهتمام العالي والمركّز بالأبعاد الروحيّة، والمعنويّة والأخلاقيّة.
كان هذا الأمر، في الماضي، موضع اهتمام في دائرة محدّدة محدودة ومحاصرة أحياناً ، كالحوزات الدينيّة العلميّة وبعض الخواصّ. أمّا بعد انتصار الثورة الإسلامية فقد أصبح أمرا ًعامّاً، وموضعاً لاهتمام الكثيرين، ومتابعتهم وبشغف وحبّ كبيرَين.
هذا الطلب، استلزم من كلّ الطالبين والعاشقين والوالهين أن يبحثوا عمّا يتصل بهذا الاتّجاه، سواء ما يرتبط بالجوانب النظريّة أو العمليّة أو الإرشادات والتوجيهات والبرامج. وكذلك البحث عن الشخصيّات المميّزة من العرفاء، وسيرتهم، وسيرهم، ومؤلّفاتهم، ومناهجهم وإرشاداتهم. وبالفعل بعد انتصار الثورة الإسلاميّة، وهذا المستجد الفكريّ والثقافيّ والروحيّ، طُبعت كتبٌ لم تكن مطبوعة يعني كانت مخطوطات مجمدة، وأعيد طباعة ما كان قد نسي وأهمل وحَضَرت أسماء كانت غائبة من الاهتمام العامّ، وأؤلفت كتب جديدة ومتنوعة وحصل تحوّلٌ مهمٌّ جداً على هذا الصعيد. كما قدمت دراسات وأبحاث جديدة وتم إصدار مجلات متخصصة وأيضاً، قُدِّم أشخاص من الأحياء على أنهم عرفاء، وأولياء، وقادرون على الأخذ بيد الطالبين، والراغبين، وهدايتهم وإيصالهم إلى الهدف.
وقدم أشخاص أنفسهم على أنهم كذلك يعني في أناس هم تبرعوا وقدموا أنفسهم أنهم كذلك.
*خطورة بعض المشاكلمع كلّ الإيجابيات التي تحقّقت، برزت هنا مجموعة من الصعوبات والمشاكل التي يمكن تصنيف بعضها بالخطيرة، وعلى سبيل المثال:
أولاً: أن الكتب التي أُعيد طباعتها أو طُبعت أو قُدِّمت، وحتّى الجديد منها في الأعمّ الأغلب، كانت تخصصية ولغتها لغة متخصّصة، وأحياناً معقّدة، ولا يفهمها إلّا من تفرّغ سنوات عديدة للدراسة الحوزويّة الدينيّة، هذا بطبيعة الحال أدّى إلى حرمان جيل الشباب وعامّة الناس من الاستفادة.
ثانياً: تعدّد المسالك يلي انعكس من خلال الكتب. تعدد المسالك والاتّجاهات، والآراء، وتعارضها أحياناً، ممّا يضع الإنسان الطالب في حيرة يعني بدل أن يهتدي يضيع ويحتار.
ثالثاً: دخول أفكار غريبة، في هذه الكتب في بعضها على الأقل، غريبة عن الإسلام والقرآن والسنّة وسيرة النبيّ والمعصومين (عليهم السلام) تأثُّراً بالأفكار الهنديّة واليونانيّة وغيرها، ممّا يجعل التمييز بين هذه الأفكار والأفكار الإسلاميّة الأصيلة صعباً على جيل الشباب.
رابعاً: (وهو الأهمّ والأخطر) صعوبة التمييز بين الرجال المتصدّين أو المعروفين في هذا المجال بسبب وجود ادّعاءات، للأسف الشديد، ادّعاءات كاذبة ومخادعة. وأنت هنا لا تعرف نفسك لمن تُسلمها.
يوجد تعبير شائع - في إيران وفي غير إيران - يصف بعض هؤلاء المدّعين بأنّهم "أصحاب دكاكين". بطبيعة الحال، عندما يُصبح إقبال شعبيّ و إقبال عامّ على هذا المجال كما كل المجالات، سوف نجد قطّاع طرق، سوف نجد مستفيدين دنيويين، وسوف نجد مستغلّين لعواطف الناس ، لصدق الناس، لإخلاص الناس، لاندفاع الناس باتجاه الإسلام وباتّجاه طريق العبودية لله سبحانه وتعالى، هذا أمر طبيعيّ في كل مجال بالسياسة، بالجهاد، بالعلم، وبالفقه وبالدراسة وبالتبليغ وبالإدارة وبالخدمة وأيضاً في مجال السير السلوك، وهذه "الدكاكين" والإدّعاءات فتحت كما هو اليوم الآن الادّعاءات و"الدكاكين" المفتوحة في ما يرتبط بعلامات الظهور وتطبيق علامات الظهور وادّعاءات النيابة الخاصة للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وهذا سفير خاص وهذا نائب خاص وهذا اليماني وهذا ابن المهدي وهذا حفيد المهدي (سلام الله عليه).
*اختيار الوليّ العارفأيضاً في هذا المجال كان هذا الابتلاء الشديد. المسألة هنا خطيرة جداً، لأنّها لا ترتبط بتفصيل دنيويّ أو حياتيّ وإنّما ترتبط بديني ودينك، وإيماني وإيمانك وآخرتي وآخرتك.
إن الشخص الذي يجب أن أختاره مرشداً ومرجعاً لي في هذا الطريق، يجب أن أكون محتاطاً ودقيقاً، وعلى درجة عالية من الدقّة والحذر في اختياره –اسمحوا لي أن أقول- ، حتّى أكثر من اختيار مرجع التقليد، نتيجة حساسيّة هذا الأمر وخطورته.
هذا الشخص يجب أن يكون على درجة عالية من العلم والفقاهة والمعرفة النظرية وأيضاً، يجب أن يكون على درجة عالية من الجدّ، والاجتهاد، والتقوى والورع. كما يقولون، يجب أن يكون سالكاً وواصلاً.
عندما يصل إلى أعلى القمم وإلى أعلى الدرجات هو يتحدث ليس فقط من الموقع النظريّ أو الفكريّ أو العقليّ وإنّما من موقع التجربة من موقع الشهود والمشاهدة والحركة الحقيقيّة. تماماً .
الآن نحن في لبنان نتكلم أكثر شيء في الأمثلة السياسية و العسكرية عندما تريد في معركة عسكرية ما أن تقود جيشاً أو تبحث عن قائد لجيش أو قائد لمقاومة أو لجماعة مسلحة. تريد أن تصل إلى أعلى القمم يجب أن تختار لها مديراً ومرشداً وقائداً لديه الخبرة النظرية ، المعرفة النظرية بكل ما يرتبط بالقتال من استراتيجيات وتكتيكات ومعرفة العدو ومعرفة إمكاناته واستراتيجياته وتكتيكاته ومعرفة الإمكانات المتاحة للصديق وأيضاً معرفة الجغرافيا والطرق والتلال والأودية والكمائن وحجم الكمائن وتكتيكات العدو وحركة العدو. من خاض هذه الحروب وهذه التجارب هو الذي يستطيع أن يقودك ليوصلك إلى قمة الهدف بأقل الخسائر الممكنة وبأفضل نتائج متوقعة.
أما من لا خبرة له حتى لو كان لديه معرفة نظرية فهو لم يمشي في وادي ولم يصعد إلى جبل ولم يواجه كميناً ولم يقاتل عدواً ولم يطلق رصاصةً ولم يقوم بقيادة حتى مجموعة صغيرة كيف له أن يقوم بقيادة فيلق أو فرق أو ما شاكل.
هنا في مسألة السير والسلوك والعرفان المسألة أخطر من هذا بكثير ومع ذلك نحن في المسائل الحياتية ، الدنيوية المهمة والحساسة نبحث عن العالم الخبير المخصص الأمين الموثوق ، فلا يجوز في عالم السير والسلوك أن نلقي بأنفسنا إلى أحضان من لا يتمتّع بهذه المواصفات. ومن كان كذلك، تستطيع أن تسلّم إليه عقلك، وروحك، ونفسك، وسيرك ومصيرك، ولا يجوز التساهل والتسامح في هذا الأمر على الإطلاق.
*وليّ الله العارفأمام هذه الحاجات الروحيّة الشديدة، وأمام هذه المخاطر، والمشاكل، وفي الزمن الذي يكون فيه المؤمن، القابض على دينه كالقابض على الجمر، تجد نفسك بين يدي نعمة إلهيّة عظمى تتمثّل بوليّ الله العارف، الكامل، الفقيه، المرجع سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي البهجة (قدس سره الشريف) الذي أجمع الجميع على عظَمة روحه، وشموخ مقامه، وصفائه، ونقائه، وزُهده، وفقهه ومعرفته ووو... وكراماته الكثيرة والعظيمة...
فإذا كان للعاشق الواله، أو العطشان اللهفان، أو الطالب الحيْران، أن يلوذ في هذا الزمن الصعب، فبه يلوذ، وإلى هذا الوليّ الناصح يلجأ، وبنوره يهتدي، وخلفه يسلك مطمئنّ القلب واثقَ الخطى أنّه يمضي في الصراط المستقيم.
*ميّزات مدرستهولنهج سماحته مميّزات مهمّة جداً:
1- الأصالة الإسلامية، لا تجد فكراً دخيلاً ولا عبارة دخيلة في كلّ كتبه وإرشاداته وتوجيهاته. كلّ ما عند سماحته هو من القرآن والسنّة، من رسول الله وأهل بيت العصمة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
2- الوضوح، من مميّزات مدرسته وتوجيهاته ونهجه، الوضوح، عدم التعقيد، التيسير للخواصّ والعوامّ، عامة الناس الشباب،الرجال، الكبار، الصغار يفهمون هذه الإرشادات ويستطيعون أن يعملوا طبقها.
3- الاختصار، من جملة المميزات الاختصار لا تسمع له لا محاضرات طويلة، ولا طروحات معقّدة، بكلمات بسيطة، وقليلة، يختصر لك كمّاً هائلاً من تجارب الطريق.
مثلاً، خمس كلمات أي أحد يسأله عن السير والسلوك والبرنامج ووو.. "ترك المعصية في الاعتقاد والعمل". في كل الكتب ترون هذا النصّ، جملة ليست من ستة كلمات بل من خمس كلمات "ترك المعصية في الاعتقاد والعمل". وهي تختصر المعاني وتشير إلى و كل النتائج الإيجابية للتقوى التي تتحدّث عنها الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة ومواعظ العلماء وأبحاث العرفاء ووو.. ، في جملة واحدة. أو عندما يقول: "اعملوا بمعلوماتكم الله يعلّمكم الباقي"، يعني أستاذكم في النهاية هو الله سبحانه وتعالى. تشعر في منهج سماحته، أنه يأتي بك ليوصلك بالله، ويوكلك إلى الله عزّ وجلّ، والباقي على الله. المهمّ، أن تعمل أنت بصدق وإخلاص.
*لا ندرك عالَمهما نحتاجه هو أن نتعرّف على هذه الشخصية الربّانيّة الاستثنائيّة، أن نتعرف عليها أولاً، وأن نقوم بتعريفها ثانياً للناس، لحاجتنا وحاجة الناس إليها لا لحاجته هو إلينا وإلى هذا التعريف. وهو في مقامه الشامخ وعليائه في تلك العوالم التي لا ندركها حتّى بالأوهام.
نحتاج أن نعرفه ونعرّفه للناس لنقتدي به، ونستضيء بنور علمه، ونهتدي بهداه، ونمشي في دربه عسى أن نصل إلى بعض ما وصل إليه.
هذا المؤتمر أيها السادة أيها الإخوة والأخوات هو خطوة متواضعة على هذا الطريق ومحاولة يجب أن تتبعها محاولات للتعريف بسماحته ونهجه وأفكاره وإرشاداته.
أسأل الله تعالى أن يوفق السادة العاملين الحاضرين وخصوصاً المحاضرين والمتحدثين في هذا المؤتمر للإضاءة ما أمكن على جوانب هذه الشخصية العظيمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمة سماحة السيد حسن نصرالله في ملتقى العلماء الدولي لدعم فلسطين
بواسطة:أدمن
9:39 ص
كلمة السيد حسن نصرالله في ملتقى العلماء الدولي لدعم فلسطين 6-11-2015
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. بعد التحية والشكر للسادة العلماء والإخوة في الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة على عقد هذا اللقاء لطيب والمبارك، وفي هذا الوقت بالذات، للتعبير عن الدعم والمساندة والتأييد للانتفاضة الشريفة المتجددة في فلسطين، ومن موقع ـ أيضاً ـ تجربة المقاومة في لبنان، الذين يتواجدون في الميدان هم يحتاجون إلى كل دعم وكل مساندة، حتى الكلمة، حتى الموقف الإعلامي، حتى أي شكل من أشكال التعبير، هو بلا شك يشكل عامل مساندة وتقوية لألئك الذين يتواجدون في الميادين، وخصوصاً وهم يواجهون خطر الشهادة، يريدون أن يزدادوا إيماناً ويقيناً بصوابية خيارهم وبأنهم في الطريق هذا يصلون إلى الله سبحانه وتعالى. أنا ـ في الحقيقة ـ في القسم الاول سأكون سريعاً جداً بشكل توصيفي، والقسم الثاني هو محاولة لفتح بعض أبواب النقاش. في الجزء التوصيفي: نحن الآن في فلسطين أمام مرحلة مهمة وجديدة من تاريخ الشعب الفلسطيني في المقاومة أو النضال، الجهاد أو الثورة أو الانتفاضة، سمّوها ما شئتم. أولاً ما يجري اليوم يعبّر عن روح جهادية عالية وراقية، نحن أمام عمليات استشهادية يومية أو شبه يومية، نعرف ما هو العمل الاستشهادي، عملية الطعن أو الدهس غالباً ما تنتهي إلى استشهاد الفاعل، سواء كان رجلاً أو امرأة، ومن يقدم على هذا العمل يعرف أنه ذاهب إلى الشهادة، عندما (نرى) هذا العدد الكبير من العمليات خلال وقت قصير فهذا يعبّر عن هذه الروح الجهادية الاستشهادية، عن هذه الشجاعة، عن هذا اليقين، عن هذا الإيمان الذي يمكن أن يُدهش العالم. ثانياً: بساطة السلاح المستخدم في هذه المعركة، هذه معركة وليست فقط انتفاضة سلمية بالمعنى الشائع، بساطة السلاح، السكين أو السيارة، هذا السلاح لا يحتاج إلى دعم لوجستي وتشكيلات، دعم لوجستي كما يعرف الإخوة في فصائل المقاومة، وإلى تعقيدات وحتى إلى تمويل كبير. يمكن السيارة نعم لها ثمن، السكين أسهل، ولا يمكن مصادرة هذا السلاح. أي سلاح آخر يمكن مصادرته ، لكن أي سلطة، سلطة احتلال أو حكومة لا تستطيع أن تجمع هذا النوع من السلاح، السكاكين والسيارات، من أيدي الناس، ولا يمكن لأي سلطة منع الناس من الحصول عليه لأنه جزء من الحياة الطبيعية للناس، وهذا يدل أيضاً على أنه عندما تتوفر الإرادة يحضر الإبداع ويجد الأدوات المناسبة لمواصلة الجهاد والانتفاضة والمقاومة والعمل. ثالثاً: لاشك أن الانتفاضة الجديدة فاجأت الصهاينة كما فاجأت العالم، لكنها فاجأت الصهاينة حكومةً وشعباً وجيشاً وأجهزةً أمنية، ونجدهم اليوم يتلاومون، وهذا لم يكن في حساباتهم ولا في توقعاتهم ولا في توقعات مخبريهم المنتشرين في فلسطين المحتلة. رابعاً: هذه الانتفاضة وخلال أسابيعها القليلة أدخلت الرعب والخوف إلى قلوب الصهاينة وإلى الكيان المدجّج بالسلاح، أثّرت بقوة على حياتهم الشخصية، على ذهابهم وإيابهم وتجمعاتهم وعلى أوضاعهم الاقتصادية المهمة جداً جداً جداً لهم، وأنتم تتابعون من خلال وسائل الإعلام انعكاس وتأثيرات هذه العمليات الشعبية الاستشهادية على كيان العدو وعلى حكومة العدو وعلى الشعب المستعمر المحتل والمستوطن لفلسطين المحتلة. نعم، بالنسبة للفلسطينيين لا يتغير شيء كثير، لأنهم هم دائما في حالة تهديد واعتقالات وسجون وحصارات وقتل، وبالتالي هم لا يحمّلون أنفسهم أعباء إضافية فوق الأعباء التي يتحمّلونها منذ عشرات السنين. وأخيراً، ما يجري هو في الحقيقة لا يعبّر عن حالة يأس وإحباط كما يحاول الإسرائيليون أن يقولوا، وكما يحاول ـ للأسف ـ بعض مَن في عالمنا العربي أن يسوّق لهذه الفكرة. اليائسون والمحبطون يذهبون ويعبّرون عن إحباطهم ويأسهم بأشكال أخرى، مزيد من الخنوع، مزيد من القعود، الهروب إلى المخدرات، الهروب إلى عوالم أخرى. أما ما يجري اليوم على أرض فلسطين، خصوصاً من هذا الجيل الشاب، رجالاً ونساءً، إنما يعبّر عن وعي كبير وإيمان عميق بخيار المقاومة والمواجهة لدى هؤلاء وعن فعل وعي وإيمان في انتخاب صحيح للخيارات والمسارات التي لجأ اليها هؤلاء المجاهدون والشهداء والأبطال. هذه الانتفاضة ـ أيها الإخوة والأخوات ـ تضع الأمة جميعاً من جديد أمام مسؤولياتها تجاه فلسطين والأقصى. وهذا هو المقطع الثاني ـ بحسب طبيعة الملتقى ـ الذي أنا سأحاول أن أدخل إليه. المسألة الأساسية التي ترتبط بهذا الصراع، بماضيه ـ يعني إذا أخذنا من البدايات ـ وحاضرهـ وايضاً ما يرتبط بالمستقبل، من المعلوم والواضح لدى السادة جميعاً والمستمعين، أو يجب التأكيد على هذا لدى كثير من المستمعين في الخارج، أن إسرائيل ليست نتاج مشروع صهيوني فقط، ليس فقط أن اليهود الصهاينة اجتمعوا وعقدوا مؤتمراً وسعوا إلى اقامة دولة لهم أو كيان لهم. لا، إنما هي نتاج إرادة دولية في ذلك الحين، زُرعت في قلب منطقتنا، وكانت وما زالت تحظى بدعم دولي، وبالخصوص بدعم أميركي وغربي لا نظير له على كل صعيد. إذاً، المسألة عندما نذهب إلى فلسطين إلى أرض فلسطين اليوم، في الظاهر أن هناك طرفين في المعركة، يوجد حكومة العدو، جيش العدو، أجهزته الأمنية ومستوطنوه، سواء أراضي الثمانية وأربعين أو 67 كلهم مستوطنون. في الجهة المقابلة يوجد الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة وقواه السياسية أو الشعبية أو ما شاكل، سواء في الداخل أو الشتات. هذا هو ظاهر المعركة، لكن حقيقة المعركة ليست كذلك. من يشتبه عليه فهم المعركة سيرتكب أخطاء تاريخية وأخطاء استراتيجية. نحن دائما كنا وما زلنا والآن سوف ندعو إلى تصحيح الفهم حول حقيقة المعركة القائمة على أرض فلسطين. إسرائيل هي الخط الأمامي لقوى الاستكبار والاحتلال والاستعمار القديم والحديث في العالم، هي ممثل هذا المشروع الاستكباري الاستعماري الذي يستهدف المنطقة كلها والأمة كلها، بشعوبها، بثقافتها، بحضارتها، بخيراتها، بمقدراتها، إسرائيل هي الثكنة العسكرية، القاعدة العسكرية المتقدمة في الخط الأمامي في هذه المواجهة. وهنا يجب أن ننظر إلى الشعب الفلسطيني بنظرة مختلفة عما هو سائد في الكثير من البلدان العربية والإسلامية. والنظرة الصحيحة تقول إن الشعب الفلسطيني هنا يقاتل ويقاوم ويناضل ويجاهد ويدافع ومنذ عشرات السنين كممثل لهذه الأمة وكنائب عنها وكحاضر في الخط الأمامي في الدفاع عن مقدساتها وكرامتها وثقافتها وحضارتها وخيراتها ومستقبلها. هذه هي المقاربة الصحيحة. المقاربة الخاطئة تقول إن هذه مشكلة فلسطينية إسرائيلية، على الفلسطينيين أن يحلوا مشكلتهم ونحن نرى ماذا نستطيع أن نقدم. هذه الحجج والمقاربة الخاطئة هي التي تقول إن المشكلة هي فلسطينية إسرائيلية، وبالتالي من يقاتل إسرائيل في أي ساحة أخرى أو يحمل راية المقاومة ضد إسرائيل سيقال له لماذا تقاتل؟ هل مطلوب أن تقاتل نيابةً عن الفلسطينيين؟ هل المطلوب أن تكون فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين، أو ملكياً أكثر من الملك؟ عندما تظهر في بعض الأماكن مواقف ضعيفة ـ أو مثلاً متراجعة ـ هذه مقاربة خاطئة جداً. الأمة هي لا تقاتل بالنيابة عن الفلسطينيين عندما تحضر إلى جانب الفلسطيني. الأمة هي تقاتل بالنيابة عن نفسها، هي تدافع عن نفسها، عن مقدساتها. هل المسجد الأقصى وبيت المقدس هو مقدّس فلسطيني أو هو مقدّس إسلامي؟ المقدسات المسيحية أيضاً هل هي مقدس فلسطيني أو مقدس مسيحي؟ في كل الأحوال، الفلسطينيون هنا هم حاضرون في الخط الأمامي منذ عشرات السنين، يدافعون عن هذه الأمة، والأمة يجب أن تفهم وأن تقارب الصراع من هذه الزاوية. بناءً عليه، نرى اليوم في هذه المعركة أن الطرف المقابل حاضر بقوة. العدو الإسرائيلي يحظى بكل أشكال الدعم المادي، الاقتصادي، التسليحي، التكنولوجية السياسي، الإعلامي. إذا كان هناك من صوت ما ينطلق ويجد له مساحة واسعة يسعى إلى إسكاته كما هو الحال الآن مع قناة الميادين، حتى الصوت ممنوع. هذا ما يقوم به المعسكر الآخر، وإسرائيل تعتبر أن مسؤولية العالم المستكبر أن يقدّم، واجبه أن يقدّم لها الدعم. هو لا يتصدق عليها، هو لا يمنّ عليها، هي تعتبر أن هذا واجبه، لأنها تدافع عن مصالحه في منطقتنا، ودائماً تطالبه مرة بعشرة مليار دولار، من يومين كان الحديث أنهم يريدون مساعدات من أمريكا بخمسة مليار دولار، يريدون ثمن الاتفاق النووي الإيراني خمسة مليار دولار، مساعدات عسكرية، وهي تستغل كل فرصة على هذا الصعيد. إذاً، المعسكر الآخر لا يقصّر مع من يمثله في هذه المعركة، أمّا معسكر الأمة مع من يمثلّه في هذه المعركة، كيف يتعاطى وكيف يتصرف؟ التقييم بشكل عام هو تقييم سلبي. لا نستطيع أن نقدّم تقييماً إيجابياً. وأنا هنا لست في صدد جلد الذات، أن نجلس كأمة لنجلد أنفسنا، وإنما بصدد البحث عن الأسباب وأن نبحث عن العلاج وبدون يأس، لأن هذه المعركة قائمة ومستمرة وباقية ولا تقف عند قيادات معينة ولا عند فصائل وحركات مقاومة معينة ولا عند جيل معيّن، وبالتالي هي معركة الأمة، وهي معركة تاريخية، ويجب أن نبحث نحن عن مسؤوليتنا في هذه المعركة. وكلمة عمّا مضى وأقول إن الأمة هذا هو تعاطيها، أمة المليار مسلم أو المليار و400 مليون مسلم تعاطيها تعاطٍ سلبي فاشل مع هذه القضية، وهذا قبل كل الأحداث التي تجري الآن في المنطقة. الآن يخرج أحد ليقول لا، الأمة مشغولة، هناك أحداث في سورية، ولبنان مشغول بحاله، والعراق مشغول بحاله، وحرب باليمن وبأفغانستان وباكستان.. قبل خمس سنوات، قبل ست سنوات لم يكن هناك شيء في أكثر هذه البلدان، ولم تكن التهديدات الجديدة ولم تكن الحروب الجديدة ولم يكن هذا الجو الطائفي والمذهبي صعباً وحاداً إلى هذا المستوى، ولم تكن بعض حركات المقاومة متهمة بالتورط في بعض الأحداث، لم يكن كل هذا، لم يكن. كان هناك ناس حاضرون وهذه إسرائيل بوجههم ويقاتلونها، سواء في فلسطين أو في لبنان وهناك ناس يقفون ويدعمونهم، سواء كان في سورية أو في إيران أو في أماكن أخرى. العالم العربي والإسلامي ماذا رأينا منه بالاجتياح الإسرائيلي عام 1982؟ ماذا رأينا منه أيام العدوان الإسرائيلي الواسع في عناقيد الغضب على لبنان بنيسان 96 ومجازر قانا المعروفة؟ ماذا رأينا بال2006 بحرب تموز؟ نتحدث عن تعاطف كبير جداً في العالم العربي والإسلامي لكن تعالوا لنشخّصه، نحدّده، ونتحدث بالأرقام. نتحدث عن تعاطف؟ جيد، إتوا لي بمظاهرة في العالم العربي والإسلامي كله (شارك فيها) مئة ألف أو 50000. هذا المليار و400 مليون مسلم، العدوان على غزة عام 2008 الرهيب والكبير والقاسي والذي عاد وتكرر وصولاً إلى الحرب الأخيرة، وقتها لم يكن هناك مشكلة مع أحد، أين العالم العربي وأين العالم الإسلامي، طبعاً باستثناء من كان له موقف شريف، سواء قدّم دعماً مالياً أو موقفاً سياسياً أو دعماً عسكرياً أو أو أو.. محدودون هؤلاء، إذا وضعنا أمة المليار و400 مليون مسلم. هذا قبل الأحداث، حتى لا يحتج أحد ويقول إن الفتنة شملت عالمنا من المحيط إلى الخليج ومن أندونيسيا إلى لا أعرف أين، لا لا، هذا قبل الأحداث وقبل الفتن، هكذا كان التعاطي والمقاربة للموضوع الفلسطيني. للأسف الشديد هذا يتطلب وقفة. طبعاً، لا شك بأن الأحداث الجديدة زادت الخسائر في هذه المعركة، زادت الخسائر بلا شك، لأن كثيرين ممّن كان يمكن أن يبلوا جهداً سياسياً أو إعلامياً أو عسكرياً أو يقدّموا دعماً مالياً أو لوجستياً لمصلحة فلسطين الآن شغلتهم معارك في ساحات أخرى تحت عناوين الوجود وحفظ الوجود. هذا ماذا يتطلب؟ هذا يتطلب وقفة سريعة، وأودّ الوقوف عند بعض النقاط السريعة على سبيل المثال: إنما هو السبب، وإن كنا نجد أحيانا للأسف الشديد أمام أي حادث تفصيلي يحصل في المنطقة هناك من يقف ويهدد بالمليار و400 مليون مسلم وبالمليار و400 مليون مسلم، مر عشرات السنين، فلسطين محتلة يا أخي، "شي يوم هددوا" بالمليار لنعالج هذا العار التاريخي الذي لحق بنا كأمة. عندما نأتي للأسباب نأخذ على سبيل المثال، والمناسبة غير مناسِبة لأن يقدم الشخص بحث كامل بهذا الموضوع: 1ـ يوجد اليوم اقتناع لدى الكثير من الحكومات في العالمين العربي والإسلامي ـ وللأسف الشديد هذا انتشر ووصل إلى الشعوب وحتى إلى حركات إسلامية وإلى متديّنين وإلى إسلاميين في العالم العربي والإسلامي ـ يقول نحن ليس لدينا مسؤولية تجاه فلسطين وتجاه المسجد الأقصى، هذه مسؤولية الشعب الفلسطيني. هذا الموضوع إن قمنا ببعض المراجعة نجد بأنه خلال السنوات الماضية، خصوصاً العقد الأخير ولكن خلال عقود انشغل عليه فكرياً، علمياً، ثقافياً ومراكز دراسات، وحتى وصل الأمر إلى التنظيرالفقهي، اليوم هناك حديث فقهي يصدر في مكان أو آخر، طبعاً هو لا يستند إلى أي دليل شرعي حقيقي، يحاول أن ينظّر لهذه الفكرة، لا، نحن ليس لدينا أي مسؤولية، نحن كعالم إسلامي، كعالم عربي، كحكومات، شعوب، علماء، أحزاب، ليس لدينا أي مسؤولية، هذه مسؤولية الشعب الفلسطيني، "هو يدبّر حاله". هذا السبب يتطلب أن نضع خطة، أن لا نقول هذا أمر واضح لدى الشعوب في العالم العربي والإسلامي لا، أيها الأخوة أيها السادة. حقيقةً هناك كثير من الناس والشعوب أصبح عندها شبهة، أصبح عندها قناعة، يعني هي ليست مقتنعة أنها عندها تكليف شرعي اتجاه فلسطين، أو عندها واجب ديني اتجاه فلسطين، هذا الأمر الذي عندي وعندكم من البديهيات الواضحات، هذا أجمع عليه علماء الأمة، هذا إجماع تاريخي، يعني منذ بدء الإسلام إلى قيام الساعة هذا يبقى موضع إجماع، لكن هذا الواضح البديهي اليوم عند الكثير من الناس ـ نتيجة التضليل الذي عُمل عليه خلال عقود من الزمن وخصوصاً في العقد الأخير ـ لا هذا لم يعد واضحاً. وهذا يحتاج لجهد علمائي وحوزوي وثقافي للناس. ثانياً: الاقتناع أو الإحساس بأن إسرائيل لم تعد تمثل خطراً على هذه الحكومات وعلى هذه الشعوب. إسرائيل تهديد للفلسطيني، "يدبّر حاله"، لكن إسرائيل لم تعد تهديداً وخطراً على لبنان ولا سوريا، والأردن آمنة ومصر آمنة وبقية الدول العربية هي في منأى عن أي عدوان إسرائيلي أو طمع إسرائيلي أو تهديد إسرائيلي. اليوم، للأسف الشديد هذه القناعة أيضاً موجودة، ليس فقط عند الكثير من الحكومات، بل عند الكثير من العامة، من الشعوب، حتى عند الكثير من النخب. هناك جانب موضوعي اسمه، أنه نتيجة جهاد وتضحيات وانتصارات وانجازات حركات المقاومة في المنطقة، نعم الخطر الإسرائيلي تراجع، مشروع إسرائيل الكبرى سقط، إسرائيل التي لا تستطيع أن تبقى في جنوب لبنان ولا تستطيع أن تبقى في غزة هي لا تستطيع أن تبني إسرائيل كبرى من النيل إلى الفرات، هذا سقط، إسرائيل العظمى التي يهزمها لبنان وتهزمها غزة سقطت. لكن إسرائيل القوية، الجاثمة، المحتلة لفلسطين باستثناء غزة وتحاصر غزة، هذه ما زالت قوية وتهدّد شعوب المنطقة وحكومات المنطقة وتستفيد من كل الفرص القائمة والآتية. حسناً، يجب أن نعود ونبذل جهداً لنقول للشعوب العربية والإسلامية والحكومات وللدول: لا "يا عمي" هذه إسرائيل خطر، أطماعها، تهديداتها، خطرها، أهدافها، هذا أيضاً يحتاج إلى جهد سياسي وثقافي وإعلامي على عاتق العلماء والقوى السياسية ووسائل الإعلام والنخب. لأنه ما الذي يجعل الإنسان يتحرك؟ إما الوازع والدافع، الإحساس بالتكليف، بالواجب سواء كان دينياً أو وطنياً أو قومياً أو أخلاقياً، أو الإحساس بالخطر. نحن وصلنا اليوم أن من يحيط بفلسطين ليس عنده قناعة بالمسؤولية، بالواجب والتكليف، وأيضاً لم يعد لديه إحساس بالخطر. نحن في لبنان يجب أن نتكلم كل يوم، ولكن هناك جزء من اللبنانيين مقتنع أن إسرائيل لم تعد تشكل خطراً على لبنان ولا تهديداً على لبنان، وأن المقاومة في لبنان تأخذ هذا الموضوع ذريعة فقط للاحتفاظ بسلاحها، هذه واحدة من المصائب، هذا نموذج ممّا هو موجود في منطقتنا. ثالثاً: مثلاً الاشتباه في معرفة العدو والصديق، والانسياق خلف الإرادات الدولية فيما تختاره لنا من أعداء وأصدقاء، وهنا يأتي موضوع إيران وإسرائيل مثل واضح. رابعاً: الاشتباه في فهم الأولويات وفي تشخيص الأولويات وتحديدها، ممّا جعل الكثيرين يتيهون ويغرقون في ملفات وصراعات خطيرة جداً وبعيدة عن المعركة الأساسية والمركزية، وهذا ما نراه اليوم والأمس، وللأسف الشديد يحضر أمامنا بقوة. الإنسان يتألم ـ أيها السادة العلماء، أيها الإخوة والأخوات ـ عندما ينظر من حوله الآن ويرى كيف أنه في الماضي استطاعت هذه الأمة أن تنهض وأن ترسل عشرات آلاف المجاهدين ـ بلا نقاش، أنا لا أناقش في هذا ـ إلى أفغانستان، لتحرير أفغانستان من الاحتلال السوفياتي، وتقدم إمكانات هائلة لهم، وتنفق أموالاً طائلة، أموالاً حكومية وأموالاً شخصية من جيوبهم ومن ممتلكاتهم، وتوفر وسائل تعبئة على امتداد العالم الإسلامي، ولم يحصل هذا لفلسطين، حتى المعركة في أفغانستان اجتذبت إليها فلسطينيين، ولكن هذا لم يحصل لفلسطين، أليس هذا سؤالاً كبيراً ويحتاج إلى تأمل، إلى وقفة، إلى إجابة؟ هل أفغانستان مقدسة أكثر من فلسطين، لا شك أنها قضية حق، ولكن هنا قضية حق وهنا قضية مقدسات، وهنا تهديد لكل الأمة، لماذا لا يحصل هذا ولم يحصل هذا؟ اليوم أيضاً، من أجل أن لا نبقى نتحدث بأفغانستان، حسناً، في سوريا، في العراق، في اليمن، بالحد الأدنى هذه المناطق الآن فيها حروب واسعة، حتى في ليبيا، القتال الدائر والقائم. حسناً، أسلحة، إمكانات، أموال، مليارات الدولارات تنفق، أموال حكومية وأيضاً أموال شخصية، وفتاوى تصدر وعملية استنهاض هائلة جداً. لماذا لا يحصل هذا لفلسطين؟ فقط لو أحصينا العمليات الانتحارية ـ ولا أقول استشهادية ـ التي نفذت منذ عام 2003 ضد الشعب العراقي ـ ضد الأميركان مباركة ـ ضد الشعب العراق، سنة وشيعة وكرد وغيرهم، ومساجد وحسينيات وكنائس وأسواق ومدارس وأضرحة وإلى آخره. وفي أفغانستان وفي باكستان وفي سوريا والعام الماضي في لبنان، وفي نيجيريا يوماً بعد يوم، وفي اليمن وفي أماكن أخرى من العالم، لو أحصيناها وأتينا بهؤلاء الشباب، الذين يجب أن نبكي عليهم بدل الدموع دماً لأنهم خسروا الدنيا والآخرة، لو جئنا بهؤلاء وبهذا العدد من العمليات، بكل وضوح كانت كافية لإزالة إسرائيل من الوجود، ولكنها استُخدمت لتدمير شعوبنا ومجتمعاتنا وجيوشنا وإرادتنا ووعينا وحتى لتدمير عواطفنا اتجاه بعضنا البعض، بل حتى لتدمير مواقفنا اتجاه القضية المركزية وهي قضية فلسطين، وأنا أعني ما أقول. ألا يستحق هذا واقعاً أنه واحد يقف ويدرس يتأمل ويسعى ويفتش عن العلاج. خامساً: الأسوأ من كل ما ذكرت، هذا بالحقيقة العامل الخامس هو من أسوأ العوامل أيضاً، هو العمل خلال العقود الماضية ـ لكن بالسنوات الأخيرة هذا ازداد أكثر من أي وقت مضى ـ على إيجاد حالة عداء واسعة لدى الشعوب، لدى عدد من الشعوب العربية والإسلامية، اتجاه الشعب الفلسطيني، يعني بدل أن يتركز بعض الجهد الرسمي العربي وبعض وسائل الإعلام العربية لإيجاد حالة تعبوية تنتج عداءً لإسرائيل والمشروع الصهيوني، الذي كان يحصل نتيجة الإعلام ونتيجة الفعل السياسي ونتيجة ـ أحياناً ـ الميدان، هو تحويل الشعب الفلسطيني إلى عدو، أو إلى خصم، أو إلى شعب لا يُتوجه إليه بحب أو ود، فلنعمل حد أدنى، ليس عدواً وإن كان وصل إلى حد العدو، الآن سأتكلم بهذا الموضوع قليلاً، تحمّلوني على صراحتي اليوم، لكن في الحد الأدنى أنه لا يعنينا شيء، يموت، يعيش، يُذبح، يُسفك دمه على الجدران، فنحن يُسفك دمنا على الجدران. يعني هذا الذي يُعمل عليه اليوم، بكل صراحة أن تصل الشعوب العربية والإسلامية إلى النقطة التي تشعر بأنها غير مبالية بمصير شعب بكامله، هنا لا نتكلم عن دولة فلسطينية مستقلة وكيان، لا لا، أتكلم حتى عن هذا الشعب في ظل الاحتلال، عُمل خلال السنوات الماضية على أن هذا الشعب الذي هو في ظل الاحتلال، يُهدم داره وبيوته، مثل ما حصل في حرب غزة الأخيرة، ونجد شتّامين في العالم العربي والإسلامي ونجد شمّاتين في العالم العربي والإسلامي. هذا في الجانب العاطفي والنفسي عن أي شيء يعبر؟ عُمل على هذا الموضوع، وتم استغلال أحداث. أنا لا أريد أن أحمّل مسؤوليات، أحكي نتائج، لا أحد يقول إن السيد الآن أتى يريد أن يحاكم ويحمّل مسؤوليات وأن فلاناً أخطأ وفلاناً لم يخطئ، أحكي نتائج. في نهاية المطاف، ببداية السبعينات، قدّم الشعب الفلسطيني عدواً للأردن وللشعب الأردني، ليس هناك شك، هناك مؤامرات وهناك أجهزة مخابرات وهناك أخطاء، يعني "كلّه يساعد على كلّه". حسناً، في لبنان، عُملت حرب أهلية في لبنان تحت عنوان الفلسطيني، وتحوّل الشعب الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية والفصائل الفلسطينية إلى عدو، بمعزل عن الأسباب، صح خطأ، بحث آخر، وأنه لا، الإسرائيلي ليس عدواً، الفلسطيني هو العدو. أيضاً في مرحلة من المراحل، وأيضاً نتيجة أخطاء في الحرب العراقية الإيرانية، هناك من عمل على تحويل موقف إيران والشعب الإيراني إلى موقف عدائي اتجاه الشعب الفلسطيني، مستغلين مثلاً بعض الأخطاء، أن فلاناً أو فلاناً أيّد صدام حسين ودعم صدام حسين بحرب الثماني سنوات على إيران. مثلاً، في موضوع الكويت، ألم يدفع الشعب الفلسطيني، دُفّع الشعب الفلسطيني ثمن عاصفة الصحراء وغزو الكويت واحتلال الكويت، صح خطأ، مَن هو مسؤول، بحث آخر. لكن أي شيء سواء كان خطأً أو لم يكن خطأً كان يستغل لتحويل الشعب الفلسطيني إلى عدو لهذه الشعوب، لإخراجه من وجدان هذه الشعوب، من عقولها، من قلوبها، من عاطفتها، من اهتمامها، من دائرة المسوؤلية فيها. وهذا الآن اليوم يُعمل عليه، يعني قبل الأحداث الأخيرة، معروف أن أكثر الشعوب أو الدول بالحد الأدنى، التي كانت ما زال لها موقف إلى جانب فلسطين وشعب فلسطين وحركات المقاومة، سوريا، العراق، إيران، اليمن، الشعب اليمني أيضاً، الشعب البحريني إلى آخره، لكن الآن ما الذي يعمل بهذه السنين، يعمل أنه أيضاً، لا أريد أن أدخل بالتفصيل، الموضوع يحتاج لدقة، أنا حريص أن لا أثير حساسية أحد، لكن أن أثير انتباه، نعم هناك من يريد أن يقول لمن بقي مع فلسطين، من اللبنانيين والسوريين والعراقيين والإيرانيين واليمنيين والبحارنة وغيرهم، أن هذا الموضوع ليس موضوعكم، أنتم مشتبهون وليست هذه معركتكم، معركتكم حيث تتعرض وجوداتكم للخطر، منتبهين؟ هذا الذي يعمل عليه الآن، هذا أخطر شيء يمكن أن يحصل. كنا في الحروب السابقة التي تُشن على غزة أو على فلسطين نجد ولو تعاطف، نجد دموعاً، نجد دعاء، لكن في الحرب الأخيرة وجدنا في الكثير من وسائل الإعلام العربية، كما قلت "الشماتة"، بل تجرأ البعض ووصل إلى حد أن يخاطب نتنياهو ويقول له اسحقهم واذبحهم واقتلهم. هذا مستوى كبير وهائل من الحقد تم الوصول إليه . هذا أيضاً عامل خطير ويجب التوقف عنده. هذا فيه مسؤولية على الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، على غير الفلسطينيين مثلنا نحن، بقية الشعوب العربية والإسلامية أن لا نجامل في هذا الأمر، أن لا نقبل هذا الأمر، أن نقدم حقيقة الشعب الفلسطيني، الشعب المظلوم، الشعب المضطهد، الشعب الذي تحمّل لعقود طويلة آلام ومعاناة وتحديات ترتبط بالأمة وليس به وحده. هذا الشعب المقاوم الذي قدّم عشرات آلاف الشهداء، الذي يقضي خيرة شبابه الآلاف من شبابه وفتياته في السجون، الذي يعيش في العراء، الذي يعيش في الشتات، هذا البعد الانساني، الأخلاقي، الجهادي، التاريخي، التضحوي، الذي يمثّله الشعب الفلسطيني هو الصورة التي يجب أن نقدمها أياً تكن الظروف وأياً تكن الأخطاء. وفي المقابل، الإخوة الفلسطينيون معنيون بالانتباه وبالدقة وبالحذر وبالمراجعة وبالإدارة الدقيقة وبالإحاطة بكل المعطيات وبالعمل على الحد من الخسائر، لأنهم في نهاية المطاف هم طليعة المعركة وهم الخط الأمامي. إذا لم يكونوا هم في المعركة، هذه المعركة لا يمكن أن تصل إلى نتيجة، مهما كان المساعد والمساند والعضد والداعم. المسألة الأخيرة هي العمل الدؤوب الآن على الفتنة الطائفية والفتنة المذهبية، هذه من الأخطار الكبرى اليوم، نعم هاتين السنتين والثلاث، يوجد مزاج عام كان عند مسيحيي العالم العربي، مسيحيي الشرق عموماً، المزاج العام هو مزاج مؤيد للقضية الفلسطينية، مؤيد للشعب الفلسطيني، يقف إلى جانب فلسطين ويعتبر إسرائيل عدواً وتهديداً. ما جرى في هذه السنين وفي الأحداث الأخيرة حوّل هذا المزاج العام، وأعطى بعداً طائفياً للمعركة، وأصبح أن الذي يمثل تهديداً للمسيحيين هم المسلمون، وهذا أكبر خطأ. لم يجاهر أحد بعد في هذا الموضوع، ولكن في لحظة من اللحظات قد يجد حليفاً أو داعماً أو مدافعاً أو حامياً أمام هذا الخطر التكفيري الذي لا يفرّق بين إنسان وآخر، والذي لا يعطي لأحد نفساً أن يفكر أو يراجع أو أن يستعد وأن يقف. أيضاً في البعد المذهبي ومحاولة تحويل ما يجري في المنطقة إلى صراع شيعي - سني يأكل الجميع ويستنزف الجميع ويهّدم الجميع، هذا يحتاج إلى جهد. في نهاية المطاف، أنا ما أقترحه: تشكيل إطار ما، ويمكن للإتحاد العالمي لعلماء المقاومة أن يبادر هو ويشكل إطاراً نشارك فيه، حركات مقاومة وقوى أخرى ومراكز دراسات ونخب، نتحدث عن الأسباب ونضع وسائل للعلاج، نعم نستطيع أن نعالج، نستطيع أن نبذل جهداً . قد لا نستطيع أن نستقطب الأمة كلها إلى هذه المعركة، لو استقطبنا نصفها، ربعها، ثلثها، خمسها، "نحن نقبل بالخمس"، لو استقطبنا أي جزء من أجزائها هو أفضل من الواقع المر والأليم والقاسي الموجود حالياً. يمكننا أن نعمل؟ نعم. وأنا لا أعتقد أن هذا يحتاج إلى جهد طويل، كلنا في قلب المعركة، مؤتمرات كثيرة في الماضي، مراكز دراسات كثيرة ناقشت هذه الأمور، يمكن أن نصل إلى محصلة قريبة ونضع خططاً ونوزع المسؤوليات. أنا لا أقول إن الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة وحده يستطيع أن يعالج هذه الأساب، نستطيع أن نوزع المسؤوليات، حكومات وحركات وشعوب وعلماء وأطر علمائية ونخب ووسائل إعلام، نستطيع أن نبذل جهوداً في الحد الأدنى الأدنى إن لم نربح أحداً فلنحدّ من الخسائر. أنا أدّعي أنه إذا استمرت الأمور كما هي الآن، نحن، يعني المعركة الأساسية المركزية تواجه خسائر، يجب أن نعمل في الحد الأدنى للحد من هذه الخسائر. في الختام، أيها الإخوة والأخوات، وأمام هذه التضحيات العظيمة لشباب وشابات فلسطين وشعب فلسطين، نحن ندعو إلى مساندة حقيقية لهذه الانتفاضة الجديدة بعيداً عن كل الاجتهادات والحساسيات والآراء والتعبئة السلبية والصراعات المستجدة، والخلافات والنزاعات. هذه الانتفاضة يجب أن ننظر إليها بحق أنها مؤهلة جداً في الحد الأدنى الأدنى للدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات في بيت المقدس. قد لا تستطيع الآن أن تحرر فلسطين، لكن نعم، يمكن لهذه الانتفاضة إذا استمرت وإذا دُعمت أن تفرض على حكومة العدو وعلى رعاته وعلى سادته أن يبتعدوا عن المسجد الأقصى وأن يتجنبوا المسجد الأقصى وأن لا يستمروا في تهديد هذا المقدس الديني والإسلامي. ومسؤولية حفظ المقدسات هي مسؤوليات الأمة كلها. فإذا كان هؤلاء ينوبون عنا في الدفاع عن هذا المقدس وفي الحفاظ عليه، فيجب علينا جميعاً أن لا نقصّر في بذل أي جهد لتقف وتستمر وتتواصل هذه الانتفاضة ولتحقق ولو هذا الحد الأدنى من الأهداف، فضلاً عن الأهداف الدائمة والمفتوحة في المعركة المفتوحة. نحن نثق بالله عز وجّل، وبوعده القاطع والأكيد بالنصر للمجاهدين والصابرين والمحتسبين والمرابطين ، ونؤمن بالخير المودع في أمتنا إلى يوم القيامة، وأن هذا الصراع مآله ونهايته هو الانتصار الحتمي. المهم، أن نعمل لنكون ممّن يوفقهم الله تعالى ليكونوا من صناع هذا النصر الآتي بحول الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)