ولي الامر في الاسلام
سماحة الشيخ ابو علي الفاطمي
إنَّ الفقيه أولى بالمؤمنين من أنفسهم مثلما النبي صلّى الله عليه وآله
والأئمة عليهم السلام في كل القضايا الحياتية العامة والخاصة, والخاصة تعني تحديد
سلطة الفقيه بالأيتام والقاصرين وأموال الغائب والأمور الحسبية وهي الأمور التي لا
ولي لها.. وكما قال سماحة الإمام القائد الخامنئي "حفظه الله" ولاية
الفقيه تكون في مجال الأمور التنفيذية لا الأمور الذهنية، والولاية في مفهومها
الخاص تعني ارتباط الناس بمركز القيادة أي الحكومة في شتى مجالات الحياة
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، ويعرّفها أيضاً بأنّها حكومة الفقيه
العادل العارف بالدين وهي حكم شرعي تعبّدي يؤيده العقل وهي امتداد لحكومة الأنبياء
والأوصياء "عليهم السلام" وتعريف آخر لولاية الفقيه هي عبارة عن
المرجعية الدينية في القضايا الأساسية، كالمقدسات والأنفس والأعراض والأموال، وهذه
الشئون والقضايا هي شئون الحكومة الإسلامية.
أرشدنا القرآن الكريم إلى ثبوت ولاية النبي صلّى الله عليه وآله والأئمة
عليهم السلام على المجتمع وأموره وجميع ما يرتبط به. قال تعالى:﴿النَّبِيُّ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾(الأحزاب:6).
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ امَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(المائدة:55).
وقال
تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ امَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ
الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾(النساء:59).
وهذه الآيات تتحدث عن الولاية الثابتة لأولي الأمر بمعنى أن بيدهم إدارة
المجتمع الإسلامي وإجراء أحكام الإسلام وضمان مصالح الناس المادية والمعنوية.
تنقسم الولاية إلى تكوينية وتشريعية. فأمّا التكوينية فانها تعني التصرف في
الموجودات والشؤون التكوينية. وواضح أن هذه هي ولاية الله. فهو سبحانه الذي يهيمن
بارادته وقدرته على كل الموجودات. وإن أمر التكوين وتغيّر وبقاء كافة المخلوقات
بيد الله سبحانه، وهذه هي ولاية الله التكوينية. وقد أعطى الله تعالى درجة من هذه
الولاية لبعض عباده. ومعجزات وكرامات الأنبياء (ع) هي من آثار هذه الولاية التكوينية.
وهذا غير ما يقال عن ولاية الفقيه، فهي ليست تكوينية.
وأما الولاية التشريعية فتعني أن يكون التشريع والأمر والنهي وإصدار
الأوامر بيد أحدٍ ما. فلو قلنا إن لله ربوبية تشريعية فمعنى هذا أنه تعالى هو الذي
يصدر الأمر بفعل هذا واجتناب ذلك، وهكذا. وكذا الرسول والإمام لهما الحق بأن يأمرا
أو ينهيا الناس باذن الله. وهذا هو الحال في الفقيه. فلو قلنا بأن للفقيه ولاية،
فإننا نقصد ولايته التشريعية، أي أن له الحق شرعاً بأمر ونهي الناس.
إنه لا يوجد في تاريخ التشيع فقيه يقول بأن الفقيه ليست له أية ولاية. والذي
اختلف فيه الفقهاء هو مراتب ودرجات هذه الولاية. فالإمام الخميني (رض) كان يرى بأن
الوليّ الفقيه له ما للوليّ المعصوم، اللهم إلا ما يستثني من ذلك. وقد قال الإمام (رض):” إن الأصل هو أن الفقيه الجامع لشرائط الحاكمية ــ في عصر الغيبة ــ له ما للمعصوم
من إمكانات واسعة، إلا أن يكون ثمة دليل خاص على اختصاص الوليّ المعصوم بأمرٍ ما” ومن
ذلك الجهاد الابتدائي الذي هو من اختصاصات الوليّ المعصوم كما هو المشهور بين
الفقهاء.
ومثل هذه الولاية يُعبّر عنها بــ “الولاية المطلقة” في باب إمكانات الوليّ
الفقيه. فليست الولاية المطلقة هي أن الفقيه يجوز له أن يفعل ما يشاء، حتى يتسنى
للبعض ــ بغية المساس بهذه النظرية ــ أن يقولوا: إن بإمكان الفقيه أن يُنكر
التوحيد أو يُنكر أو يوقف أي اصل من أصول وضروريات الدين طبقاً لــ “الولاية
المطلقة”!
إن تشريع ولاية الفقيه جاء من أجل الحفاظ على الإسلام.