الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام |
((الهوية والسيرة)) |
الولادة: ولد يوم الاثنين في السابع عشر من شهر
الشهادة: استشهد في شهر شوال سنة 148ه بالعنب المسموم الذي أطعمه به المنصور ولم يعين اليوم، وقيل الخامس والعشرين منه، وهو ابن خمسة وستين سنة، مقامه مع جده اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه تسع عشرة سنة. مدة الإمامة: أربعاً وثلاثين سنة. ألقابه: الفاضل، الطاهر، الصادق. كنيته: أبو عبد اللَّه وأبو إسماعيل. نقش خاتمه: (اللَّه خالق كل شيء)، (رب يسر لي أنت ثقتي، فقني شر خلقك)، (اللَّه ولي وهو عصمتي من خلقه)، (ما شاء اللَّه لا قوة إلا باللَّه استغفر اللَّه) مدفنه: المدينة المنورة البقيع. |
الثلاثاء، 11 أغسطس 2015
الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ((الهوية والسيرة))
بواسطة:أدمن
4:29 م
سيرة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
بواسطة:أدمن
4:25 م
سيرة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام | ((الهوية والسيرة)) |
تمهيد
يعتبر عهد الإمامين الباقر والصادق عليه السلام عهد الانفراج الفكري لمدرسة أهل البيتعليهم السلام طبعاً قياساً للعهود السابقة التي مرت بها الأمة الإسلامية وأسباب هذا الانفراج كثيرة أهمها ضعف وانهيار الحكم الأموي سنة 132هـ. وبداية ضعيفة لدولة بني العباس. ومن الطبيعي أن ينشغل الحكام عن رموز أهل البيت عليهم السلام . لذلك كان الإمام عليه السلام بعيداً عن المواجهة السياسية العلنية. ولذا سمُي هذا العصر بعصر انتشار علوم ال محمد صلى الله عليه وآله . "وكان فضلاء الشيعة ورواتهم في تلك السنيين امنين على أنفسهم مطمئنيين متجاهرين بولاء أهل البيت عليهم السلام معروفين بذلك بين الناس، ولم يكن للأئمة عليهم السلام مزاحم لنشر الأحكام، فكان يحضر شيعتهم مجالسهم العامة والخاصة للاستفادة من علومهم"1. وفي عصر الإمام بدء عصر ترجمة الكتب إلى العربية من الديانات والفلسفات المختلفة كاليونانية، والهندية، والفارسية، والعبرية، و...، ونشأ العديد من التيارات والمذاهب، وقد تصدى عليه السلام لذلك كله. قال بعض المحققين:"أما مناقبه وصفاته فتكاد تفوق عدد الحاصر ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر، حتى إن من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تدرك عللها والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة بحكمها تضاف إليه وتروى عنه"2. قال كمال الدين محمد بن طلحة: "هو أي الإمام الصادق عليه السلام من عظماء أهل البيت عليهم السلام وساداتهم عليهم السلام ذو علوم جمة وعبادة موفورة وأوراده متواصلة وزهادة بينة وتلاوة كثيرة يتتبع معاني القران الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجائبه ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه رؤيته تذكر بالاخرة واستماع كلامه يزهد في الدنيا والاقتداء بهداه يورث الجنة نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة وطهارة أفعاله تصدع بأنه من ذرية الرسالة نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريح ومالك بن أسد والثوري وابن عيينة وأبي حنيفة وأيوب وغيرهم وعدوا أخذهم منه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها"3. إذن قد شهد القاصي والداني والمؤالف والمخالف أن الإمام صاحب المقام العلمي الرفيع الذي لا ينازعه أحد. حتى توافدت كلمات الثناء والاكبار والاعجاب عليه من قبل الحكام، وأئمة المذاهب، والمؤرخين وأصحاب السير...، وقد أجمع العلماء مثل: المفيد، والطبرسي، والفتال النيسابوري، والشهيد الثاني، وابن شهر اشوب، وغيرهم أنه نقل عن الإمام من الروايات ما لم ينقل عن أحد غيره. الحالة السياسية وثورة زيد زيد بن علي عليه السلام أحد الثوار الكبار في عصره وهو عم الإمام الصادق عليه السلام ، وحينما صمّم على الثورة جاء إليه جابر بن يزيد الجعفي يسأله عن سبب تصميمه على الثورة ويخبره بأنه لو خرج يُقتل. فقال زيد لجابر:"يا جابر لم يسعنِ أن أسكت وقد خولف كتاب اللَّه وتحوكم بالجبت والطاغوت، وذلك أني شاهدت هشاماً ورجل عنده يسب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقلت للسابّ: ويلك يا كافر أما أني لو تمكنّت منك لاختطفت روحك وعجّلتك إلى النار. فقال: لي هشام، مَه جليسنا يا زيد. قال زيد لجابر: فواللَّه لو لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه وجاهدته حتى أفنى"4. ومن هنا فجر زيد ثورته المباركة وبعد شهادته أمر هشام بصلب جثمانه الطاهر على باب دمشق ثم أرسل جثمانه إلى المدينة فنصب عند قبر النبي صلى الله عليه وآله في سنة 121ه. أما موقف الإمام عليه السلام من عمه زيد فكان الإمام عليه السلام في مواقف عديدة يتبنى الدفاع عن عمه ويترحم عليه ويوضح منطلقاته وأهدافه ويرسخّ في النفوس مفهوماً إسلامياً عن ثورته حيث يعتبر هذه الثورة جزء من حركته المباركة. عن الفضيل بن يسار حيث يقول: ذهبت إلى المدينة بعد قتل زيد لألتقي بالإمام الصادق عليه السلام وأخبره بنتائج الثورة، وبعد أن التقيته وسمع منيّ ما دار في المعركة قال عليه السلام : يا فضيل شهدت مع عمي قتال أهل الشام؟ قلت: نعم. قال عليه السلام : كم قتلت منهم؟ قلت: ستة. وقال عليه السلام : فلعلّك شاكٌ في دمائهم؟ قال: فقلت: لو كنت شاكاً ما قتلتهم. ثم قال: سمعته وهو يقول:"أشركني اللَّه في تلك الدماء. مضى واللَّه زيد عمي وأصحابه شهداء، مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه"5. كيفية مواجهة الإمام عليه السلام للتيارات المنحرفة إن من أبرز المشاكل التي واجهت أهل البيت عليهم السلام ظاهرة الغلو التي تشكلت كتيارات ومذاهب بشكل قوي في زمن الإمام الصادق عليه السلام وإن كانت طلائعها ظهرت قبل ذلك بكثير في زمن أمير المؤمنين عليه السلام ، فما المقصود من الغلو؟ معنى الغلو: الغلو في اللغة هو تجاوز الحد، وكان يطلق كاصطلاح على الاشخاص الذين تجاوزوا الحد في الأئمة عليهم السلام فرفعوهم عن البشرية ونسبوهم للألوهية. ظهور الغلو: كما قلنا فإن ظاهرة الغلو بدأت في زمن أمير المؤمنين عليه السلام ، وهناك عدة أحداث تاريخية تنقل في ذلك، من هذه الأحداث:"مر علي عليه السلام بقوم يأكلون في شهر رمضان نهاراً، فقال لهم: أسفر أم مرضى؟ قالوا: لا ولا واحدة. فقال: فمن أهل الكتاب أنتم تعصمكم الذمة والجزية؟ قالوا: لا. قال: فما بال الأكل في شهر رمضان؟ فقاموا إليه وقالوا: أنت أنت(يومئون إلى الربوبية). فنزلعليهم السلام عن فرسه فألصق خده في الأرض، وقال: ويلكم إنما أنا عبد الله وأخو رسوله فاتقوا الله وارجعوا إلى الإسلام، فأبوا، فدعاهم إلى الإسلام مراراً فأقاموا على كفرهم، فنهض إليهم وقال: شدوهم وثاقاً وعليّ بالفعلة والنار والحطب، ثم أمر بحفر بئرين فحفرتا، إحداهم سرباً والأخرى مكشوفة وألقى الحطب في المكشوفة وفتح بينهما فتحاً وألقى النار في الحب فدخن عليهم وجعل يهتف بهم ويناشدهم ليرجعوا إلى الإسلام فأبوا، فأمر بالحطب والنار فألقي عليهم فأحرقوا". ولكن الغلو لم يتوقف وينتهي بل ظل يظهر بين مناسبة وأخرى، حتى صار فرقاً عديدةً في زمن الإمام الصادق عليه السلام . أهداف المغالين واساليبهم هناك رواية للإمام الصادق عليه السلام يبين فيها أهداف المغالين وأساليبهم، يقول عليه السلام :"إن الناس قد أولعوا بالكذب علينا وإني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير وجهه، وذلك أنهم كانوا لا يطلبون بأحاديثنا ما عند الله وإنما يطلبون الدنيا، وكلٌ يحب أن يكون رئيساً". ففي هذه الرواية يذكر الإمام الصادق عليه السلام الأهداف الحقيقية لرؤساء المغالين:"إنما يطلبون الدنيا وكلٌ يحب أن يكون رئيساً".فكانوا يطلقون العنان لغلوهم لاستقطاب سفهاء الناس وبسطائهم ليترأسوا عليهم ويحصلوا على جاه وأتباع. وأما وسائلهم فقد: أولاً:"أولعوا بالكذب علينا". أي أنهم كان يؤلفون الروايات التي تتضمن الغلو وينسبونها للإمام كذباً وزوراً ومن هؤلاء المغيرة بن سعيد يقول الإمام الصادق عليه السلام :"إن المغيرة بن سعيد دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها". وثانياً:"إني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير وجهه". أي أنهم يأخذون الحديث الذي قاله الإمام ولكنهم يزورون معنى الحديث ومقصود الإمام عليه السلام ، وهناك العديد من النماذج كالرواية التي يسأل فيها أحدهم الإمام عليه السلام : يا ابن رسول الله، قد بلغنا عنك أنك قلت: إذا عرفتم فاعملوا ما شئتم. فقال عليه السلام :"إني قلت فاعملوا من الطاعات ما شئتم فإنه يقبل منكم". كيف واجههم الإمام الصادق عليه السلام لقد واجه الإمام عليه السلام حركة الغلو بكل قوة وبكل الوسائل المتاحة، ومن الطرق التي اتبعها: 1 - البراءة منهم: كان الإمام يتبرأ في كل مناسبة من المغالين ومن رؤسائهم ويذكر بالإسم ويؤكد على لعنهم والبراءة منهم، راداً بذلك كل ادعاءاتهم الكاذبة التي يصورون بها ارتباطهم بالإمام عليه السلام ، ومن ذلك قوله عليه السلام في حقهم عندما سأله سدير الصيرفي عنهم:"يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء، برء الله منهم ورسوله، ما هؤلاء على ديني ودين ابائي، والله لا يجمعني وإياهم يوم إلا وهو عليهم ساخط". وهكذا كان موقفه عليه السلام من بشار الشعيري الذي أظهر الغلو في علي عليه السلام وكان يسكن الكوفة، حيث قال الإمام الصادق عليه السلام لمرازم بن حكيم:"يا مرازم إن اليهود قالوا ووحدوا الله وإن النصارى قالوا ووحدوا الله وإن بشاراً قال قولا عظيما فإذا قدمت الكوفة فأته وقل له يقول لك جعفر بن محمد: يا فاسق يا كافر يا مشرك، أنا بريء منك". 2- خطورتهم وضرورة عزلهم: عن الإمام الصادق عليه السلام:"والله ما الناصب لنا حرباً بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره وبما لم نقله في أنفسنا". وهناك العديد من الروايات التي يظهر فيها الإمام عليه السلام مقدار الأذى الذي تعرض له من أهل الغلو ونسبته للإلوهية! وأكد الإمام عليه السلام على الشيعة ضرورة عزل المغالين، فعن المفضل بن يزيد يقول: قال لي أبو عبد الله الصادق عليه السلام وقد ذكر أصحاب أبي الخطاب والغلاة:"يا مفضل لا تقاعدوهم ولا تواكلوهم ولا تصافحوهم ولا توارثوهم" وعنه عليه السلام :"احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم فإن الغلاة شر خلق الله، يصغّرون عظمة الله ويدّعون الربوبية لعباد الله، والله إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا". 3 - وضع الموازين الشرعية التي تمنع من الغلو: لقد وضع الإمام الصادق عليه السلام الموازين التي من خلالها يمكن للمؤمن أن يميز الأفكار الصحيحة عن غيرها، يقول عليه السلام :"اللهم إني أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا". فعلينا أن لا نتجاوز الأئمة عليهم السلام وننسب لهم ما لم يقولوه في أنفسهم، ثم يجب تمييز الروايات الصحيحة من الموضوعة والتفسير الصحيح من الزائف، يقول عليه السلام :"ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل".فيجب عرض الاحاديث على القران الكريم، فكل ما خالف كتاب الله فهو باطل. الخلاصة 1 - في عهد الإمام الصادق عليه السلام انهار الحكم الأموي سنة 231 ه وانتقل إلى بني العباس، وقد استفاد الإمام عليه السلام من هذه الظروف لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة. 2 - قام زيد بن علي بثورته التي استشهد على أثرها، وكان الإمام عليه السلام مؤيداً لزيد و ثورته. 3 - ظهر الغلو كتيار بارز له أتباعه، وكان هدف زعمائهم طلب الدنيا والرئاسة، وكانوا يكذبون على لسان الأئمة عليهم السلام فيضعون أحاديث غير صحيحة أو يحرفون الروايات عن معناها الصحيح. 4 - واجه الإمام عليه السلام المغالين بالبراءة منهم وإظهار خطورتهم وضرورة عزلهم عن المؤمنين ووضع الموازين الشرعية التي تمنع من الوقوع في الغلو.
*محطات من
سيرة اهل البيت, سلسلة الدروس الثقافية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- الطهراني،
اقابورك، الذريعة، ج2، ص132.
2- الأربلي، أبو الفتح، كشف الغمة، ج2، ص368. 3- م.ن، ص368. 4- القرشي، باقر شريف، حياة الإمام محمد الباقر، ج1، ص72. 5- أمالي الصدوق، ج13، ص275. |
الإمام الصادق عليه السلام والدروس الثمانية
بواسطة:أدمن
2:52 م
الإمام الصادق عليه السلام والدروس الثمانية |
((شهادة الإمام الصادق(ع))) |
بسم الله الرحمن الرحيم
من دروس الإمام جعفر
الصادق عليه السلام ثمانية تعلّمها منه أحد مواليه الذي سأله الإمام عليه السلام:
أيّ شيء تعلمتَ منّي ؟ قال له: يا مولاي،
ثماني مسائل، فقال له عليه السلام: قصَّها
عليَّ لأعرفها، قال:
الأولى: رأيتُ كلَّ محبوب يفارق عند الموت حبيبه، فصرفت همّتي إلى ما لا
يفارقني، بل يؤنسني في وحدتي، وهو فعل الخير.
* تطبيق من حياة الإمام الصادق عليه السلام: مات أحد أولاده الصغار، وهو يمشي بين يديه، فلمّا أخرجه للدفن قال عليه السلام: "سبحان من يقتل أولادنا، ولا نزداد له إلا حبّاً"، فلمّا دفنه قال عليه السلام: "يا بنيّ، وسّع الله ضريحك، وجمع بينك وبين نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم، إنّا قوم نسأل الله ما نحبّ فيمن نحبّ فيعطينا، فإذا أحبّ ما نكره فيمن نحبّ رضينا"1. فقال عليه السلام: أحسنت والله، الثانية. قال: رأيت قوماً يفخرون بالحسب، وآخرين بالمال والولد، وإذا ذلك لا فخر، ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾2، فاجتهدت أن أكون عنده كريماً. * تطبيق من أحاديث الإمام الصادق عليه السلام: عنه عليه السلام: " ثلاث هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه مما في أيدي الناس، وولايته الإمام من آل محمد ( صلى الله عليه وآله )"3. قال عليه السلام: أحسنت والله، الثالثة. قال: رأيت لهو الناس وطربهم، وسمعت قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾4، فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتى استقرَّت على طاعة الله تعالى. * تطبيق من حياة الإمام عليه السلام: " عن مالك بن أنس: كنت آتي جعفر بن محمد عليه السلام، فكان كثير التبسّم، فإذا ذُكر عنده النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تغيّر لونه، و قد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على إحدى ثلاث خصال: إما مصليَّاً، وإمَّا صائماً، وإمَّا يقرأ القرآن"5. قال عليه السلام: أحسنت والله، الرابعة. قال: رأيت كل من وجد شيئاً يكرم عنده اجتهد في حفظه، وسمعت قوله سبحانه يقول: ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾6، فأحببت المضاعفة، ولم أرَ أحفظ مما يكون عنده، فكلَّما وجدت شيئاً يكرم عندي وجهت به إليه؛ ليكون لي ذخراً إلى وقت حاجتي إليه. * تطبيق من حياة الإمام عليه السلام: عن عبد الأعلى قال: "أكلت مع أبي عبد الله عليه السلام فدعا وأتى بدجاجة وبخبيص7، ثم قال: يا جارية، ائتينا بطعامنا المعروف، فجاءت بثريد خل وزيت"8. قال: أحسنت والله، الخامسة. قال: رأيت حسد الناس بعضهم للبعض في الرزق، وسمعت قوله تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾9، فما حسدت أحداً، ولا أسفت على ما فاتني. * تطبيق من أحاديث الإمام عليه السلام: عنه عليه السلام "... إيّاكم أن يحسد بعضكم بعضاً، فإن الكفر أصله الحسد"10. قال: أحسنت والله، السادسة. قال: رأيت عداوة بعضهم لبعض في دار الدنيا والحزازات التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾11 فاشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره. * تطبيق من حياة الإمام عليه السلام: " كان الإمام الصادق عليه السلام يُرسل إلى من يعاديه الصدقات والصلاة من دون أن يعرِّفه بأنّه المرسل، وهو ذلك نقل لنا أحد أصحابه أنّ الإمام أرسل معه إلى أحدهم مالاً، فقال: من أين هذا جزاه الله خيراً؟ فما يزال كلّ حين يبعث بها، فيكون مما نعيش فيه إلى قابل، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله"12. قال: أحسنت والله، السابعة. قال: رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾13 فعلمت أنّ وعده وقوله صدق، فسكنت إلى وعده ورضيت بقوله، واشتغلت بما له عليّ عمّا لي عنده. * تطبيق من حياة الإمام عليه السلام: ورد عنه عليه السلام: " كان بيني وبين رجل قسمة أرض، وكان الرجل صاحب نجوم، وكان يتوخّى ساعة السعود، فيخرج فيها، وأخرج أنا في ساعة النحوس، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين، فضرب الرجل يده اليمنى على اليسرى، ثم قال: ما رأيت كاليوم قط. قلت:...وما ذاك ؟ قال: إنّي صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس، وخرجت أنا في ساعة السعود، ثم قسمنا، فخرج لك خير القسمين، فقلت: ألا أحدّثك بحديث حدّثني به أبي. قال عليه السلام: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): من سرّه أن يدفع الله عنه نحس يومه فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها عنه نحس يومه، ومن أحبَّ أن يُذهب الله عنه نحس ليلته، فليفتتح ليلته بصدقة يدفع الله عنه نحس ليلته. فقلت: وإنّي افتتحت خروجي بصدقة، فهذا خير لك من علم النجوم"14. قال: أحسنت والله، الثامنة. قال: رأيت قوماً يتّكلون على صحة أبدانهم، وقوماً على كثرة أموالهم، وقوماً على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾15، فاتّكلت على الله، وزال اتكالي على غيره. * تطبيق من أحاديث الإمام عليه السلام: عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول: وهو رافع يده إلى السماء: " ربِّ، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً، لا أقلّ من ذلك ولا أكثر " قال: فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته".16 خلاصة الدروس الثمانية 1- إنّ الحبّ الحقيقيّ يجب أن يكون لله. وهو يتجلّى بفعل الخير. 2- إنّ الفخر الحقيقيّ بتقوى الله التي تحقّق الكرامة عند الله عزّ وجل. 3- إنّ الخوف الحقيقيّ من الله يجب أن يقارنه نهي النفس عن الهوى. 4- إن الحفظ الحقيقيّ للنفائس والأشياء الثمينة هو بالتوجه بها إلى الله تعالى. 5- إن الاعتقاد الحقيقيّ بأن الله مقسّم الأرزاق يطرد الحسد من المُعتقد. 6- إن العدوّ الحقيقيّ الذي يجب الاشتغال بعداوته عن غيره هو الشيطان. 7- إن الرزق الحقيقيّ ينحصر بيد الله دون أيدي الناس. 8- إن المعتمَد الحقيقيّ الكافي للإنسان في جميع شؤونه ينحصر بالله تعالى.
1- البروجردي، جامع أحاديث
الشيعة، ج3، ص 526.
2- سورة الحجرات، الآية 13. 3- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج8، ص 234. 4- سورة النازعات، الآية 40. 5- المرعشي، شرح إحقاق الحق، ج28، ص 517 6- سورة الحديد، الآية 11. 7- هو طعام من تمر وسمن. 8- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج47، ص23. 9- سورة الزخرف، الآية 32. 10- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج8، ص 8. 11- سورة فاطر، الآية 6. 12- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج47، ص 54. 13- سورة الذاريات، الآيات 56-58. 14- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج4، ص 6 15- سورة الطلاق، الآيتان 2-3. 16- المصدر السابق، ج2، ص 581 |
صدر حديثاً - ومتوفر الآن للتحميل
بواسطة:أدمن
2:43 م
صدر حديثاً - ومتوفر الآن للتحميل
المجلد الخامس من كتاب دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر لسماحة الشيخ حيدر حب الله
يعالج هذا الكتاب قضايا فقهيّة متعدّدة :
١-المدخل إلى الفقه القرآني ، الأصول والمعالم الأولية.
٢-المدخل إلى فلسفة الفقه ، دراسة في الهوية والمساحة والجدوائية.
٣-الإعلام الفكري ، قراءة في الموقف الفقهي من (كتب الضلال).
٤-ولد الزنا في الفقه الإسلامي ، قراءة وتقويم.
٥-المصافحة ، قراءة في الموقف الفقهي.
٦-الضرائب أو الفرائض المالية بين العبادية وغيرها.
يمكنكم تحميل هذا المجلد بالضغط على الرابط :
http://goo.gl/xCxmC9
والمجلدات السابقة تجدونها في الرابط التالي:
http://goo.gl/xwPVLZ
_________________
المجلد الخامس من كتاب دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر لسماحة الشيخ حيدر حب الله
يعالج هذا الكتاب قضايا فقهيّة متعدّدة :
١-المدخل إلى الفقه القرآني ، الأصول والمعالم الأولية.
٢-المدخل إلى فلسفة الفقه ، دراسة في الهوية والمساحة والجدوائية.
٣-الإعلام الفكري ، قراءة في الموقف الفقهي من (كتب الضلال).
٤-ولد الزنا في الفقه الإسلامي ، قراءة وتقويم.
٥-المصافحة ، قراءة في الموقف الفقهي.
٦-الضرائب أو الفرائض المالية بين العبادية وغيرها.
يمكنكم تحميل هذا المجلد بالضغط على الرابط :
http://goo.gl/xCxmC9
والمجلدات السابقة تجدونها في الرابط التالي:
http://goo.gl/xwPVLZ
_________________
مصدر مطلع في مكتب السيد السيستاني: لا يوجد ممثل لنا في لجنة وضع حزمة الاصلاحات
بواسطة:أدمن
9:05 ص
مصدر مطلع في مكتب السيد السيستاني: لا يوجد ممثل لنا في لجنة وضع حزمة الاصلاحات
علّق مصدر مطلع في مكتب السيد السيستاني في النجف الاشرف على ما اورده بعض الصحف المحلية اليوم على لسان الوزير السابق جاسم محمد جعفر من (ان هناك اتصالات جرت بين رئيس مجلس الوزراء ومكتب المرجعية الدينية في النجف صباح الجمعة الماضية وقد تم الاتفاق خلالها على تشكيل لجنة مصغرة تضم خبراء من مكتب العبادي وممثل عن المرجعية لوضع حزمة من الاصلاحات).فقد نفى المصدر نفياً قاطعاً ان يكون لمكتب السيد السيستاني علم بأي لجنة لوضع حزمة الاصلاحات الحكومية فضلاً عن ان يكون له ممثل فيها،
وأكد المصدر لوكالة نون الخبرية أن موقف المرجعية الدينية العليا هو ما ورد في خطبة الجمعة على لسان ممثلها السيد احمد الصافي من ضرورة الاسراع بخطوات جادة لمكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، وأما وضع تفاصيل الاجراءات اللازمة بهذا الصدد فهو من مهام السيد رئيس مجلس الوزراء وسائر المسؤولين في الدولة.
آثار الجهاد في سبيل الله
بواسطة:أدمن
9:00 ص
|
|
آثار الجهاد:
الجهاد في سبيل الله له آثارٌ بالغةُ الأهمية على النفس والمجتمع تحتّم علينا الوقوف عندها والتفكّر فيها. إنّ الحق تبارك وتعالى لم يشرّع شيئاً إلا لمصلحة البشر وسعادتهم، فكيف إذا كان هذا التكليف هو الجهاد والتضحية في سبيله بأغلى ما يملكه هذا الإنسان وهي حياته ووجوده في هذا العالم؟! وهو الذي أمر عباده صراحة: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلَا يحُرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقّ﴾1. وطلب من أولئك الذين يريدون الحياة الآخرة أن يسعوا في شرائها: ﴿فَلْيُقَاتِلْ في سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشرْونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا بالآخرة﴾2. هي إذاً مسألة بيعٍ وشراءٍ في أسمى تجارةٍ مع الله تعالى، فما عساها أن تكون الفوائد والآثار المترتّبة على هذه التجارة؟! يمكن تقسيم هذه الآثار والنتائج الناتجة عن الجهاد إلى آثار ونتائج دنيوية وأخروية: وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: "بقية السيف أبقى عدداً وأكثر ولداً"3، وفيه إشارة واضحة إلى أنّ بقية السيف، وهم الذين يبقون بعد الذين قتلوا في حفظ شرفهم والدفاع عن الدين والمقدّسات وفضَّلوا الموت على الذلّ، فيكون الباقون شرفاء وعددهم أبقى، وولدهم أكثر، بخلاف الأذلاء، فإن مصيرهم إلى المحو والفناء. وأبرز مثال على ذلك علي بن الحسين عليه السلام بقيّة السّيف من أبناء الحسين عليه السلام، والذي به حفظ نسل أبي الشهداء عليه السلام. فلم يتمكّن لا السّيف ولا القتل أن يقضي على هذه السّلالة الطّاهرة، ومن يسير على نهجها، بل كلّما استشهدت في هذه القافلة كوكبة من الشهداء كانت بقيّة السيف تجد طريقها سريعاً نحو النموّ والتّكاثر، وهذه سنة مستمرّة لا تختصّ بزمان دون آخر، ونعيشها اليوم في لبنان بشكل واضح في جهادنا ضدّ العدوّ الإسرائيليّ، حين النمو وازدياد القوة دائمين وفي تطوّر وتصاعد مستمرّ بتوفيق الله وفضله. الآثار الدنيويَّة للجهاد: 1- العزّة والرفعة: ترتبط حياة المجتمع بحياة أفراده. فالمجتمع الذي يتواجد فيه أشخاصٌ مجاهدون بفعاليةٍ، يبقى في حالةٍ دائمةٍ من النشاطِ والتقدُّم السَّريع، ويحافظ على دوامه واستمراريّته، ولكنّ المجتمع الذي يحوي أفراداً ضعافاً وخاملين وبلا تأثير، هو مجتمعٌ ميّتٌ وفاشل. ومن هنا، يُعدُّ حفظ المجتمع عزيزاً ومنيعاً من أفضل آثار الجهاد بنظر الإسلام العزيز، حيث يكونُ الجميع فيه مستعدين للدفاع عن الدين الإلهي وعن المظلومين وعن مشروع العدالة، وإلحاق الهزيمة بالعدوّ في الفرصة المناسبة؛ لإبطال كيده وإضعافه أو القضاء عليه. إن فضل الجهاد كبيرٌ من هذه الجهة، وطالما يحافظ المجتمع على روحيته هذه فلن يبتلى بالذل أبداً، ويبقى دائراً بين إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وقد بيّن القرآن الكريم المنشأ لصيانة المجتمعات الإيمانية في أمره لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالجهاد، قال تعالى: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً﴾4. إنّ تاريخ صدر الإسلام هو خير شاهد على هذا المدّعى. فإلى الزَّمن الذي تمسّك فيه المسلمون بالجهاد، وحافظوا على كون زمام المبادرة بالهجوم في أيديهم ضمن الشرائط العامَّة، كانوا يعيشون مكلّلين بالنصر والعزّة. وإن تاريخنا المعاصر الذي تخطّه المقاومة الإسلامية في لبنان لهو شاهد قويّ على هذه العزّة والرفعة أيضاً. فبعد سنوات طويلة ومديدة من الاستضعاف انقلبت المعادلة وصارت قوّة هذه الثلّة المستضعفة في الأرض بحجم أمّة كبيرة مترامية الأطراف، بفضل الجهاد والتضحية والإيثار في سبيل الدين ونصرة المستضعفين. كما أنَّ العزّة والرفعة اللذين يحدثان من أثر الجهاد يمتدُّ أثرهما أحياناً إلى الأجيال اللاحقة، ولا يقتصران على الجيل الحاضر. وعلى هذا الصعيد، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "أُغزوا تُورِّثوا أبناءكم مجداً"5. 2- تقوية روح المبادرة والعزيمة: إنَّ حصول الحرب وما ينتج عنها من مشكلاتٍ يدفع الناسَ إلى التحرّك، فتصير سبباً لاهتمام الجميع بالسُّبل الآيلة إلى صدِّ العدوّ. إن الحرب تمنعُ أكثر أفراد المجتمع من الخوض في الأمور الجزئية وغير المفيدة، تبدّل روحيّة حبِّ الاسترخاء والرفاه إلى روحيّة السعي والجدّ وارتفاع المعنويات القتالية. ومن المعلوم أنَّ الجهود والقدرات العسكرية تعدُّ أيضاً من أفضل الآثار التي تنشأ على أثر تحرّك قوى العدوّ. وفي سياق بيانه أنّ الحرب تخرج الناس من حالة الخمود وتجبرهم على التحرّك، يقول الإمام الخميني قدس سره: "تعدّ الحرب أمراً جيداً من بعض النواحي، وذلك أنّها تُبرِز الشجاعة الموجودة في داخل الإنسان، وتؤدّي إلى تحريكه وإخراجه من حالة الخمود... فإنّ قوى الإنسان تتّجه دائماً نحو الخمود، وأولئك الذين يعتادون على الرخاء والرفاهية خصوصاً، سيكون حالهم أسوأ، ولكن عندما تقع حرب ما وتتجلّى خلالها الملاحم، ولا يبقى إلاّ صوت المدافع، فكلُّ ذلك يُخرج الإنسان من حالة الخمود والضعف، فتظهر حقيقة الإنسان وتبرز فعاليته وطاقاته إلى العلن"6. 3- تقوية روح الاكتفاء الذاتي: إنّ الحربَ تؤدِّي إلى إيجاد صعوبات جمّة، وإلى وقوع المجاهدين تحت وطأة الحصار. وهذه الضغوط نفسُها تدفع بالشعب إلى قطع يد الاعتماد على الأجانب، والاعتماد على النفس في المقابل. فعامل الاعتماد على النفس والسعي لأجل رفع الاحتياجات عن طريقه، يؤدّي إلى نموّ الأدمغة ونضجها، ولهذا السبب قال إمام الأمة قدس سره: "لقد كانت هذه الحرب وهذا الحصار الاقتصادي وإخراج الخبراء الأجانب هدية إلهية كنّا غافلين عنها. واليوم، مع توجّه الحكومة والجيش لحظر بضائع ناهبي العالم، وللسير في طريق الابتكار بكلّ جدٍّ ونشاط، فإنّ الأمل معقود على حصول البلد على الاكتفاء الذاتي، والنجاة من الفقر والتبعية للأعداء. ولقد رأينا بأمّ العين كيف أنّ كثيراً من المصانع والوسائل المتطوّرة - كالطائرات وغيرها من الوسائل – والتي لم يكن يُتصوّر أن يتمكّن المتخصّصون الإيرانيون من تشغيلها، في وقت كان الجميع قد مدّوا أيديهم إلى الغرب أو الشرق من أجل أن يدير متخصّصوهم هذه المصانع والوسائل. ورأينا كيف أنّه وعلى أثر الحصار الاقتصادي والحرب المفروضة، قام شبابنا أنفسُهم بصنع قطع الغيار الضرورية وبقيمة أقلّ من المعروض، وسدّوا باب الحاجة، وأثبتوا أنّنا إن عزمنا فنحن قادرون على القيام بكل شيء"7. 4- فصل الحق عن الباطل: من الآثار الأخرى المهمّة للجهاد، هو فصل خط النفاق عن المجتمع الإسلامي ومعرفة الصديق من العدو. ففي كلِّ مجتمع يعيش المؤمنون الخُلّص جنباً إلى جنب مع ضعاف الإيمان والمنافقين من الناس، ومن الصَّعب جداً في زمن السِّلم والصُّلح تمييز هذه الفئات، إذ كثيراً ما يُظهر المنافقون وضعاف الإيمان أنفسهم بصورة المدافعين عن الحقّ أكثر من المؤمنين الحقيقيين. ولكن في الشدائد، وخاصّة في أوقات الحرب والجهاد، تُعرف معادن الرجال وتمتاز صفوف الحقّ عن الباطل، فيبقى المؤمنون الحقيقيون، الصابرون والأوفياء في الساحة حتى النهاية، في الوقت الذي يُخلي الآخرون الميدان ويفرّون. ولقد أشار القرآن المجيد إلى هذه الحقيقة بشكلٍ متكرِّرٍ، وبيَّن أنّ اللهَ أراد أن يمتاز الخُلّص عن غير الخُلّص في ساحة الحرب ضمن قاعدة الأسباب والمسبّبات ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾8. وفي آية أخرى، ولأجل توبيخ المنافقين، يخاطب تعالى نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم، قائلاً: ﴿عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾9، ومعنى الآية، أنه قد عفا الله عنك "وهو دعاء له بالعفو" لم أذنت لهم في التخلّف والقعود؟ ولو شئت لم تأذن لهم وكانوا أحقّ به، حتى يتبيّن لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين، فيتميّز عندك كذبهم ونفاقهم "لو خرجوا معك إلى الحرب"، والآية في مقام دعوى ظهور كذبهم ونفاقهم وأنهم مفتضحون بأدنى امتحان10. 5- الوحدة والتماسك: إنّ الشَّعب الذي يكون مُبتَلىً في أيام الصُّلح والهدوء بالمشاكل الداخلية، ومشغولاً بالاختلافات الجزئية، يتوحّد على أثر اشتعال الحرب وظهور العدو، ويحوّل كل طاقاته نحو المواجهة. فإنّ الحرب تقود جميع الطاقات والقوى في اتجاه واحد، وتجعلها تنضوي تحت راية واحدة، وتوجِدُ روح التعاون فيما بينها، وتصير سبباً في بروز الإيثار والتسامح وعشرات الصفات الأخلاقية السامية، والله تعالى أشار إلى هذه الحقيقة بوضوح في كتابه المكرَّمِ عندما قال: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾11. 6- النصر: يُعدّ الانتصار على العدو، في بعض الموارد، أحد أفضل آثار الجهاد، لأنّه مع عدم بذل الجهد في ساحة الحرب لا يتحقّق الانتصار، والشعب الذي قد جلس منتظراً النصر دون تحمّل العناء وتقديم الجهود، لن يقطف سوى الحسرة جرّاء ذلك ويعيش الهوان والذلّ. والقرآن المجيد، بعد تعداد الآثار المعنوية والأخروية للجهاد، يشير في سورة الصف المباركة إلى هذا الأثر الدنيوي، حيث يقول تعالى: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾12. وممّا ينبغي الإشارة إليه أنّ المجاهدين في سبيل الله منتصرون وأعزاء حتماً، سواء عن طريق الانتصار الظاهري وهزيمة العدو، أم بنيل الشهادة والوصول إلى جوار رحمة الحقّ سبحانه، حيث قد أثنى القرآن الكريم على هاتين النتيجتين: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ﴾13. الآثار الأخروية للجهاد: 1- البشرى والفوز العظيم: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ﴾14. عرّف اللّه سبحانه وتعالى نفسه في هذه الآية بأنّه مشتر، والمؤمنين بأنّهم بائعون، ولما كانت كل معاملة تتكوّن في الحقيقة من خمسة أركان أساسيّة، وهي عبارة عن: المشتري، والبائع، والمتاع، والثمن، وسند المعاملة أو وثيقتها، فقد أشار اللّه سبحانه إلى كل هذه الأركان، فجعل نفسه مشترياً، والمؤمنين بائعين، وأموالهم وأنفسهم متاعاً وبضاعة، والجنّة ثمناً لهذه المعاملة. وأما طريقة تسليم البضاعة فبواسطة القتال. والحق سبحانه وتعالى حاضر في كل مكان وبالأخصّ في ميدان الجهاد لتقبّل هذه الصفقة، سواء كانت روحاً أم مالاً يبذل، وإذا كان هذا القتال في سبيله فهو تعالى سوف يكون المشتري فيقبل هذه الأرواح والجهود والمساعي التي تبذل وتصرف في سبيله، أي سبيل إحقاق الحق والعدالة، والحريّة والخلاص لجميع البشر من قبضة الكفر والظلم والفساد. وثمن هذه المعاملة وإن كان مؤجّلاً، إلّا أنّه مضمون، لأنّ اللّه تعالى لقدرته واستغنائه عن الجميع، لا يوجد من هو أوفى بعهده منه. فلا هو ينسى، ولا يعجز عن الأداء، ولا يفعل ما يخالف الحكمة ولا يخلف وعده والعياذ باللّه، وعلى هذا فلا يبقى أي مجال للشكّ في وفائه بعهده. والأروع من كلّ شيء أنّه تعالى قد بارك للطّرف المقابل صفقته، وتمنّى له أن تكون صفقة وفيرة الربح، تماماً كما هو المتعارف بين التجار، والأكثر من ذلك وعده بالبشرى والفوز العظيم على هذه المعاملة العظيمة والصفقة الكبيرة. فهل يتصوّر الإنسان رحمة ومحبّة أعلى من هذه؟! ويقول الله عزّ وجل في آية أخرى من كتابه العزيز: ﴿الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ في سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَئكَ هُمُ الْفَائزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لهَّمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَلِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾15. الآيات الكريمة هي في مقام بيان أجر المجاهدين في سبيل الله من أجل الذود والحفاظ على دينهم السماوي المقدَّس. فالمؤمنون الذين صدّقوا بوحدانية اللّه تعالى وهاجروا عن أوطانهم التي هي ديار الكفر، وجاهدوا الكفّار في طريق مرضاة اللّه وإعلاء كلمة الحق، وبذلوا المال والنفس في سبيل الله حتى الشهادة، وتحمّلوا المشاقّ من جرّاء ذلك كلّه، هم أَعظم درجة عند اللَّه ممّن سواهم من المؤمنين الّذين لم يكن لهم نصيب من ذلك كلّه، وهم المستحقّون للفوز بثواب الله الموعود ما داموا قد استمرّوا على عقيدتهم وإيمانهم. والله تعالى يزفّ إليهم البشرى - بما صبروا واحتسبوا في جنبه - بالفوز والرحمة والرضوان. ويبشّرهم أيضاً بالجنّة خالدين فيها إلى الأبد، مع ما فيها من النّعم الدائمة التي لا حدّ لها ولا انقطاع. هذا هو أجر وثواب من يهب نفسه وماله لله ويجاهد في سبيله ويضحّي بأغلى ما يملك من أجله. 2- المغفرة والجنة: يقول الله تعالى في كتابه العزيز ﴿يَأَيهُّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمُْ عَلىَ تجِارَةٍ تُنجِيكمُ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتجُاهِدُونَ فىِ سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكمُْ وَأَنفُسِكُمْ ذَالِكمُْ خَيرْ لَّكمُْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِر لَكمُْ ذُنُوبَكمُْ ويُدْخِلْكمُْ جَنَّاتٍ تجَرِى مِن تحَتهِا الْأَنهْارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأخْرَى تحُبُّونهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾16. لقد شبّه القرآن الكريم في مواضع عديدة عمل الإنسان في الحياة الدنيا بالتجارة، و أن الناس في الحياة الدنيا تجّار يأتون إلى هذا المتجر الكبير برأس مال وهبه اللّه سبحانه وتعالى لهم، فمنهم من يربح ويسعد، ومنهم من لا يجني سوى الخيبة والخسران. والمجاهدون في سبيل اللّه هم من الصنف الأول. إنّ الهدف الأساسي لهذه الآيات المباركة هو الدعوة إلى الإيمان والجهاد في سبيل اللّه، وهما وإن عُدّا من الواجبات المفروضة، إلّا أنّ الآيات هنا لم تطرحهما بصيغة الأمر، بل قدّمتهما بعرض تجاريّ مقترن بتعابير تبيّن اللطف اللامتناهي للبارئ عزّ وجلّ. فممّا لا شكّ فيه أن النجاة من العذاب الأليم أمنية كل إنسان، وهذه النجاة موقوفة كما يقول تبارك وتعالى على أمرين أساسييّن: الإيمان، والجهاد. فالإيمان بالله وبرسوله، والجهاد بالنفس والمال هما رأس مال هذه التجارة المنجية من العذاب، فالإيمان بالرّسول لا ينفصل عن الإيمان باللّه تعالى، كما أنّ الجهاد بالنفس لا ينفصل عن الجهاد بالمال، ذلك أنّ جميع الحروب تستلزم وجود الوسائل والإمكانات المالية، وعند التدقيق في الآية المباركة نلاحظ أنّ الله تعالى قد قدّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس، لا باعتباره أكثر أهميّة، بل بلحاظ أنّه مقدّمة للجهاد بالنفس، لأنّ مستلزمات الجهاد لا تتهيّأ إلّا عند توفّر الإمكانات الماديّة. أما العوض لهذه المعاملة العظيمة والترجمة العمليّة لهذه النجاة الموعودة فهي المغفرة والجنة. إذ أنّ أوّل هدية يتحف اللّه سبحانه بها عباده الذين جاهدوا في سبيل طريق الحقّ وباعوا مهجهم في سبيل الدين العظيم، هي مغفرة جميع الذنوب، لأنّ هذه المغفرة مقدّمة للدخول في جنّة الخلد ولا معنى لدخولها مع بقاء بعض الذنوب. ثمَّ إنَّ مقابلة المال والنفس المبذولين وهما المتاع القليل، بجنّات عدن الخالدة، مما تطيب به نفسُ المؤمن وتقوى إرادته لبذل النَّفس والتضحية بها، واختيار البقاء على الفناء. ثم يبشّرهم الحق تعالى في نهاية المطاف بنعمة يحبّونها وهي النصر القريب. فيا لها من تجارة مباركة مربحة تشتمل على النجاة من العذاب، والمغفرة والجنة، والفتح القريب. ولذلك عبّر عنها البارئ سبحانه بالفوز العظيم، وزفَّ لهم بشراها. 3- هداية السبيل: قال الله تعالى ﴿والَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنهَدِيَنهَّمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾17. بالرغم من كلّ المشاكل التي تحيط بطريق المسير إلى اللّه إلّا أن هناك حقيقة ثابتة، وهي أن اللّه يمنح الهداية والقوّة والاطمئنان مقابل هذه المشاكل للذين يجاهدون فيه. والجهاد هو بذل الجهد ولا يكون إلا فيما يخالف هوى النَّفس ومقتضى الطَّبع. وله معنى واسع ومطلق فهو يشمل كلّ سعيٍ وجهدٍ في سبيل اللّه ومن أجل الوصول إلى الأهداف الإلهية. سواء كان في سبيل كسب المعرفة! أو جهاد النفس، أو مواجهة الأعداء، أو الصبر على الطاعة، أو الصبر عن المعصية، أو في إعانة الضعفاء، أو في الإقدام على أيّ عملٍ حسن وصالح! ولكن هذه الهداية مشروطة بأمر أساسيٍّ وهي أن تكون في الله فقط، بمعنى أن تكون خالصة له. والمراد بالسبل الطرق المتعدّدة التي تنتهي إلى اللّه. وعليه، فإن الجهاد في أيّ طريق كان من هذه الطرق إذا كان خالصاً لوجه الله فهو سبب للهداية إلى الطريق الذي ينتهي إلى اللّه. وهذا وعدٌ وعده اللّه لجميع المجاهدين في سبيله، وأكّده بأنواع التأكيدات، فجعل الهداية والتوفيق والانتصار والرقيّ في أمرين أساسييّن هما "الجهاد" و"خلوص النية". 4- محبّة الحق: يقول الله عزّ وجل في كتابه الكريم ﴿إِنَّ اللَّهَ يحُبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فىِ سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾18. تبيّن الآية الكريمة وتؤكّد بشكل واضح أن الذين يقاتلون في سبيل الله هم مورد محبّته. وكما نلاحظ أنّ التأكيد هنا ليس على القتال فحسب، بل على القتال الذي هو "في سبيله" تعالى وحده، أضف إلى خاصّية أخرى ينبغي أن يتمتّع بها المجاهدون لكي ينعموا بمحبة الحق، وهي ثباتهم ووقوفهم بشكل قويّ وراسخ أمام العدوّ بصورة تعكس قوة صفّهم الذي ليس فيه تصدُّع أو تخلخل. فالانسجام ووحدة الصفوف أمام الأعداء في ميدان القتال من العوامل المهمّة والمؤثّرة في تحقيق النصر. وهذا المبدأ لا يجدر بنا الالتزام به في الحروب العسكرية فحسب، بل علينا تجسيده في الحروب الثقافية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وإلّا فلن يكون النصر التامّ حليفنا. فتشبيه القرآن العدوّ بأنّه كالسيل العارم والمدمّر و الذي لا يمكن صدّه والسيطرة عليه إلّا من خلال سدّ حديديّ محكم ومنيع، والتعبير بأن على المؤمنين أن يكونوا كالبنيان المرصوص من أروع التعابير عن الوحدة والرسوخ. وممّا لا شكّ فيه أنّ لكلّ جزء في السدّ، دوراً معيّناً في مواجهة السيل، وهذا الدور مهمّ ومؤثّر على جميع الأجزاء الأخرى، وفي حالة قوّته وتماسكه وعدم وجود تشقّقات أو ثغرات فيه، سيصعب عندئذ نفوذ العدوّ منه، وهكذا هو حال المؤمنين في تراصّهم ووحدتهم إذا ما حاول العدوّ النيل منهم فإنه سيرى المواجهة القوية وسيعود خائباً. وإذا كان البارئ عزّ وجلّ يعلن حبّه للمجاهدين المتراصّين الذين يشكّلون وحدة متماسكة، فإنّه يلزم من ذلك أنّه سبحانه وفي نفس الوقت يعلن سخطه وغضبه على الجموع المسلمة إذا كانت متمزّقة ومشتّتة، ونتيجته هو ما نراه الآن متجسّداً في تسلّط مجموعة صغيرة من الصهاينة على أرضنا الإسلامية وعددنا يربو على المليار مسلم!! المفاهيم الرئيسية 1- للجهاد في سبيل الله آثار مشرقة على صعيدي الفرد والمجتمع. 2- من الآثار الدنيويَّة للجهاد: العزّة والرفعة، وتقوية روح المبادرة والعزيمة، وتقوية روح الاكتفاء الذاتي. 3- من الآثار الدنيويَّة للجهاد: فصل الحق عن الباطل، والوحدة والتماسك، فالشَّعب الذي يكون مُبتَلىً في أيام الصُّلح والهدوء بالمشاكل الداخلية، ومشغولاً بالاختلافات الجزئية، يتوحّد على أثر اشتعال الحرب وظهور العدو، ويحوّل كل طاقاته نحو المواجهة. 4- من الآثار الدنيويَّة للجهاد: النصر، إذ يُعدّ الانتصار على العدو، أحد أفضل آثار الجهاد، فالشعب الذي قد جلس منتظراً النصر دون تحمّل العناء وتقديم الجهود، لن يقطف سوى الحسرة جرّاء ذلك ويعيش الهوان والذلّ. 5- من الآثار الأخروية للجهاد: البشرى والفوز العظيم، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ... فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ﴾. 6- من الآثار الأخروية للجهاد: الفوز بالثواب، يقول الله تعالى: ﴿﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لهَّمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ﴾. 7- من الآثار الأخروية للجهاد: هداية السبيل، يقول الله تعالى: ﴿والَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنهَدِيَنهَّمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين﴾. 8- من الآثار الأخروية للجهاد: محبّة الحق، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يحُبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فيِ سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾.
* كتاب التربية الجهادية،
1- التوبة، 29.
2- النساء، 74. 3- نهج البلاغة، ج4، ص19. 4- النساء، 84. 5- وسائل الشيعة، ج15، ص15. 6- بلاغ، سخنان موضوعى إمام خميني قدس سره، ج3، ص272. 7- بلاغ، سخنان موضوعى إمام خميني قدس سره، ج3، ص454. 8- محمد، 31. 9- التوبة، 43. 10- راجع، تفسير الميزان، ج9، ص284-285. 11- آل عمران، 103. 12- الصف، 13. 13- التوبة،52. 14- التوبة،111. 15- التوبة، 20-22. 16- الصفّ، 10-13. 17- العنكبوت، 69. 18- الصفّ، 4. |
القياده في نظر الإمام الخميني
بواسطة:أدمن
8:55 ص
شروط القيادة
الشروط التي من الضروري توفرها في الحاكم نابعة مباشرة من طبيعة الحكومة
الإسلامية فإنه ـ بصرف النظر عن الشروط العامة كالعقل وحسن التدبير ـ هناك شرطان
مهمان هما:1 ـ العلم بالقانون. 2 ـ العدالة.
فعندما حصل الإختلاف بشأن من يجب أن يتصدى للخلافة بعد الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم)، لم يبرز أي خلاف نظري بين المسلمين في ضرورة كون المتصدي للخلافة فاضلاً، بل إن الإختلاف كان في موضوعين فقط:
1ـ لما كانت الحكومة الإسلامية حكومة قانون، كان لزاماً على حاكم المسلمين أن يكون عالماً بالقانون، كما ورد ذلك في الحديث. ليس فقط الحاكم، بل إن هذا العلم ضروري لكل من يشغل منصباً أو يقوم بوظيفة معينة، غاية ما في الأمر أن الحاكم يجب أن يتمتع بأفضلية علمية. لقد كان أئمتنا أيضاً يستدلون بهذا الموضوع على إمامتهم وأن الإمام يجب أن يكون أفضل من الآخرين. كما إن المؤاخذات التي أخذها علماء الشيعة على الآخرين تدخل ضمن هذا الإطار أيضاً، كأن يُقال: مادام قد سئل الخليفة عن المسألة الكذائية ولم يتمكن من الجواب عليها، فإنه غير كفؤ للخلافة والإمامة. أو: حيث أن عمله الفلاني يُعدّ مخالفاً لأحكام الإسلام، فهو ليس بلائق للإمامة.(1)
فالمسلمون يعتبرون العلم بالقانون والعدالة شرطين وركنين أساسيين، ولا ضرورة لأمور أخرى ولا دخل لها بهذا الموضوع. مثلاً العلم بكيفية الملائكة أو العلم بصفات الخالق تبارك وتعالى ليس له دخل في موضوع الإمامة. فالشخص المطلع على جميع العلوم الطبيعية والذي اكتشف كل ما في الطبيعة من قوى، أو الذي يتقن الموسيقى جيداً، لا تؤهله مثل تلك الأمور للخلافة ولا يمكن أن تكون له الأولوية في التصدي للحكم بالنسبة لأولئك العدول والعالمين بالشريعة الإسلامية جيداً.
فالأمر الذي يرتبط بالخلافة والذي كان مدار الحديث والبحث في عهد الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) وعهد أئمتنا(عليهم السلام) والمسلّم به عند المسلمين هو أن الحاكم أو الخليفة يجب أن يعلم بأحكام الإسلام، أي القانون، أولاً، وأن يكون عادلاً ومتكاملاً عقائدياً وأخلاقياً ثانياً. وهذا ما يقرّه العقل أيضاً، لأن الحكومة الإسلامية هي حكومة قانون، لا حكومة أهواء أو تحكم الأشخاص بالشعوب.
فلا يعتبر الحاكم كفؤاً لو لم تكن له دراية بالقانون. لأنه لو لجأ إلى التقليد، ضعفت حكومته، وإن لم يقلد، كان غير قادر على تطبيق القانون الإسلامي. فمقولة «الفقهاء حُكّام على السلاطين»(2) هي من البديهيات.
فلو كان الملوك مسلمين حقاً، لوجب عليهم اتباع الفقهاء والإستفسار منهم عن القوانين والأحكام وتطبيقها. وفي هذه الحالة يكون الفقهاء هم الحكام الحقيقيون. لذا لابدّ من إناطة الحكم رسمياً للفقهاء لا إلى أولئك المضطرين لاتباعهم بسبب جهلهم بالقانون.
2ـ يجب على الحاكم أن يتمتع بكمال إعتقادي وأخلاقي وعدل وطهارة من الآثام. فلابدّ لمن يريد إقامة الحدود ـ أي تنفيذ قانون الإسلام الجزائي ـ وإدارة بيت المال ونفقات البلاد وأن يفوضه الله مسؤولية عباده، أن لا يكون من أصحاب المعاصي إذ (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(3) وإن الله تبارك وتعالى لا يفوض مثل هذه الصلاحيات للجائر.
فإذا لم يكن الحاكم عادلاً، فإنه لن يمارس العدالة في أداء حقوق المسلمين وجباية الضرائب وإنفاقها على النحو الصحيح وتنفيذ القانون الجزائي، وقد يسلّط شخص كهذا أعوانه وأنصاره وذويه على رقاب الناس ويتصرف ببيت مال المسلمين بموجب أهوائه وفي سبيل خصوصياته.(4)
شرط المرجعية غير ضروري
كنت معتقداً ومصرّاً منذ البداية بأن شرط المرجعية ليس ضرورياً، بل يكفي المجتهد
العادل الذي ينال تأييد خبراء البلاد المحترمين. فعندما ينتخب الشعب الخبراء
ليعيّنوا مجتهداً عادلاً لقيادة حكومتهم، وعندما يعيّن هؤلاء الخبراء شخصاً لتسلم
زمام القيادة، فسوف ينال قبول الشعب ]قهراً[ وسيكون في هذه الحالة الولي المنتخب من
قِبَل الشعب ويكون حكمه نافذاً.(5)
المثل الأعلى للقيادة
لقد تحقق الحكم الإسلامي الأصيل في صدر الإسلام في فترتين: الأولى في عهد رسول
الله(صلّى الله عليه وآله وسلم)، والأخرى في الكوفة في عهد حكومة الإمام علي بن أبي
طالب(عليه السلام). في هاتين الفترتين حكمت القيم المعنوية؛ أي أقيمت حكومة العدل،
ولم يتخلف الحاكم فيها عن القانون قيد أنملة. كان الحكم في هاتين الفترتين حكم
القانون مما قد لا نشهد نظيراً له في أي زمانٍ آخر. كان ولي الأمر في تلك الحكومة ـ
أو ما يصطلح عليه اليوم بالملك أو رئيس الجمهورية ـ يتساوى مع أقل أفراد المجتمع
أمام القانون. كان هذا المعنى موجوداً في حكومة صدر الإسلام؛ والتاريخ ينقل لنا هذه
القضية: في زمن حكومة الإمام(عليه السلام)، التي امتد نفوذها من الحجاز حتى مصر
وإيران ومناطق كثيرة أخرى، وكان هو من يُعيّن القضاة فيها، إشتكى فرد يماني ـ وهو
من رعايا نفس الدولة ـ على الإمام فاستدعى القاضي أميرالمؤمنين (سلام الله عليه).
وعندما دخل الإمام(عليه السلام) على القاضي ـ وهو المعيّن من قبله ـ أراد القاضي أن
يبدي احترامه للإمام (سلام الله عليه) فردّ عليه الإمام بأنه هو وخصمه سواء أمام
القضاء وأن لا يحترم أحد الخصمين دون الآخر. ثم استقبل الإمام الحكم الصادر ضدّه
برحابة صدر أيضاً.هذه الحكومة يكون الجميع فيها سواسية أمام القانون، لأن قانون الإسلام هو قانون إلهي، والكل حاضرون أمام الله تبارك وتعالى، سواء الحاكم أو المحكوم أو النبي أو الإمام أو عامة الناس.(6)
القائد بين الجماهير
إن الحاكم الإسلامي ليس كبقية الحكام أو السلاطين أو رؤساء الجمهورية؛ فالحاكم
الإسلامي كان يحضر بين الناس في مسجد المدينة الصغير ويصغي إلى كلامهم. كان مسؤولو
البلاد يجتمعون في المسجد مثل سائر الناس بحيث أن الداخل عليهم لا يميّز رئيس
الدولة وأصحاب المناصب عن الرعيّة. كان لباسهم ومعاشرتهم كلباس الناس ومعاشرتهم.
كان إجراء العدالة على نحو بحيث لو ادّعى شخص من أدنى طبقات المجتمع على الرجل
الأول في الدولة عند القاضي، كان القاضي يستدعي الرجل الأول في الدولة، وكان
يحضر.(7)
ولاية الفقيه ضد الدكتاتورية
في الإسلام الحكم للقانون. حتى النبي الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) كان
تابعاً للقانون، والتابع للقانون الإلهي لم يكن ليخالفه، فقد قال الباري جل وعلا في
حقّه (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ
بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ).(8) فلو كان النبي(صلّى الله
عليه وآله وسلم) دكتاتوراً، وشخصاً يُخشى منه ممارسة الدكتاتورية من خلال ما أوتي
من سلطات، لأمكن حينئذٍ للفقيه أن يكون دكتاتوراً.(9)الفقيه لا يكون مستبداً، فالفقيه الذي يملك هكذا أوصاف يكون عادلاً، وعدالته هي غير العدالة الاجتماعية [المصطلح عليها]، بل هي عدالة بحيث أن كلمة كذب واحدة أو نظرة حرام واحدة كفيلة بأن تسقطه عن العدالة. فمثل هذا الإنسان لا يخالف القانون أبداً.(10)
صلاحيات الحكومة والقيادة
لو قام شخص كفؤ يمتلك هاتين الصفتين [شروط القيادة] وشكّل حكومة، فسوف تكون له
نفس الولاية التي كانت للرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) في أمر إدارة
المجتمع، وتجب على جميع الناس طاعته. هذا التصور ـ وهو أن صلاحيات حكومة الرسول
الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) كانت أكثر من الإمام علي(عليه السلام) وأن
صلاحيات حكومة الإمام(عليه السلام) هي أكثر من تلك التي للفقيه ـ هو تصور باطل
وفاسد. نعم، إن مما لا شك فيه أن فضائل الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم)
تفوق فضائل البشر أجمعين ويأتي من بعده الأمير(عليه السلام) بالفضيلة، إلا أن زيادة
الفضائل المعنوية للمرء لا تزيد من صلاحيات حكومته. فنفس الولاية والصلاحيات التي
كانت للرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (صلوات الله عليهم) ـ في تعبئة
الجيوش وتعيين الولاة والحكام وجباية الضرائب وإنفاقها في مصالح المسلمين ـ جعلها
الباري جل وعلا للحكومة الحالية، غاية الأمر أنه لم يعيّن شخصاً معيناً، بل جعله
تحت عنوان «العالم العادل».فعندما نقول بأن للفقيه العادل في عصر الغيبة نفس الولاية التي كانت للرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، يجب أن لا يتوهم أحد بأن للفقيه نفس منزلة الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام). لأن الكلام هنا ليس في المنزلة، بل في الوظيفة. فالولاية ـ بمعنى الحكومة وإدارة البلاد وتطبيق قوانين الشرع المقدس ـ هي مسؤولية ثقيلة ومهمة للغاية وليست مما يوجب للمرء شأناً ومنزلةً غير طبيعيتين لترفع به عن مستوى الإنسان الطبيعي. وبعبارة أخرى: إن الولاية مدار البحث هنا ـ أي الحكومة والإدارة وتنفيذ القانون ـ هي ليست امتيازاً، بخلاف ما يتصوره الكثير، بل إنها وظيفة خطيرة.
من الأمور التي تدخل ضمن ولاية الفقيه هي إقامة الحدود (أي قانون الجزاء في الإسلام). ولكن يا ترى هل يوجد فرق في إقامة الحدود بين الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) والإمام والفقيه؟ أم إن على الفقيه أن يضرب عدداً أقل من الجلدات لأن رتبته أدنى؟ وهل يصبح حد الزاني ـ الذي هو مائة جلدة ـ 150 فيما لو أقامه الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم) و 100 إن أقامه الإمام(عليه السلام) و 50 جلدة في حال أقامه الفقيه؟ أم إن الحاكم ليس سوى منفّذ، عليه تطبيق حكم الله، سواء كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلم)، أو أمير المؤمنين(عليه السلام) أو من يولّيه وينصبه قاضياً على البصرة أو الكوفة، أو فقيه العصر.
من الشؤون الأخرى للرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) والإمام علي(عليه السلام) جباية الضرائب والخمس والزكاة وأخذ الجزية وخراج الأراضي الخراجية. فما هو مقدار الزكاة التي كان الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم) يأخذها؟ أكان يأخذ من مكان بنسبة العشر، ومن آخر بنسبة واحد إلى عشرين؟ ثم ماذا كان يفعل الأمير(عليه السلام) عندما أصبح خليفة؟ وكيف أصبحت ـ حضرتك ـ فقيه عصرك ومسموع الكلمة؟ هل يوجد فرق في هذه الأمور بين ولاية الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين(عليه السلام) والفقيه؟ إن الله تبارك وتعالى هو الذي جعل الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) وليّاً على جميع المسلمين. بل ـ مادام الرسول حيّاً ـ كانت له الولاية حتى على أمير المؤمنين(عليه السلام) نفسه. ثم جاءت ولاية الإمام(عليه السلام) من بعد الرسول لتكون نافذة على جميع المسلمين حتى على الإمام من بعده، بمعنى أن أوامره الحكومية كانت ساريةً على الكل وكان بإمكانه نصب الولاة وعزلهم.
فكما كان الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلم) مكلفاً بتطبيق الأحكام وبسط النظام الإسلامي ]في جميع المجالات[، وقد جعله الله رئيساً وحاكماً على المسلمين وأوجب طاعته عليهم، فإنه يجب على الفقهاء العدول أيضاً أن يمارسوا الرئاسة والحكم وإجراء الأحكام وتحقيق النظام الإجتماعي الإسلامي.(11)
الحكومة من الأحكام الأولية ومقدمة على الأحكام الفرعية
لو كانت صلاحيات الحكومة ضمن إطار الأحكام الإلهية الفرعية لما كان أيّ معنى
لتفويض الحكومة الإلهية والولاية المطلقة إلى نبي الإسلام(صلّى الله عليه وآله
وسلم).إن الحكومة ـ التي هي شعبة من الولاية المطلقة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ـ تعد واحدة من الأحكام الأولية للإسلام، ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج. فالحاكم له الحق في تخريب المسجد أو المنزل الذي يعيق مسير شارع، وتسليم ثمن البيت لصاحبه. وللحاكم تعطيل المساجد عند الضرورة، وتخريب المسجد عندما يتحوّل الى مسجد ضرار، وليس من سبيل آخر لرفع ذلك. وللحكومة الحق في أن تلغي، من جانب واحد، العقود الشرعية التي أمضتها هي مع الناس في حال مخالفتها لمصلحة البلاد والإسلام. ويمكن للحكومة منع أي أمر ـ عبادي كان أم غير عبادي ـ ما دام هذا الأمر يتعارض والمصلحة الإسلامية. كما وللحكومة أيضاً أن تمنع فريضة الحج ـ التي هي من الفرائض الإلهية المهمة ـ منعاً مؤقتاً عندما تخالف مصلحة الدولة الإسلامية.(12)
الولاية وحق تحديد الملكية
إن الأموال في الإسلام مشروعة وخاضعة لحدود معينة وإن واحدة من الأمور المترتبة
على ولاية الفقيه ـ ومع الأسف لا يفهم مثقفونا معنى ولاية الفقيه ـ هي تحديد هذه
الأمور. فرغم أن الشارع المقدس يحترم الملكية، لكن لوليّ الأمر تحديد هذه الملكية ـ
المحدودة والمشروعة ـ ضمن حدود معينة، ومصادرتها من صاحبها بحكم الفقيه، في حال
رآها خلاف صلاح الإسلام والمسلمين.(13)
الهوامش:
1ـ بحارالأنوار/ ج25، ص116؛ نهج البلاغه/ ص588، خطبة 172؛ الإحتجاج/ ج1، ص229.2ـ مستدرك الوسائل/ ج17، ص321، «کتاب القضاء»، «أبواب صفات القاضي»، باب 11، حديث33.
3ـ سورة البقرة / 124.
4- ولايت فقيه/ ص61ـ 58.
5- صحيفه نور/ ج 21، ص 129.
6- صحيفه نور/ ج 10، ص169ـ 168.
7- صحيفه نور/ ج 3، ص84.
8- سورة الحاقة / 44 – 46.
9- صحيفه نور/ ج 10، ص 29.
10- صحيفه نور/ ج 11، ص 133.
11- ولايت فقيه/ ص 93-92.
12- صحيفه نور/ ج 20، ص 170.
13- صحيفه نور/ ج 10، ص 138.
المرأة بنظر القرآن
بواسطة:أدمن
8:49 ص
المرأة بنظر القرآن | ||
القرآن هادي الإنسان
مسألة ان المرأة تتمتع بمكانة عظيمة في القرآن، تقوم على اساس مكانة الإنسان في القرآن. لأن القرآن لم يأت فقط لهداية (الرجل)، بل جاء لهداية (الإنسان). لذا عندما يشرح هدف الرسالة، ويبين غرض نزول الوحي يقول:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ 1. ان كلمة ناس المطروحة في القرآن بعنوان (هداية الإنسان) لا تلحظ صنفاً خاصاً أو مجموعة خاصة، بل تشمل المرأة والرجل بشكل متساوٍ. في القرآن الكريم هناك تعبير(ناس) تارة وتعبير (إنسان) تارة أخرى قال تعالى: ﴿الرحمن * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾2. في الآية الأولى، كلام عن تعليم القرآن، ثم كلام عن خلق الإنسان، ثم كلام عن تعليم البيان. ومع ان النظم الطبيعي هو ان الإنسان يخلق أولاً، ثم يتعلم البيان، ثم يفهم القرآن. (الرحمن* علّم القرآن* خلق الإنسان* علمه البيان) الرحمن، هو المعلم، ورحمته واسعة. ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ 3. أي ان استاذاً عاماً يدرس. إذا قيل: إنّ مهندساً يدرس، فذلك يعني أنه يدرس هندسة، طبيب يدرس، فيعني أنه يدرس الطب، وإذا قيل أن أديباً يدرس، فيعني أن دراسته أدبية، وإذا قيل أن الرحمن يدرس، فيعني انه يدرس الرحمة التي لا نهاية لها، وإذا بيّن معنى الرحمة ومصاديقها في القرآن يتضح ما هو الدرس الذي يعطيه مدرس الرحمة للناس، وكيف أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمة للعالمين. والله هو الرحمن، وإذا لم يستعن أحد برحمة الله، فهو ليس بإنسان، وإذا لم يكن الشخص إنساناً فهو بهيمة، وإذا أصبح بهيمة، فكلامه مبهم، وإذا كان كلامه مبهماً. فقوله ليس بياناً. بناء على هذا فان هذه الدرجات الأربع هي في طول بعضها البعض، فالله معلم بعنوان ووصف الرحمانية في البداية، وعندما يتربى التلميذ في مدرسة الرحمة هذه، يصبح إنساناً، وعندما يصبح انساناً، فكلامه واضح وقوله بيان. لذا فهذه الأمور الأربعة تنظم (بعضها قبل بعض وبعضها بعد بعض). الخلاصة ان الله تعالى. حين ذكر أن القرآن (هدى للناس) و (الرحمن*علم القرآن)، وتلاميذ هم الناس، عند ذلك ليس الكلام عن الامرأة والرجل، أما التعابير مثل ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ 4 وأمثالها، التي وردت في القرآن، فالكلام هو أن كل من يتبع الوحي يأخذ عوناً، بناء على هذا فالكلام أيضاً ليس عن المرأة والرجل. كان هذا نموذجاً يقوم على أن القرآن هو (هدى للناس) وهو برنامج تدريسي للناس، وليس المراد من (الناس) صنفاً خاصاً. القرآن معلم أرواح الناس ان القرآن هو لتعليم وتزكية الروح الإنسانية، والروح من ناحية إنها موجود مجرد، فهي لا مذكر ولا مؤنث، ففي القرآن كلام عن تزكية الروح وليس كلاماً عن المرأة والرجل حتى يقال انهما متساويان. ان العالم الغربي يقول: ان الإنسان نوعان أو صنفان، امرأة ورجل، ولكنهما متساويان في المسائل التعليمية والتربوية، أي أن المرأة تساوي الرجل، والرجل هو نظير المرأة، وهذا بنحو سالبة بانتفاء المحمول، أي أن هناك امرأة وهناك رجل، ولكنهما لا يختلفان، ولكن عندما يقول الإسلام: ان الهدف من نزول الوحي هو التعليم والتربية، وتزكية النفوس وتهذيب القلوب، ولا فرق بين المرأة والرجل، فهذا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع وليس بانتفاء المحمول، أي أن محور التعليم والتربية هو أرواح الناس، والروح لا هي مذكر ولا مؤنث، وليس في الأمر امرأة ورجل أصلاً، لا أنه هناك امرأة ورجل ولكنهما متساويان حتى تصبح قضية موجبة أو ان بينهما فرقاً حتى تصبح قضية سالبة لأن صدقها هو بانتفاء المحمول لا بانتفاء الموضوع، ان ما يقال: ان الفرق بين الموجبة والسالبة هو في أن السالبة صادقة بانتفاء الموضوع أحياناً، يصدق هنا. الخلاصة هي أولاً: ان الأنوثة والذكورة تتعلق بالجسم، لا بالروح، وثانياً: ان التعليم والتربية والتهذيب والتزكية هي للنفس. ثالثاً: أن النفس هي غير البدن، والبدن هو غير النفس، وفي صف درس القرآن تتجلى الروح أساساً، لا البدن، والروح أيضاً، ليست امرأة ولا رجل، فرق كثير بين الموجبة المحصلة أو السالبة التي موضوعها موجود، ولكن محمولها منتفٍ، وبين السالبة التي صدقها، بانتفاء الموضوع. ان قول الله: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ 5. هل الروح هي مذكر أم مؤنث؟ أو قوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ 6. إن الروح من ناحية أنها موجود مجرد، ليس لها هيكل ليكون اما هكذا أو هكذا. أو قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيه﴾ِ 7. أيها الإنسان إنك سالك إلى الله، هل البدن يسافر، حتى تقول: إن هؤلاء السالكين على صنفين: بعضهم نساء وبعضهم رجال؟ إن الروح هي التي تسافر، والروح ليست مؤنثاً ولا مذكراً. جمال المرأة وجلاله ا،الشيخ جوادي آملي،دار الهادي،بيروت ـ لبنان،ط1 1415هـ ـ1994م،ص53ـ56.
1- البقرة: 185.
2-الرحمن: 1 ـ 4. 3-الاعراف:156. 4- إبراهيم: 36. 5-الشمس: 7 ـ 8. 6-الحجر: 29. 7- الانشقاق: 6. |
نصائح وتوصيات عند وجود الإنترنت في المنزل
بواسطة:أدمن
8:44 ص
نصائح وتوصيات عند وجود الإنترنت في المنزل | ||||||
1- راقب ما يحدث من خلال:
- مراقبة أولياء الأمور للمواقع التي يتصفّحها أفراد الأسرة. - التأكيد على تصفّح مواقع ذات جودة تربوية للتعلّم الذاتي. - دراية ولي الأمر بالبرامج التي تُتيح له منع تصفّح مواقع معيّنة. - تعرّف ولي الأمر على البرامج التي تخزن عناوين المواقع التي تُزار يوميًا. هام: هناك بعض البرامج التي يمكن وضعها في أجهزة الحاسب الآلي والتي تمكّن الأب أو الأم من رصد كلّ موقع يتم الدخول إليه وكل ما يتم كتابته على لوحة المفاتيح. 2- اعرف ما يجري - اعرف من هم أصحاب أطفالك الذين يتخاطبون معهم عن طريق الشبكة. - راقب عن طريق فحص قائمة العناوين المخزّنة بالكمبيوتر وفتح موقع الذاكرة الذي يحتوي على مواقع الإنترنت التي تمّت زيارتها للتعرّف على المواقع التي زارها الأطفال لإحكام المراقبة. 3- توعية الأطفال ضرورة رفع مستوى الوعي والإدراك لدى الأطفال تجاه ما يمكن أن يصلهم من محتوى غير لائق. وتوعيتهم لأهمية عدم ذكر أيّ معلومات شخصية أو أسمائهم الحقيقية أو أرقام هواتفهم وعناوينهم أو حتى عنوان البريد الإلكتروني لأيّ أحد على الشبكة دون إذن الوالدين. 4- حدّد الوقت - الاتفاق على وقت محدّد في اليوم لاستخدام الإنترنت. - تحديد مواعيد للدخول على مواقع الإنترنت وضرورة الالتزام بذلك. - وتهيئة الكمبيوتر لاستخدام الأبناء للإنترنت كمصدر للتعلّم. 5- حدّد الهدف تحديد الهدف من الدخول إلى الإنترنت. 6- شاركهم مصادقة أولياء الأمور لأبنائهم صغاراً وكبارًا ومشاركتهم المواقع التي يتصفّحونها. 7- نظِّم اجعل أطفالك يستخدمون محرِّكات بحث خاصة بالأطفال مثل: http://www.ajkids.com http://yahooligans.yahoo.com http://www.kids.net.au 8- ضع أيّ جهاز كمبيوتر في منتصف البيت ولا تضعه في مكان منعزل ووجّه الشاشة للباب حتى يُرى بسهولة. 9- وضع استخدام الإنترنت في مكان يُتيح للراشدين في المنزل الاطلاع على المواقع التي يتمّ زيارتها من بعد. |
المرجعية والولاية
بواسطة:أدمن
8:34 ص
المرجعية والولاية |
|
دور المعصومين عليهم السلام
شكل أئمة أهل البيت عليهم السلام المرجعية للناس، فكانت علاقة الناس ترتبط بهم في بعديها 1- معرفة الأحكام الشرعية الثابتة المنزلة من اللَّه عزَّ وجلَّ. 2- تنفيذ المشروع الإسلامي السياسي والاجتماعي لتدبير أمور الناس وتنظيم علاقاتهم مع بعضهم البعض. الأئمة عليهم السلام يتصدون لكلا الأمرين معاً من خلال النص الإلهي الذي ينصّ عليهم بالإسم، إماماً بعد إمام، إلى زمن غيبة الإمام الحجة عجل الله فرجه. وفي زمن الغيبة الصغرى كان هناك نص بالإسم على سفراء الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف من قبل الإمام، لترجع إليهم الناس سفيراً بعد سفير، وأما في زمن الغيبة الكبرى فلم يعد هناك سفراء يسميهم الإمام بأسمائهم وإنما أرشد الناس إلى الفقهاء من خلال الصفات التي ينبغي توفرها فيهم. من يتصدى في غيبة الإمام؟ من خلال البحث عن الصفات يمكن للمكلف سد الفراغ في هذين الدورين الموكلين للمعصوم عليه السلام أما معرفة الأحكام الشرعية، فقد أرشدتنا الروايات إلى شرطين أساسيين ينبغي ملاحظتهما في المرجع: الاجتهاد والعدالة، كما في الرواية عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام: "من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه"1، وهذا من شأن دور المرجعية، فمن توفرت فيه الصفات يكون مرجعاً يقلده الناس. وأما تنفيذ المشروع السياسي والاجتماعي وتدبير أمور الناس، فلا يكفي فيها الاجتهاد والعدالة بل لا بد من الكفاءة أيضاً، فالإنسان الذي لا يمتلك الكفاءة لن يكون قادراً على قيادة الأمة وتحقيق مصالحها حتى لو فرضنا أنه الأعلم على المستوى الفقهي. إختلاف المرجع عن الولي إذا كان المجتهد الأكفأ هو الأعلم الذي يقلده المكلف، فإن هذه الصيغة هي الصيغة الأفضل والأقرب إلى ما كان عليه الأمر في حضور المعصوم ومن اجتماع الدورين في شخص واحد. وأما إذا كان الأكفأ شخص اخر غير الأعلم الذي يقلده المكلف فهنا سيطرح المكلف هذا السؤال: من عليّ أن أطيع إذا فرضنا اختلاف المرجع والولي؟ وهذا السؤال لن يبقى له محل إذا عرفنا دور المرجع ودور الولي، وأين تقف حدود هذا الدور وذاك. دور المرجع إننا وعبر تحديد الدائرة التي يتم الرجوع فيها إلى مرجع التقليد نحل ما يحتمل من التعارض بين المرجعية والقيادة، فالأساس في رجوع الناس إلى المرجع وكما هو مذكور في كتب الفقهاء هو رجوع الجاهل إلى العالم أو الرجوع إلى أهل الخبرة فيما يختصون به. قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾(النحل:43). وقال تعالى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون﴾(التوبة:122). ومن ملاحظة هذا نعرف أن الفقيه وظيفته أن يخبر من يرجع إليه عن الحكم الإلهي، فهو يقوم بدور الإخبار عن الحكم الشرعي العام، ودون أن يهتم بتشخيص الموضوعات، ومثاله الصلاة بالثوب النجس، فإن المرجع يخبرني بعدم صحة الصلاة بالثوب النجس، ولكنه لا يحدد لي هل أن الثوب الذي ألبسه نجس أم طاهر، أي أنه لا يصدر حكماً بملاحظة الظروف الخاصة والحالات المحددة بل يخبرنا عما توصل إليه من الحكم العام بعد رجوعه إلى مصادر الحكم الشرعي. وخصوصية هذه الأحكام التي يصدرها المرجع هي أنه يصدرها كقاعدة عامة، وعلى المكلف أن يحدد حالته الخاصة التي تطرأ عليه، وأنه ما هو الحكم العام الذي ينطبق عليه، ولا يتدخل الفقيه في تحديد حالات أفراد المكلفين وهذا ما يقال له بأن "تشخيص الموضوع"بيد المكلف. دور الولي الفقيه بعد أن عرفنا أن الفقيه الولي هو الذي بيده إدارة المجتمع الإسلامي يتضح لنا أن دائرة الأحكام التي يصدرها الولي الفقيه تشمل دائرة الأحكام التي ترتبط بالنظام وشؤون المجتمع والدولة وهذا ما يسمّى "بالأحكام الولائية". فما هي الأحكام الولائية؟ إن الحكم الولائي هو حكمٌ يصدره الفقيه بعد تشخيصه للمصالح والمفاسد، وهو الذي ينشئه، أي أن وظيفة الولي هي الأمر والنهي بناءً على التشخيص، وليست وظيفته الإخبار عن الحكم العام بعيداً عن التشخيص كما هو شأن المرجع. وبناءً على ذلك فإن الأحكام التي يرجع فيها إلى ولاة الأمر هي 1- الأحكام القضائية: وهي الأحكام التي يصدرها الولي أو القضاة المنصبون من قبله، في موارد النزاع والخصومة والإختلاف، وهذه الأحكام نافذة حتى بحق المجتهد. 2- الأحكام الأولية العامة: وهي التي ترتبط بالشؤون العامة وما يرتبط بإدارة الدولة كالأمر بالجهاد أو عقد الصلح أو غير ذلك. فالولي الفقيه هو الذي يحدد أن شروط الجهاد متوفرة أو لا، وأن في الصلح مصلحة المسلمين أو لا؟ 3- الأحكام التي ترتبط بحفظ النظام: إن حفظ النظام وما هي الأحكام التي يمكن بها حفظ النظام، كل ذلك يرتبط بالولي الفقيه. وبناءً على ما تقدم، لا تنافي بين المرجعية والولاية حيث كانت الأحكام التي يُرجع فيها إلى المقلَّد غيرها التي يُرجع فيها إلى الولي. * دروس في ولاية الفقيه, إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية, ط1, تشرين الأول 2005م, ص 51-56.
1- وسائل الشيعة، ج 27، ص 131.
|
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)