اهلا وسهلآ بكم لبيك يا حسيــــــــــــن

السبت، 3 أكتوبر 2015

اختتام مراسيم الغدير


وهكذا تمت مراسم الغدير في ثلاثة أيام وعرفت بعد ذلك بـ "أيام الولاية"، وبقيت أحداثها راسخة في الأذهان.

ثم توجَّه النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة بعد أن أوصل أمانة النبوة إلى مقصدها، وتوجَّهت جموع المسلمين والقبائل متوجهين إلى مناطقهم وديارهم.

وقد انتشر خبر الغدير بسرعة في المدن والمناطق وتسامع الناس ببيعة الغدير وخطبته، وبذلك أيضا أتم الله تعالى حجته على عباده كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "ما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ترك يوم الغدير لأحد حجة ولا لقائل مقالا"2.

1- بحار الأنوار: ج 37 ص 136، ج 39 ص 336، ج 41 ص 228. عوالم العلوم: ج 15/3 ص 68. كشف المهم: ص 109. بصائر الدرجات: ص 201.
2- بحار الأنوار: ج 28 ص 186. إثبات الهداة: ج 2 ص 115.

الموقع الجغرافى لغدير خم


تقع منطقة "غدير خم" في صحراء فسيحة على مسير السيول في وادي "الجحفة"، حيث يجري هذا المسيل من الشرق إلى الغرب في الشتاء، ويمرُّ بمنطقة الغدير، ثم ينتهي منه إلى الجحفة ثم منه إلى البحر الأحمر فيصب فيه.

وفي مسير هذه السيول تتولد بعض الواحات والغدران الطبيعية من تجمع المياه المتبقِّية في مخازن طبيعية للمياه طيلة العام، ويطلق على كل واحدة منها اسم "الغدير".

وهناك العديد من الغدران في الحجاز، ويتميز "غدير خم" بأن ماءه كثير، ويوجد نبع صغير قربه من جبل صغير، وتوجد حوله خمسة أو ستة أشجار صحراوية خضراء كبيرة من نوع "السَمُر" صارت بأغصانها الكثيفة وقامتها الباسقة مكاناً ظليلا في تلك الصحراء، فاتخذوها مكاناً لنزول النبي صلى الله عليه وآله ونصبوا له المنبر فيه.

1- معجم ما استعجم: ج 2 ص 368، 492، 510. لسان العرب: مادة "خمم" و"غدر". معجم البلدان: ج 2 ص 350، 389، ج 3 ص 159، ج 4 ص 188، ج 6 مادة "غدر". معجم معالم الحجاز: ج 1 ص 156. تاج العروس: مادة "خمم"، "غدر". النهاية (ابن الأثير): مادة "خم". الروض المعطار: ص 156. وفاء الوفاء: ج 2 ص 298. صفة جزيرة العرب: ص 259.

التسليم على الإمام علي (ع) بإمرة المؤمنين


 
قبل التوجه نحو الغدير نزل جبرائيل بلقب "أمير المؤمنين" لقباً خاصاً لعلي بن أبي طالب عليه السلام من قِبل الله عز وجل، وقد كان أُعطي إلى الإمام في وقت سابق أيضاً، وكان نزوله في الحج تأكيداً وتنفيذاً فدعا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أكابر الصحابة، وأمرهم ضمن مراسيم خاصة أن يسلِّموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ويقولوا له: "السلام عليك يا أمير المؤمنين"، وبذلك أخذ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله منهم في حياته إقرارهم لعلي عليه السلام بالإمارة.

وههنا قال أبو بكر وعمر بلسان الاعتراض على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: من الله أو من رسوله؟! فقال صلى الله عليه وآله: نعم حقّاً من الله ومن رسوله.

1- بحار الأنوار: ج 37 ص 120 ص 161. عوالم العلوم: ج 15/3 ص 85، 136.

الوحى يوقف القافلة النبوية عند الغدير


تحرَّكت القافلة العظيمة يوم الخميس الخامس عشر من ذي الحجة، فبعد الخروج من مكة وصلوا إلى "سَيْرَف" ومن هناك إلى "مرّ الظهران" ثم إلى "عسفان" ومنها إلى "قُدَيْد" حيث وصلوا "كراع الغميم" على مقربة من الجحفة الذي يقع "غدير خم" في أحد جوانبها.

رحل النبي صلى الله عليه وآله من مكة وهو ناو أن يكون أول عمل يقوم به إعلان ولاية عترته، كما أمره ربه تعالى في وقت يأمن فيه الخلاف منهم عليه، وعلم الله عز وجل أنه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلدانهم وأماكنهم وبواديهم.

وقبيل الظهر من يوم الإثنين في الثامن عشر من ذي الحجة ولدى وصولهم إلى منطقة "غدير خم" جاءه جبرئيل لخمس ساعات مضت من النهار وقال له: يا محمد، إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ1.

فتسمَّر النبي صلى الله عليه وآله في مكانه وأصدر أمره إلى المسلمين بالتوقف وغيَّر مسيره إلى جهة اليمين وتوجَّه نحو الغدير وقال: "أيها الناس، أجيبوا داعى الله، أنا رسول الله".

ثم قال: "أنيخوا ناقتى، فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربى"; وأمرهم أن يردُّوا من تقدَّم من المسلمين ويوقفوا من تأخَّر منهم حين يصلون إليه.

وبعد أن صدر الأمر النبوي المذكور توقَّفت القافلة كلها، ورجع منهم من تقدم ونزل الناس في منطقة الغدير، وأخذ كل فرد يتدبَّر أمر إقامته هناك حيث نصبوا خيامهم وسكن الضجيج تدريجياً.

وشهدت الصحراء لأول مرة ذلك الاجتماع العظيم من الناس، وقد زاد من عظمته حضور الأنوار الخمسة المقدسة: النبى الأكرم وأميرالمؤمنين وفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم السلام; وقد اشترك في ذلك التجمع الجماهيري الرجال والنساء من مختلف الأقوام والقبائل والمناطق، وبدرجات متفاوتة من الإيمان، انتظاراً لخطبة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.

ونزل الرسول صلى الله عليه وآله عن ناقته وحطَّ رحال النبوة عند غدير خُمٍّ، وكان جبرئيل إلى جانبه ينظر إليه نظرة الرضا، وهو يراه يرتجف من خشية ربه وعيناه تدمعان خشوعاً وهو يقول: "تهديدٌ ووعدٌ ووعيدٌ... لأمضين فى أمر الله. فان يتَّهمونى ويكذِّبونى فهو أهون علىَّ من أن يعاقبنى العقوبة الموجعة فى الدنيا والآخرة"!

وكانت حرارة الصحراء ووهج الشمس من القوة والشدة بحيث أن الناس ـ ومنهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ـ وضعوا قسماً من ردائهم على رؤوسهم والقسم الآخر تحت أقدامهم، وقد بلغ الأمر لدى البعض أن لفُّوا عباءتهم حول أقدامهم من شدة حرارة أرض الصحراء!

1- بحار الأنوار: ج 21 ص 387، ج 37 ص 173، 203، 204، ج 98 ص 298. عوالم العلوم: ج 15/3 ص 50، 60، 79، 80، 301. الغدير: ج 1 ص 10، 22. مدينة المعاجز: ص 128. الفصول المهمة: ص 24، 125.
2- المائدة: 67.

فضل وأعمال عيد الغدير




بمناسبة عيد الغدير يوم الولاية والبيعة نرفع أسمى آيات التبريك والتهاني للرسول الأعظم صلى الله عليه وآهل وسلم وللوصي الأكمل وللمعصومين الأطهار عليهم السلام سيما قائم آل محمد صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ولولي أمر المسلمين الإمام الخامئني قدس سره ولقائد المقاومة ومجاهديها ولعموم المسلمين والمستضعفين.

فضل عيد الغدير (عيد الله الأكبر)

ولقد ورد الحثّ الأكيد على اتخاذ هذا اليوم عيداً ومعاملته معاملة الأعياد من جهة إبراز مظاهر البهجة والسرور والزينة. وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: "لعلَّك ترى الله عزَّ وجلَّ خلق يوماً أعظم حرمة منه لا والله لا والله لا والله".

بل هو العيد الأكبر كما قال الإمام الصادق عليه السلام: "هو عيد الله الأكبر...".

فهو عيد محمد وآل محمد صلى الله عليهم، وفي حديث ابن أبي نصر البزنطي عن الإمام الرضا علي السلام:"يابن أبي نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه السلام فإن الله تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر. وأفضل على إخوانك في هذا اليوم وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة، والله لو عرف الناس هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة...".

قصة الغدير

في السنة العاشرة للهجرة حج الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حجته الأخيرة والتي عُرفت بحجة الوداع، وفي طريق العودة إلى المدينة المنورة عند وصوله صلى الله عليه وآله وسلم إلى منطقة تتشعب منها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين تسمى "غدير خم" نزل جبرائيل عليه السلام بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِالمائدة: 67، كان ذلك في الثامن عشر من ذي الحجة، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم برد من تقدم عنه من الحجيج إلى المكان وحبس من تأخر منهم، كل هذا في يوم حرٍّ شديد، وبعد أن حمد الله وأثنى عليه خطب رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم الناسَ بخطبة طويلة نعى فيها إليهم نفسه ثم قال: "... اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه...".

وبعدها أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين بمبايعة الإمام علي بن أبي طالب علي السلام والتسليم عليه بإمرة المؤمنين وبايع المسلمون ومن بينهم الصحابة وقال بعضهم: "بخٍ بخٍ لك يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة".

أعمال يوم الغدير
ـ الصوم.
ـ الغسل.
ـ زيارة أمير المؤمنين عليه السلام (وهي الزيارة المذكورة في كتب الأدعية تحت عنوان زيارة يوم الغدير).
ـ قراءة دعاء الندبة.
ـ صلاة ركعتين قبل زوال الشمس يقرأ في كل ركعة الحمد والإخلاص عشر مرات، وآية الكرسي عشر مرات، وسورة القدر عشر مرات.
ـ أن يهنئ من لاقاه من إخوانه المؤمنين بقوله: "الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام".
ـ وينبغي في هذا اليوم تحسين الثياب والتزيُّن، واستعمال الطيب، والسرور والابتهاج، والتوسيع على العيال، وإطعام المؤمنين وتفطير الصائمين، وزيارة المؤمنين والتبسم في وجوههم، وشكر الله تعالى على نعمته العظمى نعمة الولاية، والإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد عليهم السلام .

المؤاخاة يوم الغدير
وصيغتها: هي أن يضع المؤمن يده اليمنى على اليد اليمنى لأخيه المؤمن ويقول: "وآخيتك في الله وصافيتك في الله وصافحتك في الله وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وأنبياءه والأئمة المعصومين عليهم السلام على أني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة وأُذن لي بأن أدخل الجنة لا أدخلها إلا وأنت معي. ثم يقول أخوه المؤمن قبلت".

ثم يمكن للأخوين المؤمنين إسقاط بعض حقوق الأخوة عن بعضهما.

من حقوق الأخوة
المحبة والمودة بين المؤمنين
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان ألا ومن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله"البحار، ج69.

قضاء حوائج المؤمنينعن الإمام الصادق عليه السلام: "من مشى في حاجة أخيه المؤمن كتب الله عزَّ وجلَّ له عشر حسنات ورفع له عشر درجات وحط عنه عشر سيئات وأعطاه عشر شفاعات" البحار، ج74.
وعنه عليه السلام "قضاء حاجة المؤمن أفضل من ألف حجة متقبلة بمناسكها وعتق ألف رقبة لوجه الله تعالى وحملان ألف فرس في سبيل الله بسرجها ولجمه" البحار، ج74.

التواضع للمؤمنينعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "إن الله أخفى أربعة في أربعة..." إلى أن قال: "وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبداً من عبيد الله فربما يكون وليه، وأنت لا تعلم...".
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "إن التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرفعكم الله..."البحار، ج96.

مخالطة المؤمنين بالخلق الحسنعن الإمام الباقر عليه السلام: "... المؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة" البحار، ج67.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه" البحار ج74.

الإرشاد والنصيحة للمؤمنعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه"البحار، ج74.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب"البحار، ج74.

ونستخلص من هذا كله أن الله عزَّ وجلَّ أراد للمجتمع الإيماني أن يكون وحدة متراصة وجسداً واحداً يتداعى جميع أعضائه بالسهر والحمى فيما لو أصاب أحد أجزائه ضرر أو خلل فيسعى ذاتياً لإصلاحه طبق البرنامج الإلهي المرسوم.

فعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: "المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيء منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وإن روح المؤمن لأشد اتصالاً بروح الله من اتصال شعاع الشمس به". البحار، ج61.

قصة ضرار بن حمزة
إن معاوية سأل ضرار بن حمزة بعد شهادة علي عليه السلام عنه، فقال: صف لي عليا، فقال: أو تعفيني؟ قال: صفه، قال: أو تعفيني؟ قال: لا أعفيك، قال: أما إذا لا بد فأقول ما أعلمه منه:

والله كان بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة، يقلب كفيه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب. كان والله كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة، ولا نبتدئه عظمة، إن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله.

فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، وكأني أسمعه وهو يقول: يا دنيا أبي تعرضت؟ أم إلي تشوقت؟ هيهات هيهات غري غيري، قد باينتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كثير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق.

قال: فذرفت دموع معاوية على لحيته فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال معاوية: رحم الله أبا الحسن! كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح ولدها في حجرها، فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها. بحار الأنوار.

مم قيل في علي عليه السلام
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب عليه السلام".

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي". بحار الأنوار.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في علي.الصواعق المحرقة.

وقال ابن عباس: نزلت في علي أكثر من ثلاثمائة آية في مدحه. تاريخ الخلفاء.

وقال: ما نزل في القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إلا وعلي عليه السلام رأسها وأميرها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان، وما ذكر عليا إلا بخير. مسند أحمد 1، تاريخ الخلفاء.

روى طارق بن شهاب، قال: كنت عند عبد الله ابن عباس فجاء أناس من أبناء المهاجرين فقالوا له: يا بن عباس أي رجل كان علي بن أبي طالب؟ قال: ملئ جوفه حكما وعلما وبأسا ونجدة وقرابة من رسول الله. شواهد التنزيل.

وقال أيضاً: من اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم أدر الحق مع علي حيث دار. تفسير مفاتيح الغيب.

وقال الإمام أحمد بن حنبل: ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعلي (رض). مناقب أحمد لابن الجوزي الحنبلي.

وقال الإمام الفخر الرازي: من اتخذ عليا إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه.تفسير مفاتيح الغيب.

يقول جورج جرداق الكاتب المعروف: "وماذا عليك يا دنيا لو حشدت قواك فأعطيت في كل زمن عليا بعقله وقلبه ولسانه وذي فقاره". الإمام علي صوت العدالة الإنسانية.

مع الدعاء لمجاهدي المقاومة بالنصر

الاستعداد لإعلان الولاية


كان جبرائيل عليه السلام في حجة الوداع وظروفها المصيرية ينزل على النبي صلى الله عليه وآله بأوامر ربه، وقد يكون رافقه طوال موسم الحج وأملى عليه عبارات خطبه.

وكان مما قال له في المدينة: يا محمد، إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: "إنه قد دنا أجلك وإني مستقدمك عليَّ"، ويأمرك أن تدل أمتك على حجهم، كما دللتهم على صلاتهم وزكاتهم وصيامهم; وتدلهم على إمامهم بعدك وتنصب لهم علياً وصياً وخليفة بعدك.

وفي عيد الأضحى اليوم العاشر من ذي الحجة، خطب النبي صلى الله عليه وآله خطبته الثالثة في منى، فبيَّن فيها مقام أهل بيته من بعده، وأن الله حرَّم عليهم الصدقات وفرض لهم الخمس.

وفي اليوم الحادي عشر خطب خطبة أخرى أيضاً في منى، وأوصى فيها الأمة أيضاً بإطاعة أهل بيته بعده.

وفي اليوم الثاني عشر خطب النبي صلى الله عليه وآله الخطبة العظيمة في مسجد الخيف، وقد فصَّل فيها مقام أهل بيته وفريضة التمسك بهم وطاعتهم.

وهذه الخطب الخمس كلها شواهد نبوية على وصيته لعلي عليه السلام.

1- بحار الأنوار: ج 21 ص 380، ج 37 ص 113.

إكمال الدين بالولاية


ومن الآيات النازلة يوم الغدير في أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالى:اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا.

أتفقت الإمامية عن بكرة أبيهم على نزول هذه الآية الكريمة حول نص الغدير بعد إصحار النبي صلى الله عليه وآله بولاية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بألفاظ دريه صريحة، فتضمن نصا جليا عرفته الصحابة وفهمته العرب فاحتج به من بلغه الخبر، وصافق الإمامية على ذلك كثيرون من علماء التفسير وأئمة الحديث وحفظة الآثار من أهل السنة، وهو الذي يساعده الاعتبار ويؤكده النقل الثابت في تفسير الرازي  ص 529 عن أصحاب الآثار:إنه لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم لم يعمر بعد نزولها إلا أحدا وثمانين يوما.أو:اثنين وثمانين، وعينه أبو السعود في تفسيره بهامش تفسير الرازي 3 ص 523، وذكر المؤرخون منهم1:أن وفاته صلى الله عليه وآله في الثاني عشر من ربيع الأول، وكأن فيه تسامحا بزيادة يوم واحد على الاثنين وثمانين يوما بعد إخراج يومي الغدير والوفات، وعلى أي فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما لزيادة الأيام حينئذ، على أن ذلك معتضد بنصوص كثيرة لا محيص عن الخضوع لمفادها، فإلى الملتقى:

1-الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى 310، روى في كتاب الولاية بإسناده عن زيد بن أرقم نزول الآية الكريمة يوم غدير خم في أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث الذي مر ص 215.

2-الحافظ ابن مردويه الاصفهاني المتوفى 410، روى من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري: إنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم حين قال لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم رواه عن أبي هريرة وفيه: إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعني مرجعه عليه السلام من حجة الوداع. تفسير ابن كثير ج 2 ص 14.

وقال السيوطي في الدر المنثور 2 ص 259:أخرج ابن مردويه وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال:لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا يوم غدير خم فنادى له بالولاية هبط جبرئيل عليه بهذه الآية:اليوم أكملت لكم دينكم.و أخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بسند ضعيف 2 عن أبي هريرة قال:لما كان غدير خم وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة قال النبي صلى الله عليه وسلم:من كنت مولاه فعلي مولاه فأنزل الله:اليوم أكملت لكم دينكم.وروى عنه في الاتقان ج 1 ص 31 "ط سنة 1360 "بطريقيه.


وذكر البدخشي في " مفتاح النجا "عن عبد الرزاق الرسعني عن ابن عباس ما مر ص 220 ثم قال:وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مثله، و وفي آخره فنزلت:اليوم أكملت لكم دينكم.الآية.فقال النبي صلى الله عليه وسلم:الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب.

ونقله بهذا اللفظ عن تفسيره الأربلي في "كشف الغمة "ص 95.

وقال القطيفي في الفرقة الناجية:روى أبو بكر ابن مردويه الحافظ بإسناده إلى أبي سعيد الخدري:إن النبي صلى الله عليه وآله يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من شوك فقم وذلك يوم الخميس ودعا الناس إلى علي فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبط 3 رسول الله، فلم يفترقا حتى نزلت هذه الآية:اليوم أكملت لكم دينكم.فقال.إلى آخر ما يأتي عن أبي نعيم الاصبهاني حرفيا.

3-الحافظ أبو نعيم الاصبهاني المتوفى 430، روى في كتابه "ما نزل من القرآن في علي "قال:حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد المحتسب المتوفى 357قال:حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال:حدثني يحيى الحماني قال:حدثني قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى علي في غدير خم أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقم وذلك يوم الخميس فدعا عليا فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية:اليوم أكملت لكم دينكم.الآية:فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وبالولاية لعلي عليه السلام من بعدي.رواه الصالحاني .4 ثم قال:من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.فقال حسان: إئذن لي يا رسول الله؟

أن أقول في علي أبياتا تسمعهن.فقال:قل على بركة الله.فقام حسان فقال:يا معشر مشيخة قريش؟ أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية.ثم قال:

يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم فاسمع بالرسول مناديا
يقول: فمن مولاكم ووليكم؟ * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
: إلهك مولانا وأنت ولينا * ولم تر منا في الولاية عاصيا
فقال له: قم يا علي؟ فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا: أللهم؟ وال وليه * وكن للذي عادا عليا معاديا


وبهذا اللفظ رواه الشيخ التابعي سليم بن قيس الهلالي في كتابه عن أبي سعيد الخدري قال:إن رسول الله دعا الناس بغدير خم فأمر بما كان تحت الشجر من الشوك فقم، وكان ذلك يوم الخميس، ثم دعا الناس إليه وأخذ بضبع علي بن أبي طالب فرفعها حتى نظرت إلى بياض إبط رسول الله:الحديث بلفظه.

4-الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي المتوفى 463، روى في تاريخه 8 ص 290 عن عبد الله بن علي بن محمد بن بشران عن الحافظ علي بن عمر الدارقطني، عن حبشون الخلال، عن علي بن سعيد الرملي عن ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الوراق عن ابن حوشب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن أحمد بن عبد الله النيري عن علي بن سعيد عن ضمرة عن ابن شوذب عن مطر عن ابن حوشب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:من صام يوم ثمان عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا.وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال:ألست أولى بالمؤمنين؟ قالوا:بلى يا رسول الله؟ قال من كنت مولاه فعلي مولاه.فقال عمر بن الخطاب:بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم.فأنزل الله:اليوم أكملت لكم دينكم.الآية.

5 -الحافظ أبو سعيد السجستاني المتوفى 477، في كتاب الولاية بإسناده عن يحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي عن قيس بن الربيع عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا الناس بغدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم وذلك يوم الخميس.إلى آخر اللفظ المذكور بطريق أبي نعيم الاصبهاني.

6-أبو الحسن ابن المغازلي الشافعي المتوفى 483، روى في مناقبه عن أبي بكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن السماك قال:حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثني علي بن سعيد بن قتيبة الرملي قال:حدثني ضمرة بن ربيعة القرشي عن ابن شوذب عن مطر الوراق عن شهر بن حوشب بن أبي هريرة.إلى آخر اللفظ المذكور بطريق الخطيب البغدادي العمدة ص 52 وذكره جمع آخرون.

7 -الحافظ أبو القاسم الحاكم الحسكاني المترجم ص 112 قال:أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال:أخبرنا أبو بكر الجرجاني.قال:حدثنا أبو أحمد البصري، قال:حدثنا أحمد بن عمار بن خالد، قال:حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال:حدثنا قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري:أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزلت هذه الآية:اليوم أكملت لكم دينكم.قال:الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وولاية علي بن أبي طالب من بعدي.وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.

8-الحافظ أبو القاسم بن عساكر الشافعي الدمشقي المتوفى 571، روى الحديث المذكور بطريق ابن مردويه عن أبي سعيد وأبي هريرة كما في الدر المنثور 2 ص 259.

9 - أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفى 568، قال في المناقب ص 80:أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان:أخبرني أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، حدثني عبد الله بن إسحاق البغوي، حدثني الحسن بن عليل الغنوي، حدثني محمد بن عبد الرحمن الزراع، حدثني قيس بن حفص، حدثني علي بن الحسن العبدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري إنه قال:إن النبي صلى الله عليه وآله يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم وذلك يوم الخميس، ثم دعا الناس إلى علي فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى إبطيه حتى نزلت هذه الآية:اليوم أكملت لكم دينكم.

وروى في المناقب ص 94 بالإسناد عن الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، عن الحافظ أبي عبد الله الحاكم، عن أبي يعلى الزبير بن عبد الله الثوري، عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله البزاز، عن علي بن سعيد الرملي، عن ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الوراق.إلى آخر ما مر عن الخطيب البغدادي سندا ومتنا.

10-أبو الفتح النطنزي، روى في كتابه "الخصايص العلوية "عن أبي سعيد الخدري بلفظ مر ص 43، وعن الخدري وجابر الأنصاري أنهما قالا:لما نزلت:اليوم أكملت لكم دينكم.قال النبي صلى الله عليه وسلم:الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وولاية علي بن أبي طالب بعدي.
وفي الخصايص بإسناده عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام قالا:نزلت هذه الآية (يعني آية التبليغ)يوم الغدير.وفيه نزلت:اليوم أكملت لكم دينكم.قال:وقال الصادق عليه السلام:أي:اليوم أكملت لكم دينكم بإقامة حافظه، وأتممت عليكم نعمتي أي:بولايتنا، ورضيت لكم الاسلام دينا أي:تسليم النفس لأمرنا.وبإسناده في خصايصه أيضا عن أبي هريرة حديث صوم الغدير بلفظ مر بطريق الخطيب البغدادي و فيه نزول الآية في علي يوم الغدير.

11-أبو حامد سعد الدين الصالحاني، قال شهاب الدين أحمد في - توضيح الدلايل على ترجيح الفضايل : وبالاسناد المذكور عن مجاهد رضي الله عنه قال:نزلت هذه الآية اليوم أكملت لكم.بغدير خم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وبارك وسلم:الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي.رواه الصالحاني .

12-أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي البغدادي المتوفى 654، ذكر في تذكرته ص 18 ما أخرجه الخطيب البغدادي المذكور ص 232 من طريق الحافظ الدارقطني.

13-شيخ الاسلام الحمويني الحنفي المتوفى 722، روى في "فرايد السمطين "في الباب الثاني عشر قال:أنبأني الشيخ تاج الدين أبو طالب علي بن الحب بن عثمان ابن عبد الله الخازن، قال:أنبأ الإمام برهان الدين ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة قال:أنبأ الإمام أخطب خوارزم أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي قال: أخبرني سيد الحفاظ فيما كتب إلي من همدان.إلى آخر ما مر عن أخطب الخطباء الخوارزمي سندا ومتنا.

وروى عن سيد الحفاظ أبي منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال:أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد المعري الحافظ قال:نبأ أحمد بن عبد الله ابن أحمد قال:نبأ محمد بن أحمد قال:نبأ محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال:نبأ يحيى الحماني قال:نبأ قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى علي.إلى آخر الحديث بلفظ مر بطريق أبي نعيم ص 232 ثم قال:حديث له طرق كثيرة إلى أبي سعيد سعد بن مالك الخدري الأنصاري.

14-عماد الدين ابن كثير القرشي الدمشقي الشافعي المتوفى 774، روى في تفسيره 2 ص 14 من طريق ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة أنهما قالا:
إن الآية نزلت يوم غدير خم في علي.وروى في تاريخه 5 ص 210 حديث أبي هريرة المذكور بطريق الخطيب البغدادي. وله هناك كلام يأتي بيانه في صوم الغدير.

15-جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفى 911، رواه في "الدر المنثور " 2 ص 259 من طريق ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بلفظ مر في رواية ابن مردويه.

وقال في الاتقان 1 ص 31 في عد الآيات السفرية:منها اليوم أكملت لكم دينكم.في الصحيح عن عمر أنها نزلت عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع، له طرق كثيرة لكن أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري: أنها نزلت يوم غدير خم، وأخرج مثله من حديث أبي هريرة وفيه:انه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة مرجعه من حجة الوداع. وكلاهما لا يصح.

إن كان مراده من عدم الصحة غميزة في الاسناد ففيه أن رواية أبي هريرة صحيحة الاسناد عند أساتذة الفن، منصوص على رجالها بالتوثيق، وسنفصل ذلك عند ذكر صوم الغدير، وحديث أبي سعيد له طرق كثيرة كما مر في كلام الحمويني في فرائده. على أن الرواية لم تختص بأبي سعيد وأبي هريرة فقد عرفت أنها رواها جابر بن عبد الله، والمفسر التابعي مجاهد المكي، والإمامان الباقر والصادق صلوات الله عليهما، وأسند إليهم العلماء مخبتين إليها.

كما إنها لم تختص روايتها من العلماء وحفاظ الحديث بابن مردويه وقد سمعت عن السيوطي نفسه في دره المنثور رواية الخطيب وابن عساكر، وعرفت أن هناك جمعا آخرين أخرجوها بأسانيدهم وفيها مثل الحاكم النيسابوري، والحافظ البيهقي، والحافظ ابن أبي شيبة، والحافظ الدارقطني، والحافظ الديلمي، والحافظ الحداد وغيرهم. كل ذلك من دون غمز فيها عن أي منهم.

وإن كان يريد عدم الصحة من ناحية معارضتها لما روي من نزول الآية يوم عرفة فهو مجازف في الحكم البات بالبطلان على أحد الجانبين، وهب أنه ترجح في نظره الجانب الآخر لكنه لا يستدعي الحكم القطعي ببطلان هذا الجانب كما هو الشأن عند تعارض الحديثين، لا سيما مع إمكان الجمع بنزول الآية مرتين كما احتمله سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 18 كغير واحدة من الآيات الكريمة النازلة غير مرة واحدة ومنها البسملة النازلة في مكة مرة وفي المدينة أخرى وغيرها مما يأتي.

على أن حديث نزولها يوم الغدير معتضد بما قدمناه عن الرازي وأبي السعود وغيرهما من أن النبي صلى الله عليه وآله لم يعمر بعد نزولها إلا أحدا أو اثنين وثمانين يوما. فراجع ص 230، والسيوطي في تحكمه هذا قلد ابن كثير فإنه قال في تفسيره 2 ص 14 بعد ذكر الحديث بطريقيه:لا يصلح لا هذا ولا هذا.فالبادي أظلم.

16-ميرزا محمد البدخشي، ذكر في "مفتاح النجا " ما أخرجه ابن مردويه كما مر في ص 231.

وبعد هذا كله فإن تعجب فعجب قول الآلوسي في روح المعاني 2 ص 249:أخرج الشيعة عن أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت بعد أن قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه في غدير خم:من كنت مولاه فعلي مولاه.فلما نزلت قال عليه الصلاة والسلام:الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وولاية علي كرم الله تعالى وجهه بعدي.ولا يخفى أن هذا من مفترياتهم، وركاكة الخبر شاهد على ذلك في مبتدأ الأمر.

ونحن لا نحتمل أن الآلوسي لم يقف على طرق الحديث ورواته حتى حداه الجهل الشائن إلى عزو الرواية إلى الشيعة فحسب، لكن بواعثه دعته إلى التمويه والجلبة أمام تلك الحقيقة الراهنة، وهو لا يحسب أن ورائه من يناقشه الحساب بعد الاطلاع على كتب أهل السنة ورواياتهم.

ألا مسائل هذا الرجل عن تخصيصه الرواية بالشيعة؟ وقد عرفت من رواها من أئمة الحديث وقادة التفسير وحملة التاريخ من غيرهم.ثم عن حصره إسناد الحديث بأبي سعيد؟ وقد مضت رواية أبي هريرة وجابر بن عبد الله ومجاهد والإمامين الباقر والصادق عليهما السلام له.ثم عن الركاكة التي حسبها في الحديث وجعلها شاهدا على كونه من مفتريات الشيعة أهي في لفظه؟ ولا يعدوه أن يكون لدة ساير الأحاديث المروية وهو خال عن أي تعقيد، أو ضعف في الأسلوب، أو تكلف في البيان، أو تنافر في التركيب، جار على مجازي العربية المحضة.أو في معناه؟ وليس فيه منها شيئ غير أن يقول الآلوسي:إن ما يروى في فضل أمير المؤمنين عليه السلام وما يسند إليه من فضايل كلها ركيكة لأنها في فضله، وهذا هو النصب المسف بصاحبه إلى هرة الهلكة وليت شعري ما ذنب الشيعة إن رووا صحيحا وعضدتهم على ذلك روايات أهل السنة؟

غير أن الناصب مع ذلك يتيه في غلوائه، ويجاثيك على العناد فيقول:أخرج الشيعة إلخ.ولا يخفى أن هذا من مفترياتهم.إلخ.وبوسعنا الآن أن نسرد لك الأحاديث الركيكة التي شحن بها كتابه الضخم حتى يميز الناقد المنصف الركيك من غيره لكنا نمر عليها كراما.

كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله..

1-راجع تأريخ الكامل 2 ص 134، وإمتاع المقريزي ص 548، وتاريخ ابن كثير 6 ص 332 وعده مشهورا، والسيرة الحلبية 3 ص 382
2-ستعرف صحته في صوم الغدير وإن تضعيفه تحكم والحديث واضح ورجال إسناده كلهم ثقات.
3-في فرايد السمطين نقلا عن الخوارزمي:ثم لم يتفرقا حتى نزلت، وفي لفظه الآخر عنه:ثم لم يتفرقوا حتى نزلت.مثل لفظ أبي نعيم.
4-قال شهاب الدين في توضيح دلايله:قال الإمام العالم الأديب الأريب، المحلى بسجايا المكارم الملقب بين الأجلة الأئمة الأعلام بمحيي السنة وناصر الحديث ومجدد الاسلام العالم الرباني والعارف السبحاني سعد الدين أبو حامد محمود بن محمد بن حسين بن يحيى الصالحاني في عباراته الفائقة و إشاراته الرائقة من كتاب شكر الله تعالى مسعاه وأكرم بفضله مثواه.الخ.

حضور جبرئيل فى يوم الغدير


 اتفق المسلمون على ظهور الملائكة على شكل البشر في موارد خاصة لإبلاغ رسالة خاصة تتعلق بهداية الناس.وقد حدث ذلك في الغدير بعد أن أتمَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطبته وذلك تأييداً للحجة على الناس.

فقد ظهر جبرئيل بشكل رجل حسن الصورة طيب الريح واقفاً بين الناس وقال:"تا للهِ ما رأيتُ كاليوم قط!ما أشدَّ ما يؤكِّد لابن عمه!انه لعقد له عقداً لا يحلُّه الا كافر بالله العظيم وبرسوله الكريم.ويل طويل لمن حلَّ عقده"!قال:فالتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته، ثم التفت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال أما سمعت ما قال هذا الرجل؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم:يا عمر أتدري من ذلك الرجل.قال:لا.قال صلى الله عليه وآله وسلم:ذلك روح الأمين جبرائيل!فاياك أن تحله، فانك ان فعلت، فالله ورسوله وملائكته والمؤمنون منك براء!

قبس من الغدير


 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين. 


عيد الله الأكبر


طبقاً للروايات الإسلامية فإنّ عيد الغدير هو أعظم أعياد الله تبارك وتعالى.

روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله أنّه قال "يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمّتي وهو اليوم الذي أمرني الله ـ تعالى ذكره ـ فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علَماً لأمّتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمّ على أمّتي النعمة ورضي لهم الإسلام ديناً"1.

وعن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه قال سألت أبا عبد الله عليه السلام "هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال نعم، أعظمهما حرمة، قلت وأيّ عيد هو جعلت فداك؟ قال اليوم الذي نصّب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام وقال من كنت مولاه فعليّ مولاه. قلت وأيّ يوم هو؟ قال ... يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة"2.

فعيد الغدير ليس يوم أمير المؤمنين علي سلام الله عليه وحده، بل هو يوم الرسول الكريم صلى الله عليه وآله أيضاً، بل يجب القول بأنّه يوم الله تعالى، لأنّ الله تعالى والرسول الكريم صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين سلام الله عليه في امتداد بعض.

لقد ذكر الله تعالى هذا اليوم فقال ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإسْلامَ ديناً. وحسب هذه الآية الكريمة فإنّ كمال الإسلام حصل عندما أعلنت ولاية علي سلام الله عليه كفريضة.

كما روي عن الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه قوله "وكانت الفرائض ينزل منها شيء بعد شيء، تنزل الفريضة ثم تنزل الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض فأنزل الله عزّ وجلّ اليَوْمَ أكْمَلْتُ... يقول الله عزّ وجلّ لا أنزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة، قد أكملت لكم هذه الفرائض"3
لقد أوحى الله عزّ وجلّ بالأحكام والواجبات الواحدة تلو الأخرى حتى ختمها بالولاية، لأنّه عندما تمّ بيان هذا الحكم، أنزل الله هذه الآية"اليَوْمَ أكْمَلْتُ ...، ليعلن أن لا فريضة بعدها. فبعد نزولها وتنصيب أمير المؤمنين سلام الله عليه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله أدرك الناس مراد الله تعالى من الآية الكريمة ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، وعلموا أنّ عليهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله الامتثال لطاعة أمير المؤمنين وأبنائه الطاهرين سلام الله عليهم.

يقول الإمام محمد الباقر سلام الله عليه ﴿آخر فريضة أنزلها الله الولاية اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإسْلامَ ديناً4.

إذن، فريضة الولاية كانت آخر فريضة أنزلها الله تعالى، ومن ثمّ قُبض صلى الله عليه وآله.

الغدير ووفور النعمة 

ممّا يثير الانتباه في هذه الآية الكريمة أنّ الله تعالى قد ربط إتمام نعمته على الخلق بموضوع الولاية، أي كما أنّ تحقّق كمال الدين ارتبط بالولاية فإنّ إتمام النعمة أنيط بإعلانها من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله. والمقصود بالنعمة جميع النعم، ظاهرها وباطنها مثل العدل والمساواة والاتحاد والأخوة والعلم والأخلاق والطمأنينة النفسية والروحية والحرية والإحساس بالأمن، وبعبارة موجزة جميع أنواع العطايا.

لذا، فموقف الذين سعوا إلى تفسير النعمة بالشريعة والولاية واعتبارها مجرّد مسألة معنوية محلّ تأمّل ونظر، لأنّ الآية المذكورة لم تتطرّق لمسألة أصل النعمة، بل الحديث يدور حول «إتمام النعمة»، فأينما ورد ذكر إتمام النعمة في القرآن الكريم كان المراد منها النعم التي يصيبها الإنسان في الدنيا5، ومن هنا توجد علاقة مباشرة بين ولاية أمير المؤمنين علي سلام الله عليه والتمتّع بالنعم الدنيوية، وإحدى الشروط المهمّة والرئيسية للوصول بنا إلى مجتمع الحرية والبناء القائم على أساس العدالة والأخلاق وسيادة القيم والفضائل الأخلاقية الإنسانية أن نسلّم لما بلّغ به رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم الغدير، وأن نقبل عملياً بولاية أمير المؤمنين سلام الله عليه، بعبارة أخرى إنّ الأخذ بولاية أمير المؤمنين سلام الله عليه، له أثر تكويني، ويوجب سبوغ البركات والخيرات على الناس من الأرض والسماء.

ژيقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز ﴿وَلَوْ أنَّهُمْ أقاموا التَوْراةَ وَالإنْجيلَ وَما اُنْزِلَ إلَيْهِم مِنْ رَبِّهِمْ لأكَلوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أرْجُلِهِم6

لو أردنا أن نشرح الغدير في عبارة موجزة نقول الغدير هو الوعاء الذي تصبّ فيه جميع تضحيات الرسول الكريم صلى الله عليه وآله، وهو مخزن الأحكام والآداب التي أوحى الله تعالى بها إلى رسوله الأمين، وفي إشارة إلى هذه الحقيقة يقول جلّ وعلا ﴿يا أيُّها الرَّسولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه7.

والغدير روضة الفضائل والأخلاق والمكارم والمحاسن بل هو المكارم بعينها، ويدين التطور الحضاري والمعنوي له؛ وذلك لأنّه كان أهمّ عامل في حفظ كيان الإسلام والدين، ويعدّ إنكاره بمثابة إنكار لجميع القيم الإسلامية السامية الممتدّة على أرض الإسلام الواسعة.

على هذا ، كلّ عقيدة لا تغرف من معين الغدير فإنّها على وهن وفاقدة للأساس، والغدير بجوهره وروحه يعني مدرسة أمير المؤمنين سلام الله عليه التي تصلح لإسعاد البشر أجمع. فأمير المؤمنين سلام الله عليه هو بعد الرسول صلى الله عليه وآله أعظم آيات الله عزّ وجلّ ولا تضاهيه آية، وفي هذا يقول الإمام الباقر سلام الله عليه للّذي أراد سبر معرفة الله بدون أمير المؤمنين سلام الله عليه «فليشرّق وليغرّب»، أي لن يبلغ غايته ولو يمّم وجهه شرقاً وغرباً. إنّه لمن تعاسة الإنسان وسوء حظّه أن يطلب العلم والمعرفة من غير طريق علي وآل علي سلام الله عليهم، وهذا العلم، إن حصل، فإنه ليس بذاك لأنّه مفرّغ من القيم الأخلاقية والمعنوية، وبعيد عن روح الشريعة.

الغدير والتعاطف مع الناس

إحدى خصال الإمام علي سلام الله عليه خاصة في فترة خلافته هي تعاطفه مع الناس، ويتجلّى تعاطفه مع أفقر الناس من خلال عمله وقد قال "ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه"8.
فهو سلام الله عليه لم يضع حجراً على حجر، ولم يسكن قصراً فارهاً ولم يمتطِ فرساً مطهّماً، وتحمّل كلّ المصاعب هذه لئلا يكون هناك فرد في أقصى نقاط دولته يتبيّغ بفقره لا يجد حتى وجبة غذاء واحدة تسدّ رمقه، وهو القائل "لعلّ هناك بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع"9. لذا، فإنّه لمجرد أن يحتمل سلام الله عليه وجود أفراد في المناطق النائية من رقعة حكومته جوعى، لم يكن ينام ليلته ممتلئ البطن، وقد حرم نفسه حتى من متوسط الطعام واللباس والمسكن ولوازم الحياة العادية.

أراد الإمام علي سلام الله عليه بنهجه هذا تحقيق هدفين الأول أن يُبعد عنه أي شبهة كحاكم إسلامي، ويسلب منتقديه أي حجّة تدينه، هؤلاء المنتقدين الذين أنكروا عليه حتى مناقبه10.

والهدف الثاني هو تذكير الحكّام المسلمين بمسؤولياتهم الخطيرة تجاه آلام الناس وفقرهم في ظلّ حكوماتهم، وضرورة إقامة العدل والتعاطف مع آلامهم وعذاباتهم، والسعي بجدّ من أجل تأمين الرفاهية والعيش الكريم لهم.

من هذا المنطلق، فإن مجرّد احتمال وجود أناس يتضوّرون جوعاً في أبعد نقاط الحكومة الإسلامية يعتبر في ميزان الإمام علي سلام الله عليه مسؤولية ذات تبعات، لذا فهو سلام الله عليه يؤكّد على الحكّام ضرورة أن يجعلوا مستوى عيشهم بنفس مستوى عيش أولئك، وأن يشاركوهم شظف العيش.

وهنا تتجلى عظمة الغدير أكثر فأكثر، وتسطع أنوار القيم والتعاليم السامية التي يحملها يوماً بعد آخر، تلك القيم التي تؤمّن التوازن السليم بين المتطلبات الروحية والعقلية والمادية والمعنوية للبشر، لتحقّق السعادة للجميع أفراداً ومجتمعات، حكاماً ومحكومين.

مبادئ مدرسة الغدير

وهي مبادئ واسعة وعميقة لدرجة أنّه لا يستطيع أحد الإحاطة بها وبكنهها جميعها، إلاّ قبساتها التي تشعّ. ومن أقوال الإمام علي سلام الله عليه، على سبيل المثال، ألفت نظركم إلى العبارة التالية الموجزة الكلمات والعميقة الغور "والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت"11.

النقطة البالغة الأهمية التي تتضمّنها هذه العبارة أنّ الإمام سلام الله عليه قد استخدم كلمة «لو» وهي كما يذكر علماء الأدب ليس مجرد حرف شرط، بل حرف شرط يدلّ على امتناع لامتناع أي امتناع الجواب لامتناع الشرط. يقول الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز ﴿لَوْ كانَ فيهما آلِهَةٌ إلاّ اللهُ لَفَسَدَتا12، أي لو كان في الأرض والسماء آلهة غير الله عزّ وجلّ لانفرط عقد الكون، ولكنّ الأمر ليس كذلك، فالسماوات والأرض باقيتان على حالهما ممسكتان، إذن ليس فيهما آلهة إلا الله. فحرف (لو) سلفاً يدلّ على أن ما بعده من الشرط غير ممكن.

وهكذا نحو قولنا لو كان لي جناحان لطرت بهما، فانتفى طيراني لعدم امتلاكي جناحين. فـ (لو) ابتداءً يدلّ على انتفاء مدخوله، من هنا، يكون معنى قوله سلام الله عليه «والله لو أعطيت...» أن عصياني لله تعالى في ظلم نملة بهذا المقدار القليل لا يمكن تحققه حتى إذا كان بإعطائي مقابله الأقاليم السبعة. وهذا المعنى يؤشر عليه حرف (لو).

والإمام سلام الله عليه غير مستعدّ للفوز بملك الأقاليم السبعة في مقابل معصية الله ولو في سلب قوت نملة واحدة، ففي القول دلالة على نملة مفردة.

ونقطة ثانية مهمة في العبارة المذكورة هي استخدام كلمة "جلب شعيرة"، وهي قشرة حبة الشعير الرقيقة، والتي تنزع عنها تلقائياً، ولو كان يوجد ما هو أتفه شأناً من جلب الشعير لقارن الإمام سلام الله عليه به. من هنا، فقد أقام الحجّة على جميع الحكّام وولاة الأمر، واضعاً إيّاهم أمام مسؤولياتهم الخطيرة، هؤلاء الحكّام الذين لا يتورّعون عن ارتكاب أي جريمة، فيبيدون الحرث والنسل، ويزهقون الآلاف من الأرواح الطاهرة البريئة من أجل شبر من الأرض أو مال قليل أو بلوغ المناصب والتمتّع بحطام الدنيا الزائل.

حسب ثقافة الغدير، فإنّ في سلب النملة جلب شعيرة معصية، فما بالك بقتل الأفراد بالظنّة والشبهة. في النقطة المقابلة، نجد المنطق الأموي والعباسي الذي كان يعاقب الأفراد بتهمة حبّهم لعلي سلام الله عليه، ويقمع الخصوم الفكريين لأدنى شبهة.

والحكام السابقون للإمام علي سلام الله عليه أيضاً كانوا يسيرون على هذا النهج نفسه ـ أي نهج الحكام الأمويين والعباسيين ـ حيث كانوا يخنقون أصوات المعارضين لأتفه الأسباب، فمثلاً أرسل أبو بكر جيشاً بقيادة خالد بن الوليد للإجهاز على معارضيه، وقد أدّى خالد المهمّة بوحشية وبشاعة بإهراقه دماء فريق من المسلمين في حروب سمّيت "بحروب الردّة"، وتحت ذريعة محاربة المرتدّين، إلاّ أنّ معظم الذين سفكت دماؤهم من قبل خالد وجيشه كانوا من المسلمين الأبرياء، ولم تكن تهمة الارتداد سوى ذريعة13.

بل إنّ الأساليب التّي اتّبعها خالد في حربه ضدّهم كانت مخالفة تماماً لنهج الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وتعاليم الإسلام، وتتلخص أساليب خالد في قتل المسلمين بقذفهم من المرتفعات والأماكن العالية، وحرقهم وهم أحياء، والتمثيل بهم، وقطع أوصالهم، وإلقائهم في الآبار، في حين كان الرسول الكريم صلى الله عليه وآله ينهى عن المثلة حتى بالكلب، في هذا يوصي الإمام علي سلام الله عليه أهل بيته محذراً إيّاهم من التمثيل بقاتله، بقوله "فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور"14. وهذا غيض لفيض من الفظائع التي ارتكبها خالد وهو منطلق بأمر أبي بكر.

الغدير والمشاعر الإنسانية 

بركة أخرى من بركات الغدير هي الوقوف على الجانب العاطفي من شخصية الإمام علي سلام الله عليه والأئمة سلام الله عليهم الذين نصّبهم رسول الله صلى الله عليه وآله لخلافته من بعده، ففيهم تتجلّى الرحمة الإلهية على الخلق وهم التجسيد الحيّ لأسمائه الحسنى، حيث ورد في بعض الروايات أنّ الآية الكريمة ﴿وَللهِ الأسْماء الحُسْنى فادْعوهُ بِها15 نزلت في شأنهم.

فمن شفقة أمير المؤمنين سلام الله عليه على الخلق أنه أعطى طعامه للأسير واليتيم والمسكين وبات جائعاً هو وزوجته وولداه الحسن والحسين سلام الله عليهم أجمعين ثلاثة أيام متواليات، ولم يكن طعامهم سوى أقراص خبز. وعلى فراش الشهادة أوصى سلام الله عليه بإعطاء مقدار من الحليب الذي كان يتناوله كدواء إلى قاتله ابن ملجم، وأن لا يُبخس حقّه في المأكل والمشرب والمكان والملبس المناسب 16. بل كان يطالبهم أن يعفوا عن ابن ملجم حيث قال لهم "إن أعف فالعفو لي قربة وهو لكم حسنة فاعفوا، ألا تحبّون أن يغفر الله لكم"17

يروي المؤرخون أنّه بعد استشهاد الإمام علي سلام الله عليه كانت له درع مرهونة عند يهودي، بينما بلغت أموال عثمان بن عفان بعد مقتله 150 ألف دينار ومليون درهم، وكانت لعثمان أيضاً أملاك في وادي القرى وحنين ونواحي أخرى تقدّر بـ200 ألف دينار، هذا بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الإبل والفرس18.

فلتقارن هذه الثروة العظيمة التي خلّفها عثمان مع الدَيْن الذي كان بذمّة الإمام علي سلام الله عليه عند استشهاده ليتبيّن لنا البون الشاسع بين المنهجين، ونكتشف عظمة علي سلام الله عليه والغدير أكثر فأكثر. وهنا، ينجلي لنا جانب من السرّ الذي تنطوي عليه عظمة الغدير ومقولة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله باعتباره أهمّ الأعياد.

مسؤوليتنا تجاه الغدير 

لكي نعرف طبيعة وحجم المسؤولية التي يلقيها الغدير على عاتقنا، يجب أولاً أن نسأل أنفسنا، إلى أي مدى تعرّف العالم المعاصر على الغدير وسبر أسراره العميقة؟ وإذا كان يجهل الغدير فمن الذي يتحمّل مسؤولية هذا الجهل؟ وما طبيعة المسؤولية التي نضطلع بها في الغدير أمام الله عزّ وجلّ وتجاه المجتمعات الإسلامية؟

في الحقيقة، لا يحمل الجيل الحالي عموماً تصوراً واضحاً وصحيحاً عن الغدير، و تقع مسؤولية ذلك على عاتقنا نحن في الدرجة الأولى، فلو أدّينا واجبنا في شرح فكرة الغدير للناس لكان الوضع أفضل ممّا نحن عليه الآن.

كان علينا أن نوضّح للعالم بأنّ الغدير يعني تحقيق الرفاهية وتوسيع نطاقها، وبلوغ التقدم والرقي والوفور وعمران المجتمعات الإنسانية، الغدير يعني المساواة بين الممسكين بمقاليد الاقتصاد والمال وبين باقي أفراد المجتمع، والقضاء على الطفيلية والعصابات. وحسب ثقافة الغدير، فإنّ المسؤولين عن الشؤون المالية هم المؤتمنون فحسب ولا شيء أكثر من ذلك. الخلاصة، إنّ الغدير يعني ميثاق ولاة الأمر مع الله عزّ وجلّ بأن يجعلوا مستوى عيشهم بمستوى أقلّ الأفراد في المجتمع، وأن يحاكوهم في المأكل والمسكن والملبس والرفاهية ...إلخ.

في الختام، نؤكّد المسؤولية الخطيرة الملقاة على عاتقنا إزاء الغدير وأمير المؤمنين سلام الله عليه، وضرورة الالتزام بهذه المسؤولية فيما يتعلّق بالغدير. ومن أهمّ هذه المسؤوليات في الوقت الراهن نشر مفاهيم الغدير، ودعوة عموم الناس لينهلوا من هذه المائدة السماوية؛ وفي غير الحالة هذه، لا يوجد أدنى أمل في كفّ الحكّام المستبدّين أيديهم عن المستضعفين، وإنقاذ الإنسانية يوماً ما من هذا الوضع السيّئ والخطير، والوصول إلى ساحل الأمن والرفاهية والعدل والحرية.

إذن، عندما يكون الحديث عن الغدير، فإنه في الواقع حديثٌ عن المعاني التي ذكرناها آنفاً، مجسّدة الروح العظيمة لأمير المؤمنين سلام الله عليه.

بقي أن نتساءل يا ترى هل سينجب التاريخ حاكماً عادلاً يقتفي أثر الإمام علي سلام الله عليه الذي كان يتعاطف مع أضعف مواطني حكومته؟ هنا يتوضّح جلياً مغزى قول الإمام الرضا سلام الله عليه "لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات"19.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

1- الأمالي، الصدوق، 188 197، الإقبال، السيد ابن طاووس، 2 264.
2- أصول الكافي، الكليني، 4 149، ح3.
3- دعائم الإسلام، القاضي نعمان المغربي، 1 14.
4- تفسير العيّاشي، 129220.
5- المائدة، الآية 3 و6؛ سورة البقرة، الآية 150؛ سورة يوسف عليه السلام، الآية 6؛ سورة النحل، الآية 81، سورة الفتح، الآية 2.
6- المائدة، الآية 66.
7- المائدة، الآية 67.
8- نهج البلاغة، الرسالة 45.
9- نفس المصدر السابق.
10- لقد أنكر هؤلاء المنتقدون قصة تصدّقه سلام الله عليه بالخاتم راكعاً، على الرغم من أنّ معظم المفسّرين قد أقرّوا بأنّ الآية الكريمة ﴿إنّما وَليُّكُمُ اللهُ وَرَسولُهُ والّذينَ آمَنوا الّذينَ يُقيمونَ الصّلاةَ وَيُؤتونَ الزّكاةَ وَهُمْ راكِعون نزلت في شأن الإمام علي سلام الله عليه، وهو مصداقها الوحيد.
11- نهج البلاغة، الخطبة 254.
12- الأنبياء، الآية 22.
13- تاريخ الطبري، 3 1189ـ 1303، محمد حسين روحاني، كتاب الردّة، محمد بن عمر بن واقد، 140. تاريخ اليعقوبي، 29، محمد إبراهيم آيتي.
14- نهج البلاغة، الرسالة 47، صبحي الصالح.
15- الأعراف، الآية 180.
16- كان عليه السلام يقول أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا وليّ دمي، فإمّا عفوت وإمّا اقتصصت، وإن أمت فألحقوه بي، ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبّ المعتدين. البلاذري، أنساب الأشراف، ، 3 256. ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، 1181. وفي رواية أخرى أطعموه من طعامي، اسقوه من شرابي، فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي، وإن أنا متّ فاضربوه ضربة لا تزيدوه عليها. المناقب، الخوارزمي، 388 403، مقتل أمير المؤمنين، 23ـ 40.
17- نهج البلاغة، الرسالة 47، صبحي الصالح.
18- مقدمة ابن خلدون، 1393، محمد پروين گنابادي.

المؤلفون في حديث الغدير


 
 بلغ اهتمام العلماء بهذا الحديث إلى غاية غير قريبة، فلم يقنعهم إخراجه بأسانيد مبثوثة خلال الكتب حتى أفرده جماعة بالتأليف، فدوّنوا ما انتهى إليهم من أسانيده، وضبطوا ما صحّ لديهم من طريقه، كلّ ذلك حرصاً على كلاءة متنه من الدثور، وعن تطرّق يد التحريف إليه، فمنهم:

1- أبو جعفر محمّد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبريّ الآمليّ المولود (224-310هـ)، له كتاب "الولاية في طرق حديث الغدير" رواه فيه من نيف وسبعين طريقاً، قال الحمويّ في معجم الأدباء ج18 ص80 في ترجمة الطبريّ: له كتاب فضائل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، تكلّم في أوّله بصحّة الأخبار الواردة في "غدير خُمّ" ثمّ تلاه بالفضائل ولم يتمّ، وقال في ص74: وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده وأطرحه، وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد: بتكذيب "غدير خُمّ" وقال: إنّ عليّ بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بـ"غدير خُمّ"، وقال هذا الإنسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلداً بلداً ومنزلاً منزلاً أبياتاً يلّوح فيها إلى معنى حديث "غدير خُمّ" فقال:

كم قائل فيه بزور جم

ثمّ مررنا بغدير خُمّ 


على عليّ والنبيّ الأمي وبلغ أبا جعفر ذلك فابتدأ بالكلام في فضائل عليّ بن أبي طالب وذكر طرق "حديث خُمّ" فكثر الناس لاستماع ذلك واستمع قوم من الروافض من بسط لسانه بما لا يصلح في الصحابة رضي الله عنهم فابتدأ بفضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهم. وقال الذهبيّ في طبقاته ج2 ص254: لمّا بلغ (محمّد بن جرير) أنّ ابن أبي داود تكلّم في حديث غدير خُمّ عمل كتاب الفضائل وتكلّم في تصحيح الحديث ثمّ قال: قلت: رأيت مجلّداً من طرق الحديث لابن جرير فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق.وقال ابن كثير في تاريخه ج11 ص146 في ترجمة الطبريّ: إنّي رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث "غدير خُمّ" في مجلّدين ضخمين، وكتاباً جمع فيه طرق حديث الطير. ونسبه إليه ابن حجر في تهذيب التهذيب ج7 ص337. وذكره له شيخ الطائفة الطوسي في فهرسته وقال: أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن ابن كامل، وقال السيّد ابن طاوس في الإقبال: ومن ذلك ما رواه محمّد بن جرير الطبريّ صاحب التاريخ الكبير صنّفه وسمّاه "كتاب الردّ على الحرقوصية" روى فيه حديث يوم الغدير وروى ذلك من خمس وسبعين طريقاً .

2- أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة المتوفى (333هـ)، له كتاب الولاية في طرق حديث الغدير رواه بمئة وخمس طرق، أكثر النقل عنه ابن الأثير في أُسد الغابة، وابن حجر في الإصابة، وقال الثاني في تهذيب التهذيب ج7 ص337 بعد ذكر حديث الغدير: صحّحه واعتنى بجمع طرقه أبو العبّاس ابن عقدة فأخرجه من حديث سبعين صحابياً أو أكثر، وقال في فتح الباري: أمّا حديث "من كنت مولاه فعليّ مولاه" فقد أخرجه الترمذيّ والنسائيّ وهو كثير الطرق جداً وقد استودعها ابن عقدة في كتاب مفرد وكثير من أسانيدها صحيح وحسّان، و ذكر له شمس الدين المناوي الشافعي في "فيض القدير" ج6 ص218 وحكى قول ابن حجر :حديث كثير الطرق صحّحه ...، ونسبه إليه الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ص15، وذكره له النجاشيّ في فهرسته ص67، وقال السيّد ابن طاووس في الإقبال ص663: وجدته قد كتب في زمن أبي العبّاس مصنّفه في (330هـ) وعليه خطّ الشيخ الطوسي وجماعة من شيوخ الإسلام، وقد روى فيه نصّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بولاية عليّ عليه السلام من مئة وخمس طرق والآن موجود عندي. وقال الهدار في القول الفصل 1ص445: أخرج الحديث ابن عقدة عن مئة وخمسة من الصحابة.

3- أبو بكر محمّد بن عمر بن محمّد بن سالم التميمي البغداديّ المعروف بالجعابي المتوفّى (355هـ)1 له كتاب "من روى حديث غدير خُمّ" عدّه النجاشيّ من كتبه في فهرسته ص 281، وقال السروي في مناقبه ج 1 ص 529، ذكره أبو بكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقاً، وذكر عن الصاحب الكافي أنّه قال: روى لنا قصّة "غدير خُمّ" القاضي أبو بكر الجعابي عن أبي بكر وعمر وعثمان إلى أن عدّ ثمانية وسبعين صحابياً، وفي ضياء العالمين: إنّه روى حديث الغدير في كتابه "نخب المناقب" من مئة وخمس وعشرين طريقاً.

4- أبو طالب عبيد الله2 بن أحمد بن زيد الأنباري الواسطي المتوفّى بواسط (356هـ)، له كتاب "طرق حديث الغدير" ذكره له النجاشي في فهرسته ص 161.

5- أبو غالب أحمد بن محمّد بن محمّد الزراري المتوفّى (368هـ)، له جزء في خطبة الغدير نصّ عليه هو بنفسه في رسالته في آل أعين التي ألّفها لحفيده أبي طاهر الزراري.

6- أبو الفضل محمّد بن عبد الله بن المطلب الشيباني المتوفّى (372هـ)، له كتاب "من روى حديث غدير خُمّ" ذكره له معاصره النجاشيّ في فهرسته ص282.

7- الحافظ عليّ بن عمر الدارقطني البغداديّ المتوفى 385، قال الكنجي الشافعيّ في كفايته ص15 عند ذكر حديث الغدير: أجمع الحافظ الدارقطني طرقه في جزء.

8- الشيخ محسن بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي عم شيخنا عبد الرحمن النيسابوري، له كتاب "بيان حديث الغدير" ذكره له الشيخ منتجب الدين في فهرسته.

9- عليّ بن عبد الرحمن بن عيسى بن عروة الجرّاح القناتي المتوفّى (413هـ)، له كتاب "طرق خبر الولاية" عدّه النجاشيّ من تآليفه في فهرسته ص192.

10- أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري المتوفّى 15 صفر 411هـ، له: " كتاب يوم الغدير" ذكره له النجاشيّ في فهرسته ص15.

11- الحافظ أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني3 المتوفّى (477هـ) له كتاب "الدراية في حديث الولاية" في 17 جزء جمع فيه طرق حديث الغدير ورواه عن مئة وعشرين صحابياً، ذكره له ابن شهر آشوب في المناقب ج1 ص529، وقال جمال الدين السيّد ابن طاووس في الإقبال ص663 إنّه كان يوجد عنده وإنّه مجلّد أكثر من عشرين كراساً، وينقل عنه في كتاب "اليقين" ويروي عنه ابن أبي حاتم الشامي في الدر النظيم في الأئمّة اللهاميم، وكان يوجد عند الشيخ عماد الدين الطبريّ ينقل عنه في كتابه "بشارة المصطفى لشيعة المرتضى" معبراً عنه بكتاب الولاية.

12- أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفّى (449هـ)، له كتاب "عدّة البصير في حجّ يوم الغدير" قال العلاّمة النوري في المستدرك ج3 ص498: هذا كتاب مفيد يختصّ بإثبات إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم الغدير، جزء واحد مئتا ورقة، بلغ الغاية فيه حتّى حصل في الإمامة كافياً للشيعة، عمله بطرابلس للشيخ الجليل أبي الكتائب عمّار.

13- عليّ بن بلال4 بن معاية بن أحمد المهلبي، له كتاب "حديث الغدير" ذكره له شيخ الطائفة في فهرسته ص96، وابن شهر آشوب في المناقب ج1 ص529 وفي المعالم ص59.

14- الشيخ منصور اللائي الرازي، له كتاب "حديث الغدير" ذكر فيه أسماء رواته على ترتيب الحروف، ذكره له ابن شهر آشوب في المناقب ج1 ص529، والشيخ أبو الحسن الشريف في ضياء العالمين.

15- الشيخ عليّ بن الحسن الطاطري الكوفيّ، صاحب كتاب "فضائل أمير المؤمنين" له " كتاب الولاية" ذكره له شيخ الطائفة في فهرسته ص92.

16- أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني له كتاب "دعاة الهداة إلى أداء حقّ الموالاة" يذكر فيه حديث الغدير، ذكره له السيّد في الإقبال ص663 وقال: إنّه يوجد عندنا، ونسبه إليه الشيخ أبو الحسن الشريف في ضياء العالمين.

17- شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبيّ المتوفّى (748هـ) له كتاب "طريق حديث الولاية" ذكره لنفسه هو في كتابه تذكرة الحفّاظ ج3 ص231، وقال: أمّا حديث الطير، فله طرق كثيرة جدّاً قد أفردتها بمصنّف ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل، وأمّا حديث "من كنت مولاه"، فله طرق جيّدة وقد أفردت ذلك أيضاً.

18- شمس الدين محمّد بن محمّد الجزري الدمشقيّ المقري الشافعيّ المتوفّى (833هـ) أفرد رسالة في إثبات تواتر حديث الغدير وأسماها "أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب" ورواه من ثمانين طريقاً ونسب منكره إلى الجهل والعصبيّة، عدّه من تآليفه السخاوي في "الضوء اللامع"، توجد منه نسختان في مكتبة السيّد مير حامد حسين اللكهنوي الهنديّ صاحب "العبقات"، و ذكره له الشيخ أبو الحسن الشريف في ضياء العالمين.

19- المولى عبد الله بن شاه منصور القزوينيّ الطوسي، من معاصري صاحب "الوسائل"، له "الرسالة الغديريّة" كما في "أمل الآمل".

20- السيّد سبط الحسن الجايسي الهنديّ اللكهنوي له كتاب "حديث الغدير" بلغة (أردو) طبع في الهند.

21- السيّد مير حامد حسين بن السيد محمّد قلي الموسوي الهنديّ اللكهنوي المتوفّى (1306هـ) عن 60 سنة، ذكر حديث الغدير وطرقه وتواتره ومفاده في مجلّدين ضخمين في ألف وثمان صحائف، وهما من مجلّدات كتابه الكبير "العبقات".

22- السيّد مهدي بن السيّد عليّ الغريفي البحرانيّ النجفيّ المتوفّى (1343هـ) له كتاب "حديث الولاية في حديث الغدير" عدّه الشيخ الرازي من تآليفه في "الذريعة".

23- الحاج الشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمّيّ المتوفّى في النجف الأشرف ليلة الثلاثاء 23 ذي الحجّة (1359هـ)، له كتاب "فيض القدير في حديث الغدير".

24- السيّد مرتضى حسين الخطيب فتحپوري الهنديّ له كتاب "تفسير التكميل" في آية ﴿اليوم أكملت لكم دينكم النازلة في واقعة الغدير، طبع بالهند.

25- الشيخ محمّد رضا بن الشيخ طاهر آل فرج الله النجفيّ، العلاّمة الفذّ له كتاب "الغدير في الإسلام" طبع في النجف الأشرف.

26- الحاج السيّد مرتضى الخسروشاهي التبريزيّ، أفرد كتاباً في دلالة الحديث وأسماه "إهداء الحقير في معنى حديث الغدير" طبع في العراق.

1- توجد ترجمته في تاريخ بغداد 3 ص 26 - 31، وتذكرة الذهبي 3 ص 138 - 141 وغيرهما.
2- في فهرست شيخ الطائفة: عبد الله.
3- يقال في النسبة إلى سجستان: السجزي على غير قياس، أو أنّ سجزا اسمه الآخر كما في المعجم، قد توهّم بعضٌ التعدّد بين مسعود السجستاني والسجزي وذكر لكلّ واحد منهما كتاباً في حديث الغدير، وما في المناقب والمعالم لابن شهر آشوب من قوله في الأوّل: مسعود الشجري، وفي الثاني: معاوية السجزي، تصحيف.
4- في مناقب ابن شهر آشوب: هلال، وفي فهرست الشيخ: بلال.

احتجاج الإمام علي عليه السلام بحديث الغدير


 
احتجاج الإمام علي عليه السلام بحديث الغدير على أحقية خلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله

الشبهة الأولى:إنّ علي بن أبي طالب لم يستدل أبداً بحديث الغدير على خلافته ، وهذا ما يدل على أنّ هذا الحديث لم يكن نصّاً على خلافته ، لأنّه لو كان نصّاً لادعاه علي بن أبي طالب ، ودعوى ادعائها باطلة بالضرورة 1.

الشبهة الثانية:إنّ علي بن أبي طالب لم يحتج بحديث الغدير على خلافته إلاّ بعد أن آلت إليه الخلافة ، فسكوته عن الاحتجاج بذلك ، يدل بوضوح على أنّ هذا الحديث لم يكن نصّاً على خلافته بلا فصل بعد وفاة النبي 2.


رد الشبهتين

إنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قد أحتج بحديث الغدير بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ـ كما ورد في مصادر الفريقين ـ واستدل به على أحقية خلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في العديد من المواقف ، منها أيّام أبي بكر ، ويوم الشورى ، وأيّام خلافة عثمان ، إضافة إلى أيّام خلافته عليه السلام ، وإليك فيما يلي المصادر المبيّنة لهذا الأمر:

الموقف الأوّل:احتجاج الإمام علي عليه السلام بحديث الغدير أيّام خلافة أبي بكر ، ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج:


المصادر الشيعية


1ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي المتوفّى في القرن الأوّل ، وقد ورد فيه ما نصّه: إقامة الحجّة على أبي بكر في ما ادعاه من ألقاب:
وقال عمر لأبي بكر:أرسل إلى علي فليبايع...فأرسل إليه أبو بكر:أجب خليفة رسول الله ، فأتاه الرسول فقال له.
فقال له علي عليه السلام:"سبحان الله ما أسرع ما كذبتم على رسول الله ، إنّه يعلم ويعلم الذين حوله أنّ الله ورسوله لم يستخلفا غيري ".
وذهب الرسول فأخبره بما قال له.

قال: اذهب فقل له: أجب أمير المؤمنين أبا بكر ، فأتاه ، فأخبره بما قال.

فقال له علي عليه السلام:"سبحان الله ، ما والله طال العهد فينسى ، فو الله إنّه ليعلم أنّ هذا الاسم لا يصلح إلاّ لي ، وقد أمره رسول الله وهو سابع سبعة ، فسلّموا عليّ بإمرة المؤمنين ، فاستفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة ، فقالا: أحق من الله ورسوله ؟ فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم ، حقّاً حقّاً من الله ورسوله إنّه أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وصاحب لواء الغر المحجلين..." 3.

2ـ الاحتجاج ، الشيخ الطبرسي ( المتوفّى 560 هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه: 

عن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني ، بإسناده الصحيح عن رجال ثقة... قالوا:بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس ، وأيم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنّكم بالسيف.
فلمّا رأى ذلك بني هاشم أقبل رجل رجل ، فجعل يبايع حتّى لم يبق ممّن حضر ، إلاّ علي بن أبي طالب ، فقالوا له بايع أبا بكر.
فقال عليه السلام:"أنا أحق بهذا الأمر ، وأنتم أولى بالبيعة لي... ".
وقالت جماعة من الأنصار:يا أبا الحسن لو كان هذا الأمر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان.
فقال عليه السلام:"يا هؤلاء ، كنت أدع رسول الله مسجّى لا أواريه ، وأخرج أنازع سلطانه ، والله ما خفت أحداً يسمو له ، وينازعنا أهل البيت فيه ، ويستحل ما استحللتموه ، ولا علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله ترك يوم غدير خم لأحد حجّة ، ولا لقائل مقالاً ، فأنشد الله رجلاً سمع النبي يوم غدير خم يقول:"من كنت مولاه فعلي مولاه... أن يشهد الآن بما يسمع ؟ "4.


3ـ إرشاد القلوب ، الديلمي من أعلام القرن الثامن ، وقد ورد فيه ما نصّه: 
روي عن الصادق عليه السلام: أنّ أبا بكر لقي أمير المؤمنين عليه السلام في سكّة من سكك بني النجّار ، فسلّم عليه وصافحه ، وقال له: يا أبا الحسن أفي نفسك شيء من استخلاف الناس إيّاي ؟ وما كان من يوم السقفية وكراهيتك للبيعة ؟....

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:"يا أبا بكر هل تعلم أحد أوثق من رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأخذ بيعتي عليك في أربعة مواطن ، وعلى جماعة منكم ـ فيهم عمر وعثمان ـ في يوم الدار ، وبيعة الرضوان تحت الشجرة ، ويوم جلوسه في بيت أم سلمة ، ويوم الغدير بعد رجوعه من حجّة الوداع ، فقلتم بأجمعكم: سمعنا وأطعنا لله ولرسوله..."5.


4ـ الخصال ، الشيخ الصدوق المتوفّى 381 هـ ، ورد فيه ما نصّه:

عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام ، قال:"لمّا كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له ،... فقال علي عليه السلام:أنشدك بالله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو فيّ ؟...
قال:أنشدك بالله أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير أم أنت ؟ ".
قال:بل أنت...6.


5ـ الكافي ، الشيخ الكليني  المتوفّى 329 هـ ، ورد فيه ما نصّه: 

عن جابر بن يزيد قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام ، فقلت: يا ابن رسول الله... قال:"يا جابر...اسمع وع وبلّغ حيث انتهت بك راحلتك ، إنّ أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس بالمدينة ، بعد سبعة أيّام من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه ، فقال:الحمد لله... فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حجّة الوداع ، ثمّ صار إلى غدير خم ، فأمر فأصلح له شبه المنبر ، ثمّ علاه وأخذ بعضدي ، حتّى رئي بياض إبطيه ، رافعاً صوته قائلاً: من كنت مولاه فعلي مولاه... فكانت ولايتي كمال الدين ، ورضا الرب جل ذكره..."7.

ولو أنّ أهل السنّة أبو عن قبول هذه الروايات فإنّا نورد استدلال أمير المؤمنين عليه السلام بالنص على إمامته في أيّام أبي بكر من رواياتهم:

فقد روى أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن علي الحنبلي في أربعينه ، عن أستاذه عمر بن الحسن المعروف بابن دحية ، ما نصّه:
الحديث الثالث: يرويه الثوري عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد ، قال: حضرت أنس بن مالك وهو مكفوف البصر وفيه وضح ، فقام إليه رجل وقال:يا صاحب رسول الله ما هذه السمة التي أراها بك ؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وآله:"إنّ البرص والجذام ما يبتلي بها مؤمن ".
فأطرق أنس وعيناه تذرفان ، وقال: أمّا الوضح فإنّه دعوة دعاها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
فسأله جماعة أن يحدّثهم بالحديث.
فقال:لمّا نزلت سورة الكهف ، سأل بعض الصحابة أن يريهم أهل الكهف فوعدهم ذلك ، فأهدي بساط له وذكّره الصحابة وعده ، فقال صلى الله عليه وآله:"أحضروا عليّاً ".

فلمّا حضر قال لي:يا أنس أبسط البساط ، فبسطته ، فأمر الصحابة أن يجلسوا عليه ، فلمّا جلسوا رفع البساط ، وسار في الهواء إلى الظهر ، فوقف البساط ، ثمّ قمنا نمشي على الأرض حتّى شاهدنا الكهف ،... فتقدّم أمير المؤمنين وقال:السلام عليكم ، فردّوا عليه السلام ، وتقدّم القوم وسلّموا ، فلم يردّوا عليهم السلام ،...وسار بنا البساط إلى العصر ، وإذا نحن على باب المسجد ، فلمّا رآنا قال: تحدّثوني أو أحدّثكم ؟

وجعل يحدّثنا كأنّه كان معنا ، فقال له علي:لم ردّوا عليّ السلام ، ولم يردّوا على أصحابي ؟ فقال:ا"نّهم لا يردّون السلام إلاّ على نبي أو وصي نبي ، ثمّ قال: اشهد لعلي يا أنس ".
فلمّا كان بعد يوم السقيفة استشهدني علي بيوم البساط ، فقلت:نسيت.
قال:إن كنت كتمتها بعد وصية رسول الله صلى الله عليه وآله فرماك الله ببياض في وجهك...8.

الموقف الثاني: احتجاج الإمام علي عليه السلام بحديث الغدير يوم الشورى ، ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج:

المصادر السنّية: 

1ـ نهاية العقول مخطوط ، الفخر الرازي المتوفّى 606 هـ ، وقد ورد فيه ما نصّه:
الثاني:إنّ علياً ذكره في الشورى ، عندما حاول ذكر فضائله ، ولم ينكره أحد ، فعدم إنكارهم لذلك مع توفّر الدواعي على القدح ، فيما يفتخر به الإنسان على غيره دليل صحّته 9.

2ـ المناقب ، الخوارزمي الحنفي المتوفّى 568 هـ ، وقد ورد فيه ما نصّه: 

عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، قال: كنت على الباب يوم الشورى مع علي عليه السلام ، وسمعته يقول لهم:"... فأنشدكم الله: هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه..."10.
نقل هذا العلاّمة الأميني في الغدير ، وقال: وأخرجه الإمام الحمّوئي في فرائد السمطين في الباب الثامن والخمسين 11.


3ـ الدر النظيم ، أبو حاتم الشامي ، وقد ورد فيه ما نصّه: 

عن عامر بن واثلة ، قال:كنت على الباب يوم الشورى وعلي في البيت ، فسمعته يقول:"... أنشدكم بالله أمنكم من نصّبه رسول الله يوم غدير خم للولاية غيري ؟..."12.

4ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد المتوفّى 656 هـ ، وقد ورد فيه ما نصّه: 

ونحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات من مناشدته أصحاب الشورى... ولكنّه قال لهم:"... أفيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فهذا مولاه ، غيري ؟ "13.


المصادر الشيعية

شرح الأخبار ، القاضي النعمان المغربي المتوفّى 363 هـ ، ورد فيه ما نصّه:

عن عامر بن واثلة ،قال:كنت على الباب يوم الشورى ، فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت علياً عليه السلام يقول:"... فأناشدكم بالله الذي لا إله إلاّ هو أيها النفر الخمسة ،هل فيكم أحد أقامه رسول الله صلى الله عليه وآله في حجّة الوداع ، عندما أحتج إليه عامّة الأمّة ؟ ".
فقال لهم:"ألستم تعلمون أنّي أولى بكم منكم بأنفسكم ؟ ".
قالوا: اللهم نعم.
قال:"فمن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عالاه ، غيري ؟ ".
قالوا:اللهم ، لا 14.


الموقف الثالث:احتجاج الإمام علي عليه السلام بحديث الغدير أيّام خلافة عثمان ، ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج:

المصادر السنّية:

فرائد السمطين ، الحمّوئي: 1 / 312 ح 250.

المصادر الشيعية:

كتاب سليم بن قيس الهلالي المتوفّى في القرن الأوّل ، وقد ورد فيه ما نصّه:

أبان عن سليم قال: رأيت علياً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في خلافة عثمان... قال:أفتقرّون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله دعاني يوم غدير خم ، فنادى لي بالولاية ، ثمّ قال: ليبلّغ الشاهد منكم الغائب ، قالوا: اللهم نعم...15.


الموقف الرابع: احتجاج الإمام علي عليه السلام بحديث الغدير أيّام خلافته عليه السلام ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج:

المصادر السنّية: 

إنّ من المصادر السنّية التي أشارت إلى احتجاجه عليه السلام بحديث الغدير في الرحبة:

مسند أحمد ( المتوفّى 241 هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه:

عن زاذان بن عمر ، قال: سمعت علياً في الرحبة ، وهو ينشد الناس:"من شهد رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم وهو يقول ما قام ".
فقام: ثلاثة عشر رجلاً ، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو يقول:"من كنت مولاه فعلي مولاه 
"16.

إنّ من المصادر السنّية التي أشارت إلى احتجاجه عليه السلام بحديث الغدير في مسجد الكوفة:

السنن الكبرى ، النسائي المتوفّى 303 هـ ، وقد ورد فيه ما نصّه:

عن زيد بن يثيع ، قال:سمعت علي بن أبي طالب ، يقول على منبر الكوفة:"إنّي منشد الله رجلاً ، ولا أنشد إلاّ أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله: من سمع رسول الله يقول يوم غدير خم: "من كنت مولاه فعلي مولاه... ؟ " 17.


إنّ من المصادر السنّية التي أشارت إلى احتجاجه عليه السلام بحديث الغدير في واقعة الجمل:

المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري المتوفّى 405 هـ ، وقد ورد فيه ما نصّه:

حدّثنا رفاعة بن أياس الضبّي عن أبيه عن جدّه ، قال: كنا مع علي يوم الجمل ، فبعث إلى طلحة بن عبيد الله:أن القنا ، فأتاه طلحة ، فقال:"نشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه..."18.

المصادر الشيعية: 

إنّ من المصادر الشيعية التي أشارت إلى احتجاجه عليه السلام بحديث الغدير في واقعة الجمل:

الخصال ، الشيخ الصدوق ( المتوفّى 381 هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه:

عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال: خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال:"... يا أنس إن كنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه ، ثمّ لم تشهد لي اليوم بالولاية..." 19.

إنّ من المصادر الشيعية التي أشارت إلى احتجاجه عليه السلام بحديث الغدير في الرحبة:

مناقب أمير المؤمنين ، محمّد بن سليمان الكوفي ( كان حيّاً 300 هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه:

عن زيد بن يثيع وسعيد بن وهب وعمرو ذي مر وحبة قالوا: نشد علي في الرحبة:"أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم ، ما قال إلاّ قام يشهد ".

فقام اثنا عشر ، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي يوم غدير خم:"من كنت مولاه فعلي مولاه..."20.


النتيجة: 

إنّ المصادر التي ذكرناها في هذا المقام ، ولاسيّما المصادر السنّية التي بيّنت احتجاج الإمام علي عليه السلام بحديث الغدير في يوم الشورى ، وأيّام وقوع الخلافة بيد عثمان ، وبعد أن آلت الخلافة إليه عليه السلام ، تثبت بوضوح أنّ الإمام علي عليه السلام بخلاف ما ورد في الشبهة الأولى استدل بحديث الغدير على خلافته.

كما أنّ تعدّد مواقف استدلال الإمام بهذا الحديث قبل أن آلت إليه الخلافة تثبت بطلان الشبهة الثانية التي أوردناها في بداية البحث ، والتي جاء فيها بأنّ الإمام علي عليه السلام لم يحتج بحديث الغدير إلاّ بعد أن آلت إليه الخلافة.

ولو سلّمنا بأنّ الإمام علي عليه السلام لم يحتج بحديث الغدير على أحقية خلافته إلاّ بعد أن آلت إليه الخلافة ، فإنّ هذا الاحتجاج يثبت لوحده أحقية خلافته من دون فصل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، لأنّ هذا الحديث لا يمكنه الإشارة إلى خلافة الإمام علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى تنتهي خلافة الثلاثة.


وقد أجاد العلاّمة الشيخ حسن المظفر في الرد على هذه الشبهة قائلاً: 

كيف يترك النبي صلى الله عليه وآله ـ في حال نصب إمام للمسلمين لحضور أجله ـ ذكر ثلاثة وينص على من بعدهم ، الذي يكون إماماً بعد خمس وعشرين سنة من وفاته ؟!
ولو جاز ذلك ، لكان جميع ولاة العهد محل كلام ، إذ لا يقول السلطان:هذا ولي عهدي بلا فصل ، بل على احتمالات القوم لو قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من كنت مولاه فعلي مولاه بعدي ، لقالوا: لا منافاة بين البعدية والفصل بغيره ، كما صنع القوشجي في قوله صلى الله عليه وآله:"أنت وصيّي وخليفتي من بعدي "21.
بل لو قال:فعلي مولاه بعدي بلا فصل ، لقالوا:يحتمل أن يكون المعنى بلا فصل من غير الثلاثة.
ولا عجب ممّن نشأ على التعصّب وحب العاجلة ، وقال:إنّا وجدنا آباءنا على ملّة !22.
 

1-رسالة في الرد على الرافضة: 7.
2-الصواعق المحرقة 1 / 111 ، رسالة في الرد على الرافضة: 7 ، السيرة الحلبية 3 / 338 ، عقيدة إمامت لمحمّد أشرف عثماني: 91 و 96.
3-سليم بن قيس الهلالي: 146 ، ونفس هذا الاحتجاج موجود في كتاب الاحتجاج 1 / 107 ، وفي كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين: 28.
4-الاحتجاج 1 / 96.
5-إرشاد القلوب 2 / 94.
6-الخصال: 550 ، ونفس هذا الاحتجاج موجود في كتاب الاحتجاج 1 / 160.
7-الكافي 8 / 27.
8-نفحات الأزهار 9 / 35 عن نهاية العقول ـ مخطوط.
9-نفحات الأزهار 9 / 36.
10-المناقب: 313 ح 314 ، ونفس هذا الاحتجاج موجود في كتاب مناقب الإمام علي للمغازلي: 136 ح 155.
11-الغدير 1 / 328 ، عن فرائد السمطين للحموئي 1 / 319 ح 250 و 251.
12-الدر النظيم 1 / 116 ، نقله العلاّمة الأميني في كتابه الغدير 1 / 329 ، وقال: وحديث الشورى هذا أخرجه الحافظ الكبير الدارقطني ، ينقل عنه بعض فصوله ابن حجر في الصواعق المحرقة: 126.
ونقل هذا الاحتجاج أيضاً ابن عقدة ، نقله عنه الشيخ الطوسي في الأمالي: 332 ح 667 و 544 ح 1169 ، والناقل عنهما العلاّمة الأميني في الغدير 1 / 330 ، وأخرجه الحافظ العقيلي في الضعفاء الكبير 1 / 211 ح 258 ، وحكاه عن العقيلي الذهبي في ميزان الاعتدال 1 / 441 ح 1643 ، وابن حجر في لسان الميزان 2 / 198 ح 2212.
13-شرح نهج البلاغة 6 / 167.
قال المحقق الطباطبائي: حديث المناشدة أخرجه عدّة من الحفّاظ بطرق شتّى تنتهي إلى أبي ذر وأبي الطفيل ، إلاّ أنّ منهم من أوعز إليه إيعازاً كالبخاري في التاريخ الكبير 2 / 382 ، ومنهم من اقتطع منه محل حاجته كالذهبي في كتاب الغدير ، روى من ما يخص حديث الغدير كما يأتي ، ومنهم من رواه بطوله على اختلاف يسير في اللفظ ، شأن سائر الأحاديث.
وممّن يخرجه ـ عدا من تقدّموا ـ ابن جرير الطبري في الغدير ، رواه عنه الذهبي كما يأتي ، ورواه الحافظ الطبراني بطوله ، وعنه الخوارزمي في المناقب: ح 314 ، ورواه الحافظ الدارقطني ، ومن طريقه أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه: رقم 1140.
وأخرجه بطوله القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبّي ، المتوفّى سنة 398 ، في المجلس 61 من أماليه: ق 140 ، الموجود بطوله في المجموع 22 في المكتبة الظاهرية.
وممّن رواه الحاكم النيسابوري في كتابه حديث الطير ، ومن طريقه أخرجه الكنجي في الباب المائة من كفاية الطالب ص 386 ، ورواه الحافظ ابن مردويه ، ومن طريقه أخرجه الخوارزمي في المناقب: ح 314.
وأخرجه أبو الحسن علي بن عمر القزويني في أماليه ، الموجود في مجاميع الظاهرية ، وأخرجه بطوله ابن المغازلي في كتاب المناقب: ح 155.
وأخرجه بطوله الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام بعدّة طرق بالأرقام 1140 و 1141 و 1142 تنتهي إلى أبي الطفيل ، كما أخرجه بطوله في تاريخه أيضاً في ترجمة عثمان ص 187 ـ 192 طبعة المجمع السوري ـ وأخرجه الكنجي في كفاية الطالب: ص 386.
وأخرجه الذهبي في كتابه في الغدير برقم 37 من طريق الطبري في كتاب الغدير ( طرق حديث من كنت مولاه ) ، مقتصراً منه على ما يخص حديث الغدير ، فقال: حدّثنا ابن جرير في كتاب غدير خم ، حدّثني عيسى بن عبد الرحمن ، أنبأنا عمرو بن حمّاد بن طلحة ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي ، عن معروف بن خربوذ ، وزياد بن المنذر ، وسعيد بن محمّد الأسدي ، عن أبي الطفيل ، قال: قال علي لعثمان وطلحة والزبير وسعد ، وعبد الرحمن ، وابن عمر: ( أنشدكم بالله: هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الغدير: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري ؟ ) قالوا: اللهم لا.
وأورده السيوطي بطوله عن أبي ذر في جمع الجوامع 2 / 165 ، وعن أبي الطفيل 2 / 166 ، وفي مسند فاطمة ص 21 ، والهندي في كنز العمّال 5 / 717 ـ 726 ح 14241 و 14243 ( الغدير 1 / 331 ).
14-شرح الأخبار 2 / 191 ، وبنفس السند في كتاب الأمالي للشيخ الطوسي: 333 ، وكشف اليقين: 423 ، والاحتجاج 1 / 190 ، وعن ابن عباس في بشارة المصطفى: 363 ، وعن أبي الطفيل: 374 ، وعن أبي ذر في إرشاد القلوب 2 / 86 ، وعن جابر الجعفي في الاحتجاج 1 / 196.
15-كتاب سليم بن قيس الهلالي: 195.
16-مسند أحمد 1 / 84 ، وعن سعيد بن وهب وعن زيد بن يثيع 1 / 188 ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى 1 / 119 ، وعن سعيد بن وهب 5 / 366 ، وعن زيد بن أرقم 5 / 370.
وعن رباح الحارث في مجمع الزوائد 9 / 103 ، وعن سعيد بن وهب 9 / 104 ، وعن عمرو بن ذي مر ، وسعيد بن وهب ، وعن زيد بن بثيع ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى 9 / 105 ، وعن زيد بن أرقم 9 / 106 ، وعن زيد بن بثيغ ، وزيد بن أرقم ، وعن زادان أبي عمر 9 / 107 ، وعن عميرة بنت سعد ، وعن عمير بن سعد 9 / 108.
وعن زيد بن يثبع في المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 499 ، وعن عميرة بن سعد ، وسعيد بن وهب.
وزيد بن يثيغ في خصائص أمير المؤمنين: 96 ، وعن عامر بن وائلة: 100 ، وعن سعيد بن وهب: 103 و 132 ، وعن عمرو ذي مر: 104.
وعن زيد بن أرقم في المعجم الكبير 5 / 171 و 174.
وعن زاذان أبي عمر ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى في كنز العمّال 13 / 170.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى في تاريخ بغداد 14 / 239.
وعن زيد بن أرقم في تاريخ مدينة دمشق 42 / 204 ، وعن أبي الطفيل 42 / 205 ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعمير بن سعد 42 / 206 ، وعن عميرة بن سعد 42 / 209 ، وعن سعيد بن وهب وعمرو وذي مر وزيد بن يثيع 42 / 209.
وعن الأصبغ بن نباته في أسد الغابة 3 / 307 و 5 / 205 ، وعن أبي إسحاق 3 / 321.
وعن أبي وائل شقيق بن سلمة في انساب الأشراف: 156.
وعن عميرة بن سعد في ذكر أخبار إصبهان 1 / 107 ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى 2 / 228.
وعن سعيد بن وهب ، وعن عمرو ذي مر ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعن عميرة بن سعد في البداية والنهاية 5 / 230 ، وعن أبي الطفيل ، وعن زيد بن أرقم ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى 7 / 383 ، وعن عميرة بن سعد ، وعمرو بن مرّة ، وسعيد بن وهب وعن زيد بن نتيع 7 / 384.
17-السنن الكبرى 5 / 132 ، وعن عامر بن واثلة 5 / 134 ، وعن سعيد بن وهب 5 / 136 ، وعن عمرو ذي مر 5 / 136 ، وعن سعيد بن وهب 5 / 155.
وعن زيد بن يثيغ في خصائص أمير المؤمنين: 96.
وعن عميرة بن سعيد في المعجم الصغير 1 / 64.
وعن زيد بن أرقم في المعجم الأوسط 2 / 275 ، وعن عمر ذي مر 2 / 324 ، وعن عميرة بن سعد 2 / 324 و 2 / 368.
وعن شريك بن عبد الله في شرح نهج البلاغة 2 / 288 و 19 / 217.
وعن زيد بن أرقم ، وعن عمير بن سعد في كنز العمّال 13 / 157 ، وعن عمرو وذي مر وسعيد بن وهب وزيد ابن يثيع 13 / 158.
وعن عميرة بن سعد في تهذيب الكمال 22 / 398 ، وعن زيد بن أرقم 33 / 368.
وعن أبي الطفيل في جواهر المطالب 1 / 84.
وعن زيد بن أرقم 1 / 85 ، وعن زيد بن أرقم في ذخائر العقبى: 67.
وعن أبي الطفيل في صحيح بن حبّان 15 / 376.
18-المستدرك على الصحيحين 3 / 371 ، وبنفس السند في تاريخ دمشق 25 / 108.
19-الخصال: 219 ، وبنفس السند في كتاب الأمالي ، للشيخ الصدوق: 184 ، والمناقب للخوارزمي: 182.
20-مناقب أمير المؤمنين 2 / 367 ، وعن حبة العرني 2 / 380 ، وعن زيد بن يثيع 2 / 387 ، وعن زاذان 2 / 408 ، وعن أبي الطفيل 2 / 445 ، وعن سعيد بن وهب 2 / 452.
وعن زيد ابن أرقم في الإرشاد 1 / 352 ، ونقله أيضاً الراوندي في الخرائج والجرائح 1 / 208.
وعن عميرة بن سعد في الأمالي للشيخ الطوسي: 272 و 334 ، ونقله أيضاً ابن بطريق مع اختلاف يسير في كتابه العمدة: 108.
وعن حبة العرني ، وعبد خير ، وذي مر ، وعمر في العمدة: 109 ، وعن زيد ابن أرقم: 110.
وعن عمرو ذي مر وسعيد بن وهب ويزيد بن نقيع في بشارة المصطفى: 200 ، وعن عميرة بن سعد: 205 ، وعن زاذان: 293 ، وعن سعيد بن وهب: 414.
21-أنظر: شرح تجريد الاعتقاد: 478.
22-دلائل الصدق 4 / 348.
 

تنصيب الإمام علي عليه السلام في غدير خم


لما انتهى الرسول صلى الله عليه وآله من آخر حجَّةٍ حَجَّها، قَفلَ راجعاً إلى المدينة المنورة، وحينما انتهى موكبه إلى غدير خَم هبطَ عليه أمين الوحي يحمل رسالة من السماء بالغة الخطورة.
وكانت هذه الرسالة تحتم عليه بأن يحطَّ رِحالَهُ ليقوم بأداء هذه المهمة الكبرى، وهي نصب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام خليفة ومرجعاً للأمة من بعده صلى الله عليه وآله.

وكان أمر السماء بذلك يحمل طابعاً من الشدَّة ولزوم الإسراع في إذاعة ذلك بين المسلمين.

فقد نزل عليه الوحي بهذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَم تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاس المائدة: 67.

فقد أُنذِرَ النبي صلى الله عليه وآله بأنه إن لم ينفِّذ إرادة الله ذهبت أتعابه، وضاعت جهوده، وتبدَّدَ ما لاقَاهُ من العناء في سبيل هذا الدين.

فانبرى صلى الله عليه وآله بعزم ثابت وإرادة صلبة إلى تنفيذ إرادة الله، فوضع أعباء المسير وحَطَّ رِحاله في رمضاء الهجير، وأمر القوافل أن تفعل مثل ذلك.

وكان الوقت قاسياً في حرارته حتى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه لِيَتَّقِي به من الحَر.

ثم أمَرَ صلى الله عليه وآله باجتماع الناس، فَصلَّى بهم، وبعد ما انتهى من الصلاة أمر أن توضع حدائج الإبل لتكون له منبراً، ففعلوا له ذلك.

فاعتلى عليها وكان عدد الحاضرين - فيما يقول المؤرخون - مِائة ألف، أو يَزيدونَ على ذلك.

وأقبلوا بقلوبهم نحو الرسول صلى الله عليه وآله ليسمعوا خطابه، فأعلن صلى الله عليه وآله ما لاقاه من العناء والجهد في سبيل هدايتهم وإنقاذهم من الحياة الجاهلية إلى الحياة الكريمة التي جاء بها الإسلام.

كما ذكر صلى الله عليه وآله لهم كَوكَبَة من الأحكام الدينية، وألزمهم بتطبيقها على واقع حياتهم، ثم قال لهم: "انظُروا كَيفَ تُخَلِّفُوني في الثقلين".

فناداهُ منادٍ من القوم: ما الثقلان يا رسول الله؟

فقال صلى الله عليه وآله: "الثقل الأكبر كتابُ الله، طَرفٌ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ، وَطرفٌ بِأَيديكُم، فَتَمَسَّكُوا به لا تَضلُّوا، والآخر الأصغر عِترَتي، وإنَّ اللَّطيفَ الخَبيرَ نَبَّأَنِي أنَّهُمَا لن يَفتِرقا حَتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوض، فَسَألتُ ذلك لَهما رَبِّي، فلا تُقَدِّمُوهُمَا فَتهلَكُوا، ولا تُقَصِّرُوا عَنهُمَا فَتَهلَكُوا".

ثم أخذ صلى الله عليه وآله بيد وَصيِّه وباب مدينة علمه الإمام علي عليه السلام لِيَفرضَ ولايته على الناس جميعاً حتى بَانَ بَياضُ إِبطَيْهِمَا، فنظر إليهما القوم.

ثم رفع صلى الله عليه وآله صوتُه قائلاً: "يَا أَيُّهَا النَّاس، مَنْ أولَى النَّاس بِالمؤمنين مِن أَنفُسِهم؟".

فأجابوه جميعاً: اللهُ ورسولُه أعلم.

فقال صلى الله عليه وآله: "إنَّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولَى بهم من أنفسِهِم، فَمن كنتُ مَولاه فَعَلِيٌّ مَولاهُ".
قال ذلك ثلاث مرات أو أربع، ثم قال صلى الله عليه وآله: "اللَّهُمَّ وَالِ مَن وَالاَهُ وَعَادِ مَن عَادَاهُ، وَأَحِبَّ مَن أَحبَّهُ وَأبغضْ مَن أبغَضَهُ، وانصُرْ مَن نَصَرَه واخْذُل مَن خَذَلَهُ، وَأَدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيثُ دَار، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغَائِبَ".
وبذلك أنهى صلى الله عليه وآله خطابه الشريف الذي أَدَّى فِيه رسالة الله، فَنَصَّبَ أمير المؤمنين عليه السلام خليفة، وأقامه عَلَماً للأمة، وقَلَّدَهُ مَنصب الإمامة.

فأقبل المسلمون يهرعون وهُم يُبَايِعُون الإمام علي عليه السلام بِالخِلافَة، وَيُهَنِّئُونَهُ بِإِمْرَةِ المُسلمين.

وأمر النبي صلى الله عليه وآله أُمَّهَات المؤمنين أَنْ يَسُرْنَ إِليهِ وَيُهَنِّئْنَه، فَفَعَلْنَ ذلك.

وعندها انبرى حَسَّان بن ثابت فاستأذن النبي صلى الله عليه وآله بتلاوة ما نظمه من الشعر، فأذن له النبي صلى الله عليه وآله،

فقال حَسَّان:

يُنَادِيهُمُ يوم الغَدير نَبِيُّهُم نَجْم وأَسمِعْ بِالرَّسُولِ مُنَادِياً

فَقالَ فَمنْ مَولاكُمُ وَنَبِيُّكم؟ فَقَالوا وَلَم يُبدُوا هُنَاك التَّعَامِيَا

إِلَهَكَ مَولانَا وَأنتَ نَبِيُّنَا وَلَم تَلْقَ مِنَّا فِي الوِلايَةِ عَاصِياً

فَقالَ لَهُ: قُمْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّنِي رَضيتُكَ مِن بَعدِي إِمَاماً وَهَادياً

فَمَنْ كنتُ مَولاهُ فَهذا وَلِيُّه فَكُونُوا لَهُ أَتْبَاعُ صِدقٍ مُوالِياً

هُناكَ دَعا: اللَّهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ وَكُنْ لِلَّذِي عَادَى عَلِيّاً مُعَادِياً


ونزلت في ذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام هذه الآية الكريمة: ﴿اليَومُ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعمَـتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً المائدة: 3.

فقد كمل الدين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، وتَمَّتْ نعمة الله على المسلمين بِسُمُوِّ أحكامِ دينِهم، وَسُمُوِّ قِيادتهم التي تُحَقِّق آمالَهم في بلوغ الحياة الكريمة.

وقد خطا النبي صلى الله عليه وآله بذلك الخطوة الأخيرة في صيانة أُمَّتِه من الفتن والزيغ.

فلم يترك صلى الله عليه وآله أمرها فوضى – كما يزعمون –، وإنما عَيَّن لها القائد والموجه الذي يهتمُّ بأمورها الاجتماعية والسياسية.

وإن هذه البيعة الكبرى التي عقدها الرسول العظيم صلى الله عليه وآله إلى الإمام علي عليه السلام من أوثق الأدلَّة على اختصاص الخلافة والإمامة به عليه السلام.

وقد احتجَّ بها الإمام الحسين عليه السلام في مكة لمعارضة حكومة معاوية وشجب سياسته، فقد قال عليه السلام للحاضرين:

"أُنشِدُكُم اللهَ أَتعْلَمُونَ أنَّ رَسولَ اللهِ نَصَّبَهُ – يعني علياً عليه السلام – يوم غدير خُم فنادى صلى الله عليه وآله له عليه السلام بالولاية، وقال صلى الله عليه وآله: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ؟".

فقال الحاضرون: اللَّهُمَّ نَعم.

المشرف : الشيخ ابو علي الفاطمي @@ 2015 @@

Designed by Templateism