اهلا وسهلآ بكم لبيك يا حسيــــــــــــن

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015


رسالة مهمة للإمام الخامنئي إلى كل الشباب في البلدان الغربية:

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى كل الشباب في البلدان الغربية
الأحداث المريرة التي ارتكبها الإرهاب الأعمى في فرنسا دفعتني مرة أخرى لمخاطبتکم. و یؤسفنی أن توفر مثل هذه الأحداث أرضية الحوار، بيد أن الواقع هو أن القضايا المؤلمة إذا لم توفر الأرضية للتفكير بالحلول و لم تعط الفرصة لتبادل الأفكار، فستكون الخسارة مضاعفة. فمعاناة الإنسان، في أيّ مكان من العالم، محزنة بحد ذاتها لبنی البشر. مشهد طفل في حالة نزع الروح أمام أحبائه، و أمّ تبدلت فرحة عائلتها إلى مأتم، و زوج يحمل جسد زوجته مسرعا إلى ناحية ما، أو متفرّج لا يدري أنه سيشاهد بعد لحظات المقطع الأخیر من مسرحیة حیاته، هذه ليست مشاهد لا تثير العواطف و المشاعر الإنسانية. كل من له نصيب من المحبة و الإنسانية يتأثر و يتألم لمشاهدة هذه المناظر، سواء وقعت في فرنسا، أو في فلسطين و العراق و لبنان و سورية. و لا شك أن ملياراً و نصف المليار من المسلمین لهم نفس الشعور، و هم براء و مبغضون لمرتكبي هذه الفجائع و مسببيها. غير أن القضية هی أن آلام اليوم إذا لم تؤد إلى بناء غد أفضل و أكثر أمناً، فسوف تختزل لتکون مجرد ذكريات مُرّة عديمة الفائدة. إنني أؤمن أنكم أنتم الشباب وحدکم قادرون، باستلهام الدروس من محن اليوم، على أن تجدوا السبل الجديدة لبناء المستقبل، و تسدوا الطرق الخاطئة التي أوصلت الغرب إلى ما هو عليه الآن.
صحيح أن الإرهاب أصبح اليوم الهم و الألم المشترك بيننا و بينكم، لكن من الضروري أن تعرفوا أن القلق و انعدام الأمن الذي جرّبتموه في الأحداث الأخيرة يختلف اختلافين أساسيين عن الآلآم التي تحملتها شعوب العراق و اليمن و سورية و أفغانستان طوال سنين متتالية: أولا إن العالم الإسلامي كان ضحية الإرهاب و العنف بأبعاد أوسع بكثير، و بحجم أضخم، و لفترة أطول بكثير. و ثانيا إن هذا العنف كان للأسف مدعوماً على الدوام من قبل بعض القوى الكبرى بشكل مؤثر و بأساليب متنوعة. قلّ ما يوجد اليوم من لا علم له بدور الولايات المتحدة الأمريكية في تكوين و تقوية و تسليح القاعدة، و طالبان، و امتداداتهما المشؤومة. و إلى جانب هذا الدعم المباشر، نری حماة الإرهاب التكفيري العلنيون المعروفون کانوا دائماً عداد حلفاء الغرب بالرغم من أن أنظمتهم أكثر الأنظمة السياسية تخلفاً، بینما تتعرض أكثر و أنصع الأفكار النابعة من الديمقراطيات الفاعلة في المنطقة إلى القمع بكل قسوة. والإزدواجیة فی تعامل الغرب مع حركة الصحوة في العالم الإسلامي هی نموذج بليغ للتناقض في السياسات الغربية.
الوجه الآخر لهذا التناقض يلاحظ في دعم إرهاب الدولة الذی ترتکبه إسرائيل. الشعب الفلسطيني المظلوم يعاني منذ أكثر من ستين عاماً من أسوء أنواع الإرهاب. إذا كانت الشعوب الأوربية اليوم تلوذ ببيوتها لعدة أيام و تتجنب التواجد في التجمعات و الأماكن المزدحمة، فإن العائلة الفلسطينية لا تشعر بالأمن من آلة القتل و الهدم الصهيونية منذ عشرات الأعوام، حتى و هي في بيتها. أيّ نوع من العنف يمكن مقارنته اليوم من حيث شدة القسوة ببناء الكيان الصهيوني للمستوطنات؟ إن هذا الكيان يدمر كل يوم بيوت الفلسطينيين و مزارعهم و بساتينهم من دون أن يتعرض أبداً لمؤاخذة جادة مؤثرة من قبل حلفائه المتنفذين، أو على الأقل من المنظمات الدولية التی تدعی استقلالیتها، من دون أن تتاح للفلسطينيين حتى فرصة نقل أثاثهم أو حصاد محاصيلهم الزراعية، و يحصل كل هذا في الغالب أمام الأعين المذعورة الدامعة للنساء و الأطفال الذين يشهدون ضرب و أصابة أفراد عوائلهم، أو نقلهم في بعض الأحيان إلى مراكز التعذيب المرعبة. تری هل تعرفون في عالم اليوم قسوة بهذا الحجم و الأبعاد و بهذا الاستمرار عبر الزمن؟ إمطار سيدة بالرصاص في وسط الشارع لمجرد الاعتراض على جندي مدجّج بالسلاح، إنْ لم يكن إرهاباً فما هو إذن؟ و هل من الصحیح أن لا تعدّ هذه البربرية تطرفاً لأنها ترتکب من قبل قوات شرطة حكومة محتلة؟ أو بما أن هذه الصور تكررت على شاشات التلفزة منذ ستين سنة، فإنها يجب أن لا تستفز ضمائرنا؟
الحملات العسكرية التي تعرض لها العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة، و التي تسببت في الكثير من الضحايا، هی نموذج آخر لمنطق الغرب المتناقض. البلدان التي تعرضت للهجمات ، فقدت بناها التحتية الاقتصادية و الصناعية، و تعرضت مسيرتها نحو الرقي و التنمية إما للتوقف أو التباطؤ، و في بعض الأحيان تراجعت لعشرات الأعوام فضلاً عن ما تحملته من خسائر إنسانية. و رغم كل هذا يطلب منهم بوقاحة أن لا يعتبروا أنفسهم مظلومين. كيف يمكن تحويل بلد إلى أنقاض و إحراق مدنه و قراه و تحويلها إلى رماد، ثم يقال لأهالیله لا تعتبروا أنفسكم مظلومين رجاء! أليس الأفضل الاعتذار بصدق بدل الدعوة إلى تعطیل الفهم أو نسيان الفجائع؟ إن الألم الذي تحمله العالم الإسلامي خلال هذه الأعوام من نفاق المهاجمين و سعیهم لتنزیه ساحتهم ليس بأقل من الخسائر المادية.
أيها الشباب الأعزاء، إنني آمل أن تغيروا أنتم في الحاضر أو المستقبل هذه العقلیة الملوثة بالتزييف والخداع، العقلیة التي تمتاز بإخفاء الأهداف البعيدة و تجميل الأغراض الخبیثة. أعتقد أن الخطوة الأولى في توفير الأمن و الاستقرار هو إصلاح هذه الأفكار المنتجة للعنف. و طالما تسود المعايير المزدوجة على السياسة الغربية، و طالما یقسّم الإرهاب في أنظار حماته الأقوياء إلى أنواع حسنة و أخرى سيئة، و طالما یتم ترجيح مصالح الحكومات على القيم الإنسانية و الأخلاقية، ينبغي عدم البحث عن جذور العنف في أماكن أخرى.
لقد ترسّخت للأسف هذه الجذور تدريجياً على مدى سنين طويلة في أعماق السياسات الثقافية للغرب أيضاً، و راحت تعِدّ لغزو ناعم صامت. الكثير من بلدان العالم تعتز بثقافاتها المحلية الوطنية، تلک الثقافات التي غذّت المجتمعات البشرية على نحو جيد طوال مئات الأعوام محافظه علی إزدهارها و إنجابها. و العالم الإسلامي ليس استثناء لهذه الحالة. و لكن العالم الغربی استخدم في الحقبة المعاصرة، أدوات متطورة مصرّاً على الاست

المشرف : الشيخ ابو علي الفاطمي @@ 2015 @@

Designed by Templateism