اهلا وسهلآ بكم لبيك يا حسيــــــــــــن

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

ما هو الإسلام

ما هو الإسلام



دين الرحمة والمحبة



الإسلام أراد للناس أن يتراحموا في ما بينهم، وأن يهتم كل منهم بمصير الآخر، ويحرص على مصالحه، وأن يشارك الآخرين في معاناتهم ويسعى في تصحيح أخطائهم، وأن يدعو أحدهم للآخر، وأن يتعاملوا بالمودة والرأفة ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾[1]. المحبّة بين الأخوة، وبين الأصدقاء، وبين الأخوات، وبين أفراد الأمة الإسلامية، والإرتباط العاطفي، وحب الخير للآخرين، صفات فاضلة ونبيلة، ويجب على المرء أن يعمل للإستزادة منها[2]. 



دين الدنيا والآخرة 



 نشاهد أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) جاء بالدين وبالبصيرة واعتمد على الجانب المعنوي، لكنه في الوقت نفسه وفّر الوسيلة الماديّة وذلك إمّا مباشرة بتعليمهم إدارة شؤون الحياة، وإمّا بفرض التعلّم عليهم وأمرهم بالتبصّر والإكتشاف في الموارد التي تحتاج إلى تخصّص. وكان نتيجتها عظمة واقتدار هذين الأمرين في صدر الإسلام، وببركة الإسلام صار المسلمون في قمة العلوم البشرية المادية، ولا يمكن للغرب إنكار هذا التاريخ وسلبه من الدول الإسلامية.



لو اجتمعت الدنيا والآخرة كان الأمر هكذا، وإن أُخذ بأحدهما دون الآخر، واجه إشكالات. إنّ ما يلاحظ اليوم في الأنظمة التي أوجدتها الثقافة الغربية ـ سواء في الغرب أو في سائر بقاع العالم ـ هم تقدّم الجانب الدنيوي وفي شؤون الحياة المادّية، أنهم استطاعوا الوصول إلى الكواكب وتمكّنوا من تصليح وإعمار التلسكوب وهي في الفضاء، ويعتبر هذا تقدّماً علمياً عظيماً وخارقاً للعادة، ولا أحد ينكر ذلك، لكنها تخلّفت كثيراً في تحديد مسار الحياة الإنسانية الصحيحة التي هي بحاجة إلى تلك الوسائل الماديّة  ـ فبدون تحديد المسار تكون هذه الوسائل مضرّة بالبشر، ومن هنا يلاحظ أنّ الدنيا ملئت ظلماً وجوراً.



وللأسف فانّ البعض لا يفهم المسألة بهذا الوضوح، أليست هذه الدنيا خلقت للبشر؟ أليس التقدّم العلمي لأجل أن يستفيد الإنسان منه؟ ألا يكفي ما نراه اليوم من الأوضاع المأساوية السائدة في العالم، في حين أنّ زمرة تقدم على ظلم الإنسانية بهذه الصورة وبالوسائل العلمية التي خلقت لها؟ ألا يكفي هذا الأمر لمعرفة أنّ أحد جناحي الإنسانية ـ أي جناح المعنوية ـ مكسور؟[3]. 



دين الفرد والمجتمع



الإسلام هو لأجل الحياة، الإسلام هو للفرد والمجتمع، للدنيا والآخرة[4]. 



دين المنطق والعقل



للمنطق القوي والإستدلال المتين تأثيرها الفاعل في اجتذاب أفكار الناس. أي أنكم إذا نظرتم ستلاحظون أنّ المعتقدات الإسلامية وعلى الرغم من كثرة الشبهات التي أثيرت ضدها على مدى الزمن بغية توهينها، إلاّ أنّ متانة منطقها ـ لا ينحصر في حقل العقيدة الإسلامية فقط، بل حتى الأحكام الإسلامية على هذه الشاكلة أيضاً ـ وقوّة استدلالها، تجعل كل عقل سليم يخضع لمنطق الإسلام. وهذا هو السبب في انتشار الإسلام يوماً بعد آخر.



قارنوا الإسلام اليوم مع ما كان عليه قبل خمسين سنة. ففي البلدان التي تحارب أنظمتها الإسلام بكل ما يتوفر لديها من وسائل، كالنظام الأمريكي الذي يحارب الإسلام بجميع الأساليب المتاحة أمامه، مع التستر على الظاهر طبعاً، حيث يدّعي عدم معارضته الإسلام وعدم عدائه للمسلمين، إلاّ أنّ هذا ظاهر منافق لكي يموّه على المسلمين ويصرف أنظارهم عما يجري، ولكن في نفس هذا البلد الذي يعادي نظامه الإسلام ـ ولو وجد إسلاما صحيحاً وأصيلاً لانبرى لمحاربته بكل وسيلة ـ تشير الإحصائيات إلى أن الإسلام هو الدين الثاني فيه. بمعنى أن عدد المسلمين في هذا البلد كبير جداً، والمواطنون فيه، ليس السود منهم فقط بل وحتى البيض منهم أي الأمريكيين الأصليين الذين سكنوا هذه الأرض منذ عدة أجيال أخذوا يميلون للإسلام يوماً بعد آخر. وهكذا الحال في أوروبا أيضا، وفي أفريقيا، وفي الشرق الأقصى.



ومع أن جميع أولئك يعارضون الإسلام إلاّ أنه آخذ بالإنتشار، بسبب ما يتسم به من قوّة الإستدلال والمنطق، وليس استدلاله استدلالاً علمياً بحتاً حتى يقال أن شريحة العلماء فقط تفهمه، أبداً، بل إن الإسلام بذاته يتضمن أحكاما ومعتقدات تجذب كل إنسان سليم العقل وتجعله يؤمن به. والإسلام لا يقتصر في براهينه على الأدلة الفلسفية المعقّدة  ـ وهي موجودة فيه طبعاً  ـ إلاّ أن النمط الذي نتحدث عنه منها هو ذلك النمط من البراهين المفهومة لعامة الناس، وهذه من جملة الأدوات التي يملكها الإسلام[5].



الإسلام دين منطقي، والفهم الشيعي للإسلام هو الأكثر منطقية من غيره. ولا أحد يتمكن من أن يتّهم الشيعة بضعف منطقهم، لأن علماء الكلام من الشيعة كانوا كالشموس الساطعة في عهدهم، سواء الذين عاصروا حياة الأئمة كمؤمن الطاق وهشام بن الحكم وسواء الذين جاؤوا بعد الأئمة كبني نوبخت والشيخ المفيد وغيرهما والمتأخرين من علماء الكلام الشيعة كالمرحوم العلامة الحلّي وغيرهم.



فنحن الشيعة أهل المنطق وأهل الإستدلال المنطقي وأن الكتب الخاصة بالشيعة مفعمة بالإستدلالات المنطقية القوية ككتب المرحوم شرف الدين وكتاب الغدير للمرحوم العلامة الأميني في عصرنا الحاضر التي تستند إلى أدلة أقوى من الاسمنت المسلّح.



هذا هو التشيّع وليس تلك الأعمال التي لا تستند إلى أي دليل وهي أشبه بشيء من الخرافات، فلماذا يروّجون هذه الأعمال؟ إنه من الأخطار الكبرى التي يجب على علماء الدين وحماة العقيدة أن ينتبهوا إليها[6]. 



دين الإعتدال والتعقل 



الإسلام دين الإنسانية والإعتدال والتعقل والتسليم أمام إرادة رب العالمين. وهكذا كان شأن كل الأديان دون شك قبل أن تمسها يد التحريف. لذلك قدم الدواء لهذه الأدواء الإنسانية بطريقة عقلانية لا يشوبها الإفراط ولا التفريط، ودعا الإنسان إلى الذكر والتضرع والإرتباط الداخلي برب العالمين، وعلمه وأوصاه أن يكافح الشرور والعدوان والظلم والفساد، وأن يواجه باستمرار ما في نفسه من جموح الذات والأنانية واستفحال الأهواء.



أحكام الإسلام الأساسية تبلورت بهذا الشكل، ومنهج الإسلام للحياة الفردية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية نما من هذه الجذور[7].  



دين التوحيد



إنّ الإسلام دين التوحيد، والتوحيد يعني خلاص الإنسان من العبودية والطاعة والتسليم لأي شيء أو شخص سوى الله، ويعني تحطيم كل قيود النظام السلطوي الإنساني، ويعني كسر سرّ الخوف من القوى الشيطانية والمادية.



ويعني الإعتماد على الطاقات المطلقة التي أودعها الله في وجود الإنسان وطلب منه الإستفادة منها كفريضة لا يمكن التخلّف عنها.



إنّه يعني الإعتماد على الوعود الإلهية بانتصار المستضعفين على الظالمين والمستكبرين شريطة القيام والكفاح والثبات. ويعني التعلّق القلبي بالرحمة الإلهية وعدم الخوف من احتمال الهزيمة، ويعني مواجهة كل المصاعب والأخطار التي تهدد الإنسان في طريقه لتحقيق الوعود الإلهية بصدر رحب. يعني تحمل مشكلات الطريق في سبيل الله والأمل بالنصر النهائي المحتّم، ويعني تركيز الأحداق  ـ خلال الكفاح  ـ على الهدف السامي وهو خلاص المجتمع من كل ظلم أو تفرقة أو جهل أو شرك، وطلب الأجر الإلهي في قبال المصاعب الشخصية التي تعترضه في طريقه الطويل[8]. 



الإسلام بدون السياسة ليس إسلام



أعتقد أنّ هناك اتّجاهين وتيّارين خطيرين ومناقضين للإسلام، أحدهما اتّجاه يحصر الإسلام بحفنة من الأعمال العبادية، أو على أكثر الإحتمالات، بمجموعة من الممارسات الشخصية، وينتزع منه أهم جوانب الحياة، ويجرده من السياسة والإقتصاد ومن العلاقات الاجتماعية والأعمال المهمّة، ويصوّره وكأنّه مجرّد عقيدة قلبية وعمل فردي، ويحبسه كحد أقصى في إطار الأسرة والعلاقات العائلية. وهذا ليس هو الإسلام الذي يهفو إليه عالم اليوم، بل وليس هذا هو الإسلام أساساً...



لا بد  ـ في سبيل العمل بالإسلام  ـ من استيلائه على جميع جوانب الحياة. لا أن يقتصر على تسخير القلوب فقط وتنحصر مهمته في حفنة من الممارسات الفردية، ويتحدد دوره في قضايا صغيرة ووضيعة. إذن فمثل هذا التوجّه توجّه مغلوط[9].



البعض يتصور أنّ بإمكانه أن يكون مسلماً دون العمل بالأحكام الإسلامية، وهذا معنى فصل الدين عن السياسة، أي كونوا مسلمين بالإسم لكن لا تعملوا بالأحكام الإسلامية، أي النظام المصرفي، والنظام الإقتصادي وتركيبة الحكومة والعلاقات الفردية والاجتماعية، كل هذه تدار طبقاً للقوانين غير الإسلامية، بل المخالفة للإسلام في المناطق التي يحكمها القانون، وطبقاً لإرادة ورغبة إنسان قاصر ناقص في المناطق التي لا يحكمها القانون كبعض الدول الإسلامية اليوم. كيف يمكن تصوّر أناس مسلمين لا يفهمون من الإسلام سوى الصلاة والصوم والطهارة والنجاسة فقط، وتكون شؤون الإسلام الرئيسية كإدارة نظام الحياة، وقضايا الإقتصاد والعلاقات الثقافية والاجتماعية والتربية والتعليم كلها غير إسلامية، بل تصدر من قوانين غير إسلامية أو عن رغبات فردية وغير إسلامية، فيجب أن يحكم الإسلام في المجتمعات الإسلامية[10].



ـــــــــــــــــــــ



[1] سورة البلد, الآية: 17.



[2] 3 شعبان 1418 هـ.



[3] 2 رجب 1414 هـ.



[4] 8 محرم الحرام 1416 هـ.



[5] 12 ذي القعدة 1417.



[6] 29 ذي الحجة 1414 هـ.



[7] 8 شعبان 1418 هـ.



[8]  6 ذي القعدة 1410 هـ.



[9] 28 محرم 1419 هـ.



[10] 18 ذي الحجة 1415 هـ.

ولاية الفقيه أمر محسوم في ثقافة أهل البيت (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم
«أول ما يضيع من الإسلام الحُكم وآخره الصلاة»... هذا قول تفضل به رسول الإسلام العظيم محمد بن عبد الله (ص)، ولا أدري إن كنا ندركه جيداً أم لا، لأنه سواء أدركنا وعملنا على تدارك الخطر أو لم ندرك ولم نعمل، فقد أدركه بعض المتربصين بالإسلام وعملوا على تحقيقه، فوجّهوا فوهات مدافعهم الثقافية والإعلامية لتشويه فكرة حاكمية الفقيه الجامع للشرائط ولتشويه صورة الولي الفقيه وسلطته بعناوين شتى من السموم التي تبثّها الوسائل الإعلامية والمؤلفات الثقافية المشبوهة على اختلافها.‏
ويُعتبر الإمام الخميني (قده) الأول في عصرنا هذا الذي سعى إلى تجسيد هذه النظرية وإخراجها إلى الحيّز العملي. وقد أثمر سعيه إقامة الحكومة الإسلامية في إيران. لذلك، فإننا نرى أن من عايشه بقلب صاف وبصيرة نافذة، قد عاين جمال هذه النظرية الأصيلة ومدى محاكاتها للمفهوم الأصيل للحرية، في حين يحتاج اليوم من لم يعايش ذلك الزمن من شرائح الشباب الواسعة، إلى تثبيت جذور النظرية في النفوس بشكل مبسّط، وإعادة ربطها بواقعها المتجسّد. لا تخفى علينا هنا أهمية شخص الإمام القائد الخامنئي (دام نوره)، بما يمثله من ولي فقيه وقائد وقدوة لكل شاب، في تجسيد النظرية بشكل عملي وفي تثبيتها في النفوس.‏
وحول الموضوع، كان لنا لقاء مع شخصية عايشت بدايات الثورة الإسلامية في إيران. ولعل الحقيقة الواضحة التي تتلمسها عند لقائك بهذا النمط من الشخصيات، وبالرغم من اختلاف جيلك عن جيلها بمسافات هي أن هذا النمط من الشخصيات يمثل كنوزاً لا بد من الاستفادة منها واحترامها والحفاظ عليها كمنابع للمعرفة. نتكلم هنا عن سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي الأستاذ في الحوزة العلمية لمدينة قم المقدسة والمؤلف للعديد من الكتب القيمة، والذي كان لنا معه هذا اللقاء.‏
* هل مسألة ولاية الفقيه شأن عقائدي أم فقهي؟‏
كلاهما.. فهي تتصل بالجانب العقائدي لأنها امتداد ونيابة عن الإمام الحجّة (عج)، وإمامة الإمام الحجة (عج) هي مسألة عقائدية، وكذلك إمامة أئمة أهل البيت (ع) هي مسألة عقائدية، وتدخل في أصول المذهب. وولاية الفقيه بهذا الاعتبار شأن عقائدي. وبالاعتبار الثاني، من حيث السلطة والصلاحيات التي يمتلكها الولي الفقيه فهي مسألة فقهية. طريقة انتخاب الولي الفقيه وسعة وضيق دائرة صلاحياته القانونية والفقهية هي مسألة فقهية. وعلى العموم، فإن هذه المسألة تتصل بالجانب العقائدي من جهة والفقهي من أخرى.‏
* نود أن تحدّثنا عن أدلة ولاية الفقيه العقلية، العقلائية والشرعية؟‏
إذا تحدّثت عن ولاية الفقيه، فسوف لن تكون في حديثي هنا صفة فنّية تتطلّب الاختصاص الفقهي. سوف لن أدخل في الأدلة النقلية، بل سوف أكتفي هنا في هذا الجانب بهذه الكلمة: إن الأدلة الشرعية على ولاية الفقيه كثيرة جداً، وقد وردت بصيغ وتعبيرات مختلفة. لو أننا جمعنا هذه الصيغ وهذه الأحاديث والنصوص في محل واحد واستقرأناها كلها، لخرجنا بنتيجة قطعية حسب رأيي وهي أن ولاية الفقيه ونيابة الفقيه عن الإمام المهدي (عج) أمر مفروغ منه في ثقافة أهل البيت (ع).‏
أما بالنسبة إلى الدليل العقلي: فالمسألة ليست عقلية بقدر ما هي عقلائية. وهناك فرق بين الدليل العقلي والدليل العقلائي. بمعنى أن ما تتطلبه سيرة العقلاء وحياتهم وتستقر عليه، هو حجة ما لم يرفضه الشرع، أي لو لم يرد دليل على رفضه، وعدم وجود دليل شرعي على رفض سيرة عقلائية هو دليل حجيتها. وأذكر الآن دليلاً ملفّقاً من الحالة العقلائية أو السيرة العقلائية والحالة الشرعية، وهو دليل ينتظم في عدة نقاط.‏
النقطة الأولى: أن الله عز وجل يريد النظام، فالنظام والسيادة والحاكمية ضرورات من ضرورات حياة الإنسان، ومن دون وجود نظام وسيادة (هنا أقصد بها السلطة) لا تستقيم حياة الناس، على وجه الأرض. ولا يمكن لأحد أن يشكّك في هذه الحقيقة. وهذه هي النقطة الأولى التي أسميها ب«السيرة العقلائية».‏
النقطة الثانية، هي نقطة شرعية وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا يمكن لأحد أن يشكّك في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ضرورات الدين. والأمر بالمعروف هو المطالبة بتحقيق وتطبيق حدود الله وأحكامه وشريعته. والنهي عن المنكر يعني المطالبة والعمل لدفع الظلم والفساد والنهي كذلك عن الظلم والفساد والمخالفات الشرعية.‏
والذي ينتج من هاتين النقطتين هو السعي لإقامة حكومة إسلامية. فلا بد إذاً من وجود وقيام حكومة تنظّم حياة الناس، ولا بد من وجود قانون يحكم الناس. وبطبيعة الحال، فإن هذا النظام لو لم يكن نظاماً إسلامياً، لا بد من أن يقع في مخالفات شرعية وفي الظلم والفساد بالضرورة. فإذا كان الأمر كذلك لا بد أن نسعى بموجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى تطبيق الأحكام الشرعية، ولا يتم ذلك إلا بإقامة حكومة الإسلام: دولة ملتزمة بأحكام الله تعالى، ودولة تطبق الأحكام الإلهية. لأننا لا نستطيع أن ننفي من جهة ضرورة وجود الدولة، ولا نستطيع من جهة أخرى أن نتقبل منكراً في المجتمع، أو حكماً إسلامياً لا يقع موضع التطبيق...‏
ونضيف إلى ذلك ضرورة ثالثة: إن النظريات الفقهية في الشرع مختلفة ومتعددة، والقدر المتيقّن منها هو ولاية الفقيه. وأقصد بالقدر المتيقّن أن كل من يؤمن بضرورة قيام حكم إسلامي ويسعى لإقامة ذلك الحكم، يقول بشرعية ولاية الفقيه وحاكميته وليس العكس، أي أنه ليس كل من يقول بولاية الفقيه يقول بشرعية الدولة إذا كان لا يترأسها فقيه، وهذا ما قصدته بالقدر المتيقن. يعني في مسألة الحكومة الإسلامية عندنا نظريات متعددة من الواحد إلى العشرة فرضاً. وهذه المذاهب جميعها تؤمن بمشروعية الحكومة التي يتزعمها ويتصدى لها الفقيه وليس العكس. فليس كل من يقول بولاية الفقيه يتقبل الحكومة الإسلامية التي لا يتزعمها ولا يتصدى لها الفقيه. إذاً، فإن كل الفقهاء الذين يؤمنون بوجود الحكومة الإسلامية، يؤمنون بشرعية هذه الحكومة إذا تصدى لها الفقيه وتزعمها، وليس العكس.‏
وبضميمة هذه الأجزاء الثلاثة إلى بعضها البعض: الأصل الأول عقلائي والثاني شرعي والثالث عقلي (فأصل «القدر المتيقن» هو أصل عقلي، وكل العقلاء يقولون بتقديم الأصل العقلي عندما يتردد الأمر بين ما يتفق عليه الجميع وما يختلفون عليه. فالعقل هنا يلزم بأخذ ما اتفق عليه الجميع). إذاً، بضم هذه الأصول الثلاثة إلى بعضها، نحصل على نتيجة شرعية ولاية الفقيه.‏
* بالنسبة لمواصفات الولي الفقيه، ما هي؟ وهل تنطبق على سماحة الإمام الخامنئي؟‏
المواصفات ثلاث: الصفة الأولى، الفقاهة: فلا بد أن يكون الولي الفقيه فقيهاً ولا يكون غير فقيه. وهنا لا يفوتني ذكر إجماع الفقهاء عند الشيعة والسنّة على ضرورة الفقاهة في ولي الأمر. والذي ينقل هذا الإجماع من أهل الشيعة هو العلامة الحلّي في «التذكرة» وعند أهل السنة جمع من الفقهاء منهم صاحب «شرح المقاصد في صفات الإمام». ويذكر فقهاء السنة أن الإمام، وهو الولي الفقيه لا بد وأن يكون فقيهاً.‏
الصفة الثانية، العدالة: فلا بد أن يكون الولي الفقيه عادلاً أي ملتزماً بحدود الله تعالى، ملتزماً بالحلال والحرام، وهو ما نعبّر عنه بالتقوى، بمعنى الالتزام الدقيق بحدود الله تعالى. فإذا ما التزم الإنسان بحدود الله تعالى في حياته وتحول هذا الالتزام إلى ملكة راسخة، عندئذ يصلح ليكون إماماً للمسلمين.‏
الصفة الثالثة، الكفاءة: فلا بد أن يكون الولي الفقيه كفؤاً قادراً، وعنده الكفاءات والإمكانات القادرة على القيادة والإدارة والتوجيه والتسديد. فولي أمر المسلمين أو إمام المسلمين، يتولى شأناً من أصعب الشؤون، فهو يتولى إدارة وقيادة الأمة بأكملها. فإذا ما كان ضعيفاً عاجزاً بالضرورة، فهو لا يستطيع أن يتولى قيادة الأمة. لذلك، لا بد أن يمتلك الكفاءات القيادية التي تمكنه من إدارة هذه الأمة الواسعة على وجه الأرض في الحرب والسلم، وتشخيص الأعداء وتشخيص الأصدقاء، وألا يكون متسرّعاً في القرارات، وأن يكون منفتحاً على الناس، وأن يستمع إلى مشاكلهم، وأن يحرص على أمنهم وأمن المجتمع، وألا يكون مهزوماً نفسياً، وأن يكون قادراً على مواجهة التحديات الصعبة التي تواجهه. على العموم، ما نعبّر عنه بالكفاءات القيادية.‏
وسألتم هل أن هذه المؤهلات موجودة في ولي أمر المسلمين سماحة السيد الخامنئي؟ أقول نعم، هذه الخصال موجودة في الإمام الخامنئي وهو بحق رجل فقيه ومتمكن من الاجتهاد والاستنباط والفقه أوّلاً، ورجل ملتزم بحدود الله تعالى وأحكامه. وتاريخه تاريخ مشرق وصفحة حياته صفحة ناصعة ثانياً. وبالنسبة للكفاءة، ثالثاً، فهو منذ قيام الثورة إلى اليوم في وسط المعركة، وقد أنضجته التجارب واكتسب منها خبرة واسعة، وكان له حضور كذلك قبل قيام الثورة في أوساط الجهاد والمعارضة والعمل الإسلامي وحمل رسالة الإسلام. وبعد قيام الثورة الإسلامية وانتصارها، كان مع الإمام (قده) في كل مراحل العمل، حتى تولى أمر القيادة بعد الإمام رحمة الله عليه. نسأل الله تعالى أن يطيل عمره وأن يجعل في عمره خيراً وبركة كثيرة.‏
* كيف ترون دائرة صلاحية الولي الفقيه؟‏
أعتقد أن دائرة صلاحية الولي الفقيه دائرة واسعة، وهي أوسع من الدائرة الفعلية للدولة الحديثة المعاصرة، أو صلاحيات الدولة الحديثة المعاصرة بأجهزتها الثلاثة: القوة التقنينيّة والقوة التنفيذية والقوة القضائية. هذه الثلاثة مختزلة في الإسلام في ولي الأمر يوزّعها، أي يوزع هذه المهام، فيعطي القوة التقنينية لمجلس الأمة أو «مجلس الشورى الإسلامي» ويعطي القوة القضائية للقضاء والتنفيذية لرئيس الجمهورية والوزارات التي تتبع رئاسة الجمهورية. هذه ثلاث صلاحيات يعطيها الإسلام لولي الأمر، ولا يعني ذلك أن ولي الأمر يمارس بنفسه هذه الأعمال جميعها، فهذا أمر خارج عن حدود إمكانية إنسان، وإنما يوزعها على هذه الأجهزة. الناس مثلاً ينتخبون نوابهم في مجلس الشورى وهو يقرّ للمجلس صلاحية التقنين.‏
* هل يعني هذا أن دائرة صلاحية ولي الأمر هي دون التشريع وفوق ما كان يقال من انحصارها بالولاية على الصغار والأمور الحسبية الضيّقة وما شاكل؟‏
أنا أتكلم بأوسع من هذا، أقول بأن صلاحيات الدولة الحديثة هي ثلاثة: التقنين والقضاء والتنفيذ. والمقصود بالتنفيذ هنا، كل الأمور وليس فقط الولاية على الصغار والأيتام وتحصيل الأموال التي يغيب عنها أصحابها. كلا، بل صلاحيات الدولة الحديثة كلها من قبيل: الشؤون الخارجية والأمن والشرطة والتعليم والتربية والصحة والدفاع والانضباط والزراعة والطرق والريّ والتعليم الجامعي الخ... لا تحدّدوا، فهذا كله داخل في الدائرة التنفيذية. والدائرة التنفيذية للدولة الحديثة، تحتوي على مئات النقاط التي ذكرت بعضها الآن، والولي الفقيه له الصلاحيات الثلاث التقنين والقضاء والتنفيذ، ويعطي كل واحدة من هذه الصلاحيات إلى طرف.‏
* حسناً، هنا في نفس هذه النقطة كيف ترون إيجابية أن يكون للولي هذه الدائرة الواسعة من الصلاحية؟‏
إن الإيجابية تنبثق من ضرورات الحياة الإدارية والسياسية. فلا يمكن إدارة الحياة الإنسانية اليوم بكل تعقيداتها، ولا يمكن أن تستقيم حكومة، إلا إذا كانت تمتلك هذه الصلاحيات الواسعة.‏
* ننتقل إلى مسألة أخرى... كيف ترون إلى العلاقة بين الولاية والمرجعية؟‏
المرجعية تعني الفتيا والولاية هي التصدي للشؤون السياسية والإدارية. ولكن المرجعية وهي التصدي للفتيا تتعهّد اليوم في بلاد المسلمين بطرف من الشؤون السياسية والإدارية في المجتمع، وهذا يعني أن المرجعية تتصدى اليوم ليس فقط لشؤون الفتيا، وإنما لطرف وجانب من شؤون الحكم... وفي الوضع السياسي والإداري والاقتصادي للناس، يتدخل المرجع ويعطي رأيه وحكمه. وأما ولاية الأمر، فمعناها التصدي لشؤون المسلمين في الحرب والسلم والشؤون الإدارية والسياسية. والشؤون السياسية موجودة ضمن النقاط الثلاث التي شرحتها.

الإمام الخامنئي: هدف الأعداء افتعال حرب بين المسلمين

قال قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي خلال استقباله حشدا من المشاركين في مؤتمر الوحدة الإسلامية ومسؤولي النظام وسفراء الدول الإسلامية وبمناسبة ذكرى مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وحفيده الإمام الصادق (سلام الله عليه): إن هدف أعداء اليوم يتمثل في افتعال حرب داخلية بين المسلمين وقد نجحوا للأسف إلى حد ما على هذا الصعيد، محذرا من الدور الخطير الذي تقوم به الولايات المتحدة. 
وأضاف سماحته: إن مسؤولية الأمة الإسلامية لا تقتصر على إحياء المولد النبوي وإنما إطلاق أجواء جديدة وإقامة حضارة إسلامية حديثة.

وتساءل خلال اللقاء الذي تم في حسينية الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) في طهران: لماذا يلتزم العالم الإسلامي الصمت حيال المأساة التي يتعرض لها شيخ مصلح وتقريبي ومؤمن في نيجيريا؟.
وبين الإمام الخامنئي أن خطابه موجه لعلماء ومثقفي العالم الإسلامي الذين لا يعتبرون الغرب قبلتهم وانه لا يعول كثيرا على السياسيين.
وحذر قائد الثورة الإسلامية من الدور الخطير الذي تقوم به الولايات المتحدة لبث الفرقة بين المذاهب الإسلامية معربا عن قلقه من استخدام واشنطن تعبير السنة والشيعة في خطابها السياسي والإعلامي.
وأكد سماحته أن الأميركيين یعارضون الإسلام ذاته ولا یجب الانخداع بتصریحاتهم فی دعم بعض الفرق وقال إن تصریحات الرئیس الأميركي السابق بعد حادثة 11 سبتمبر والذی تحدث عن حرب صلیبیة، تظهر فی الواقع حرب عالم الاستكبار علی الإسلام.
وأضاف أن تصریحات المسؤولین الأميركيين الحالیین بشأن الموافقة علی الإسلام بأنها تتعارض والواقع وهي مؤشر علی نفاقهم مؤكدا أن السلطات الحالیة الأميركية تعارض الإسلام أصلا وعلی النقیض مما تتفوه به فهي بصدد بث الخلافات بین المسلمین والمثال علی ذلك هو تأسيس المجموعات الإرهابية بما فیها داعش وفرق أخرى أسست بأموال التابعین لأميركا ومساعداتهم السیاسیة وتسببوا بالكوارث الحالیة في العالم الإسلامي.
وأكد الإمام الخامنئي أن تصریحات المسؤولین الأميركيين بموافقتهم علی السنة ومعارضتهم للشیعة، هي كذب وقال: أليس أهالي غزة الذین تعرضوا بتلك الطریقة للغزو والعدوان، هم سنة، والبس أهالي الضفة الغربیة الذین یخضعون للضغط، هم سنة.
وأشار إلى تصریحات سیاسي أميركي من أن 'التوجه الإسلامي هو عدو أميركا' مؤكدا انه لا فرق بین الشیعة والسنة بالنسبة للأميركيين، لأنهم یعارضون أي مسلم یرید العیش وفقا لأحكام وقوانین الإسلام وبذل الجهد في هذا السبیل.
واعتبر القائد أن مشكلة الأميركيين الرئیسیة مع المسلمین، هي تقیدهم والتزامهم بأحكام وتعالیم الإسلام والعمل علی إرساء الحضارة الإسلامية وقال انه لهذا السبب، عندما بدأت الصحوة الإسلامية، انتابهم الارتباك والقلق وحاولوا احتوائها إذ نجحوا في بعض البلدان لكن الصحوة الإسلامية لا یمكن القضاء علیها وستبلغ أهدافها بإذن الله تعالی.
وقال: إن الهدف الرئیسي لجبهة الاستكبار یتمثل في إثارة الحرب الأهلية بین المسلمین وتدمیر البنی التحتیة للبلدان الإسلامية بما فیها سوریة والیمن ولیبیا وأضاف انه لا یجب اللجوء إلى الصمت والاستسلام فی مقابل هذه المؤامرة بل یجب الوقوف بوجه المؤامرات في ظل التحلي بالبصیرة وحفظ الاستقامة.
وانتقد القائد صمت العالم الإسلامي تجاه استمرار الضغط علی المسلمین البحرینیین وكذلك قرابة عام من قصف الیمن لیل نهار والوضع فی سوریة والعراق مشیرا إلى القضایا الأخيرة فی نیجیریا وتساءل: لماذا نفذت هكذا كارثة بشان شیخ مصلح تقریبی ومؤمن وقتل نحو ألف شخص وان یستشهد أبناؤه ویلوذ العالم الإسلامي بالصمت؟.
وأكد قائد الثورة الإسلامية انه عندما یعمل عالم القوة والمال علی وضع مخططات خطیرة للعالم الإسلامي فإنه لا یحق لأحد الخلود إلى النوم وعدم الانتباه للحقائق.

وقد قدم القائد في مستهل كلمته التهانی والتبریكات بذكری مولد نبي الإسلام العظیم (ص) والإمام الصادق (ع) وقال إن أهم واجب یقع الیوم علی عاتق العالم الإسلامي لاسیما العلماء والمثقفین الحقیقیین هو 'العمل المجد والدؤوب' لبث الروح الحقیقیة للاسلام والمعنویة في العالم الحالي المليء بالظلم والتمییز والقسوة وأكد أن الدور قد حان الیوم للعالم الإسلامي للاستفادة من العلم والأدوات العالمیة وكذلك العقل والحكمة والتدبر والبصیرة للتحرك باتجاه بناء الحضارة الإسلامية الحدیثة.
وأضاف سماحته: إن الحضارة الإسلامية الحدیثة لا تعني الاعتداء علی الأراضي والبلدان وإهدار حقوق الناس وفرض الأخلاق والثقافة علی الشعوب ولا تشبه ما فعلته الحضارة الغربیة بل تعنی إهداء الفضیلة الإلهية للبشریة والتمهید لتشخیص المسار الصحیح علی ید الإنسان نفسه.
وأشار إلى استخدام الغرب لعلم وفلسفة العالم الإسلامي لإقامة حضارته وقال إن هذه الحضارة ورغم أنها قدمت مظاهر جمیلة من التكنولوجیا والسرعة والسهولة والأدوات المختلفة للحیاة لكنها لم تجلب السعادة والعدالة للبشریة وأصيبت بالتناقض بباطنها.
وقال القائد إن الحضارة الغربیة وبظاهرها المنمق والمزخرف أصبحت الیوم فاسدة أخلاقيا وخاویة معنویا الأمر الذي یقر به الغربیون أنفسهم.
وأكد الإمام الخامنئي أن الدور قد حان الیوم للعالم الإسلامي لإرساء دعائم الحضارة الإسلامية الحدیثة وقال إن لا أمل یعلق علی ساسة العالم الإسلامي لبلوغ هذا الهدف بل یتعین علی علماء الدین والمثقفین الحقیقیین الذین لا یتخذون من الغرب قبلة لهم، أن یعملوا علی تنویر الأمة الإسلامية ولیعلموا بان بناء هذه الحضارة، أمر قابل للتحقق.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية، الجمهوریة الإسلامية الإيرانية بأنها نموذج لإمكانية نیل هذا الهدف الكبیر وقال إن إيران وقبل انتصار الثورة الإسلامية كانت متخلفة علمیا وسیاسیا واجتماعیا وكانت منعزلة من الناحیة السیاسیة وتابعة بالكامل من ناحیة شؤون البلاد، لكن الشعب الإيراني اظهر الیوم وبفضل الإسلام، هویته وشخصیته وسجلت البلاد تقدما مهما في المعرفة والتكنولوجیا والعلوم الحدیثة وأصبحت ضمن عدد من البلدان المتمیزة في هذه المجالات.
ورأى أن هذا النموذج یمكن تعمیمه علی العالم الإسلامي بأسره مؤكدا أن نیل هذا الموقع رهن بقطع هیمنة القوی الكبرى علی الشعوب وهذا له ثمنه أيضا لان نیل الأهداف الكبرى لا یمكن من دون دفع ثمن.
وأكد انه في الحضارة الإسلامية وعلی النقیض من الحضارة الغربیة فإن أي بلد لا یخضع للهیمنة بالقوة موضحا أن نظرتنا لا یجب أن تكون متجهة نحو الغربیین فی بناء الحضارة الإسلامية الحدیثة ولا یجب الاهتمام بابتساماتهم وتجهمهم بل یجب أن نستند إلى طاقاتنا وقدراتنا للتحرك في الطریق الصحیح.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية أن احدی أدوات الأعداء للحد من بناء الحضارة الإسلامية الحدیثة تتمثل في بث الفرقة بین المسلمین وقال انه منذ أن أثير موضوع الشیعة والسنة في أدبيات السلطات والساسة الأميركيين فإن أهل الفهم وأصحاب الرؤیة انتابهم القلق لأنه كان واضحا أن هؤلاء یبحثون عن مؤامرة جدیدة وأكثر خطرا من السابق.
وفی مستهل اللقاء، القى الرئیس الإيراني حسن روحاني كلمة قدم فیها التهاني والتبریكات بذكری میلاد نبي الإسلام المكرم (ص) والإمام الصادق (ع) وقال إن نبي الإسلام (ص) هو أسوة الأخلاق والطهر وأضاف أن النبي محمد (ص) جاء بدرس الوحدة والاتحاد والأخوة للعالم.
وفيی ختام اللقاء تحدث عدد من ضیوف مؤتمر الوحدة الإسلامية مع قائد الثورة الإسلامية عن قرب.

اليوم عرفت علياً

في ليلة عيد ميلاد نبي الله عيسى ( عليه السلام )، طلب الإمام الخامنئي دام ظله، أن يبحثوا عن شهداء الثورة بين العائلات المسيحية ليزورها.

حدد مكتب المرجع العائلة، أخبروا القائد عن العائلة المنشودة، تهيأ الموكب للانطلاق، فوصل فريق الحراسات الخاص مسبقاً كالعادة، طرقوا الباب فأجابتهم إمرأة وفتاة، فأخبروهما أنّ أحد مسؤولي الدولة سيأتي لزيارتهم وتهنئتهم بالعيد، سألوهما عن الرجال، فأخبروا أنه ليس في دارهما رجل.
تفاجأوا، هم يعلمون أنّ الإمام الخامنئي لن يدخل الدار طالما ليس فيها رجل. سألوهما عن الأقارب فأخبرتهم الفتاة أنّ عمها يسكن قريباً من دارهم، فأسرع أحد رجال الحرس لإحضاره.
في هذه الأثناء وصل موكب الإمام دام ظله، همّ بالدخول، تفاجأت المرأة العجوز به وكذلك الفتاة، وأغمي على الأم مباشرة. سأل الإمام الخامنئي عن الرجال، فأخبروه أنهم ذهبوا لإحضار العم، ففضل أن يمكث وينتظر في الشارع رغم محاولات الحرس ثنيه عن ذلك درءً للمخاطر الأمنية.
جلست الفتاة توقظ أمها، وفي هذه الأثناء وصل عمّها الذي تفاجأ بالضيف، وكاد يغمى عليه هو أيضاً، جلس القائد بين يدي العائلة، سألهم عن أحوالهم وأوضاعهم وقصة شهيدهم، هنأهم بالعيد وقدم لهم هدية.
سألته الفتاة إذا كان بإمكانها وضع الضيافة، فأجاب مازحاً بأن الضيف لا يُسأل عادة. وضعت الشاي والفاكهة، فأكل وشرب، رغم أن بعض رجال الحرس إمتنعوا عن ذلك.
تكلمت الأم فقالت:” كنا نحضر أحياناً مجالس العزاء التي تقام في الجوار، ونستمع للقصص حول الإمام علي، وعن عطفه وحرصه على الأيتام”.
وقبل أن تكمل كانت تجهش بالبكاء هي والأبنة والعمّ. فقالت: ” اليوم عرفت من هو علي، اليوم رأيت علياً حنوناً عطوفاً يزور الأيتام والمساكين ويعطف عليهم ويسألهم عن أحوالهم ويهتم لشؤونهم دون أن تشغله أكبر القضايا في الدولة فلا يلتفت إلى صغارها. حقاً يا سيدي أنك عليّ!

المشرف : الشيخ ابو علي الفاطمي @@ 2015 @@

Designed by Templateism