قال قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي خلال استقباله حشدا من المشاركين في مؤتمر الوحدة الإسلامية ومسؤولي النظام وسفراء الدول الإسلامية وبمناسبة ذكرى مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وحفيده الإمام الصادق (سلام الله عليه): إن هدف أعداء اليوم يتمثل في افتعال حرب داخلية بين المسلمين وقد نجحوا للأسف إلى حد ما على هذا الصعيد، محذرا من الدور الخطير الذي تقوم به الولايات المتحدة.
وأضاف سماحته: إن مسؤولية الأمة الإسلامية لا تقتصر على إحياء المولد النبوي وإنما إطلاق أجواء جديدة وإقامة حضارة إسلامية حديثة.
وتساءل خلال اللقاء الذي تم في حسينية الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) في طهران: لماذا يلتزم العالم الإسلامي الصمت حيال المأساة التي يتعرض لها شيخ مصلح وتقريبي ومؤمن في نيجيريا؟.
وبين الإمام الخامنئي أن خطابه موجه لعلماء ومثقفي العالم الإسلامي الذين لا يعتبرون الغرب قبلتهم وانه لا يعول كثيرا على السياسيين.
وحذر قائد الثورة الإسلامية من الدور الخطير الذي تقوم به الولايات المتحدة لبث الفرقة بين المذاهب الإسلامية معربا عن قلقه من استخدام واشنطن تعبير السنة والشيعة في خطابها السياسي والإعلامي.
وأكد سماحته أن الأميركيين یعارضون الإسلام ذاته ولا یجب الانخداع بتصریحاتهم فی دعم بعض الفرق وقال إن تصریحات الرئیس الأميركي السابق بعد حادثة 11 سبتمبر والذی تحدث عن حرب صلیبیة، تظهر فی الواقع حرب عالم الاستكبار علی الإسلام.
وأضاف أن تصریحات المسؤولین الأميركيين الحالیین بشأن الموافقة علی الإسلام بأنها تتعارض والواقع وهي مؤشر علی نفاقهم مؤكدا أن السلطات الحالیة الأميركية تعارض الإسلام أصلا وعلی النقیض مما تتفوه به فهي بصدد بث الخلافات بین المسلمین والمثال علی ذلك هو تأسيس المجموعات الإرهابية بما فیها داعش وفرق أخرى أسست بأموال التابعین لأميركا ومساعداتهم السیاسیة وتسببوا بالكوارث الحالیة في العالم الإسلامي.
وأكد الإمام الخامنئي أن تصریحات المسؤولین الأميركيين بموافقتهم علی السنة ومعارضتهم للشیعة، هي كذب وقال: أليس أهالي غزة الذین تعرضوا بتلك الطریقة للغزو والعدوان، هم سنة، والبس أهالي الضفة الغربیة الذین یخضعون للضغط، هم سنة.
وأشار إلى تصریحات سیاسي أميركي من أن 'التوجه الإسلامي هو عدو أميركا' مؤكدا انه لا فرق بین الشیعة والسنة بالنسبة للأميركيين، لأنهم یعارضون أي مسلم یرید العیش وفقا لأحكام وقوانین الإسلام وبذل الجهد في هذا السبیل.
واعتبر القائد أن مشكلة الأميركيين الرئیسیة مع المسلمین، هي تقیدهم والتزامهم بأحكام وتعالیم الإسلام والعمل علی إرساء الحضارة الإسلامية وقال انه لهذا السبب، عندما بدأت الصحوة الإسلامية، انتابهم الارتباك والقلق وحاولوا احتوائها إذ نجحوا في بعض البلدان لكن الصحوة الإسلامية لا یمكن القضاء علیها وستبلغ أهدافها بإذن الله تعالی.
وقال: إن الهدف الرئیسي لجبهة الاستكبار یتمثل في إثارة الحرب الأهلية بین المسلمین وتدمیر البنی التحتیة للبلدان الإسلامية بما فیها سوریة والیمن ولیبیا وأضاف انه لا یجب اللجوء إلى الصمت والاستسلام فی مقابل هذه المؤامرة بل یجب الوقوف بوجه المؤامرات في ظل التحلي بالبصیرة وحفظ الاستقامة.
وانتقد القائد صمت العالم الإسلامي تجاه استمرار الضغط علی المسلمین البحرینیین وكذلك قرابة عام من قصف الیمن لیل نهار والوضع فی سوریة والعراق مشیرا إلى القضایا الأخيرة فی نیجیریا وتساءل: لماذا نفذت هكذا كارثة بشان شیخ مصلح تقریبی ومؤمن وقتل نحو ألف شخص وان یستشهد أبناؤه ویلوذ العالم الإسلامي بالصمت؟.
وأكد قائد الثورة الإسلامية انه عندما یعمل عالم القوة والمال علی وضع مخططات خطیرة للعالم الإسلامي فإنه لا یحق لأحد الخلود إلى النوم وعدم الانتباه للحقائق.
وقد قدم القائد في مستهل كلمته التهانی والتبریكات بذكری مولد نبي الإسلام العظیم (ص) والإمام الصادق (ع) وقال إن أهم واجب یقع الیوم علی عاتق العالم الإسلامي لاسیما العلماء والمثقفین الحقیقیین هو 'العمل المجد والدؤوب' لبث الروح الحقیقیة للاسلام والمعنویة في العالم الحالي المليء بالظلم والتمییز والقسوة وأكد أن الدور قد حان الیوم للعالم الإسلامي للاستفادة من العلم والأدوات العالمیة وكذلك العقل والحكمة والتدبر والبصیرة للتحرك باتجاه بناء الحضارة الإسلامية الحدیثة.
وأضاف سماحته: إن الحضارة الإسلامية الحدیثة لا تعني الاعتداء علی الأراضي والبلدان وإهدار حقوق الناس وفرض الأخلاق والثقافة علی الشعوب ولا تشبه ما فعلته الحضارة الغربیة بل تعنی إهداء الفضیلة الإلهية للبشریة والتمهید لتشخیص المسار الصحیح علی ید الإنسان نفسه.
وأشار إلى استخدام الغرب لعلم وفلسفة العالم الإسلامي لإقامة حضارته وقال إن هذه الحضارة ورغم أنها قدمت مظاهر جمیلة من التكنولوجیا والسرعة والسهولة والأدوات المختلفة للحیاة لكنها لم تجلب السعادة والعدالة للبشریة وأصيبت بالتناقض بباطنها.
وقال القائد إن الحضارة الغربیة وبظاهرها المنمق والمزخرف أصبحت الیوم فاسدة أخلاقيا وخاویة معنویا الأمر الذي یقر به الغربیون أنفسهم.
وأكد الإمام الخامنئي أن الدور قد حان الیوم للعالم الإسلامي لإرساء دعائم الحضارة الإسلامية الحدیثة وقال إن لا أمل یعلق علی ساسة العالم الإسلامي لبلوغ هذا الهدف بل یتعین علی علماء الدین والمثقفین الحقیقیین الذین لا یتخذون من الغرب قبلة لهم، أن یعملوا علی تنویر الأمة الإسلامية ولیعلموا بان بناء هذه الحضارة، أمر قابل للتحقق.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية، الجمهوریة الإسلامية الإيرانية بأنها نموذج لإمكانية نیل هذا الهدف الكبیر وقال إن إيران وقبل انتصار الثورة الإسلامية كانت متخلفة علمیا وسیاسیا واجتماعیا وكانت منعزلة من الناحیة السیاسیة وتابعة بالكامل من ناحیة شؤون البلاد، لكن الشعب الإيراني اظهر الیوم وبفضل الإسلام، هویته وشخصیته وسجلت البلاد تقدما مهما في المعرفة والتكنولوجیا والعلوم الحدیثة وأصبحت ضمن عدد من البلدان المتمیزة في هذه المجالات.
ورأى أن هذا النموذج یمكن تعمیمه علی العالم الإسلامي بأسره مؤكدا أن نیل هذا الموقع رهن بقطع هیمنة القوی الكبرى علی الشعوب وهذا له ثمنه أيضا لان نیل الأهداف الكبرى لا یمكن من دون دفع ثمن.
وأكد انه في الحضارة الإسلامية وعلی النقیض من الحضارة الغربیة فإن أي بلد لا یخضع للهیمنة بالقوة موضحا أن نظرتنا لا یجب أن تكون متجهة نحو الغربیین فی بناء الحضارة الإسلامية الحدیثة ولا یجب الاهتمام بابتساماتهم وتجهمهم بل یجب أن نستند إلى طاقاتنا وقدراتنا للتحرك في الطریق الصحیح.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية أن احدی أدوات الأعداء للحد من بناء الحضارة الإسلامية الحدیثة تتمثل في بث الفرقة بین المسلمین وقال انه منذ أن أثير موضوع الشیعة والسنة في أدبيات السلطات والساسة الأميركيين فإن أهل الفهم وأصحاب الرؤیة انتابهم القلق لأنه كان واضحا أن هؤلاء یبحثون عن مؤامرة جدیدة وأكثر خطرا من السابق.
وفی مستهل اللقاء، القى الرئیس الإيراني حسن روحاني كلمة قدم فیها التهاني والتبریكات بذكری میلاد نبي الإسلام المكرم (ص) والإمام الصادق (ع) وقال إن نبي الإسلام (ص) هو أسوة الأخلاق والطهر وأضاف أن النبي محمد (ص) جاء بدرس الوحدة والاتحاد والأخوة للعالم.
وفيی ختام اللقاء تحدث عدد من ضیوف مؤتمر الوحدة الإسلامية مع قائد الثورة الإسلامية عن قرب.