اهلا وسهلآ بكم لبيك يا حسيــــــــــــن

الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة


دعاء الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة
روي أن بشرا وبشيرا ولدا غالب الأسدي قالا: لما كان عصر عرفة في عرفات، وكنا عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام، خرج عليه السلام من خيمته مع جماعة من أهل بيته وأولاده وشيعته بحال التذلل والخشوع والاستكانة، فوقف في الجانب الأيسر من الجبل، وتوجه إلى الكعبة، ورفع يديه قبالة وجهه كمسكين يطلب طعاما، وقرأ هذا الدعاء:
دعاء الإمام الحسين (ع ) يوم عرفة:
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لا تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ، جازى كُلِّ صانِع، وَرائِشُ كُلِّ قانع، وَراحِمُ كُلِّ ضارِع، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ، بِالنُّورِ السّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا اِلهَ غَيْرُهُ، وَلا شَىءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ، وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ، اللَّطيفُ الْخَبيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، اَللّهُمَّ اِنّى اَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَاَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرّاً بِاَنَّكَ رَبّى، اِلَيْكَ مَرَدّى، اِبْتَدَأتَنى بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ اَنْ اَكُونَ شَيْئاًمَذكوراً، وَخَلَقْتَنى مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ اَسْكَنْتَنِى الاَْصْلابَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنينَ، فَلَمْ اَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْب اِلى رَحِم، فى تَقادُم مِنَ الاَْيّامِ الْماضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنى لِرَأفَتِكَ بى، وَلُطْفِكَ لى، وَاِحْسانِكَ اِلَىَّ، فى دَوْلَةِ اَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ اَخْرَجْتَنى للَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى، الَّذى لَهُ يَسَّرْتَنى، وَفيهِ اَنْشَأْتَنى، وَمِنْ قَبْلِ رَؤُفْتَ بى بِجَميلِ صُنْعِكَ، وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فابْتَدَعْتَ خَلْقى مِنْ مَنِىّ يُمْنى، وَاَسْكَنْتَنى فى ظُلُمات ثَلاث، بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد، لَمْ تُشْهِدْنى خَلْقى، وَلَمْ تَجْعَلْ اِلَىَّ شَيْئاً مِنْ اَمْرى، ثُمَّ اَخْرَجْتَنى لِلَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى اِلَى الدُّنْيا تآمّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنى فِى الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنى مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَىَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِى الاُْمَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلاْتَنى مِنْ طَوارِقِ الْجآنِّ، وَسَلَّمْتَنى مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ، اَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابِغَ الانْعامِ، وَرَبَّيْتَنى آيِداً فى كُلِّ عام، حَتّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتى، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتى، اَوْجَبْتَ عَلَىَّ حُجَتَّكَ، بِاَنْ اَلْهَمْتَنى مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنى بِعَجايِبِ حِكْمَتِكَ، وَاَيْقَظْتَنى لِما ذَرَأتَ فى سَمآئِكَ وَاَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنى لِشُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَاَوجَبْتَ عَلَىَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنى ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لى تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَىَّ فى جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ اِذْ خَلَقْتَنى مِنْ خَيْرِ الثَّرى، لَمْ تَرْضَ لى يا اِلهى نِعْمَةً دُونَ اُخرى، وَرَزَقْتَنى مِنْ اَنواعِ الْمَعاشِ، وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظيمِ الاَْعْظَمِ عَلَىَّ، وَاِحْسانِكَ الْقَديمِ اِلَىَّ، حَتّى اِذا اَتْمَمْتَ عَلَىَّ جَميعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنّى كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلى وَجُرْأَتى عَلَيْكَ اَنْ دَلَلْتَنى اِلى ما يُقَرِّبُنى اِلَيْكَ، وَوفَّقْتَنى لِما يُزْلِفُنى لَدَيْكَ، فَاِنْ دَعْوَتُكَ اَجَبْتَنى، وَاِنْ سَأَلْتُكَ اَعْطَيْتَنى، وَاِنْ اَطَعْتُكَ شَكَرْتَنى، وَاِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنى، كُلُّ ذلِكَ اِكْمالٌ لاَِنْعُمِكَ عَلَىَّ، وَاِحْسانِكَ اِلَىَّ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ، مِنْ مُبْدِئ مُعيد، حَميد مجيد، تَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ، فَأَىُّ نِعَمِكَ يا اِلهى اُحْصى عَدَداً وَذِكْراً، أَمْ اَىُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً، وَهِىَ يا رَبِّ اَكْثرُ مِنْ اَنْ يُحْصِيَهَا الْعآدّوُنَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنّى اَللّهُمَّ مِنَ الضُرِّ وَالضَّرّآءِ، أَكْثَرَ مِمّا ظَهَرَ لى مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرّآءِ، وَاَنَا اَشْهَدُ يا اِلهى بِحَقيقَةِ ايمانى، وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقينى، وَخالِصِ صَريحِ تَوْحيدى، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَميرى، وَعَلائِقِ مَجارى نُورِ بَصَرى، وَاَساريرِ صَفْحَةِ جَبينى، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسى، وَخَذاريفِ مارِنِ عِرْنَينى، وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعى، وَما ضُمَّتْ وَاَطبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتاىَ، وَحرِكاتِ لَفظِ لِسانى، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمى وَفَكّى، وَمَنابِتِ اَضْراسى، وَمَساغِ مَطْعَمى وَمَشْرَبى، وَحِمالَةِ اُمِّ رَأْسى، وَبُلُوغِ فارِغِ حبائِلِ عُنُقى، وَمَا اشْتَمَلَ عَليْهِ تامُورُ صَدرى، وَحمائِلِ حَبْلِ وَتينى، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبى، وَأَفْلاذِ حَواشى كَبِدى، وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ اَضْلاعى، وَحِقاقُ مَفاصِلى، وَقَبضُ عَوامِلى، وَاَطرافُ اَنامِلى وَلَحْمى وَدَمى، وَشَعْرى وَبَشَرى، وَعَصَبى وَقَصَبى، وَعِظامى وَمُخّى وَعُرُوقى، وَجَميعُ جَوارِحى، وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ اَيّامَ رَِضاعى، وَما اَقلَّتِ الاَْرْضُ مِنّى، وَنَوْمى وَيقَظَتى وَسُكُونى وَحرَكاتِ رُكُوعى وَسُجُودى، اَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الاَْعصارِ وَالاَْحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها اَنْ أُؤَدِّىَ شُكْرَ واحِدَة مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ اِلاّ بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَىَّ بِهِ شُكْرَكَ اَبَداً جَديداً، وَثَنآءً طارِفاً عَتيداً، اَجَلْ وَلوْ حَرَصْتُ اَنَا وَالْعآدُّونَ مِنْ اَنامِكَ، أَنْ نُحْصِىَ مَدى اِنْعامِكَ، سالِفِهِ وَآنِفِهِ ما حَصَرْناهُ عَدَداً، وَلا اَحْصَيناهُ اَمَداً، هَيْهاتَ أنّى ذلِكَ وَاَنْتَ الُْمخْبِرُ فى كِتابِكَ النّاطِقِ، وَالنَّبَأِ الصّادِقِ، وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها، صَدَقَ كِتابُكَ اَللّهُمَّ وَاِنْبآؤُكَ، وَبَلَّغَتْ اَنْبِيآؤُكَ وَرُسُلُكَ، ما اَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دينِكَ، غَيْرَ أَنّى يا اِلهى اَشْهَدُ بِجَُهْدى وَجِدّى، وَمَبْلَغِ طاعَتى وَوُسْعى، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً، اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَُ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فى مُلْكِهِ فَيُضآدَُّهُ فيَما ابْتَدَعَ، وَلا وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ، لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ اِلاَّ الله لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا، سُبْحانَ اللهِ الْواحِدِ الاَْحَدِ الصَّمَدِ الَّذى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ، اَلْحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ، وَاَنْبِيآئِهِ الْمُرْسَلينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَآلِهِ الطَّيِبينَ الطّاهِرينَ الُْمخلَصينَ وَسَلَّمَ .
ثمّ اندفع في المسألة واجتهد في الدّعاء ، وقال وعيناه سالتا دموعاً :
اَللّهُمَّ اجْعَلْنى اَخْشاكَ كَاُنّى اَراكَ، وَاَسْعِدْنى بِتَقوايكَ، وَلا تُشْقِنى بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْلى فى قَضآئِكَ، وَبارِكْ لى فى قَدَرِكَ، حَتّى لا أُحِبَّ تَعْجيلَ ما اَخَّرْتَ وَلا تَأخيرَ ما عَجَّلْتَ، اَللّهُمَّ اجْعَلْ غِناىَ فى نَفْسى، وَالْيَقينَ فى قَلْبى، وَالاِْخْلاصَ فى عَمَلى، وَالنُّورَ فى بَصَرى، وَالْبَصيرَةَ فى دينى، وَمَتِّعْنى بِجَوارِحى، وَاجْعَلْ سَمْعى وَبَصَرىَ الْوارِثَيْنِ مِنّى، وَانْصُرْنى عَلى مَنْ ظَلَمَنى، وَاَرِنى فيهِ ثَاْرى وَمَآرِبى، وَاَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنى، اَللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتى، وَاسْتُرْ عَوْرَتى، وَاغْفِرْ لى خَطيئَتى، وَاخْسَأْ شَيْطانى، وَفُكَّ رِهانى، وَاْجَعْلْ لى يا اِلهى الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِى الاْخِرَةِ وَالاُْوْلى، اَللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنى فَجَعَلْتَنى سَميعاً بَصيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنى فَجَعَلْتَنى خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بى، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقى غَنِيّاً، رَبِّ بِما بَرَأْتَنْى فَعَدَّلْتَ فِطْرَتى، رَبِّ بِما اَنَشَأْتَنى فَاَحْسَنْتَ صُورَتى، رَبِّ بِما اَحْسَنْتَ اِلَىَّ وَفى نَفْسى عافَيْتَنى، رَبِّ بِما كَلاَتَنى وَوَفَّقْتَنى، رَبِّ بِما اَنَعْمَتَ عَلَىَّ فَهَدَيْتَنى، رَبِّ بِما اَوْلَيْتَنى وَمِنْ كُلِّ خَيْر اَعْطَيْتَنى، رَبِّ بِما اَطْعَمْتَنى وَسَقَيْتَنى، رَبِّ بِما اَغْنَيْتَنى وَاَقْنَيْتَنى، رَبِّ بِما اَعَنْتَنى وَاَعْزَزْتَنى، رَبِّ بِما اَلْبَسْتَنى مِنْ سِتْرِكَ الصّافى، وَيَسَّرْتَ لى مِنْ صُنْعِكَ الْكافى، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَعِنّى عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ، وَصُرُوفِ اللَّيالى وَالاَْيّامِ، وَنَجِّنى مِنْ اَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الاْخِرَةِ، وَاكْفِنى شَرَّ ما يَعْمَلُ الظّالِمُونَ فِى الاَْرْضِ، اَللّهُمَّ ما اَخافُ فَاكْفِنى، وَما اَحْذَرُ فَقِنى، وَفى نَفْسى وَدينى فَاحْرُسْنى، وَفى سَفَرى فَاحْفَظْنى، وَفى اَهْلى وَمالى فَاخْلُفْنى، وَفى ما رَزَقْتَنى فَبارِكْ لى، وَفى نَفْسى فَذلِّلْنى، وَفى اَعْيُنِ النّاسِ فَعَظِّمْنى، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ فَسَلِّمْنى، وَبِذُنُوبى فَلا تَفْضَحْنى وَبِسَريرَتى فَلا تُخْزِنى، وَبِعَمَلى فَلا تَبْتَِلْنى، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنى، وَاِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنى، اِلهى اِلى مَنْ تَكِلُنى اِلى قَريب فَيَقطَعُنى، اَمْ اِلى بَعيد فَيَتَجَهَّمُنى، اَمْ اِلَى الْمُسْتَضْعَفينَ لى، وَاَنْتَ رَبّى وَمَليكُ اَمْرى، اَشْكُو اِلَيْكَ غُرْبَتى وَبُعْدَ دارى، وَهَوانى عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ اَمْرى، اِلهى فَلا تُحْلِلْ عَلَىَّ غَضَبَكَ، فَاِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَىَّ فَلا اُبالى سُبْحانَكَ غَيْرَ اَنَّ عافِيَتَكَ اَوْسَعُ لى، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذى اَشْرَقَتْ لَهُ الاَْرْضُ وَالسَّماواتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ، وَصَلُحَ بِهِ اَمْرُ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرِينَ، اَنْ لا تُميتَنى عَلى غَضَبِكَ، وَلا تُنْزِلْ بى سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبى لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِك، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتيقِ الَّذى اَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنّاسِ اَمْنَاً، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ اَسْبَغَ النَّعْمآءَ بِفَضْلِهِ، يا مَنْ اَعْطَى الْجَزيلَ بِكَرَمِهِ، يا عُدَّتى فى شِدَّتى، يا صاحِبى فى وَحْدَتى، يا غِياثى فى كُرْبَتى، يا وَلِيّى فى نِعْمَتى، يا اِلهى وَاِلهَ آبائى اِبْراهيمَ وَاِسْماعيلَ وَاِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَاِسْرافيلَ، وَربَّ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّيينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبينَ، مُنْزِلَ التَّوراةِ وَالاِْنْجيلَ، وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ، وَمُنَزِّلَ كهيعص، وَطه وَيس، وَالْقُرآنِ الْحَكيمِ، اَنْتَ كَهْفى حينَ تُعيينِى الْمَذاهِبُ فى سَعَتِها، وَتَضيقُ بِىَ الاَْرْضُ بِرُحْبِها، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكينَ، وَاَنْتَ مُقيلُ عَثْرَتى، وَلَوْلا سَتْرُكَ اِيّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ، وَاَنْتَ مُؤَيِّدى بِالنَّصْرِ عَلى اَعْدآئى، وَلَوْلا نَصْرُكَ اِيّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فَاَوْلِيآؤهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نَيرَ الْمَذَلَّةِ عَلى اَعْناقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ 0 مُقِرّاً اَنّى لَمْ اُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبوغِها، وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها اِلى حادِث، ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنى بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنى وَبَرَأتَنى مِنْ اَوَّلِ الْعُمْرِ، مِنَ الاِْغْنآءِ مِنَ الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفريجِ الْكَرْبِ، وَالْعافِيَةِ فِى الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِى الدّينِ، وَلَوْ رَفَدَنى عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَميعُ الْعالَمينَ مِنَ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرينَ،، ما قَدَرْتُ وَلاهُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَريم، عَظيم رَحيم، لا تُحْصى آلاؤُكَ، وَلا يُبْلَغُ ثَنآؤُكَ، وَلا تُكافى نَعْمآؤُكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَتْمِمْ عَلَيْنا نِعَمَكَ، وَاَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ، سُبْحانَكَ لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، اَللَّهُمَّ اِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِى السَّقيمَ، وَتُغْنِى الْفَقيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغيرَ، وَتُعينُ الْكَبيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهيرٌ، وَلا فَوْقَكَ قَديرٌ، وَانْتَ الْعَلِىُّ الْكَبيرُ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبِّلِ الاَْسيرِ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا عِصْمَةَ الْخآئِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَعْطِنى فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ، اَفْضَلَ ما اَعْطَيْتَ وَاَنَلْتَ اَحَداً مِنْ عِبادِكَ، مِنْ نِعْمَة تُوليها، وَآلاء تُجَدِّدُها، وَبَلِيَّة تَصْرِفُها، وَكُرْبَة تَكْشِفُها، وَدَعْوَة تَسْمَعُها، وَحَسَنَة تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئَة تَتَغَمَّدُها، اِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشاءُ خَبيرٌ، وَعَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، اَللَّهُمَّ اِنَّكَ اَقْرَبُ مَنْ دُعِىَ، وَاَسْرَعُ مَنْ اَجابَ، وَاَكْرَمُ مَنْ عَفى، وَاَوْسَعُ مَنْ اَعْطى، وَاَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يا رَحمنَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ وَرحيمُهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ، وَلا سِواكَ مَأمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَاَجَبْتَنى، وَسَأَلْتُكَ فَاَعْطَيْتَنى، وَرَغِبْتُ اِلَيْكَ فَرَحِمْتَنى، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنى، وَفَزِعْتُ اِلَيْكَ فَكَفَيْتَنى، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْمآءَكَ، وَهَنِّئْنا عَطآءَكَ، وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرينَ، وَلاِلائِكَ ذاكِرينَ، آمينَ آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ، اَللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِىَ فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يا غايَةَ الطّالِبينَ الرّاغِبينَ، وَمُنْتَهى اَمَلِ الرّاجينَ، يا مَنْ اَحاطَ بِكُلِّ شَىء عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقيلينَ رَأفَةً وَحِلْماً، اَللّهُمَّ اِنّا نَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتى شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّد نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَاَمينِكَ عَلى وَحْيِكَ، الْبَشيرِ النَّذيرِ، السِّراجِ الْمُنيرِ، الَّذى اَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، كَما مُحَمَّدٌ اَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، الْمُنْتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنّا، فَاِلَيْكَ عَجَّتِ الاَْصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنا اَللّهُمَّ فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْر تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ، وَنُور تَهْدى بِهِ، وَرَحْمَة تَنْشُرُها، وَبَرَكَة تُنْزِلُها، وَعافِيَة تُجَلِّلُها، وَرِزْق تَبْسُطُهُ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، اَللَّهُمَّ اقْلِبْنا فى هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحينَ مُفْلِحينَ مَبْرُورينَ غانِمينَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومينَ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطآئِكَ قانِطينَ، وَلا تَرُدَّنا خائِبينَ وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودينَ، يا اَجْوَدَ الاَجْوَدينَ، وَاَكْرَمَ الاَْكْرَمينَ، اِلَيْكَ اَقْبَلْنا مُوقِنينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمّينَ قاصِدينَ، فَاَعِنّا عَلى مَناسِكِنا، وَاَكْمِلْ لَنا حَجَّنا، وَاْعْفُ عَنّا وَعافِنا، فَقَدْ مَدَدْنا اِلَيْكَ اَيْديَنا فَهِىَ بِذِلَّةِ الاِْعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ، اَللَّهُمَّ فَاَعْطِنا فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ، فَلا كافِىَ لَنا سِواكَ، وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ، نافِذٌ فينا حُكْمُكَ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فينا قَضآؤُكَ، اِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنا مِنْ اَهْلِ الْخَيْرِ، اَللَّهُمَّ اَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الاَْجْرِ، وَكَريمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا اَجْمَعينَ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكينَ، وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأفَتَكَ وَرَحْمَتَك، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، اَللّهُمَّ اجْعَلْنا فى هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَاَلَكَ فَاَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتابَ اِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَتَنَصَّلَ اِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، اَللّهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا واقْبَلْ تَضَرُّعَنا، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيا اَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ اِغْماضُ الْجُفُونِ، َولا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِى الْمَكْنُونِ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ، اَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ اَحْصاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ، وَالاَْرَضُونَ وَمَنْ فيهِنَّ، وَاِنْ مِنْ شَىء اِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالَْمجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، وَالْفَضْلِ وَالاِْنْعامِ، وَالاَْيادِى الْجِسامِ، وَاَنْتَ الْجَوادُ الْكَريمُ، الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ، اَللَّهُمَّ اَوْسِعْ عَلَىَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ، وَعافِنى فى بَدَنى وَدينى، وَآمِنْ خَوْفى، وَاعْتِقْ رَقَبَتى مِنَ النّارِ، اَللّهُمَّ لا تَمْكُرْ بى، وَلا تَسْتَدْرِجْنى، وَلا تَخْدَعْنى، وَادْرَأ عَنّى شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ .
ثمّ رفع رأسه وبصره الى السّماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان وقال بصوت عال:
يا اَسْمَعَ السّامِعينَ، يا اَبْصَرَ النّاظِرينَ، وَيا اَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد السّادَةِ الْمَيامينَ، وَاَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ حاجَتِى اَّلتى اِنْ اَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّنى ما مَنَعْتَنى، وَاِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْنى ما اَعْطَيْتَنى، اَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتى مِنَ النّارِ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَاَنْتَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، يا رَبُّ يا رَبُّ .
وكان يكرّر قوله يا رَبُّ وشغل من حضر ممّن كان حوله عن الدّعاء لانفسهم واقبلوا على الاستماع له والتّأمين على دعائه، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشّمس وأفاض النّاس معه .
أقول : الى هنا تمّ دعاء الحسين (A) في يوم عرفة على ما أورده الكفعمي في كتاب البلد الامين وقد تبعه المجلسي في كتاب زاد المعاد ولكن زاد السّيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال بعد يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه الزّيادة :
اِلهى اَنَا الْفَقيرُ فى غِناىَ فَكَيْفَ لا اَكُونُ فَقيراً فى فَقْرى، اِلهى اَنَا الْجاهِلُ فى عِلْمى فَكَيْفَ لا اَكُونُ جَهُولاً فى جَهْلى، اِلهى اِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ، وَسُرْعَةَ طَوآءِ مَقاديرِكَ، مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ بِكَ عَنْ السُّكُونِ اِلى عَطآء، وَالْيأْسِ مِنْكَ فى بَلاء، اِلهى مِنّى ما يَليقُ بِلُؤُمى وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ، اِلهى وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لى قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفى، اَفَتَمْنَعُنى مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفى، اِلهى اِنْ ظَهَرَتِ الَْمحاسِنُ مِنّى فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَىَّ، وَاِنْ ظَهَرْتِ الْمَساوىُ مِنّى فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَىَّ اِلهى كَيْفَ تَكِلُنى وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لى، وَكَيْفَ اُضامُ وَاَنْتَ النّاصِرُ لى، اَمْ كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ الْحَفِىُّ بى، ها اَنَا اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِفَقْرى اِلَيْكَ، وَكَيْفَ اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اَشْكُو اِلَيْكَ حالى وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اُتَرْجِمُ بِمَقالى وَهُوَ مِنَكَ بَرَزٌ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمالى وَهِىَ قَدْ وَفَدَتْ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ اَحْوالى وَبِكَ قامَتْ، اِلهى ما اَلْطَفَكَ بى مَعَ عَظيمِ جَهْلى، وَما اَرْحَمَكَ بى مَعَ قَبيحِ فِعْلى، اِلهى ما اَقْرَبَكَ مِنّى وَاَبْعَدَنى عَنْكَ، وَما اَرْاَفَكَ بى فَمَا الَّذى يَحْجُبُنى عَنْكَ، اِلهى عَلِمْتُ بِاِخْتِلافِ الاْثارِ، وَتَنقُّلاتِ الاَْطْوارِ، اَنَّ مُرادَكَ مِنّى اَنْ تَتَعَرَّفَ اِلَىَّ فى كُلِّ شَىء، حَتّى لا اَجْهَلَكَ فى شَىء، اِلهى كُلَّما اَخْرَسَنى لُؤْمى اَنْطَقَنى كَرَمُكَ، وَكُلَّما آيَسَتْنى اَوْصافى اَطْمَعَتْنى مِنَنُكَ، اِلهى مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِىَ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ مُساويهِ مَساوِىَ، وَمَنْ كانَتْ حَقايِقُهُ دَعاوِىَ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاوِيَهِ دَعاوِىَ، اِلهى حُكْمُكَ النّافِذُ، وَمَشِيَّتُكَ الْقاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكا لِذى مَقال مَقالاً، وَلا لِذى حال حالاً، اِلهى كَمْ مِنْ طاعَة بَنَيْتُها، وَحالَة شَيَّدْتُها، هَدَمَ اِعْتِمادى عَلَيْها عَدْلُكَ، بَلْ اَقالَنى مِنْها فَضْلُكَ، اِلهى اِنَّكَ تَعْلَمُ اَنّى وَاِنْ لَمْ تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّى فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، اِلهى كَيْفَ اَعْزِمُ وَاَنْتَ الْقاهِرُ، وَكَيْفَ لا اَعْزِمُ وَاَنْتَ الاْمِرُ، اِلهى تَرَدُّدى فِى الاْثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ، فَاجْمَعْنى عَلَيْكَ بِخِدْمَة تُوصِلُنى اِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ، اَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ، حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثارُ هِىَ الَّتى تُوصِلُ اِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً، اِلهى اَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ اِلَى الاْثارِ فَاَرْجِعْنى اِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الاَْنْوارِ، وَهِدايَةِ الاِْسْتِبصارِ، حَتّى اَرْجَعَ اِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ اِلَيْكَ مِنْها، مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ اِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاِْعْتِمادِ عَلَيْها، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، اِلهى هذا ذُلّى ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهذا حالى لا يَخْفى عَلَيْكَ، مِنْكَ اَطْلُبُ الْوُصُولُ اِلَيْكَ، َوِبَكَ اَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِنى بِنُورِكَ اِلَيْكَ، وَاَقِمْنى بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، اِلهى عَلِّمْنى مِنْ عِلْمِكَ الَْمخْزُونِ، وَصُنّى بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ، اِلهى حَقِّقْنى بِحَقائِقِ اَهْلِ الْقُرْبِ، وَاسْلُكْ بى مَسْلَكَ اَهْلِ الْجَذْبِ، اِلهى اَغْنِنى بِتَدْبيرِكَ لى عَنْ تَدْبيرى، وَبِاخْتِيارِكَ عَنِ اخْتِيارى، وَاَوْقِفْنى عَلى مَراكِزِ اضْطِرارى، اِلهى اَخْرِجْنى مِنْ ذُلِّ نَفْسى، وَطَهِّرْنى مِنْ شَكّى وَشِرْكى قَبْلَ حُلُولِ رَمْسى، بِكَ اَنْتَصِرُ فَانْصُرْنى، وَعَلَيْكَ اَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنى، وَاِيّاكَ اَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنى، وَفى فَضْلِكَ اَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنى، وَبِجَنابِكَ اَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنى، وَبِبابِكَ اَقِفُ فَلا تَطْرُدْنى، اِلهى تَقَدَّسَ رِضاكَ اَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّى، اِلهى اَنْتَ الْغِنىُّ بِذاتِكَ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّاً عَنّى، اِلهى اِنَّ الْقَضآءَ وَالْقَدَرَ يُمَنّينى، وَاِنَّ الْهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ اَسَرَنى، فَكُنْ اَنْتَ النَّصيرَ لى، حَتّى تَنْصُرَنى وَتُبَصِّرَنى، وَاَغْنِنى بِفَضْلِكَ حَتّى اَسْتَغْنِىَ بِكَ عَنْ طَلَبى، اَنْتَ الَّذى اَشْرَقْتَ الاَْنْوارَ فى قُلُوبِ اَوْلِيآئِكَ حَتّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدوكَ، وَاَنْتَ الَّذى اَزَلْتَ الاَْغْيارَ عَنْ قُلُوبِ اَحِبّائِكَ حَتّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ، وَلَمْ يَلْجَأوا اِلى غَيْرِكَ، اَنْتَ الْمُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ اَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ، وَاَنْتَ الَّذى هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ، وَمَا الَّذى فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ، لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِىَ دُونَكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلاً، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَاَنْتَ ما قَطَعْتَ الاِْحْسانَ، وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَاَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِْمْتِنانِ، يا مَنْ اَذاقَ اَحِبّآءَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقينَ، وَيا مَنْ اَلْبَسَ اَوْلِياءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ، اَنْتَ الذّاكِرُ قَبْلَ الذّاكِرينَ، وَاَنْتَ الْبادى بِالاِْحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدينَ، وَاَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطآءِ قَبْلَ طَلَبِ الطّالِبينَ، وَاَنْتَ الْوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضينَ، اِلهى اُطْلُبْنى بِرَحْمَتِكَ حَتّى اَصِلَ اِلَيْكَ، وَاجْذِبْنى بِمَنِّكَ حَتّى اُقْبِلَ عَلَيْكَ، اِلهى اِنَّ رَجآئى لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَاِنْ عَصَيْتُكَ، كَما اَنَّ خَوْفى لا يُزايِلُنى وَاِنْ اَطَعْتُكَ، فَقَدْ دَفَعْتَنِى الْعَوالِمُ اِلَيْكَ، وَقَدْ اَوْقَعَنى عِلْمى بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، اِلهى كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ اَمَلى، اَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَكَّلى، اِلهى كَيْفَ اَسْتَعِزُّ وَفِى الذِّلَّةِ اَرْكَزْتَنى، اَمْ كَيْفَ لا اَسْتَعِزُّ وَاِلَيْكَ نَسَبْتَنى، اِلهى كَيْفَ لا اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذى فِى الْفُقَرآءِ اَقَمْتَنى، اَمْ كَيْفَ اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذى بِجُودِكَ اَغْنَيْتَنى، وَاَنْتَ الَّذى لا اِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَىء فَما جَهِلَكَ شَىءُ، وَاَنْتَ الَّذى تَعَرَّفْتَ اِلَىَّ فى كُلِّ شَىء، فَرَاَيْتُكَ ظاهِراً فى كُلِّ شَىء، وَاَنْتَ الظّاهِرُ لِكُلِّ شَىء، يا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فى ذاِتِهِ، مَحَقْتَ الاْثارَ بِالاْثارِ، وَمَحَوْتَ الاَْغْيارَ بِمُحيطاتِ اَفْلاكِ الاَْنْوارِ، يا مَنِ احْتَجَبَ فى سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ اَنْ تُدْرِكَهُ الاَْبْصارُ، يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهآئِهِ، فَتَحَقَّقتْ عَظَمَتُهُ مَنْ الاِْسْتِوآءَ، كَيْفَ تَخْفى وَاَنْتَ الظّاهِرُ، اَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَاَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىء قَدير، وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ .
وعلى أيّ حال فقد وردت ادعية وأعمال كثيرة في هذا اليوم لمن وفّق فيه لحضور عرفات وأفضل أعمال هذا اليوم الشّريف الدّعاء وهو قد امتاز بالدّعاء امتيازاً وينبغي الاكثار فيه من الدّعاء للاخوان المؤمنين أحياءً وأمواتاً، والرّواية الواردة في شأن عبد الله بن جندب (رحمه الله) في الموقف بعرفات ودعاؤه لاخوانه المؤمنين مشهورة، ورواية زيد النرسي في شأن الثّقة الجليل معاوية بن وهب في الموقف ودعاؤه في حقّ اخوانه في الافاق واحداً واحداً وروايته عن الصّادق (عليه السلام) في فضل هذا العمل فيما ينبغي الاطّلاع عليه والتدبّر فيه، والرّجاء الواثق من اخواني المؤمنين أن يجعلوا هؤلاء العظماء قدوة يقتدون بهم فيؤثرون على أنفسهم اخوانهم المؤمنين بالدّعاء ويعدونني في زمرتهم، وأنا العاصي الذي سوّدت وجهي الذّنوب فلا ينسُوني من الدّعاء حيّاً وميّتاً، واقرأ في هذا اليوم الزّيارة الجامعة الثّالثة وقل في آخر نهار عرفة : يا رَبِّ انَّ ذُنُوبى لا تَضُرُّكَ، وَاِنَّ مَغْفِرَتَكَ لى لا تَنْقُصُكَ، فَاَعْطِنى ما لا يَنْقُصُكَ، وَاغْفِرْ لى ما لا يَضُرُّكَ وقل أيضاً : اَللّـهُمَّ لا تَحْرِمْنى خَيْرَ ما عِنْدَكَ لِشَرِّ ما عِنْدى فَاِنْ اَنْتَ لَمْ تَرْحَمْنى بِتَعَبى وَنَصَبى فَلا تَحْرِمْنى اَجْرَ الْمُصابِ عَلى مُصيبَتِهِ.

نداء الإمام السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية إلى حجاج بيت الله الحرام موسم 1436هـ



بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
سلام على الكعبة المشرفة.. قاعدة التوحيد.. ومطاف المؤمنين، ومهبط الملائكة. وسلام على المسجد الحرام وعرفات والمشعر ومنى وسلام على القلوب الخاشعة والألسن الذاكرة، والعيون البصيرة، والأفكار المعتَبِرة. وسلام عليكم أيها الحجاج السعداء، يا من وُفقتم لتلبية الدعوة الإلهية، وحظيتم بالجلوس عند المائدة المفعمة بألوان النّعَمات.
إنّ المهمة الأولى، التأمّل في هذه التلبية العالمية والتاريخية والدائمة:
«إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك»
كل حمدٍ وثناء هو له سبحانه، وكل نعمة هي منه، وكل مُلك وقدرة هي له. هذه هي الرؤية التي تُمنح للحاج في أول خطوة لهذه الفريضة المليئة بالمعنى المضمون ، وتتواصل المناسك منسجمة مع هذه الرؤية، ثم تُوضَع أمامه باعتبارها تعليماً خالداً ودرساً لا يغيب عن الذاكرة، ويُطلب منه أن يُنظّمَ على أساسها منهجَ حياته. استلهام هذا الدرس الكبير والعمل به هما المنبع الفيّاض المبارك الذي يستطيع أن يمنح حياة المسلمين طراوة ونشاطاً، وينقذهم مما يحيق بهم من مِحَن في هذا العصر وفي كلّ العصور.
إنّ كلّ الأصنام التي تذلّ الروح الإنسانية الشريفة.. صنم الأهواء والكبَر والشهوة، وصنم دوافع التسلّط والتذلل للمتسلطين، وصنم الاستكبار العالمي، وصنم التقاعس وانعدام الشعور بالمسؤولية.. ستتحطّم كلها بهذه التلبية الإبراهيمية حين تنطلق من أعماق القلب وتتحول إلى منهج للحياة، وستحلّ الحرية والعزّة والسلامة محلّ التبعيّة والمحن والمصاعب.
ليتأمل الإخوة والأخوات الحجاج من أي شعب ومن أي بلد،‌في هذه الحكمة الإلهية، وليضعوا نصب أعينهم ـ بقدر وِسْعهم وإمكانياتهم الشخصية والاجتماعية ـ واجباتٍ ومسؤولياتٍ قائمةً على فهم دقيق لِمَحن العالم الإسلامي، وخاصة في غرب آسيا وشمال أفريقيا، وأن يسعوا في تحقيقها.
إنّ الممارسات السياسيّة الشـرّيرة الأمريكية في هذه المنطقة وما تجرّه من حروب وقتل ودمار وتشريد وفقر وتخلّف ونزاعات قومية وطائفية من جانب..
وجرائم الكيان الصهيوني الذي بلغ بممارساته العدوانية في فلسطين و اساءته المستمرة لحريم المسجد الأقصى المقدس، والاستهانة بأرواح الفلسطينيين المظلومين وأموالهم من جانب آخر..
هي بالنسبه لكم أيها المسلمون جميعاً القضية الأولى التي تتطلب أن تفكروا فيها وتتعرفوا على واجبكم الإسلامي تجاهها.
إن علماء الدين والنخب السياسية والثقافية تتحمل مسؤوليات أكبر من ذلك بكثير، غير أنهم مع الأسف ـ عنها غالباً غافلون.
إن العلماء ـ بدل أن ينشغلوا بإضرام نار الاختلافات الطائفية ـ ، والسياسيين ـ بدل حالة الانفعال أمام العدوّ ـ ، والنُخب الثقافية ـ بدل الانشغال بالأمور الهامشية ـ ، عليهم أن يعرفوا ما يعانيه العالم الإسلامي من أَلَمٍ كبير، وأن ينهضوا برسالتهم التي هم سيسألون عن أدائها في محضر العدل الإلهي.
إنّ الحوادث المبكية في المنطقة.. في العراق والشام واليمن والبحرين، وفي الضفة الغربية وغزّة، وفي بعض البقاع الأخرى من آسيا وأفريقيا، هي محن كبرى تعاني منها الأمة الإسلامية، ويجب أن نرى فيها أصابع التآمر الاستكباري العالمي، وأن نفكر في علاجها.
على الشعوب أن تطالب حكوماتها بذلك، وعلى الحكومات أن تكون وفيّة بمسؤولياتها الجسيمة.
إن الحج وحشوده العظيمة أعظم منطلق لبروز وتداول هذا التكليف الإلهي.
فرصة البراءة، التي ينبغي أن يغتنمها الحجاج باشتراكهم جميعاً من كل مكان، هي لبرز المناسك السياسية في هذه الفريضة الشاملة.
إن الحادث المؤسف والمؤلم في المسجد الحرام هذا العام قد ترك مرارته في مشاعر الحجاج وشعوبهم. صحيح أن المتوفين في هذا الحادث الذين التحقوا بالرفيق الأعلى وهم في حالة صلاة وطواف وعبادة، قد نالوا سعادة كبيرة، وشملتهم في حرم الأمن رعاية ربّ العالمين ورحمته إن شاء الله تعالى، وفي هذا عزاء كبير لذويهم، لكن هذا لا يمكن أن يقلّل من ثقل مسؤولية أولئك الذين تعهّدوا أمن ضيوف الرحمن. من مطالبنا الملحة العمل بهذا التعهد وأداء هذه المسؤولية.
والسلام على عباد الله الصالحين
سيد علي خامنئي
4 ذي الحجة 1436 هجرية قمرية
27 شهريور 1394 هجرية شمسية

المشرف : الشيخ ابو علي الفاطمي @@ 2015 @@

Designed by Templateism