أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، اليوم الجمعة، حاجة الفلسطينيون إلى كل أشكال دعم لاستمرار انتفاضتهم، معتبرا أن ما يجري في فلسطين اليوم يعبر عن روح جهادية عالية. وقال السيد نصر الله في ملتقى الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة لدعم فلسطين: إننا اليوم أمام مرحلة تاريخية من مصير الشعب الفلسطيني"، مشيرا إلى أن "ما يجري اليوم (في فلسطين) يعبر عن روح عالية وراقية، فنحن أمام عمليات استشهادية يومية أو شبه يومية، فعمليات الطعن أو الدهس غالبا ما تنتهي بالشهادة، وهذا العدد الكبير من العمليات، يعبر عن اليقين والإيمان الذي يمكن أن يدهش العالم".
وتساءل: "فلسطين محتلة لماذا لم تهددوا بالمليار مسلم، وما هي الأسباب؟، موضحا "أن هناك اقتناع في العالم العربي والإسلامي، امتد إلى متدينين وإسلاميين، يقول إن المسؤولية هي مسؤولية الشعب الفلسطيني، لا مسؤوليتنا، ووصل الأمر إلى تنظير فقهي لا يستند إلى أي دليل شرعي حقيقي، يحاول أن ينظر على هذه الفكرة، وعلى الشعب الفلسطيني حل الأمر بنفسه".
واعتبر الأمين العام لحزب الله أنّ "الانتفاضة يمكن أن تفرض على حكومة العدوّ وسادته أن يبتعدوا عن المسجد الأقصى ولا يستمّروا في تهديده"، مطالبا بـ "النّظر بحقّ إليها على أنها مؤهّلة جدّا، في الحدّ الأدنى، للدّفاع عن المسجد الأقصى والمقدّسات".
ولفت الانتباه إلى أنّ "الانتفاضة الجديدة فاجأت الصهاينة، حكومة وشعبا وجيشا وأجهزة أمنيّة، وأدخلت الرّعب والخوف إلى قلوبهم، كما أثّرت بقوّة على حياتهم الشخصيّة وأوضاعهم الاقتصاديّة المهمّة"، معتبرا، في الوقت نفسه، أنّه "بالنسبة للفلسطينييّن فلم يتغيّر لديهم شيء، وذلك لأنّهم دائما في حالة تهديد واعتقالات وسجون وحصار وقتل".
وأعاد السيد نصر الله التّذكير بنشأة الكيان الإسرائيلي، مشيرا إلى أنّ "إسرائيل" ليست نتاج مشروع صهيونيّ فقط، إنما نتاج إرادة دوليّة في ذلك الحين"، مشيرا إلى أنّها "كانت وما زالت تحظى بدعم دولي، خصوصا بدعم أميركيّ وغربيّ لا نظير له".
"إسرائيل" وثمن "النووي الإيراني"
وأكّد أنّ "إسرائيل" تعتبر أنّ "من واجب حلفائها مساعدتها لأنها تدافع عن مصالحه في المنطقة"، كاشفا أنّ "الإسرائيليين يريدون خمسة مليارات دولار مساعدات عسكرية ثمنا للاتفاق النووي الإيراني".
وتحدّث السيد نصر الله عن عدم صوابيّة فهم المعركة في فلسطين بشكلها الظّاهريّ الّذي يشير إلى وجود "طرفين حكومة العدوّ وجيشه ومستوطنوه، في مقابل الشعب الفلسطينيّ وفضائله وقواه السّياسية والشعبية"، مؤكّدا أنّ "حقيقة المعركة ليست هكذا"، محذّرا من أن من يشتبه عليه فهم المعركة "سيرتكب أخطاء".
ودعا إلى "تصحيح الفهم حول حقيقة المعركة القائمة في فلسطين"، مؤكّدا أنّ "ظاهر المعركة هو وجود هناك طرفان حكومة العدوّ وجيشه ومستوطنوه، في مقابل الشعب الفلسطينيّ وفضائله وقواه السّياسية والشعبية، لكن حقيقة المعركة ليست هكذا"، معتبرا أنّ "من يشتبه عليه فهم المعركة سيرتكب أخطاء".
وتابع السيد نصر الله: "المقاربة الخاطئة تقول أن المشكلة فلسطينية – إسرائيلية، واعتبار من يقاتل ويناضل ويدافع يحمل راية أخرى بأنه يقاتل نيابة عن الفلسطينيين"، مؤكدا أنّ "الأمة لا تقاتل بالنيابة عن الفلسطينيين عندما تقف إلى جانبهم إنّما عن نفسها ومقدساتها".
وسأل "هل المجسد الأقصى فلسطينيّ أم إسلامي؟ هل المقدّسات المسيحية هي أيضا فلسطينية أم مسيحية"؟، مشددا على أنّ "الفلسطينيين يدافعون عن هذه الأمة".
ووصف السيد نصر الله تعاطي الأمة مع القضية الفلسطينية بـ"السلبي والفاشل"، متوجّها إلى أصحاب نظريّة أنّ العالم العربي مشغول بأحداثه بالقول " قبل خمس سنوات لم يكن هناك شيء في أكثر البلدان العربية ولم تكن التهديدات الجديدة والحروب الجديدة والجو الطائفي والمذهبي موجودا".
وأكّد، في الوقت نفسه، أنّ "الأحداث زادت الخسائر في المعركة لأنّ كثيرين ممّن كان يمكن أن يبذلوا جهدا سياسيا أو إعلاميا أو ماليا لفلسطين شغلتهم معارك في ساحات أخرى تحت عناوين حفظ الوجود".
واستشهد الأمين العام بشواهد تاريخيّة لتدعيم كلامه حيث تحدّث عن "عدم رؤيتنا لأي دعم خلال الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، وفي عناقيد الغضب، وغياب التّظاهرات ذات الأعداد التي وصلت إلى خمسين ألفا أو مئة ألف خلال حرب تمّوز 2006".
معاداة الشعب الفلسطيني
وإذ استغرب السيد نصرالله كيف أن هناك الكثير من الناس والشعوب العربية والإسلامية بات عندها قناعة أن لا تكليف شرعيا أو واجبا دينيا من جانبها إزاء فلسطيني، وهذا نتيجة التضليل خلال العقود من الزمن ما يستلزم جهدا علمائيا للناس. والسبب الثاني هو اقتناع الناس أن "إسرائيل" لم تعد تمثل خطرا على الحكومات في لبنان وسوريا، وهذه القناعة موجودة عند الكثير من العامة والشعوب". شدد على أن "إسرائيل لا تستطيع أن تبقى في جنوب لبنان وفي غزة، "إسرائيل" هذه سقطت، إنما "إسرائيل" التي تحاصر فلسطين لا تزال موجودة وتشكل خطرا وتهديدا، ولها أطماع وأهداف خطرة".
وقال: "الإنسان يتألم عندما ينظر من حوله ويرى كيف أن الأمة ترسل المجاهدين إلى أفغانستان وتنفق أموال طائلة من الحكومات والأشخاص وتمثل دعوات تعبئة، ولم يحصل هذا من أجل فلسطين، لماذا؟ هل أفغانستان مقدسة أكثر من فلسطين، قضية أفغانستان قضية حق إنما في فلسطين قضية مقدسة". أضاف: "في سوريا والعراق واليمن وليبيا حيث الحروب الواسعة، هناك أسلحة وأموال طائلة تنفق وفتاوى تصدر، لماذا لا يحصل هذا لفلسطين؟ إذا أحصينا العمليات الانتحارية منذ العام 2003 ضد الشعب العراقي وفي أفغانستان وباكستان وفي سوريا وفي نيجيريا ولبنان واليمن، ولو أحصيناها واتينا بهؤلاء الشباب وبهذا العدد من العمليات، كانت كافية لإزالة "إسرائيل" من الوجود، إلا أنها استخدمت لتدمير بلداننا ومواقفنا تجاه القضية المركزية أي قضية فلسطين، إلا يستحق هذا الواقع الوقوف من اجل البحث عن المعالجة".
وتطرق السيد نصرالله إلى مسألة كيف تقوم بعض الجهات إضافة إلى وسائل إعلامية بالعمل على "إيجاد حالة عداء واسعة لدى عدد من الشعوب العربية والإسلامية تجاه الشعب الفلسطيني"، قائلا: "بدل أن يتركز الجهد العربي والإعلام العربي حالة تعبوية تنتج عداءا لـ"إسرائيل"، قاموا بتحويل الشعب الفلسطيني إلى عدو، أو أن هذا الشعب لا يعنينا بشيء، وتم استغلال الأحداث. وعملوا على الفتنة الطائفية والمذهبية. هناك مزاج عام عند مسيحيي العالم العربي والشرق، مؤيد للقضية الفلسطينية ويقف إلى جانب فلسطين ويعتبر "إسرائيل" عدوا، إلا أن ما جرى هو انه بات من يمثل تهديدا للمسيحيين هم الفلسطينيون. وفي البعد المذهبي ومحاولات تحويل ما يجري في المنطقة إلى صراع سني-شيعي".
إطار لمعالجة حال الأمة
واقترح السيد نصرالله "تشكيل إطار ما، وان يبدأ اتحاد العلماء بتشكيل هذا الإطار، فنتحدث عن الأسباب ونضع وسائل للمعالجة". وقال: "قد لا نستطيع أن نستقطب الأمة إلى هذه المعركة، إلا أننا نقبل بالخمس، أفضل من الواقع المر والأليم والقاسي، ونعمل معا، لأننا كلنا في قلب المعركة ويمكن أن نصل إلى محصلة ونوزع المسؤوليات على الحكومات والحركات والشعوب والنخب ووسائل الإعلام، وإذا لم نربح فلنحد من الخسائر".