بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
انتشر استخدام الإنترنت على نطاق واسع، ولم يترك زاوية من زوايا الحياة الإنسانية الاجتماعية إلّا واقتحمها، وسيطر عليها عبر الكثير من القيم، والسلوكيات، والأفكار، التي دخلت إلى كلِّ أفراد الأسرة، لا سيّما الأطفال. وقد كثرت الدراسات والتقارير والإحصائيات التي تتناول خطر بعض أوجه استخدام الإنترنت من قِبل الأطفال.
نحاول في هذا التقرير أنْ ندرس دراسةً تحليليةً عددًا من المقالات- إحدى عشرة مقالة- حول الطفل والإنترنت، التي ركّزت على الجانب السلبي لاستخدام الإنترنت من قِبل الأطفال، حيث بيّنت المخاطر الناجمة عن هذا الاستخدام؛ لقد أغفلنا في هذه الدراسة الجوانب الإيجابية، التي تكاد تكون بديهية.
ولا يخفى لِما في وسائل التواصل الاجتماعي من مخاطر حقيقية؛ فهي ليست مجرد أدوات جامدة، لا حياة فيها، بل هي تبثّ نوعًا من الحياة المُشوّهة بما تحمله من قيم ومفاهيم وسلوكيات؛ يقوم الأطفال بتبنّيها بانجذاب شديد نحوها، نظرًا لعوامل الترغيب والتشويق التي تُقدّم فيها الأمور. ومن هنا أدركنا أهمية وخطورة هذه الوسائل، سواء أكانت على الفرد أم المجتمع، حيث يُمكن أنْ نُبلى بجيلٍ سَهْلِ الانقياد والتبعية؛ فالإنترنت وما يتعلّق به من أدوات ووسائل ناعمة ذات جاذبية كبيرة؛ لذلك لا بدّ من الالتفات إلى مخاطرها، والتفكير في كيفية الاستفادة منها، على قاعدة تحويل التهديد إلى فرصة، والّذي هو عملٌ جبار، يتطلب جهودًا متكاتفة.
المخاطر الناجمة عن استخدام الأطفال للإنترنت
المخاطر الجسدية
الإفراط في استخدام هذه التقنية، وما يتعلّق بها من أدوات ووسائل، قد يصيب الأطفال بخمولٍ جسديٍّ يتمثّل في أمراض عضوية، كالسمنة الناتجة عن قلة الحركة، والأمراض في الأطراف خاصةً، نتيجة استعمالها للعب واستخدام الهواتف الذكية.
المخاطر الذهنية
إنّ نمو التفكير التّخيُّلي عند الأطفال في سنّ الخامسة غاية في الأهمية، إذ يُشكّل الخيال المرتبة الثانية في التفكير الإنساني بعد المرتبة الحسية؛ على أنّ الأطفال لا يصلون إلى المرتبة التجريدية إلّا بعد المرور بالمرتبتَيْن السابقتَيْن. إنّ الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الحديثة، عبر الساعات الطويلة التي يقضيها الأطفال أمام جهاز الحاسوب أو غيره من أدوات التواصل الاجتماعي، إنّ كلّ ذلك يُضعِف هذه القدرة النمائية والذهنية، التي تُمثّل مستوى التفكير التجريدي عند الإنسان؛ ذلك لأن هذه الأدوات والوسائل تُوفِّر جانبًا كبيرًا من قدرة الخيال عند الأطفال بطريقة آلية، بغضّ النظر عن رغبة الأطفال.
يجعل الاستخدام المُفرِط لشبكات التواصل الاجتماعي من قِبل الأطفال، يجعلهم أقلَّ ذكاءًا لأنّ هذه الشبكات لا توفِّر الوقت الكافي لهم للتفكير في أُطرٍ أوسع؛ كما يضعف تركيزهم، خاصة الذكور بين عُمْريْ الثامنة والثانية عشرة سنةً؛ والسبب في ذلك المشاهدات السريعة لمقاطع الصور التي تتشكّل منها الألعاب الإلكترونية، الأمر الذي يؤدي إلى تخزينها في العقل الواعي واللاواعي عند الطفل، حيث يستمر عقلُه باسترجاعها، حتى بعد التوقف عن اللعب، مما قد يتسبب بتشتته وضعف تركيزه.
لقراءة باقي البحث اضغط PDF