قبل اعتقاله من قبل قوات من الجيش النيجيري بعد مداهمة منزله في مدينة "زاريا" التابعة لولاية "كادونا" شمال البلاد أمس الاحد، فند زعيم الحركة الإسلامية في نيجيريا الشيخ ابراهيم الزكزاكي وخلال حديثه مع إذاعة "هوسا" الافريقية، اتهامات سلطات أبوجا لشيعة نيجيريا بمحاولة اغتيال قائد بالجيش، مؤكدا ان حسينية "بقية الله" بمدينة "زاريان" تعرضت لهجوم مفاجئ من القوات النيجيرية دون سابق إنذار.
الحادث بدأ وكما ذكره الشيخ الزكزاكي وشهود عيان وبعض المسؤولين في المدينة، بدأ خلال إقامة برنامج استبدال الرايات السود، برايات خضراء مزدانة بعبارة "لبيك يا رسول الله" في الحسينية لمناسبة حلول شهر ربيع الأول وهي المراسم المتبعة كل عام، حيث هاج قوات من الجيش النيجيري منزل الشيخ الزكزاكي بعد مهاجمتها دون مبرر الحسينية والعبث بها ما دفع الناس والموالين الى تشكيل سلسة بشرية أمام منزل الشيخ فيما تظاهرة الحشود في العديد من ولايات ومدن شمال نيجيريا. من الذي أثار هذه المشكلة؟ ومن الذي حاول القتل كما تزعم سلطات ابوجا؟ ولو كان الأمر كما تدعي الحكومة فلماذا لايزال قائد القوات المشتركة ولم يهاجمه أحد؟ في وقت أطقلت فيه السلطات النيجيرية العنان لنتظيم "بوكو حرام" ليسرح ويمرح كيف يشاء ويعبث بأمن البلاد والعباد ويقتل المئات من المسلمين دون تحريك ساكن من قبل سلطات أبوجا؛ أسئلة تطرح نفسها على الواقع النيجيري .
مؤامرة جديدة تستهدف صفوف المسلمين في القارة السوداء هذه المرة لافتعال نار الصراع الطائفي التكفيري والقضية معروفة وواضحة للجميع، كما وأن لانتهاك الجيش النيجيري هذا سابقة فقد هاجم حشود المسلمين عام 2014 ايضا خلال إقامتهم مراسم تظاهرات يوم القدس العالمي تضامناً مع القضية الفلسطينية، ما أزعج الصديق الاسرائيلي وحليفه السعودي؛ ثم أعلن عن تشكيل لجنة للبت في الأمر لم تخرج بنتيجة حتى هذه اللحظة .
المراقبون يؤكدون أن للسلطات الفرنسية ايضاً مصالح كبيرة في زعزعة إستقرار القارة السوداء بمساعدة الرئيس محمد بخاري الذي تولى السلطة في آيار الماضي وهو جنرال وسياسي سابق، قاد انقلابا عام 1983 أطاح بالرئيس المدني المنتخب "شيخو شاجاري" تلبية للرغبة الفرنسية الاسرائيلية - حسب الغارديان البريطانية، كما وفي 27 أغسطس 1985 أطاح به الجنرال "إبراهيم بابنجيدا" بانقلاب آخر - حسب صحيفة الواشنطن بوست الامريكية آنذاك .
مقربون من مراكز القرار في أبوجا يؤكدون أن الرئيس بخاري يدعي أنه وقع في ورطة دفعه اليها بعض المقربين منه إثر حركة زيارات مكوكية مكثفة شهدتها العاصمة النيجيرية خلال الأشهر الأخيرة لشخصيات اسرائيلية وفرنسية وسعودية ومنهم الجنرال أنور عشقي عراب العلاقة السعودية - الاسرائيلية مندوب وزير الدفاع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مستشاره الخاص في العلاقات الخارجية؛ بعد أن كانت للرئيس النيجيري الحالي والسابق "أولوسيجون أوباسانجو" من حزب الشعب الديمقراطي علاقات جيدة مع زعيم الحركة الإسلامية في نيجيريا الشيخ ابراهيم الزكزاكي .
مراقبون سياسيون يرجحون أن تكون هذه الحركة من قبل الجيش النيجيري دون علم مسبق من الرئيس محمد بخاري وانها ربما تكون تمهيداً لانقلاب عسكري يقوده القائد العام للقوات العسكرية النيجيرية بنفسه خاصة وأنه على صلة وثيقة من السلطات الاسرائيلية وقام بزيارة تل ابيب في الآونة الأخيرة بصورة سرية إلتقى خلالها "نتنياهو" ورئيس الاركان الاسرائيلي "غادي أيزنكوت" ورئيس جهاز الموساد "يوسي كوهين" وبحث معهم قضية "بوكو حرام" والحركة الاسلامية في نيجيريا - وهو ما كشفت عنه صحيفة "يديعوت آحرنوت" الاسرائيلية .
البعض يرى أن الأمر يتعلق بالفشل المتوالي للسياسة السعودية في الشرق الأوسط من العراق وحتى سوريا ولبنان واليمن ما دفعها لفتح باب جديد في شق شرخ الصف الاسلامي ونقل لعبة الصراع الطائفي الى القارة الافريقية خاصة وأن للملك سلمان علاقات وطيدة مع الرئيس النيجيري بخاري الذي يتهمه البعض بانه يحمل أفكاراً سلفية وهابية خطيرة ما يمنعه من التدخل بقوة ضد "بوكو حرام" .
شهود عيان من نشطاء حقوق الإنسان، أكدوا ان الجيش النيجيري اعتقل الشيخ الزكزاكي بعد مداهمة منزله في مدينة "زاريا" التابعة لولاية "كادونا" شمالي نيجيريا عصر أمس الأحد، فيما قالت "زينة إبراهيم" زوجة الشيخ الزكزاكي في مكالمة هاتفية مع وكالة "اسوشيتد برس" تخلّلها أصوات إطلاق نار: لقد أصيب نحو 30 شخصا في الهجوم المستمر الذي بدأ مساء السبت في مدينة زاريا في شمال نيجيريا واستمر حتى عصر أمس الاحد.
حسن العمري كاتب وباحث سعودي