الطلاق |
((المشاكل الزوجية)) |
لقد عرّف الإسلام الحنيف الطلاق على أنه أبغض الحلال إلى الله حين قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "ما أحلّ الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق"1.
وهذا خلاف المسيحية التي لا يوجد فيها طلاق أصلاً، ولكنهم ومن خلال استخدام الحيل ـ وهنا ليس محل طرحها ـ يقومون بعمليات الطلاق، وإن حالات الطلاق بينهم تتفاقم يومياً بشكل عجيب حتى أضحى هذا الأمر حاكماً اليوم في دنيا الغرب. وفي إيران، لو تأتى لنا مطالعة إحصائيات الطلاق لرأينا ازديادها يوماً بعد يوم، وعلى سبيل الفرض، رغم أن المسؤولين يخالفون عمليات الطلاق، نرى أن هذا الأمر أضحى اليوم رائجاً في أوساطنا الإسلامية، بالرغم من تلك المخالفة. إن إحدى المصائب الكبرى التي ترى واضحة جليّة في إيران الثورية في وقتنا الحاضر هي: كثرة الطلاق مع شدة التضييق على هذه المصيبة من خلال التبصرات والنصائح التي يتفضل بها العلماء والمثقفون في وسائل الإعلام المرئي والمسموع، ولكننا ـ وكأنما لا يوجد تأثير ملموس لتلك النصائح ـ نرى ازدياد وتفاقم حالات الطلاق بشكل يبعث على الدهشة، فما السبب في ذلك؟ إن إحدى أسباب الخوض في هذا البحث الذي أسميته الأخلاق البيتية هو المساهمة في الحؤول دون تزايد حالات الطلاق، وقد نوفق بنسبة واحد في الألف لمنع استمرارية ابغض حلال في الإسلام، لذا فإن بحثنا هذا يدور حول سبب استشراء هذا الأمر، وكما قسّم الزواج إلى ثلاثة أقسام، يقسّم الطلاق إلى ثلاثة أقسام أيضاً: أقسام الطلاق 1- الطلاق الضروري بما أن قوانين الإسلام شاملة، ولم تدع مفصلاً حياتياً إلاّ وطرقته لذا يكون الطلاق هو أحد القوانين المشمولة بالنظام الإسلامي المتكامل، وبالرغم من كراهية الطلاق في الإسلام، يُعتبر وجوده ضرورياً في الحالات التي تستوجب ذلك. إن مثل الطلاق الضروري كمثل اليد التي أصابها السرطان، والتي يجب أن تقطع حتى لا يسري المرض إلى بقية أجزاء الجسم، وقد يكون صاحب اليد ممتعضاً لقطع يده، لكنه في الوقت ذاته مقتنع بذلك القطع، بل ويقدم المال للطبيب الذي قطعها ويشكره على فعله ذاك. إن الطلاق الضروري يجري عندما لا يحصل توافق أخلاقي بين الرجل والمرأة بعد طرق جميع أبواب التضحية والإيثار والعفو وكلّ ما يمنع حدوثه من مساعٍ وتدابير خاصة اعتمدها الإسلام للإبقاء على الحياة العائلية. فحينما يبتلى مؤمن ـ والعياذ بالله ـ بامرأة غير عفيفة، أو تبتلى امرأة خيّرة بزوج وضيع ويصل الأمر إلى طريق مسدود. ماذا يمكن أن يكون الحلّ؟ لا حلّ هنا سوى الطلاق، وفصل هذه الوصلة غير المنسجمة عن بعضها البعض لذا يكون الطلاق في مثل هذه الحالات ضرورياً وحسناً بنظر الإسلام والمجتمع. لقد أقرّ العالم المسيحي ولمّرات عديدة بأن قانون الطلاق الموجود في النظام الإسلامي ـ بالطبع مع وجود الموانع الكثيرة ـ قانون جيّد، ولو لم يكن قانون الطلاق موجوداً في النظام الإسلامي لعدّ الإسلام ناقصاً. إن التركيبة الطبيعية للزواج والتي بنى الإسلام قوانينه على أساسها وهي أن تغدو المرأة محترمة ومحبوبة داخل المنظومة العائلية، فإذا ما حدث ما يؤدي إلى نزول المرأة عن هذا المقام وانطفأت شعلة حب الرجل لها، وأصبح زوجُها غير راغب فيها، فقد هدم الصرح والركن الأساس للعائلة. إن الإسلام ينظر إلى مثل هذا الوضع نظرة أسى وأسف، لكنه حين يشاهد انهيار الأساس الطبيعي لهذا الزواج لا يسعه أن يفرض بقاءه من الناحية القانونية. إن الطلاق الضروري قليل، وقليل جداً، وهو أقل من 1% من مجمل الطلاقات التي تحصل في إيران سنوياً، وقد لا تصل مثل هذه الطلاقات إلى 100 حالة سنوياً. وإذا ما رأينا ازدياد الطلاق وتفاقمه في إيران فهو لأسباب أخرى غير ضرورية. 2- الطلاق الترفي إن الطلاق الترفي يشبه إلى حدّ ما الزواج الترفي، وفي الطلاق الترفي يكون الرجل عاشقاً لإحدى النساء، أو من الذين يبحثون عن شيء جديد يلبّي رغبات فيهم غير طبيعية، لذا تراه يطلق زوجته التي حملت منه عدة مرات ليتزوج أخرى معجبٌ بطريقة كلامها، والأنكى من ذلك حينما تكون هذه الحالة عند المرأة. فالمرأة التي عشقت شخصاً آخر غير زوجها، نتيجة لعدم التزامها العرفي والشرعي، تحاول جاهدةً أن تطلب الطلاق بعد تبريرها له بشتى الوسائل لكي تلتحق بمعشوقها، ومثل هذه الزيجات قليلٌ جداً في مدينة قم وكثيرٌ من بين الأفراد المنحرفين والغوغائيين. وهنا لا بدّ من طرح سؤال مهم وأوجهه بالخصوص إلى النساء إذ ينبغي لهن أن يحكّمن ضمائرهن في الجواب، وهو: ما هو منبع الطلاق الترفي أو الطلاق الاعتباطي والعشقي؟ وأجيب على هذا السؤال بالقول: إنه يحدث نتيجة اختلاط الرجال مع النساء، ومن التطلّع في الوجوه، أو من الأحاديث غير الضرورية التي تتم بين الرجل والمرأة، وأقول أكثر من ذلك إنه ينتج بسبب التبرّج أو السفور. فالمرأة المتبرّجة أو السافرة لا يمكن أن نحسبها غير إنسانة ظالمة، وإنها ستحشر يوم القيامة مع أعتى الظلمة، وما هو الظلم الذي يكون أعلى مرتبة من ذاك الذي تحرك فيه امرأة شهوة شاب أعزب؟ إنها بتحريكها له قد ألقت به في نارٍ مشتعلة ليحترق بشكل يبعث على الأسف والأسى، وقد تكون نار الغريزة الجنسية أشدّ اشتعالاً من النار العادية. ماذا يمكن أن يكون ذلك الظلم الذي ينظر فيه الشاب إلى وجه امرأة أو بنت متبرّجة؟ أو إلى جواربها الشفافة التي تكشف من خلالها عن ساقيها؟ وفي نهاية الأمر سيحاول الشاب النظر إلى المواضع الحساسة الأخرى، فتتحرك كوامن غريزته الجنسية ليقع في الإثم والمعصية ـ والعياذ بالله ـ. إن ولوغ ذلك الشاب في المعصية يرجع في الأساس إلى تبرّج تلك السيدة، هذه السيدة التي تبتسم يميناً وشمالاً، وعند بائع المحلة، وتكشف عن رقبتها وشعرها في بعض الأحيان من أجل الحظوة بزوج جوارب أقل ثمناً مما لو كانت محجّبة، إنها تبيع حياءها ودينها لكي تصل إلى مرادها التافه، ولا أعني هنا أنها تزني من أجل ذلك، كلا بل إنها ـ والعياذ بالله ـ تمزح وتوزع الابتسامات، وترد حارتها بلباس فضفاض من أجل جلب أنظار الشباب إليها، وقد لا تعرف هي السبب في عملها ذاك الذي لا ينمّ إلا عن ظلمها لنفسها وظلمها للآخرين، كونها بعملها ذاك ستثير شهوة الكاسب أو الرجل المتزوج فتبرد علاقته ومحبته مع زوجته، وبالتدريج ينجرّ ذلك الرجل إلى تطليق زوجته، أو إلى موت المحبة في نفسه، أو إلى بروز عقدة نفسية تنعكس آثارها السلبية على ابنائه بشكل خاص، وعلى بيته بشكل عام، وهذا هو الظلم العظيم، والمعصية الكبرى. إن أحد الأشياء التي توجب ظهور المصائب والبلايا هو العشق، والعشق هذا أسوأ من السرطان، العشق الذي يحدث أحياناً بين الرجال والرجال، العشق الذي يحدث بين النساء والنساء، والعشق الذي يقوم بين الرجال والنساء، وهو إجمالاً يترك البيوت بلاقعَ، حيث ترى العاشق يتنكر لكل القيم والمُثل في سبيل الحظوة بمعشوقه، بل ويصل الأمر به إلى أنه يكون ذليلاً مستكينا في مقابل تلك الحظوة المتدنّية. وعندما نراجع أشعار العشاق نستشف بأنهم مستعدون لإهراق ماء وجوههم في سبيل ذلك العشق، وإذا ما أهرق ماء الوجه كيف يمكن استرجاعه ثانية؟. وليعلم الجميع أن الغريزة الجنسية هي أساس تلك المصائب والبلايا إذا تُرك العنان لها، وإن الفتيان أو الفتيات إذا ما أحب بعضهم البعض، فإن حبّهم ذاك وعشقهم يستقي من تيار الغريزة الجنسية، وقد يكون العشق ذاك تحت مسميات أخرى كأن يكون أحد مُسميات الصداقة، أو التحابب بين المسلمين، أو العشق من أجل الله تبارك وتعالى، وكل ذاك تبرير شيطاني محض. سُئِل الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام عن أصل المحبة؟ فأجاب بأن حب الله إذا خرج من قلب امرءٍ، دخل مكانه في القلب حب آخر ثم أردف سلام الله عليه بالقول: "كُلّ من لم يحبّ على الدين، ولم يبغض على الدين فلا دين له"2. أما الحب أو العشق البعيد عن الدين فيطلق عليه اصطلاحاً " بالمرض السودائي" وهو مرض أشبه ما يكون بالعصاب، ويحصل هذا المرض نتيجة الاختلاط، والنظر الشهواني إلى ما حرّم الله. لقد أثبت البعض بأن في الأبدان أشعة خاصة ترد بدن الناظر عن طريق عينيه، وعندما يستهوي بدن الناظر تلك الأشعة يحصل العشق أو الحب الدنيء، وعليه حرّم الإسلام النظر إلى كل ما يمكن أن يثير الشهوة، وحرّم التحدث والاختلاط بين النساء والرجال إلاّ لضرورة. وبالرغم من وجود أكثر من عشرة آيات تتعرض لمسألة الحجاب بصورة مباشرة، فإن هناك الكثير من الآيات التي تشير إليه من خلال عبارات قصيرة ومقتضية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾3. وإذا ما كانت المرأة بصّاصة، وكثيرة التحدث للآخرين، فقد تضحى عاشقة بالرغم من أنها متزوجة، وحينها تحدث الكارثة بسبب ذلك التحدث والنظر هنا وهناك، وتكون عندها مصداقاً للآية المباركة التي تقول: ﴿خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾4. وبناء على ما تقدم يتضح لنا أن التبرّج والسفور هو سبب أساسي في مسألة الطلاق الترفي، وإن المذنب الرئيسي فيه هي المرأة غير الملتزمة بما جاء به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. إن للمرأة جاذبية خاصة، وإن جاذبيتها تلك حدت بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار من أهل بيته عليهم السلام إلى أن يُكرّهوا حتى المشي خلفها، أو التطلع إلى ظهرها، وحذّروا كثيراً من المشي وراءها إلاّ أن تكون هناك مسافة تحول دون الجذب. أما إذا لمٍ يلتزم الرجل بهذه المسائل فسوف يكون عرضةً لذلك الجذب، وعرضةً لشِراك الشيطان الرجيم الذي يسعى دائماً للإيقاع به. إنني أعتقد بأن الفصل بين الرجال والنساء أمر ضروري لا بُدّ منه، وعليه يجب الفصل بينهما حتى في باصات النقل العمومية، ولا أوصلنا الله إلى حالة نجلس بعدها نندب حظّنا. إن التماس الذي قد يحصل بين الرجل والمرأة في باصات النقل ـ ولو بالملابس فقط ـ خطيرٌ جداً، لذا أقول للمرأة: إنك درٌّ ثمين وكلّما حُفِظ الدرّ في مكان آمن كلّما كان بعيداً عن أيدي السرّاق، وعليه ينبغي أن يحذر الرجل والمرأة التمادي في التحدث إلى بعضهما البعض، وأن يلتزموا بالأخلاق الإنسانية والإسلامية العريقة التي تحول دون استشراء الفساد في المجتمعات البشرية. 3- الطلاق المعقّد الطلاق المعقّد يشبه إلى حدّ ما الزواج المعقّد، وهو كثيرٌ نسبياً إذا ما قيس بالنوعين الأوليين، ويمكن القول بأن نسبته المئوية تصل في بعض الأحيان إلى 80%. ويحدث هذا الزواج في الأعمّ الأغلب عندما لا تهتم المرأة بوظائفها المنزلية، بعد أن تبرز في كوامنه عقدة نفسية تتفاقم شيئاً فشيئاً لتصل إلى مرحلة خطيرة يُقدم فيها الزوج على التزوج ثانية وثالثة ورابعة. والجدير بالذكر أن الرجل في هذه الحالة من التعقيد يضحى قسيّ القلب بعض الشيء ـ فعلى سبيل المثال ـ عندما يقال له إن وضع أبنائك وزوجتك سيؤول إلى دمار، فيقول: فليحدث ذلك بالرغم من أنه كان قبل ذلك يبذل الغالي والنفيس من أجل هؤلاء الأبناء وتلك الزوجة. وعلى عكس ما ذكرنا، وحينما نشاهد عدم مراعاة الرجل للمسائل الصغيرة الكبيرة، وحينما يكون بخيلاً، جافاًّ في تعامله مع الأبناء والزوجة قولاً وفعلاً تتعقد الزوجة، وحينما تتعقد تدخل في مداخل ضيقة قد تكون في بعض الأحيان أماكن بعيدة عن العفّة، ناهيك عن كراهيتها لكلّ ما يمكن أن يذكرها بزوجها من مثل عشيرته، أو أبنائه، أو... إن البعض من الرجال لا يعرفون كيف ينظمون أوقاتهم، أو بالأحرى لا يولون أهمية تذكر لتنظيم أوقاتهم فتراهُ يخلط بين الوقت المخصص لزوجته وأبنائه وبين الوقت الذي يمارس فيه قراءة القرآن أو مطالعة الكتب العلمية ـ على سبيل المثال ـ وهذا أمرٌ خطير جداً، حيث تصبح الأسرة في مثل هذه الحالة في الحاشية، لتبقى المسائل الأخرى المتعلقة به في المتن. إن أغلب الكسبة يخرجون في الصباح الباكر ليعودون في المساء متعبين، من كثرة ساعات العمل، ومن كثرة النقاش والجدل مع المشترين، وحين رجوعهم مساءً إلى المنزل لا يطالبون زوجاتهم إلاّ بطعام يأكلونه وينامون، هذا إذا لم يجلبوا معهم دفاتر حساباتهم التي ينامون عليها في أغلب الأحيان. مثل هذا الوضع الخطير، والخطير جداً، والذي قد يؤدي بالزوجة النجيبة إلى الخروج على نجابتها وعفّتها، وهذا ما لا يرضاه الله ولا رسوله ولا الأئمة الأطهار. قد يكون ذلك الرجل يذهب إلى المسجد كثيراً، ويحضر في صلاة الجمعة، ويشارك في المجالس العمومية والخيرية ويعتبر عمله ذلك هو الأساس، بل هو المتن، وما عداه ـ من مثل الاهتمام بالأسرة ـ هو الحاشية وهذا هو عين الخطأ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله تعالى سائل كلّ راع عمّا استرعاه أحفظ ذلك أم ضيّعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"5. وبناء على ذلك ينبغي للرجل أن يقسّم وقته ساعة لربه، وساعة لأهله وعياله، وساعة لمنامه وغذائه. هذا بالإضافة إلى اهتمام الرجل بشكل خاص بزوجته، فإذا دخل منزله واستقبله أحد أولاده، فلا بأس من معانقته، ولكن لا يجدر به أن يرفع عينه عن زوجته، ولا تظنّ بأنها إنسانة ساذجة وبسيطة. قبل مدّة اعتقلت الشرطة المحلية امرأة قتلت أبناءها بعد أن غرزت في رؤوسهم إبراً معدنية، وحينما سُئلت عن السبب في عملها المشين هذا أجابت، بأنهم كانوا سبباً حائلاً بيني وبين زوجي حيث كان يهتم بهم أكثر مما يهتم بي لذا صممت على قتلهم جميعاً ليخلو لي الجو بزوجي!! إن البعض من النساء يتصلن بي تلفونياً، وقد أسمع بكاءهنّ وكأن عزيزاً لهن قد مات، وبعد التحدث إليهن أصل إلى نتيجة بأن أزواجهن لا يبخلون عليهم مادياً ولا جنسياً، بل يبخلون عليهن عاطفياً. قال الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحُسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها"6. وقال سلام الله عليه أيضاً: "إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكفّلها، وإن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، وغيرة بتحصن"7. تقول إحدى النساء والتي كان أولادها سيئين بأن السبب في ذلك يرجع إلى أبيهم الذي كان ليلاً ونهاراً يطالع في الكتب، وإذا خلص من ذلك يبدأ بقراءة القرآن الكريم، وعليه كان ابناؤه معقّدين، وسيئين في القول والفعل. إن العالم أو الطالب الذي لا يعرف غير المطالعة ظالم لنفسه ولأهله، وإن علمه ذاك لا بركة فيه، لأنه مكتسب عن طريق الظلم، ومن أراد علماً بدون ظلم يجب عليه أولاً أن يتفرّغ ساعة في اليوم على الأقل لزوجته وأبنائه ومن ثم يمارس ما يريد ممارسته لوحده. وإن المرأة المثالية يجب عليها أن تتبسم في وجه زوجها حينما تقدم له قدح الشاي حتى يذهب التعب والعناء عنه، ولكي تتأصل أواصر المحبة والألفة والانسجام في المؤسسة الأسرية. كان أحد العلماء الكبار يبكي بشدة لوفاة زوجته، وعندما قلنا له: ألا ترضى بالمقدّرات الإلهية؟ قال: أنا راضٍِ بقدر الله تباركت أسماؤه، ولكنَّ قلبي يشتعل ناراً حينما أتذكر بأن مؤنسي، ومعهد علمي، لن يعود إليّ ثانيةً. كان يقول: عندما أكون مُتعباً أثناء المطالعة أرى زوجتى الرؤوفة تطلّ عليّ بابتسامة عريضة، وهي تحمل بيدها قدح الشاي، ثم تجلس إليّ لتحدثني قليلاً، وما إن تشعر بغياب التعب عني تستأذنني بالذهاب إلى عملها المنزلي، لذا أرى أن كلّ أعمالي العلمية مرهونة بوجود تلك المرأة التي ذهبت إلى حيث رحمة الله الواسعة. يقول باستور: إن كل اختراعاتي، وخدماتي التي قدمتها للإنسانية ترجع في أساسها إلى زوجتي التي أنقذتني من العناء والتعب حينما كنت أجهد نفسي في الوصول إلى هدف معيّن. وبناء على ما تقدم فإن الرجل الذي لا يهتم بزوجته وأبنائه لانشغاله، بالكسب الحلال، أو لانشغاله في طلب العلم سيكون سبباً في تعقيد زوجته، وعندما يتفاقم ذلك التعقيد قد يصل الأمر إلى الطلاق، هذا إذا كانت الزوجة، نجيبة وملتزمة وخيّرة، وعندما تُسئل عن كيفيّة تركها لأبنائها الذين سيفشلون في حياتهم تُجيب: دعوني أحظى بقسطٍ من الراحة ولو على حساب فشل أبنائي، وهذا ما يسمى بالطلاق المعقّد. هذا الطلاق الذي يحدث نتيجة بروز عقدة نفسية تزداد رويداً رويداً لتصل في آخر المطاف إلى حالة تنفجر فيها تلك العقدة فتؤدي إلى الطلاق، وإن تلك العقدة هي حاصل سوء ظنّ المرأة في أغلب الأحيان، وعدم اهتمام الرجل بزوجته في بعض الأحيان. *الأخلاق البيتية، مظاهري، دار المحجة البيضاء، دار الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ط1، ص213-222.
1- كنز العمال/ خ27871.
2- الكافي/ ج2، ص127. 3- الأحزاب:59. 4- الحج:11. 5- كنز العمال/ خ14636. 6- تحف العقول/ ص238. 7- تحف العقول/ ص237. |
|
الخميس، 13 أغسطس 2015
القسم المتوفر فيها الموظوع :
فقه الولي
الطلاق
بواسطة:أدمن
8:50 ص