* الهدف: بيان خطورة الركون إلى الظالم لما يستبطن ذلك من تأييده وتقويته على حساب إضعاف أهل الإيمان وتوهينهم.
* تصدير الموضوع: قال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾1.
مقدّمة
حذّرت الشريعة الإسلاميّة من أيّ شكلٍ من أشكال الركون إلى الظالم أو التقرّب إليه أو التودّد له فضلاً عن إعانته أو خدمته أو سواها من المفردات التي من شأنها تقوية شوكة الظالمين ونفوذهم، وبالتالي الحدّ من قوّة أهل الإيمان وتوعّدت على ذلك بالنّار وسوء المصير معتبرةً أنّ ذلك إضرار بالأمّة كلّها.
محاور الموضوع
من مصاديق الركون إلى الظالم
التودّد للظالم: أمالي الصدوق: في حديث المناهي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من مدح سلطاناً جائراً وتخفّف وتضعضع له طمعاً فيه كان قرينه إلى النّار، وقد قال الله: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾"2.
هدايته إلى الظلم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من دلّ جائراً على جور، كان قرين هامان في جهنّم"3.
الدفاع عن الظالم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من تولّى خصومة ظالم، أو أعان عليها، ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة الله ونار جهنّم، وبئس المصير"4.
تقديم العون له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا ومن علّق سوطاً بين يدي سلطان جائر، جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعباناً من النّار، طوله سبعون ذراعاً يسلّط عليه في نار جهنّم، وبئس المصير"5.
محبّة بقاءهم: عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: "ومن أحبّ بقاء الظالمين، فقد أحبّ أن يعصى الله، إنّ الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظلمة6، فقال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾7".
وعن صفوان الجمّال قال: دخلت على أبي الحسن الأوّل صلوات الله عليه فقال لي: "يا صفوان! كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً". قلت: جعلت فداك! أيّ شيء؟ قال: "إكراك جمالك من هذا الرجل- يعني هارون-". قلت: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكن أكريته لهذا الطريق- يعني طريق مكّة-، ولا أتولّاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني. فقال لي: "يا صفوان! أيقع كراك عليهم؟".
قلت: نعم جعلت فداك. فقال لي: "أتحبّ بقاهم حتّى يخرج كراك؟". قلت: نعم. قال: "فمن أحبّ بقاهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النّار". قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها....8
خدمة الظالم: عن الإمام الصادق، عن أبيه صلوات الله عليهما، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوانهم؟ من لاق لهم دواة، أو ربط لهم كيسا، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم"9.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وعلى الباب الرابع من أبواب النّار مكتوب ثلاث كلمات: أذلّ الله من أهان الإسلام، أذلّ الله من أهان أهل البيت، أذلّ الله من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين"10.
استفادة الظالم من علماء السوء
عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام في كتابه للزهريّ- وهو أحد العلماء المعروفين بعلمهم والذي كان يتعامل مع حكومة بني أميّة- بعد أن حذّره عن إعانة الظلمة على ظلمهم: "أوليس بدعائه إيّاك حين دعاك جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم، وسلماً إلى ضلالتهم، داعياً إلى غيّهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشكّ على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهّال إليهم؟ فلم يبلغ أخصّ وزرائهم، ولا أقوى أعوانهم إلّا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصّة والعامّة إليهم، فما أقلّ ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمّروا لك في جنب ما خربوا عليك، فانظر لنفسك، فإنّه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسؤول"11.
ذمّ من تولّى خصومة الظالم
عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسى صلوات الله عليه فقال لي: "يا زياد! إنّك لتعمل عمل السلطان؟" قال: قلت: أجل. قال لي: "ولم؟" قلت: أنا رجل لي مروّة، ولي عيال، وليس وراء ظهري شيء. فقال لي: "يا زياد لئن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة، أحبّ إلي من أن أتولّى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم إلّا لماذا؟" قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: "إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه، يا زياد! إنّ أهون ما يصنع الله بمن تولّى لهم عملاً أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق، يا زياد! فإن وليت شيئاً من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك"12.
ردّ الظلم عن المظلومين، ورفع حوائج المؤمنين إلى السلاطين عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: "من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها، أثبت الله عزَّ وجلَّ قدميه على الصراط"13.
وفي وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لكميل: "يا كميل! إيّاك والتطرّق إلى أبواب الظالمين، والاختلاط بهم، والاكتساب منهم، وإيّاك أن تطيعهم أو تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك، يا كميل! إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله تعالى، وتوكّل عليه، واستعذ بالله من شرّهم، وأطرق عنهم، وأنكر بقلبك فعلهم، وأجهر بتعظيم الله لتسمعهم فإنّهم يهابونك وتكفي شرّهم"14.
* زاد عاشوراء, نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافيّة , الطبعة التاسعة: تشرين الأول 2010م - 1431هـ/ ص:197.
* تصدير الموضوع: قال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾1.
مقدّمة
حذّرت الشريعة الإسلاميّة من أيّ شكلٍ من أشكال الركون إلى الظالم أو التقرّب إليه أو التودّد له فضلاً عن إعانته أو خدمته أو سواها من المفردات التي من شأنها تقوية شوكة الظالمين ونفوذهم، وبالتالي الحدّ من قوّة أهل الإيمان وتوعّدت على ذلك بالنّار وسوء المصير معتبرةً أنّ ذلك إضرار بالأمّة كلّها.
محاور الموضوع
من مصاديق الركون إلى الظالم
التودّد للظالم: أمالي الصدوق: في حديث المناهي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من مدح سلطاناً جائراً وتخفّف وتضعضع له طمعاً فيه كان قرينه إلى النّار، وقد قال الله: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾"2.
هدايته إلى الظلم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من دلّ جائراً على جور، كان قرين هامان في جهنّم"3.
الدفاع عن الظالم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من تولّى خصومة ظالم، أو أعان عليها، ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة الله ونار جهنّم، وبئس المصير"4.
تقديم العون له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا ومن علّق سوطاً بين يدي سلطان جائر، جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعباناً من النّار، طوله سبعون ذراعاً يسلّط عليه في نار جهنّم، وبئس المصير"5.
محبّة بقاءهم: عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: "ومن أحبّ بقاء الظالمين، فقد أحبّ أن يعصى الله، إنّ الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظلمة6، فقال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾7".
وعن صفوان الجمّال قال: دخلت على أبي الحسن الأوّل صلوات الله عليه فقال لي: "يا صفوان! كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً". قلت: جعلت فداك! أيّ شيء؟ قال: "إكراك جمالك من هذا الرجل- يعني هارون-". قلت: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكن أكريته لهذا الطريق- يعني طريق مكّة-، ولا أتولّاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني. فقال لي: "يا صفوان! أيقع كراك عليهم؟".
قلت: نعم جعلت فداك. فقال لي: "أتحبّ بقاهم حتّى يخرج كراك؟". قلت: نعم. قال: "فمن أحبّ بقاهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النّار". قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها....8
خدمة الظالم: عن الإمام الصادق، عن أبيه صلوات الله عليهما، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوانهم؟ من لاق لهم دواة، أو ربط لهم كيسا، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم"9.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وعلى الباب الرابع من أبواب النّار مكتوب ثلاث كلمات: أذلّ الله من أهان الإسلام، أذلّ الله من أهان أهل البيت، أذلّ الله من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين"10.
استفادة الظالم من علماء السوء
عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام في كتابه للزهريّ- وهو أحد العلماء المعروفين بعلمهم والذي كان يتعامل مع حكومة بني أميّة- بعد أن حذّره عن إعانة الظلمة على ظلمهم: "أوليس بدعائه إيّاك حين دعاك جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم، وسلماً إلى ضلالتهم، داعياً إلى غيّهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشكّ على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهّال إليهم؟ فلم يبلغ أخصّ وزرائهم، ولا أقوى أعوانهم إلّا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصّة والعامّة إليهم، فما أقلّ ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمّروا لك في جنب ما خربوا عليك، فانظر لنفسك، فإنّه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسؤول"11.
ذمّ من تولّى خصومة الظالم
عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسى صلوات الله عليه فقال لي: "يا زياد! إنّك لتعمل عمل السلطان؟" قال: قلت: أجل. قال لي: "ولم؟" قلت: أنا رجل لي مروّة، ولي عيال، وليس وراء ظهري شيء. فقال لي: "يا زياد لئن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة، أحبّ إلي من أن أتولّى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم إلّا لماذا؟" قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: "إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه، يا زياد! إنّ أهون ما يصنع الله بمن تولّى لهم عملاً أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق، يا زياد! فإن وليت شيئاً من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك"12.
ردّ الظلم عن المظلومين، ورفع حوائج المؤمنين إلى السلاطين عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: "من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها، أثبت الله عزَّ وجلَّ قدميه على الصراط"13.
وفي وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لكميل: "يا كميل! إيّاك والتطرّق إلى أبواب الظالمين، والاختلاط بهم، والاكتساب منهم، وإيّاك أن تطيعهم أو تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك، يا كميل! إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله تعالى، وتوكّل عليه، واستعذ بالله من شرّهم، وأطرق عنهم، وأنكر بقلبك فعلهم، وأجهر بتعظيم الله لتسمعهم فإنّهم يهابونك وتكفي شرّهم"14.
* زاد عاشوراء, نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافيّة , الطبعة التاسعة: تشرين الأول 2010م - 1431هـ/ ص:197.
1- هود 113.
2- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
3- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
4- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
5- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص517.
6- الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج5، ص108.
7- الأنعام 45.
8- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص217.
9- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج17، ص181.
10- جامع أحاديث الشيعة، ج17، ص276.
11- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص482.
12- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج17، ص194.
13- الأمالي الشيخ الطوسيّ، ص203.
14- بحار الأنوار، ج74، ص269.
2- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
3- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
4- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
5- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص517.
6- الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج5، ص108.
7- الأنعام 45.
8- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص217.
9- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج17، ص181.
10- جامع أحاديث الشيعة، ج17، ص276.
11- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص482.
12- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج17، ص194.
13- الأمالي الشيخ الطوسيّ، ص203.
14- بحار الأنوار، ج74، ص269.