وهو على قسمين: أحدهما الدفاع عن بيضة الإسلام وحوزته، ثانيهما عن نفسه ونحوها
القول في القسم الأول
مسألة
1 ـ لو غشي بلاد المسلمين أو ثغورها عدوّ يخشى منه على بيضة الإسلام
ومجتمعهم يجب عليهم الدفاع عنها بأية وسيلة ممكنة من بذل الأموال والنفوس.
مسألة
2ـ لا يشترط ذلك بحضور الإمام عليه السلام وإذنه ولا إذن نائبه الخاص أو
العام، فيجب الدفاع على كل مكلف بأية وسيلة بلا قيد وشرط.
مسألة 3ـ لو خيف على زيادة الاستيلاء على بلاد المسلمين وتوسعة ذلك وأخذ بلادهم أو أسرهم وجب الدفاع بأية وسيلة ممكنة.
مسألة
4 ـ لو خيف على حوزة الإسلام من الاستيلاء السياسي والاقتصادي المنجر الى
أسرهم السياسي والاقتصادي ووهن الإسلام والمسلمين وضعفهم يجب الدفاع
بالوسائل المشابهة والمقاومات المنفية، كترك شراء أمتعتهم، وترك استعمالها،
وترك المراودة والمعاملة معهم مطلقاً.
مسألة 5 ـ لو
كان في المراودات التجارية وغيرها مخافة على حوزة الإسلام وبلاد المسلمين
من استيلاء الأجانب عليها سياسياً أو غيرها الموجب لاستعمارهم أو استعمار
بلادهم ولو معنوياً يجب على كافة المسلمين التجنب عنها، وتحرم تلك
المراودات.
مسألة
6 ـ لو كانت الروابط السياسية بين الدول الإسلامية والأجانب موجبة
لاستيلائهم على بلادهم أو نفوسهم أو أموالهم أو موجبة لأسرهم السياسي يحرم
على رؤساء الدول تلك الروابط والمناسبات، وبطلت عقودها، ويجب على المسلمين
إرشادهم وإلزامهم بتركها ولو بالمقاومات المنفية.
مسألة
7ـ لو خيف على إحدى الدول الإسلامية من هجمة الأجانب يجب على جميع الدول
الإسلامية الدفاع عنها بأي وسيلة ممكنة كما يجب على سائر المسلمين.
مسألة
8ـ لو أوقع إحدى الدول الإسلامية عقد رابطة مخالفة لمصلحة الإسلام
والمسلمين يجب على سائر الدول الجد على حل عقدها بوسائل سياسية أو اقتصادية
كقطع الروابط السياسية والتجارية معها، ويجب على سائر المسلمين الاهتمام
بذلك بما يمكنهم من المقاومات المنفية، وأمثال تلك العقود محرمة باطلة في
شرع الإسلام.
مسألة
9ـ لو صار بعض رؤساء الدول الإسلامية أو وكلاء المجلسين موجباً لنفوذ
الأجانب سياسياً أو اقتصادياً على المملكة الإسلامية بحيث يخاف منه على
بيضة الإسلام أو على استقلال المملكة ولو في الاستقبال كان خائناً ومنعزلاً
عن مقامه أي مقام كان لو فرض أن تصديه حق، وعلى الأمة الإسلامية مجازاته
ولو بالمقاومات المنفية كترك عشرته وترك معاملته والاعراض عنه بأي وجه
ممكن، والاهتمام بإخراجه عن جميع الشؤون السياسية وحرمانه عن الحقوق
الاجتماعية.
مسألة
10 ـ لو كان في الروابط التجارية من الدول أو التجار مع بعض الدول
الأجنبية أو التجار الأجنبيين مخافة على سوق المسلمين وحياتهم الاقتصادية
وجب تركها وحرمت التجارة المزبورة، وعلى رؤساء المذهب مع خوف ذلك أن يحرموا
متاعهم وتجارتهم حسب اقتضاء الظروف، وعلى الأمة الإسلامية متابعتهم، كما
يجب على كافتهم الجد في قطعها.
القول في القسم الثاني
مسألة 1ـ لا إشكال في أن للإنسان أن يدفع المحارب والمهاجم واللص ونحوهم عن نفسه وحريمه وماله ما استطاع.
مسألة
2 ـ لو هجم عليه لص أو غيره في داره أو غيرها ليقتله ظلماً يجب عليه
الدفاع بأي وسيلة ممكنة ولو أنجر الى قتل المهاجم، ولا يجوز له الاستسلام
والانظلام.
مسألة
3ـ لو هجم على من يتعلق به من ابن أو بنت أو أب أو أخ أو سائر من يتعلق به
حتى خادمه وخادمته ليقتله ظلماً جاز بل وجب الدفاع عنه ولو أنجر الى قتل
المهاجم.
مسألة
4 ـ لو هجم على حريمه زوجة كانت أو غيرها بالتجاوز عليها وجب دفعه بأي نحو
ممكن ولو انجر الى قتل المهاجم، بل الظاهر كذلك لو كان الهجمة على عرض
الحريم بما دون التجاوز.
مسألة 5 ـ لو هجم على ماله أو مال عياله جاز له دفعه بأي وسيلة ممكنة ولو انجر الى قتل المهاجم.
مسألة
6ـ يجب على الأحوط في جميع ما ذكر أن يتصدى للدفاع من الأسهل فالأسهل، فلو
اندفع بالتنبيه والإخطار بوجه كالتنحنح مثلاً فعل، فلو لم يندفع إلا
بالصياح والتهديد المدهش فعل واقتصر عليه، وإن لم يندفع إلا باليد اقتصر
عليها، أو بالعصا اقتصر عليها، أو بالسيف اقتصر عليه جرحاً إن أمكن به
الدفع، وإن لم يمكن إلا بالقتل جاز بكل آلة قتالة، وانما يجب مراعاة
الترتيب مع الامكان والفرصة وعدم الخوف من غلبته، بل لو خاف فوت الوقت
وغلبة اللص مع مراعاة الترتيب لا يجب، ويجوز التوسل بما يدفعه قطعاً.
مسألة 7 ـ لو لم يتعد عن الحد اللازم ووقع على المهاجم نقص مالي أو بدني أو قتل يكون هدراً ولا ضمان على الفعل.
مسألة 8 ـ لو تعدى عما هو الكافي في الدفع بنظره وواقعاً فهو ضامن على الأحوط.
مسألة 9 ـ لو وقع نقص على المدافع من قبل المهاجم مباشرة أو تسبيباً يكون ضامناً جرحاً أو قتلاً أو مالاً ونحوها.
مسألة
10ـ لو هجم عليه ليقتله أو على حريمه وجب الدفاع ولو علم أنه يصير مقتولاً
فضلاً عما دونه وفضلاً عما لو ظن أو احتمل، وأما المال فلا يجب، بل الأحوط
الاستسلام مع احتمال القتل فضلاً عن العلم به.
مسألة 11ـ لو أمكن التخلص عن القتال بالهرب ونحوه فالأحوط التخلص به، فلو هجم على حريمه وأمكن التخلص بوجه غير القتال فالأحوط ذلك.
مسألة
12ـ لو هجم عليه ليقتله أو على حريمه وجبت المقاتلة ولو علم أن قتاله لا
يفيد في الدفع، ولا يجوز له الاستسلام فضلاً عما لو ظن أو احتمل ذلك، وأما
المال فلا يجب، بل الأحوط الترك.
مسألة
13 ـ بعد تحقق قصد المهاجم اليه ولو بالقرائن الموجبة للوثوق يجوز له
الدفع بلا إشكال، فهل يجوز مع الظن أو الاحتمال الموجب للخوف؟ الظاهر عدم
الجواز مع الأمن من ضرره لو كان قاصداً لشدة بطشه وقدرته أو إمكان الدفاع
بوجه لو كان قاصداً له، ومع عدمه ففيه إشكال.
مسألة 14ـ لو أحرز قصده الى نفسه أو عرضه أو ماله فدفعه فأضر به أو جنى عليه فتبين خطأه كان ضامناً وإن لم يكن آثماً.
مسألة 15ـ لو قصده لص أو محارب فاعتقد خلافه فحمل عليه لا للدفع بل لغرض آخر فالظاهر عدم الضمان ولو قتله وإن كان متجرياً.
مسألة
16ـ لو هجم لصان أو نحوهما كل على الآخر فإن كان أحدهما بادئاً والآخر
مدافعاً ضمن البادئ ولا يضمن المدافع وإن كان لو لم يبتدئه ابتدأه، وإن
هجما فالظاهر ضمان كل منهما لو جنى على صاحبه، ولو كفّ أحدهما فصال الآخر
وجنى عليه ضمن.
مسألة
17ـ لو هجم عليه لص ونحوه لكن علم أنه لا يمكنه إجراء ما قصده لمانع كنهر
أو جدار كفّ عنه ولا يجوز الاضرار به جرحاً أو نفساً أو غيرهما، ولو أضرّ
به ضمن، وكذا لو كان عدم المكنة لضعفه.
مسألة
18ـ لو هجم عليه وقبل الوصول اليه ندم وأظهر الندامة لا يجوز الاضرار به
بشيء، ولو فعل ضمن، نعم لو خاف أن يكون ذلك خدعة منه وخاف ذهاب الفرصة لو
أمهله فلا يبعد الجواز، لكن ضمن لو كان صادقاً.
مسألة
19ـ يجوز الدفاع لو كان المحارب ونحوه مقبلاً مع مراعاة الترتيب كما تقدم
مع الامكان، وأما لو كان مدبراً معرضاً فلا يجوز الاضرار به، ويجب الكف
عنه، فلو اضر به ضمن.
مسألة 20 ـ لو كان إدباره لإعداد القوة جاز دفعه لو علم أو اطمأن به، ولو بان الخطأ ضمن ما أضر به.
مسألة
21ـ لو ظن أو احتمل احتمالاً عقلائياً أن إدباره لتجهيز القوى أو خاف
لأجله على نفسه أو عرضه وخاف مع ذلك عن فوت الوقت لو أمهله وأنه يغلبه لو
صار مجهزاً فالظاهر جواز دفعه مراعياً للترتيب مع الامكان، ولو بان الخطأ
ضمن لو فعل ما يوجبه، والأحوط في المال الترك سيما في مثل الجرح والقتل.
مسألة 22ـ لو أخذ اللص أو المحارب وربطه أو ضربه وعطله عما قصده لا يجوز الاضرار به ضرباً أو قتلاً أو جرحاً، فلو فعل ضمن.
مسألة 23ـ لو لم يمكنه دفعه وجب في الخوف على النفس أو العرض التوسل بالغير ولو كان جائراً ظالماً بل كافراً، وجاز في المال.
مسألة
24ـ لو علم أن الجائر الذي يتوسل به للدفاع عن نفسه أو عرضه يتعدى عن
المقدار اللازم في الدفاع جاز التوسل به بل وجب، ومع اجتماع الشرائط يجب
عليه النهي عن تعديه، فلو تعدى كان الجائر ضامناً، نعم لو أمكن دفعه بغير
التوسل به لا يجوز التوسل به.
مسألة
25 ـ لو ضرب اللص مثلاً مقبلاً فقطع عضواً منه مع توقف الدفع عليه فلا
ضمان فيه، ولا في السراية ولو تنتهي الى الموت، ولو ولى بعد الضرب مدبراً
للتخلص والفرار يجب الكف عنه، فلو ضربه فجرحه أو قطع منه عضواً أو قتله
ضمن.
مسألة
26ـ لو قطع يده حال الاقبال دفاعاً ويده الأخرى حال الادبار فراراً
فاندملت اليدان ثبت القصاص في الثانية، ولو اندملت الثانية وسرت الأولى فلا
شيء عليه في السراية، ولو اندملت الأولى وسرت الثانية فمات ثبت القصاص في
النفس.
مسألة
27ـ لو وجد مع زوجته أو أحد قرابته من ولده أو بنته أو غيرهما من أرحامه
من ينال منه من الفاحشة ولو دون الجماع فله دفعه مراعياً للأيسر فالأيسر مع
الامكان ولو أدى الى القتل، ويكون هدراً، بل له الدفع عن الأجنبي كالدفع
عن نفسه، وما وقع على المدفوع هدر.
مسألة
28ـ لو وجد مع زوجته رجلاً يزني بها وعلم بمطاوعتها له فله قتلهما، ولا
إثم عليه ولا قود، من غير فرق بين كونهما محصنين أو لا، وكون الزوجة دائمة
أو منقطعة، ولا بين كونها مدخلاً بها أو لا.
مسألة
29ـ في الموارد التي جاز الضرب والجرح والقتل انما يجوز بينه وبين الله،
وليس عليه شيء واقعاً، لكن في الظاهر يحكم القاضي على ميزان القضاء، فلو
قتل رجلاً وادعى أنه رآه مع امرأته ولم يكن له شهود على طبق ما قرره الشارع
يحكم عليه بالقصاص، وكذا في الاشباه والنظائر.
مسألة
30 ـ من اطلع على عورات قوم بقصد النظر الى ما يحرم عليه منهم فلهم زجره
ومنعه، بل وجب ذلك، ولو لم ينزجر جاز دفعه بالضرب ونحوه ، فلو لم ينزجر
فرموه بحصاة أو غيرها حتى الآلات القتالة فاتفق الجناية عليه كانت هدراً
ولو انجر الى القتل، ولو بادروا بالرمي قبل الزجر والتنبيه ضمنوا على
الأحوط.
مسألة 31 ـ لو زجره فلم ينزجر جاز رميه بقصد جرحه لو توقف الدفع عليه، وكذا بقصد قتله لو توقف عليه.
مسألة
32ـ لو كان المطلع رحماً لنساء صاحب البيت فإن نظر الى ما جاز نظره اليه
من غير شهوة وريبة لم يجز رميه، فلو رماه وجنى عليه ضمن.
مسألة
33ـ لو كان الرحم ناظراً الى ما لا يجوز له النظر اليه كالعورة أو كان
نظره بشهوة كان كالأجنبي، فجاز رميه بعد زجره والتنبيه، ولو جنى عليه كان
هدراً.
مسألة
34ـ لو كان المشرف على العورات أعمى لا يجوز أن يناله بشيء، فلو نال وجنى
عليه ضمن، وكذا لو كان ممن لا يرى البعيد وكان بينه وبينهن بمقدار لا يراهن
أو لا يميزهن.
مسألة 35 ـ لو اطلع للنظر الى ابن صاحب البيت بشهوة فله دفعه وزجره، ومع عدم الانزجار فله رميه، وكان الجناية هدراً.
مسألة 36 ـ لو اطلع على بيت لم يكن فيه من يحرم النظر اليه لم يجز رميه، فلو رمى وجنى عليه ضمن.
مسألة
37 ـ لو اطلع على العورة فزجره ولم ينزجر فرماه فجنى عليه وادعى عدم قصد
النظر أو عدم رؤيتها لم يسمع دعواه، ولا شيء علي الرامي في الظاهر.
مسألة
38 ـ لو كان بعيداً جداً بحيث لم يمكنه رؤية العورات ولكن رآهن بالآلات
الحديثة كان الحكم كالمطلع من قريب، فيجوز دفعه بما تقدم والجناية عليه
هدر.
مسألة
39ـ لو وضع مرآة واطلع على العورات بوسيلتها فالظاهر جريان الحكم المطلع
بلا وسيلة، لكن الأحوط عدم رميه والتخلص بوجه آخر، بل لا يترك الاحتياط.
مسألة 40ـ الظاهر جواز الدفع بما تقدم ولو أمكن للنساء الستر أو الدخول في محل لا يراهن الرائي.
مسألة
41ـ للإنسان دفع الدابة الصائلة عن نفسه وعن غيره وعن ماله، فلو تعيبت أو
تلفت مع توقف الدفع عليه فلا ضمان، ولو تمكن من الهرب فالظاهر عدم جواز
الاضرار بها، فلو أضر ضمن.