اهلا وسهلآ بكم لبيك يا حسيــــــــــــن
‏إظهار الرسائل ذات التسميات محطات عاشورائية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات محطات عاشورائية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

عاشوراء و الصلاة الأكمل


قال الله تعالى: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي 1

يسعى كلّ إنسان نحو السعادة، فهي غاية الجميع بدون استثناء، لكنَّهم يختلفون في ما يحقّق هذه السعادة، فبعضهم يجنح لتحقيقها بوساطة المال والجاه والشهرة والسلطة، وبعضهم يجنح لتحقيقها بالابتعاد عن كل هذه الأمور من خلال الانعزال في صومعة الفرد.

لكنَّ الكلَّ يُجمعون على أنّ منشأ السعادة الحقيقي هو الذي يوصل إلى الاطمئنان القلبيّ، والاستقرار النفسيّ، والراحة، والسكينة.

وقد أراد الله تعالى أن يختصر التجارب والمحاولات والقراءات في منشأ هذا الاطمئنان، فقال عز وجل: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ 2. فالإنسان حينما يتوجّه إلى شيء، فإنّما يتوجّه إليه لأجل كمال فيه، فالإنسان مفطور على حبِّ الكمال، والتوجّه إليه. والله تعالى هو الكمال المطلق، ومصدر كلِّ كمال. من هنا أرشدنا الله تعالى إلى التوجّه إلى مصدر الكمالات. ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 3 وهذا التوجّه الحاضر بدون غفلة هو الذي يحقق الاطمئنان ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ4.

والسؤال: كيف نحقِّق هذا الذِّكر؟
والجواب من الله تعالى: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي5. فلأنَّ الذكر يحقِّق الكمال الإنساني، كانت الصلاة سُلَّماً ومعراجاً للاقتراب من الكمال المطلق، لذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "الصلاة معراج المؤمن"6.

وفي هذا المعراج تخلية وتحلية.

تخلية الصلاة
أمَّا التخلية، فالصلاة مطهّرة من الذنوب أنقى تطهير.
فعن سلمان الفارسي المحمدي(رض): "كنَّا مع رسول الله في ظلِّ شجرة، فأخذ غصناً منها، فنفضه، فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألونني عمّا صنعت ؟ قلنا: أخبرنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّ العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت خطاياه، كما تحاتت ورق هذه الشجرة"7.

وتخلية الصلاة هي أعلى مرتبة من تخلية التوبة، فمفعول التوبة يحدِّثنا عنه الإمام الصادق عليه السلام قائلاً: "إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبّه الله، فستر عليه في الدنيا والآخرة" فسأله ابن وهب: وكيف يستر عليه؟ فقال عليه السلام: "يُنسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ثم يُوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض: اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه، وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب"8

هذا كلُّه أثرٌ للتوبة، أما الصلاة، فإنَّ لها الأثر الأكبر والأهمّ، وهو ما يُفهم من الحوار التالي بين أمير المؤمنين عليه السلام وبعض أصحابه، حينما قال لهم: "أيَّةُ آيةٍ في كتاب الله أرجى عندكم؟
- فقال بعضهم: ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا 9.
- قال عليه السلام: "حسنةٌ، وليست إياها".
فقال بعضهم: ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا 10.
- قال عليه السلام: "حسنةٌ، وليست إياها".
- فقال بعضهم: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 11
- قال عليه السلام: "حسنةٌ، وليست إياها".
- فقال بعضهم: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ12.
- قال عليه السلام: "حسنة، وليست إياها".
- ثم أحجم الناس، فقال عليه السلام: "ما لكم يا معشر المسلمين؟!
- قالوا: لا والله، ما عندنا شيء.
- فقال عليه السلام: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أرجى آية في كتاب الله، ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ13. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، إنَّ أحدكم ليقوم إلى وضوئه، فتساقط عن جوارحه الذنوب، فإذا استقبل الله بوجهه وقلبه لم ينفتل عن صلاته وعليه من ذنوبه شيء كما ولدَتْهُ أمّه، فإنْ أصاب شيئاً بين الصلاتين، كان له مثل ذلك، حتى عدَّ الصلوات الخمس"14. ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ، إنَّما منزلة الصلوات الخمس لأُمّتي كنهرٍ جارٍ على باب أحدكم فما ظنُّ أحدكم، لو كان في جسده درن ثم اغتسل في ذلك النهر خمس مرات في اليوم، أكان يبقى في جسده درن؟! فكذلك والله الصلوات الخمس 
لأُمّتي"15.

إذاً التوبة ساترة للذنوب، والصلاة ماحية لها.

بل إنَّ الصلاة جاذبةٌ لعطايا الله تعالى، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "للمصلي ثلاث خصال:
1- إذا قام في صلاته يتناثر عليه البرّ من أعنان السماء إلى مفرق رأسه.
2- وتحفُّ به الملائكة من قدميه إلى أعنان السماء.
3- وملك ينادي أيّها المصلي، لو تعلم من تناجي ما انفتلت"
16.

لذا كان تعبير الإمام الصادق عليه السلام: "أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلّ الصلاة، وهي آخر وصايا الأنبياء"17.

تحلية الصلاة
بما أنَّ الإنسان مفطور على حبِّ الكمال والانجذاب إليه، وبما أنّ الصلاة هي معراج المؤمن إلى الكمال المطلق، فهي وسيلة العشق الإلهيّ.

وكم يرغب العاشق بالتواصل مع معشوقه!

قال الله تعالى لموسى عليه السلام: ﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى 18، وهو سؤال يُتوقَّع أن يكون جوابه بكلمة "عصا"، إلا أنّ موسى خالف المتوقَّع، فقال: ﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى19.

ما دخل كلّ ذلك بالسؤال؟ الجواب بلغة القلب: إنّ موسى عليه السلام لمّا علم أنّه يتكلّم مع معشوقه، وهو الله تعالى، أحبَّ أن يطيل الحديث معه.

من هنا كان النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم حينما يحلُّ وقت الصلاة، يقول لصاحبه بلال (رض): "أرحنا يا بلال"20.

إنَّ من يشعر، في صلاته، بحالة العشق هذه، بروحه المتحرِّكة وجسده الذي ينتقل من حالة إلى حالة، يُدرك معنى ما ورد عن الإمام علي عليه السلام: "إنّ الإنسان إذا كان في الصلاة، فإنَّ جسده وثيابه وكلَّ شيء حوله يُسبِّح"21.

تأويل الصلاة
وهذه الرواية حول تسبيح كلّ الجسد تدفعنا لفهم حركات المصلّي، والتي يبيّن بعضها أمير المؤمنين عليه السلام بقوله الوارد عنه: "تأويل مدّ عنقك في الركوع تخطر في نفسك آمنتُ بك ولو ضربتَ عنقي"22.

قيم الصلاة
إنَّ مقام الصلاة هذا، يستدعي أن نلتفت إلى أمور، هي:

1- وقت الصلاةينبغي للمؤمن أن يعطي الصلاة الأولويّة على جميع ما عداها من الأعمال، وهذا ما يرمز إليه أذان الصلاة "حيَّ على خير العمل". فمن يصلّي صلواته في أوّل أوقاتها، فإنّه يعبِّر بذلك عن تقديم صلته بالله على كلِّ صلة.
لذا جعل الإمام الصادق عليه السلام الصلوات في مواقيتها معيار الإيمان الحقيقيّ، فعنه عليه السلام: "خصلتان من كانتا فيه، وإلا فأعزبَ، ثم أعزبَ، ثم أعزبَ".
قيل: وما هما ؟، قال عليه السلام: "الصلاة في مواقيتها، والمحافظة عليها، والمواساة"23.
ولذا بيَّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثواب من يهتمّ بالصلوات في أوّل أوقاتها بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من عبد اهتمَّ بمواقيت الصلاة، ومواضع الشمس، إلا ضمنت له الرَّوْحَ عند الموت، وانقطاع الهموم والأحزان، والنجاة من النار"24.
وكذا كانت الصلاة في أوّل الوقت أساسية في برنامج السالك إلى الله تعالى.

قال الشيخ محمد تقي بهجت: من حقَّق ثلاثةً وصل إلى الحقيقة وهي:
1- فعل الواجبات وترك المحرّمات.
2- الإخلاص في العمل. 
3- أداء الصلاة في أوّل أوقاتها".


2- مكان الصلاةبأنْ يختار أفضل الأمكنة وأحبَّها عند الله تعالى، ألا وهي المساجد، فقد ورد أنَّ الله تعالى أوحى إلى نبيِّه داود عليه السلام: "إنَّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لعبد تطهَّر في بيته، ثم زارني في بيتي، ألا إنَّ على المزور كرامة الزائر"25.

3- هيئة الصلاةبأن يقصد صلاة الجماعة التي ورد أنّها إذا زاد عددها عن العشرة "فلو صارت البحار والسماوات والأرض كلّها مداداً، والأشجار أقلاماً، والثقلان مع الملائكة كُتَّاباً، لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة"26
وما يزيد من ثواب الجماعة أن تكون في المسجد.
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة، كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإنّ من مات وهو على ذلك وكَّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويبشِّرونه، ويونسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يُبْعث"27.

4- روحيّة الصلاةبأنْ يصلّيها بحضور القلب، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أحرمتَ في الصلاة، فأقبل عليها، فإنَّك إذا أقبلت أقبل الله عليك، وإذا أعرضت أعرض الله عنك"28.

5- أثر الصلاةقال الله تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ29
فالصلاة تجعل الإنسان يقترب ممّا يحبّ الله تعالى أنْ يقترب منه، ويبتعد عن كلّ ما يريد الله أن يبتعد عنه.

عاشوراء: مظهر قيم الصلاة
لقد اجتمعت هذه القيم الخمس في مسجد كربلاء المعنويّ في أوّل الوقت، جماعة، بحضور القلوب، بعنوان النهضة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، فقد ورد أن أبا ثمامة الصائديّ قال للإمام الحسين عليه السلام وقت الظهيرة من يوم العاشر من محرَّم:"يا أبا عبد الله، نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله، لا تُقتل حتى أُقتل دونك، وأحبّ أنْ ألقى الله ربّي، وقد صلّيتُ هذه الصلاة. فرفع الحسين عليه السلام رأسه إلى السماء، وقال: ذكرتَ الصلاة، جعلك الله من المصلِّين، نعم هذا أوّل وقتها، ثم قال: سلوهم أن يكفّوا عنّا حتى نصلّي"30. فقام الإمام الحسين عليه السلام في نحو نصفٍ من أصحابه، وصلّى بهم جماعة، وتقدّم سعيد بن عبد الله الحنفيّ أمام الحسين عليه السلام وهو يصلّي، يدفع عنه النبال بجسده، فما زال يُرمى بالنبال حتى سقط إلى الأرض، وفي جسده ثلاثة عشر سهماً، وهو يقول: "أللهم بلّغ نبيّك السلام عنّي، وأبلغه ما لقيتُ من ألم الجراح، فإني أردتُ بذلك نصرة ذريّة نبيّك"31، وعرجت روحه نحو السماء، ليكون في محضر العشق العاشورائي شهيد الدفاع عن الصلاة. هكذا هم أصحاب الإمام الحسين عليه السلام في عشقهم وصلاتهم، فإنّهم عشّاق شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم، ولا يلحق بهم من بعدهم. فلنَسِر على خطاهم، مردِّدين: يا ليتنا كنَّا معكم، فنفوزَ فوزاً عظيماً.
 
* وأتممناها بعشر، سماحة الشيخ أكرم بركات.

1 سورة طه، الآية 14.
2 سورة الرعد، الآية 28.
3 سورة الأنعام، الآية 79.
4 سورة الرعد، الآية 28.
5 سورة طه، الآية 14.
6 الشاهرودي، علي النمازي، مستدرك سفينة البحار، تحقيق حسن النمازي، (لا،ط)، قم، جماعة المدرسين، 1419هـ، ج6، ص 343.
7 الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج4، ص 103.
8 البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج14، ص 324.
9 سورة النساء، الآية 48.
10 سورة النساء، الآية 110.
11 سورة الزمر، الآية 53.
12 سورة آل عمران، الآيتان، 135-136.
13 سورة هود، الآية 114.
14 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج79، ص 220.
15 البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج4، ص 16.
16 الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال، تحقيق محمد الخرسان،ط2، قم، منشورات الشريف الرضي، 1368ش، ص 35.
17 الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج3، ص 264.
18 سورة طه، الآية 17.
19 سورة طه، الآية 18.
20 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج80، ص 16.
21 المصدر السابق، ج80، ص 200.
22 البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج5، ص 60.
23 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج71، ص 391.
24 المصدر السابق، ج80، ص 9.
25 المصدر السابق، ج80، ص 373.
26 البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج6، ص 385.
27 الري شهري، محمد، ميزان الحكمة، ج2، ص 1259.
28 النوري، حسين، مستدرك الوسائل’ ج3، ص 57.
29 سورة العنكبوت، الآية 45.
30 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج45، ص 21.
31 المصدر السابق، نفسه.

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

استحباب البكاء لقتل الحسين


1-عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب ، غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.وسائل الشيعة ج14 ص500


2- عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه قال للفضيل : تجلسون وتتحدثون ؟ فقال : نعم ، فقال : إن تلك المجالس أحبها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيى أمرنا ، يا فضيل ، من ذكرنا أو ذكرنا عنده ثم ذكر مثله. قرب الإسناد : 18


3- عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان علي بن الحسين ( عليه السلام ) يقول : أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين ( عليه السلام ) حتى تسيل على خديه بوأه الله بها غرفا يسكنها أحقابا ، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من الاذى من عدونا في الدنيا بوأه الله مبوأ صدق ، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة ما أُوذي فينا ، صرف الله عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.ثواب الاعمال : 108 | 1. 


4- عن علي بن الحسن بن علي ابن فضال ، عن أبيه ، قال : قال الرضا ( عليه السلام ) : من تذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون ، ومن جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم يموت القلوب ... الحديث. 
عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 294 | 48.

استحباب ذكر الحسين ( عليه السلام ) ، ولعن قاتله عند شرب الماء .


استحباب ذكر الحسين ( عليه السلام ) ، ولعن
قاتله عند شرب الماء .

عن داود الرقيّ ، قال : كنت عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) إذا استسقى الماء ، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه ، ثم قال لي : يا داود لعن الله قاتل الحسين ( عليه السلام ) [ فما أنغص ذكر الحسين ( عليه السلام ) للعيش ، إني ما شربت ماء باردا إلا ذكرت الحسين ( عليه السلام ) ]  وما من عبد شرب الماء ، فذكر الحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته ، ولعن 
قاتله إلا كتب الله عزّ وجلّ له مائة ألف حسنة ، وحطّ عنه مائةألف سيئة ، ورفع له مائة ألف درجة ، وكأنما أعتق مائة ألف نسمة ، وحشرة الله يوم القيامة ( ثلج الفؤاد )  .
وسائل الشيعة : ج 25 ص 272-273

الأحد، 2 أكتوبر 2016

الركون إلى الظالمين

* الهدف: بيان خطورة الركون إلى الظالم لما يستبطن ذلك من تأييده وتقويته على حساب إضعاف أهل الإيمان وتوهينهم.

* تصدير الموضوع: قال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ1.

مقدّمة

حذّرت الشريعة الإسلاميّة من أيّ شكلٍ من أشكال الركون إلى الظالم أو التقرّب إليه أو التودّد له فضلاً عن إعانته أو خدمته أو سواها من المفردات التي من شأنها تقوية شوكة الظالمين ونفوذهم، وبالتالي الحدّ من قوّة أهل الإيمان وتوعّدت على ذلك بالنّار وسوء المصير معتبرةً أنّ ذلك إضرار بالأمّة كلّها.

محاور الموضوع

من مصاديق الركون إلى الظالم

التودّد للظالم: أمالي الصدوق: في حديث المناهي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من مدح سلطاناً جائراً وتخفّف وتضعضع له طمعاً فيه كان قرينه إلى النّار، وقد قال الله: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ"2.

هدايته إلى الظلم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من دلّ جائراً على جور، كان قرين هامان في جهنّم"3.

الدفاع عن الظالم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من تولّى خصومة ظالم، أو أعان عليها، ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة الله ونار جهنّم، وبئس المصير"4.

تقديم العون له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا ومن علّق سوطاً بين يدي سلطان جائر، جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعباناً من النّار، طوله سبعون ذراعاً يسلّط عليه في نار جهنّم، وبئس المصير"5.

محبّة بقاءهم: عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: "ومن أحبّ بقاء الظالمين، فقد أحبّ أن يعصى الله، إنّ الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظلمة6، فقال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ7".

وعن صفوان الجمّال قال: دخلت على أبي الحسن الأوّل صلوات الله عليه فقال لي: "يا صفوان! كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً". قلت: جعلت فداك! أيّ شيء؟ قال: "إكراك جمالك من هذا الرجل- يعني هارون-". قلت: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكن أكريته لهذا الطريق- يعني طريق مكّة-، ولا أتولّاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني. فقال لي: "يا صفوان! أيقع كراك عليهم؟".

قلت: نعم جعلت فداك. فقال لي: "أتحبّ بقاهم حتّى يخرج كراك؟". قلت: نعم. قال: "فمن أحبّ بقاهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النّار". قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها....8

خدمة الظالم: عن الإمام الصادق، عن أبيه صلوات الله عليهما، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوانهم؟ من لاق لهم دواة، أو ربط لهم كيسا، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم"9.

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وعلى الباب الرابع من أبواب النّار مكتوب ثلاث كلمات: أذلّ الله من أهان الإسلام، أذلّ الله من أهان أهل البيت، أذلّ الله من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين"10.
استفادة الظالم من علماء السوء

عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام في كتابه للزهريّ- وهو أحد العلماء المعروفين بعلمهم والذي كان يتعامل مع حكومة بني أميّة- بعد أن حذّره عن إعانة الظلمة على ظلمهم: "أوليس بدعائه إيّاك حين دعاك جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم، وسلماً إلى ضلالتهم، داعياً إلى غيّهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشكّ على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهّال إليهم؟ فلم يبلغ أخصّ وزرائهم، ولا أقوى أعوانهم إلّا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصّة والعامّة إليهم، فما أقلّ ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمّروا لك في جنب ما خربوا عليك، فانظر لنفسك، فإنّه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسؤول"11

ذمّ من تولّى خصومة الظالم

عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسى صلوات الله عليه فقال لي: "يا زياد! إنّك لتعمل عمل السلطان؟" قال: قلت: أجل. قال لي: "ولم؟" قلت: أنا رجل لي مروّة، ولي عيال، وليس وراء ظهري شيء. فقال لي: "يا زياد لئن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة، أحبّ إلي من أن أتولّى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم إلّا لماذا؟" قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: "إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه، يا زياد! إنّ أهون ما يصنع الله بمن تولّى لهم عملاً أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق، يا زياد! فإن وليت شيئاً من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك"12.

ردّ الظلم عن المظلومين، ورفع حوائج المؤمنين إلى السلاطين عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: "من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها، أثبت الله عزَّ وجلَّ قدميه على الصراط"13

وفي وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لكميل: "يا كميل! إيّاك والتطرّق إلى أبواب الظالمين، والاختلاط بهم، والاكتساب منهم، وإيّاك أن تطيعهم أو تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك، يا كميل! إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله تعالى، وتوكّل عليه، واستعذ بالله من شرّهم، وأطرق عنهم، وأنكر بقلبك فعلهم، وأجهر بتعظيم الله لتسمعهم فإنّهم يهابونك وتكفي شرّهم"14.

* زاد عاشوراء, نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافيّة , الطبعة التاسعة: تشرين الأول 2010م - 1431هـ/ ص:197.

1- هود 113.
2- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
3- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
4- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص513.
5- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص517.
6- الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج5، ص108.
7- الأنعام 45.
8- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص217.
9- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج17، ص181.
10- جامع أحاديث الشيعة، ج17، ص276.
11- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص482.
12- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج17، ص194.
13- الأمالي الشيخ الطوسيّ، ص203.
14- بحار الأنوار، ج74، ص269.

السبت، 1 أكتوبر 2016

توصيات عامة من المرجعية الخطباء و المبلغين في شهر محرم 1438ھ


توصيات عامّة من المرجعية الدينية العليا للخطباء والمبلّغين في شهر المحرّم الحرام لعام 1438 هـ



توصيات عامة من المرجعية الدينية العليا للخطباء والمبلغين في شهر المحرم الحرام لعام 1438هـ
     بسم اله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
((ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب))

يطل علينا شهر محرم الحرام ونستذكر من خلاله اعظم حركة قادها المصلحون في مجال تطوير المجتمعات وبعث ارادة الامم واصلاح الاوضاع، الا وهي الحركة الحسينية المباركة، واستذكار هذه الحركة المباركة يلقي على عواتقنا نحن اتباع الامام الحسين بن علي (عليه السلام) مسؤولية كبرى وهي مسؤولية الحفاظ على استمرار هذه الحركة وترسيخ اثارها وابعادها في النفوس والقلوب، ولا يخلو انسان حسيني من نوع من مسؤولية سواء كان عالما دينيا او مثقفا او متخصصا في مجال من مجالات العلوم المادية والانسانية المختلفة، فكل منا يتحمل مسؤولية الحفاظ على هذه الثورة الحسينية المباركة من خلال اصلاح نفسه واهله واسرته ومن خلال قيامه بتوعية المجتمع الذي حوله بأهمية هذه الحركة وعظمة هذا المشروع الحسيني العظيم، ولكن الخطباء يتحملون المسؤولية الكبرى بلحاظ انهم يجسدون الوجه الاعلامي لحركة عاشوراء ولمشروع سيد الشهداء (عليه السلام) ، ولذلك نحتاج ان نتوقف قليلا لنتساءل: هل ان المنبر الحسيني يقوم بتجسيد وتفعيل هذه المسؤولية بما ينسجم مع مقتضيات الزمان ومستجدات العصر بحيث يحقق الاثار الحسينية الشريفة في النفوس والقلوب؟
وانطلاقا من هذه النقطة نستذكر بعض الارشادات والنصائح لكل من يعلو منبر سيد الشهداء (عليه السلام) : 
1-  تنوع الاطروحات، فان المجتمع يحتاج الى موضوعات روحية وتربوية وتاريخية وهذا يقتضي ان يكون الخطيب متوفرا على مجموعة من الموضوعات المتنوعة في الحقول المتعددة تغطي بعض حاجة المسترشدين من المستمعين وغيرهم.
2- ان يكون الخطيب مواكبا لثقافة زمانه، وهذا يعني استقراء الشبهات العقائدية المثارة بكل سنة بحسبها واستقراء السلوكيات المتغيرة في كل مجتمع وفي كل فترة تمر على المؤمنين، فان مواكبة ما يستجد من فكر او سلوك او ثقافة تجعل الالتفاف حول منبر الحسين (عليه السلام) حيا جديدا ذا تاثير وفاعلية كبيرة.
3- تحري الدقة في ذكر الآيات القرآنية او نقل الروايات الشريفة من الكتب المعتبرة او حكاية القصص التاريخية الثابتة حيث ان عدم التدقيق في مصادر الروايات او القصص المطروحة يفقد الثقة بمكانة المنبر الحسيني في اذهان المستمعين.
4- ان يترفع المنبر عن الاستعانة بالاحلام وبالقصص الخيالية التي تسيء الى سمعة المنبر الحسيني وتظهره انه وسيلة اعلامية هزيلة لا تنسجم ولا تتناسب مع المستوى الذهني والثقافي للمستمعين.
5- جودة الاعداد، بأن يعنى الخطيب عناية تامة بما يطرحه من موضوعات من حيث ترتيب الموضوع وتبويبه وعرضه ببيان سلس واضح واختيار العبارات والاساليب الجذابة لنفوس المستمعين والمتابعين، فان بذل الجهد الكبير من الخطيب في اعداد الموضوعات وترتيبها وعرضها بالبيان الجذاب سيسهم في تفاعل المستمعين مع المنبر الحسيني.
6- ان تراث اهل البيت (عليهم السلام) كله عظيم جميل ولكن مهارة الخطيب وابداعه يبرز باختيار النصوص والاحاديث التي تشكل جاذبية لجميع الشعوب على اختلاف اديانهم ومشاربهم الفكرية والاجتماعية انتهاجا لما ورد عنهم (عليهم السلام) (إنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)، ومحاسن كلامهم هو تراثهم الذي يتحدث عن القيم الانسانية التي تنجذب اليها كل الشعوب بمختلف توجهاتها الثقافية والدينية.
7- طرح المشاكل الاجتماعية الشائعة مشفوعة بالحلول الناجعة، فليس من المستحسن ان يقتصر الخطيب على عرض المشكلة كمشكلة التفكك الاسري او مشكلة الفجوة بين الجيل الشبابي والجيل الاكبر او مشكلة الطلاق او غيرها، فان ذلك مما يثير الجدل دون مساهمة من المنبر في دور تغييري فاعل، لذلك من المأمول من رواد المنبر الحسيني استشارة ذوي الاختصاص من اهل الخبرة الاجتماعية  وحملة الثقافة في علم النفس وعلم الاجتماع في تحديد الحلول الناجعة للمشاكل الاجتماعية المختلفة ليكون عرض المشكلة مشفوعة بالحل عرضا تغييريا تطويريا ينقل المنبر من حالة الجمود الى حالة التفاعل والريادة والقيادة في اصلاح المجتمعات وتهذيبها.
8- ان يتسامى المنبر الحسيني عن الخوض في الخلافات الشيعية سواء في مجال الفكر او مجال الشعائر فان الخوض في هذه الخلافات يوجب انحياز المنبر لفئة دون اخرى او اثارة فوضى اجتماعية او تأجيج الانقسام بين المؤمنين، بينما المنبر راية لوحدة الكلمة ورمز للنور الحسيني الذي يجمع قلوب محبي سيد الشهداء (عليه السلام) هي مسار واحد وتعاون فاعل.
9- الاهتمام بالمسائل الفقهية الابتلائية في مجال العبادات والمعاملات من خلال عرضها باسلوب شيق واضح يشعر المستمع بمعايشة المنبر الحسيني لواقعه وقضاياه المختلفة.
10- التركيز على أهمية المرجعية والحوزة العلمية والقاعدة العلمائية التي هي سر قوة المذهب الامامي ورمز عظمته وشموخ كيانه وبنيانه.
 نسال الله تبارك وتعالى للجميع التوفيق لخدمة طريق سيد الشهداء (عليه السلام) وان يجعلنا جميعا وجهاء بالحسين (عليه السلام) في الدنيا والاخرة.
والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطيبين الطاهرين.
 مؤسسة الإمام علي(عليه السلام) ـــ لندن

كلمات الإمام الخميني حول عاشوراء




ـ محرّم هو الشهر الذي أحيا فيه سيد المجاهدين والمظلومين الإسلام، وأنقذه من مؤامرة عناصر نظام بني أميّة الفاسدين، الذين كانوا قد ساروا بالإسلام إلى حافّة الهاوية. 
ـ دم سيد الشهداء هو الذي حرّك دماء الشعوب الإسلاميّة بأسرها. 
ـ مذهب التشيّع يرى في محرم شهر النصر الذي تحقق بالفداء وبذل الدماء. 
ـ محرّم هو شهر النهضة الكبرى لسيد الشهداء وسيد أولياء الله، الذي علّم البشرية ـ بثورته ـ درس البناء والصمود، وعلّمها أن طريق فناء الظالم وهزيمته إنما يكون بتقديم الضحايا والتضحية بالنفس. وهذا الأمر هو أهم تعاليم الإسلام للشعوب إلى آخر الدهر. 
ـ محرم هو الشهر الذي انتفضت فيه العدالة لمواجهة الظلم، وقام فيه الحق لمواجهة الباطل، فأثبت أن الحق منتصر على الباطل على مرّ التاريخ. 
ـ بحلول محرم الحرام يكون قد حل شهر الملاحم والشجاعة والفداء، شهر انتصار الدم على السيف، شهر تمكّن فيه الحق من دحض الباطل، ودمغ جبهة الظالمين والحكومات الشيطانية بختم البطلان، شهر علم الأجيال ـ على مرّ التاريخ ـ طريق الانتصار على الرماح، شهر سجّلت فيه هزيمة القوى الكبرى أمام كلمة الحق، شهر علّمنا فيه إمام المسلمين طريق مواجهة الظالمين على مدى التاريخ. 
ـ قتلوا سيد الشهداء، فتقدم الإسلام أكثر. 
ـ قضى سيد الشهداء(عليه السلام) وقضى معه جميع أصحابه وعشيرته، لكنّ رسالتهم اندفعت إلى الأمام. 
ـ استشهاد سيد الشهداء أحيا الرسالة. 
ـ إحياء عاشوراء مسألة سياسية وعبادية هامة جداً. 
ـ الثورة الإسلاميّة في إيران هي ومضة من عاشوراء والثورة الإلهية العظيمة التي اندلعت فيه. 
ـ إنّ الدماء التي سفكت في واقعة كربلاء حطمت قصر الظالمين، وكربلاؤنا قوّضت قصر السلطة الشيطانية. 
ـ أحيوا ذكر واقعة كربلاء، وأحيوا ذكر الاسم المبارك لسيد الشهداء، فبإحيائهما يحيا الإسلام. 
ـ يجب أن تبقى قضية كربلاء (والتي تعد من أهم القضايا السياسية) حيّة دوماً. 
ـ أحيوا ذكرى شهر محرم، فكلّ ما لدينا من محرم هذا.
ـ إنّ شهري محرم وصفر هما اللذان بعثا الحياة في الإسلام. 
ـ إنّ وحدة الكلمة ـ التي كانت سبباً لانتصارنا ـ إنّما هي نتيجة لمجالس العزاء والحزن هذه، وهي بعد مجالس التبليغ بالإسلام وترويجه. 
ـ لتقام مجالس ذكرى سيد المظلومين والأحرار بجلال أكثر وحضور أكثر فهي مجالس غلبة قوى العقل على الجهل، والعدل على الظلم، والأمانة على الخيانة، وحكومة الإسلام على حكومة الطاغوت. 
ـ شهر محرم هو الشهر الذي يكون الناس فيه مهيئون لسماع الحقائق. 
ـ البكاء على مصاب الإمام الحسين (عليه السلام) هو إحياء للثورة، وإحياء لفكر وجوب وقوف الجمع القليل بوجه إمبراطورية كبيرة. 
ـ يجب أن يكون للطم الصدور محتوىً أيضاً. 
ـ عاشوراء هو يوم الحداد العام للشعب المظلوم، ويوم الملحمة، ويوم الولادة الثانية للإسلام والمسلمين

الجمعة، 30 سبتمبر 2016

عاشوراء يوم الله؟ 0


عاشوراء يوم الله؟






0

قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ1.

الحريّة قضيّة رساليّة
لقد تكرّر في القرآن الكريم التصريح بأنّ هدف بعثة الأنبياء إخراج من أرسلوا إليهم من الظلمات إلى النور، وهذا الإخراج الذي يراد منه انعتاق النّفوس البشريّة من التيه في أودية الضلال إلى التوحيد والاستضاءة بنور الهداية الإلهيّة. ومحوره أنّ الهداية والضلال في أيدي النّاس؛ ومن جملة مهامّ الأنبياء إخراج الناس من ظلمات العبوديّة، والظلم وتحريرهم من سطوات الطواغيت، فحريّة النّاس من أهمّ بل وأولى مهامّ القادة الربّانيّين، فالظلام منه الكفر والشرك وكذلك منه الذلّ والقهر والفساد والاستعباد والظلم، والنور كما أنّه الحقّ والتوحيد والإيمان والتقوى كذلك هو الحرّيّة والاستقلال والعزّة والشرف وعن ذلك قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ2 وفي معرض تفسيره لهذه الآية يقول العلّامة الطباطبائيّ في الميزان: "في الآية أعلاه دليل على أهمّيّة الحرّيّة والاستقلال في مصير الأمم"3.

ثمّ يعود مكمّلاً ما بدأه قائلاً: "ولهذا السبب كان العمل الأوّل للقادة الإلهيّين هو تحرير الشعوب من التبعيّة الفكريّة والثقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة..."4 وبهذا يتحصّل أن تحرّر الشعوب واستقلالها وبناء عزّتها قضيّة رساليّة يتولّاها القادة الإلهيّون كما يتولّون مسألة الهداية الدينيّة بالمعنى الأخصّ.
أيّام التحرّر أيّام الله
ويكمل المولى تعالى في نفس الآية أي الخامسة من سورة إبراهيم بيان وظيفة من وظائف الأنبياء إضافة إلى العمل على تحرير شعوبهم واستقلاله، فيشير إلى أنّها أيّام الله فينسبها إلى نفسه ثمّ يأمر نبيّه موسى بأن يذكّر أمّته بهذه الأيّام بقوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ5.

صحيح أنّ كلّ الأيّام، وكلّ الأمكنة، وكلّ الخلق، هي أيّام لله وأمكنة لله، وعباد لله، ولكن ثمّة خصوصيّة للمكان ليصبح بيت الله، وللمخلوق ليصبح وليّ الله، وكذلك كتاب الله، وكذلك شهر الله ويوم الله؛ فكلّها لله، لكن لميزة خاصّة بها استحقّت هذا الانتساب، ولنعد إلى الأيّام التي نسبها الله لنفسه لنجد في الآية التي تليها ما يلي:

﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ6.

فالآية تشير إلى كيفيّة امتثال النبيّ موسى للأمر الإلهيّ بالتذكير بأيّام الله؛ فذكر مسألة يوم مصيريّ في حياة بني إسرائيل، وهو يوم نجاة بني إسرائيل من سطوة وجور فرعون وهلاكه وجنده بالغرق.

فيوم هلاك الطاغية وجنده ويوم تحرّر أمّة موسى عليه السلام هو يوم الله، ولا بدّ من التذكير به وقد أورده تعالى في الآية السابقة حيث ذكر موسى بهذا اليوم بالخصوص مع ما في حياة بني إسرائيل من الأيّام المليئة بالآيات الإلهيّة، والأمر بالتذكير بها دليل على ما لقضيّة التحرّر والاستقلال من أهمّيّة محوريّة في حياة الأمم ومهامّ القادة الرساليّين.

لماذا التذكير بأيّام الله؟
إنّ تذكّر الأيّام العظيمة والحسّاسة، والمصيريّة، والتي تجلّت فيها العناية والألطاف الإلهيّة مدعاة للاستفادة من دروسها وأخذ العبر منها ومعرفة السنن الإلهيّة الجارية فيها سياسيّة أو اجتماعيّة أو تاريخيّة أو غير ذلك، إضافة إلى أنّ لها دوراً مؤثّراً في كلّ ما له علاقة ببناء النّفوس والجماعات وترسيخ القيم وكذلك في بناء الوعي العامّ، ولها كذلك مؤثّريّة في يقظة الشعوب، وبناء عزّتها وثقتها بالقدرة على الفعل، وصنع النّفوس المتأهّبة لصيانة الشعوب والأمم وحرّيّاتها وكياناتها والذود عن حماها، وتأصيل بعض الصفات في النّفوس كالصبر والتحمّل والشجاعة والإباء، والجدّ والاجتهاد والتعاون وغير ذلك؛ وفي التذكير بأيّام الله تنويه بأبطال الحدث وتقديمهم قدوات.

ولكن يبقى أن نشير إلى أنّه تعالى عقّب على الآية التي ذكرت كيف أدّى موسى عليه السلام التكليف بالتذكير بأيّام الله؛ بخطاب وجّهه إلى بني إسرائيل قائلاً: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ7 وفيه إشارة إلى أنّ التذكير من فوائده عرفان النعمة وحقّها وحقّ المنعم وأداء الحقوق في كلّ ذلك وفي ضوئه.

عاقبة عدم الشكر
في الآية السابقة جعل تعالى، بإشارة ليست بخفيّة، حسن التعامل مع أيّام الله والتذكير بها الزيادة فإن كانت النعمة هي التحرّر والاستقلال فإنّ الزيادة هي زيادة في نعمة الحرّيّة والاستقلال بزيادة الأسباب المثبتة له، والزيادة في مراتب التحرّر والاستقلال بما يعني زيادة الاقتدار والقوّة، والعزّة والمنعة، والدولة والسلطان؛ وليكون هذا الشكر شكراً عمليّاً - وهو المطلوب هنا- يفترض أن يكون كلّ ذلك بإقامة العدل ونصرة الحقّ ونشر الهدى والصلاح كما جاء في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ8.

ولكن قوم موسى عليه السلام كما نجحوا أحياناً فكان نصر طالوت على جالوت، وكانت دولة سليمان وداود عليهما السلام كذلك أخفقوا مرّات، ولأنّ الله عالم بما سيكون منهم قال لهم متوعّداً على عدم الشكر العمليّ على القوّة والسلطات والاستقلال بقوله تعالى على سبيل الإخبار: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ9.

عاشوراء يوم الله؟
بناء على القول إنّ أيّام الله هي الأيّام العظيمة والمصيريّة في حياة الأمم والحسّاسة والتي انتصرت فيها الحرية، والعزة، والقيم، فإنّا نستطيع القول إنّ عاشوراء ذلك اليوم الذي تجلّت فيه البطولة والفداء، والإيثار، والتوحيد وإباء الضيم والعزّة، وأشرقت من صعيدها شمس آل بيت الطهر نوراً عصيّاً على أن تطفئه ظلمات، سيوف، وجيوش، ونفوس، وأفواه على مدى الزمن.

ولئن كان للبعض أن يقول: إنّ يوم الله في الظاهر هو اليوم الظاهر فيه اللون الإيجابيّ، وفي كربلاء فإنّ ظلام المأساة، قد يجعلنا نتردّد في كون يوم عاشوراء يوماً لله.

إلّا أنّنا نقول: يكفي ما جاء على لسان السيّدة زينب عليها السلام ردّاً على ابن زياد عندما حاول التشفّي بمصاب أهل البيت عليهم السلام إذ قالت: "ما رأيت إلّا جميلاً"10.

فضلاً عن قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم:"أيّام الله نعماؤه وبلاؤه ببلائه سبحانه"11.

يوم وليّ الله يوم الله
لقد شكّل يوم العاشر من المحرّم سنة إحدى وستّين للهجرة يوماً فارقاً في حياة الأمّة الإسلاميّة بل في حياة الإنسانيّة، وقد استخدم أهل البيت عليهم السلام في الإشارة إلى ذلك اليوم مرّات كثيرة بدل عبارة يوم عاشوراء، تسمية يوم الحسين عليه السلام. فيوم عاشوراء هو يوم تجلّي الحسين عليه السلام وظهور شيء من كمالاته الإنسانيّة والروحانيّة التي تبقى مدهشة للعقول على طول الدّهر.

ولقد أثبت إحياء ذلك اليوم كلّ عام الذي هو نحو من التذكير به أثره في بناء النّفوس وإعلاء القيم وبثّ المفاهيم.

ولذا فإنّ إحياء عاشوراء هو تذكير بيوم الحسين عليه السلام ويوم وليّ الله يوم لله تعالى، فالتذكير به تذكير بأيّام الله.

كما علينا أن لا ننسى أيّام الله في هذا البلد لا سيّما يوم التحرير ويوم النّصر الإلهيّ وغير ذلك.

* كتاب زاد عاشوراء، إعداد معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

1- سورة إبراهيم، الآية 5.
2- سورة إبراهيم، الآية 5.
3- تفسير الميزان، الطباطبائيّ، ج7، ص463.
4- نفس المصدر.
5- سورة إبراهيم، الآية 5.
6- سورة إبراهيم، الآية 6.
7- سورة إبراهيم، الآية 7.
8- سورة الحجّ، الآية 41.
9- سورة الأعراف، الآية 167.
10- اللهوف في قتلى الطفوف، ص29.
11- تفسير نور الثقلين، ج2 ص526.

الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

السيدة زينب عليها السلام مستودع سرالإمامة


ومن الشرف الذي لا يَلحقه شرفٌ أنّ الإمام الحسين عليه السّلام ائتمن أختَه العقيلةَ عليها السّلام على أسرار الإمامة، فقد روى الشيخ الصدوق بإسناده إلى أحمد بن إبراهيم، قال:دخلتُ على حكيمة بنت محمّد بن عليّ الرضا أخت أبي الحسن (عليّ الهادي) العسكريّ عليهم السّلام في سنة 262 هـ بالمدينة، فكلّمتُها من وراء حجاب وسألتُها عن دِينها، فسَمَّت لي مَن تأتمّ بهم، ثمّ قالت: فلان ابن الحسن عليه السّلام، فسَمّته (يقصد سَمَت الإمام الحجّة بن الحسن العسكريّ عليه السّلام.

فقلتُ لها: جَعَلني اللهُ فِداكِ، مُعايَنةً أو خَبَراً؟
فقالت: خبراً عن أبي محمّد عليه السّلام كَتَب به إلى أمّه.

فقُلت لها: فأين المولود؟
فقالت: مستور.

فقلت: فإلى مَن تَفَزَعُ الشيعة؟
فقالت: إلى الجدّةِ أمّ أبي محمّد عليه السّلام.

فقلت لها: أقتدي بمَن وصيّتُه إلى امرأة؟!
فقالت: اقتداءً بالحسين بن عليّ عليه السّلام, إنّ الحسين بن عليّ عليه السّلام أوصى إلى أخته زينب بنت عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في الظاهرأسرار الإمامة1.

وروي أنّه كانت لزينب عليها السّلام نيابة خاصّة عن الحسين عليه السّلام، وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام، حتّى برئ زينُ العابدين عليه السّلام من مرضه.
فالعقيلة زينب الكبرى عليها السلام المعروف عنها حسب ماورد في المقاتل: أن الحسين عليه السلام يوم عاشورا قبل أن يقتل بقليل أوصاها بكفالةالعائلة من بعده هذا وارد وصحيح والروايات تؤكد على ذلك ولكن الأهم من كفالة العائلة أباح لها بسر يختلج في صدره وهو الحفاظ على الإمامة المتمثلة في شخصية الإمام زين العابدين عليه السلام فكان قلب زينب عليها السلام الكبير يخفق عندما يتعرض الإمام السجاد عليه السلام لمحاولة القتل أو الإغتيال فلذلك نلاحظ أنه حدثت ثلاث محاولات قتل للإمام عليه السلام وزينب عليها السلام قد دفعت ذلك عنه بكل جرأة ولم يصاب بأذى وهنا يكمن الإعجاز البطولي لهذه المرأة العظيمة وهذه السيدة الجليلة القدر والجاه عند الله تبارك وتعالى.

ونظم في شأن فضلها: الشيخ محمد حسين الأصفهاني قدس سره:
مــلـيكة الـدنيا عقيلة النسا       عديلة الخامس من أهل الكسا
ما ورثـته من بني الرحمة        جوامــع العـلـم أصول الحكمة
فــإنهـا ســلالـة الـولايــــة        ولايـة لـيـــس لهـا نـهـايــــة


ماحدث في مجلس ابن زياد

الرواية تقول: أدخلوا السبايا إلى قصر الإمارة في الكوفة ويقدمهم الإمام علي بن الحسين عليها السلام وهو عليل مريض والأغلال في يديه والقيود في رجليه والجامعة على عنقه وقد أثرت في رقبته وحاله يرثي له كل غيورومن خلفه امرأة نحيفة ومن خلفها نساء وأطفال.

ذكر الشيخ المقرم في مقتله: لما رجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة ودخل قصر الامارة ووضع امامه الرأس المقدس سالت الحيطان دما وخرجت نار من بعض نواحي القصر وقصدت سرير ابن زياد فولى هارباً منها ودخل بعض بيوت القصر فتكلم الرأس الازهر بصوت جهوري سمعه ابن زيد وبعض من حضر الى اين تهرب فان لم تنلك في الدنيا فهي في الآخرة مثواك" ولم يسكت حتى ذهبت النار! وادهش من في القصر لهذا الحادث الذي لم يشاهد مثله ولم يرتدع ابن زياد لهذا الحادث بل اذن للناس إذناً عاما وامر بادخال السبايا مجلسه فادخلت عليه حرم رسول الله بحالة تقشعر لها الجلود.
أبـرزت حـاسرة لـكن عـلــى           حـالة لـم تبق للجلد اصطبارا
لا خـمار يـستـر الـوجـه وهل          لـكريمات الـهدى ابقوا خمارا
لاولا مــن ألـبسها مـن نـوره          أزراً مـذ سـلبوا عـنها الازارا
لـم تُـدع يا شلّتِ الايدي لهـا            من حجاب فيه عنهم تتوارى
2 


وذكر الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد: 

وأدخل عيال الحسين عليها السلام على ابن زياد, فدخلت زينب أخت الحسين في جملتهم متنكرة وعليها أرذل ثيابها, فمضت حتى جلست ناحيةً من القصر, وحفت بها إماؤها.
فقال ابن زياد, من هذه التي انحازت ناحيةً ومعها نساؤها؟!

فلم تجبه زينب.
فأعاد القول ثانيةً وثالثةً يسأل عنها؟

فقالت له بعض إمائها: هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله.
فأقبل عليها ابن زياد وقال لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.

فقالت زينب: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وطهرنا من الرجس تطهيرا, وإنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر, وهو غيرنا والحمد لله.
فقال ابن زياد: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟!

فقالت: ما رأيت إلا جميلاً, هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل, فبرزوا إلى مضاجعهم, وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون إليه وتختصمون عنده فانظر لمن الفلج يومئذ, ثكلتك أمك يابن مرجانة!!
فغضب ابن زياد واستشاط , فقال له عمرو بن حريث: أيها الأمير, إنها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها.

فقال ابن زياد: لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك.
فرقت زينب وبكت وقالت له: لعمري لقد قتلت كهلي, وقطعت فرعي, واجتثثت أصلي, فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت.

فقال ابن زياد: هذه سجاعة, ولعمري لقد كان أبوها سجاعاً شاعراً.
ثم التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين وقال له: من أنت؟

فقال: أنا علي بن الحسين.
فقال: أليس الله قد قتل علي بن الحسين؟

فقال علي: قد كان لي أخ يسمى علي بن الحسين, قتله الناس.
فقال ابن زياد: بل الله قتله.

فقال علي بن الحسين: الله يتوفى الأنفس حين موتها.
فكبر على ابن زياد ان يرد عليه فأمر ان تضرب عنقه. فتعلقت به زينب عمته, وقالت: يا بن زياد! حسبك من دمائنا. واعتنقته وقالت: والله لا أفارقه, فإن قتلته فاقتلني معه.

فقال السجاد عليها السلام: أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة فنظر ابن زياد اليهما وقال: دعوه لها عجباً للرحم ودَّت انها تقتل معه..
فنظر ابن زياد إليها وإليه ساعة, ثم قال: عجباً للرحم! والله إني لأظنها ودت أني قتلتها معه, دعوه فإني أراه لما به.

ثم أمر ابن زياد بعلي بن الحسين وأهله فحملوا إلى دار جنب المسجد الأعظم, فقالت زينب بنت علي: "لا يدخلن علينا عربية إلا أم ولد مملوكة, فإنهن سبين وقد سبينا3.
أبـا حـسن تـغـضـي وتـلـتذّ بالكرى           وبالكفّ امست تستر الوجه زينـب
أبـا حسن ترضى صفاياك في السبا         ونـسـوة حـــرب بالمقاصير تحجب
وتـلوي لـلين الـفرش جـنـباً وهذه            بـناتك فــــوق الـعيس للشام تجلب
ويـهـنيـك عـيش والـعـقـائل حـسّــر         اذا مـا بـكـــت بـالأصبحيـة تضـرب


منطق الحق لا منطق الإرهابالمتتبع المنصف لما جرى في مجلس الطاغية ابن زياد لاينثني عن مبدأ الحق وصاحب الحق دائما يكون في المحجة أقوى من صاحب الباطل وزينب عليها السلام حينما دخلت مجلس ابن زياد دخلت وهي متنكرة وذلك لما تمتلكه من عفة وشرف وطهارة وحياء وهي من النساء اللواتي تضرب بها الأمثال في صونها وعفتها فجاء تنكرها هذا استهانة لابن زياد فحتى أنها ما أرادت أن تكلمه لولا أنه خرج عن أصول الكلام والحياء وهذا ما نلحظه جليا في الرواية: "فقال ابن زياد من هذه التي انحازت ناحية ومعها نساؤها؟ فلم تجبه زينب عليها السلام". لماذا لم تجبه؟ لأنه أحقر من أن تجبه أي من باب "ولا ترد على السفيه جواب" والطاغية ابن زياد هو أسفه السفهاء وأحقر الحقراء ويستحق في نظر الحوراء زينب عليها السلام ونظر الأحرارالشرفاء الإهانة والتحقير.

الرواية تقول: فأعاد القول ثانية وثالثة يسأل عنها وهي لم تكلمه ولم ترد عليه جوابا وإنما كلمته أحد إمائها فقالت: "هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".
وعندما سمع بذكر زينب عليها السلام وهو يعرف من هي زينب ومن أبيها ومن هم إخوتها وماهو مقامها, أراد أن يفجع قلبها ويدميه في نظره لكي يثنيها ويستثيرها ولكي يرى مدى ردة فعلها وبأي طريقة تخاطبه كعادة كل الجبابرة والطغاة يجبرون الإنسان على الفعل ضدهم وينتظرون منه ردة الفعل لكي يضاعفوا في عقابه.

قال الطاغية: "الحمد لله الذي الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم".
فقالت بعدما أثنت على جدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى طهارة آله الأخيار الذين طهرهم الله تطهيرا: من جملة ماقالت له: "وإنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا"4.

في هذا الحوار القصير بين الخير والشر, وبين الفضيلة والرذيلة وبين الحق والباطل، وبين القداسة والرجس, وبين ربيبة الوحي وعقيلة النبوة وبين الدعي ابن الدعي! إنكشفت نفسيات كل من الفريقين.
أرأيت كيف صرح ابن زياد بالحقد والعداء لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والشماتة وبذاءة اللسان, وحقارة النفس ودناءة الروح وقذارة الأصل؟

فهو يحمد الله تعالى على قتل أولياء الله, وتدفعه صلافة وجهه أن يقول: "وفضحكم", وليت شعري أية فضيحة يقصدها؟!
وهل في حياة أولياء الله من فضيحة؟!
أليس الله تعالى قد أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً؟!
أليس نسبهم أرفع نسب في تاريخ العظماء؟!
أليست حياتهم متلألأة بالفضائل والمكارم؟!

قال السيد كاظم القزويني في كتابه زينب الكبرى:
وهل ـ والعياذ بالله ـ توجد في حياتهم عليها السلام منقصة واحدة أو عيب واحد حتى يفتضحوا؟

ولكن ابن زياد يقول: وفضحكم.
ويزداد ذلك الرجس عتواً ويقول: "وأكذب أحدوثتكم" الأحدوثة: ما يتحدث به الناس, والثناء والكلام الجميل.

أمام هذا المنطق الهزيل انكشف الوجه القبيح لابن زياد وقبح فعله قبل أن يقبح منطقه فكانت عقيلة الطالبيين عليها السلام لما كانت تتحلى به من الصواب والحنكة والحكمة أن لاترد على مثل كلامه الساقط السخيف ولكن كما ذكرت لك قد فرضت الضرورة على حفيدة النبوة, ووليدة الإمامة, ورضيعة العصمة أن تتنازل وتجيب على تلك الكلمات الساقطة السافلة.

فقالت عليها السلام: "ما رأيت إلا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون وتختصمون عنده"5.
أنظروا أيها المسلمون: إلى الحكمة في جواب هذه المرأة العظيمة وإلى مدى قوة صبرها حيث أراد الطاغية أن يستثيرها بهذه الكلمات الجارحة إلا أنها كانت صابرة ومحتسبة ولخصت فعل قبح جريمة ابن زياد النكراء في قتله لأخيها الحسين عليها السلام قالت "مارأيت إلا جميلا" وهذا معنى التسليم والتفويض لأمر الله تعالى والرضا بقضائه وقدره حيث قالت: كتب الله عليهم القتل معنى ذلك أنه يابن زياد لولا أن الله قدر لهم هذه الشهادة لاتستطيع أنت قتلهم ولا تقدر على التمثيل بأجسادهم ولكن كتبة الله عزوجل وإرادته فوق كل الإرادات.

ثم أشارت الصديقة الصغرى عليها السلام إلى أن يوم القيامة سيجمع الله بين القاتل وبين المقتول وبن صاحب الحق وصاحب الباطل وهناك بين الإثنين فصل حكم الخطاب معناه هنك بين يدي الله سبحانه وتعالى حكم إلهي وقضاء عادل وكل منهما سيأخذ جزاءه وعقابه الظالم في الجحيم والمظلوم في النعيم..

وتـشاطرت هـي والحسين بدعوة        حـتم الـقضاء عـليهما ان يــنــدبا
هــذا بـمـشـتبـك الـنـصـول وهــذه       في حيث معترك المكاره في السّب
ا


زيد بن أرقم وعلامة التعجب!!
التعجب الأول: قال الشيخ المفيد في (الإرشاد): ولما أصبح عبيد الله بن زياد بعث برأس الحسين عليها السلام فدير به (أي: طيف به) في سكك الكوفة كلها وقبائلها.
فروي عـن زيد بن أرقم أنه قال: مر بـه علي وهـو على رمـح وأنا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ: "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا.

فوقف ـ والله ـ شعري وناديت: رأسك ـ والله ـ يابن رسول الله أعجب وأعجب6
لهفي لرأسك فوق مسلوب القنا              يـكسوه مـن أنـواره جلبابا
يتلو الكتاب على السّنان وإنّما               رفعوا به فوق السّنان كتابا

أروحـك ام روح الـنـبـوة تـصـعــد            من الارض للفردوس والحور سجَّد
ورأسك أم رأس الرسول على القنا          بــآيـه أهـــل الـكـهــف راح يـــردّد


التعجب الثاني:
 قال الراوي لما وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه وجعل ينكت بالقضيب ثناياه ساعة فقال له زيد بن ارقم: ارفع القضيب عن هاتين الشفتين فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبلهما ثم بكى فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك فوالله لو لا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك! فخرج زيد من المجلس وهو يقول: ملك عبد عبداً فاتخذهم تلداً, انتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وامرتم ابن مرجانة يقتل خياركم ويستعبد شراركم فرضيتم بالذل فبعداً لمن رضي بالذل7.

موقف عبد الله بن عفيف الأزدي

ووقف ذلك الموقف المشرف أمام الطاغية ابن زياد عبدالله ابن عفيف الأزدي يدافع عن ظلامة سبايا آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما رآه منه من تطاول واستهتاربأهل البيت عليها السلام والذي أثاره هو منطق ابن زياد البذيء وتطاوله على كريمة الوحي والهدى فخر المخدرات زينب عليها السلام قال حميد بن مسلم أمر ابن زياد ان ينادى الصلاة جامعة فاجتمعوا في الجامع الأعظم ورقى ابن زياد المنبر فقال: الحمد لله الذي اظهر الحق وأهله ونصر امير المؤمنين يزيد وحزبه وقتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي وشيعته.

فلم ينكر عليه أحد من اولئك الجمع الذي غمره الضلال إلا عبد الله بن عفيف الازدي ثم الغامدي احد بني والبة فانه قام اليه وقال: يا ابن مرجانة, الكذاب ابن الكذاب انت وأبوك والذي ولاك وأبوه يا ابن مرجانة اتقتلون أبناء النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين.

فقال ابن زياد: من هذا المتكلم؟
قال ابن عفيف: انا المتكلم يا عدو الله! تقتلون الذرية الطاهرة التي أذهب الله عنهم الرجس وتزعم انك على دين الإسلام واغوثاه اين اولاد المهاجرين والأنصار لينتقموا من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين.

فازداد غضب ابن زياد وقال: علي به فأتي به إليه فجرد السيف وقتله وقد سطر هذا الرجل أروع المواقف أمام الطاغية ابن زياد8.
من الملاحظ في هذه القصة المحزنة لموقف هذا الرجل العظيم عبدالله بن عفيف أنه كان يمثل الحق وفي عقيدته "أن الساكت عن الحق شيطان أخرس" كما قال أبو عبدالله الحسين عليها السلام فلماذا تخرس الألسن أمام طاغية متهكم مثل عبيدالله بن زياد فابن عفيف كان ينظر الشهادة منذ زمن يوم كان يخوض المعارك مع أمير المؤمنين عليها السلام وقد رأى بأم عينيه مقام السيدة زينب عليها السلام الرفيع عند أهل البيت فبما أنه كذلك تأبى نفسه أن يرى الطاغية بن زياد وهو يحاول إرغامها وإذلالها في مجلسه فما تمالك نفسه فثارت حمية هذا الرجل وغيرته ونطق بالحق أمام الطاغية غير مبال بالقتل أو الشهادة لأنه كان يحمد الله تعالى ويشكره أن أتت إليه وهوكان يتمناها ويتوق إليها. فرحم الله ابن عفيف لقد أصبح قدوة وأسوة حسنة لكل الأحرار في العالم.

ومن خلال هذا الموقف المشرف ينبغي أن تأخذ الأجيال الإسلامية العبر والدروس في الدفاع عن المظلومين والمحرومين والمستضعفين, وأن يكون المسلم نصيرا للحق ولايسكت على الظلم قال أبوعبدالله الحسين عليها السلام "أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر".

أقول: يأأيها الأحرار في العالم إذا أخرصتم عن نطق كلمة الحق تكون كلمة الباطل هي المتحكمة وهي المهيمنة في مصير هذا العالم فأمام غطرسة الظالم والديكتاتور يجب أن نرفع الصوت عاليا وننادي لاللظلم نعم للعدالة والمساواة والحرية والعزة والشرف والكرامة9.

1- بحار الأنوار: 51/364 وزينب الكبرى للقزويني: ص24
2- من قصيدة للسيد عبد المطلب الحلي ذكرت في شعراء الحلة ج3 ص 218
3- كامل ابن الأثير: ج4 ص103
4- الإحتجاج للطبرسي: ص 166
5- بحار الأنوار: ج 45 ص 165
6- الإرشادالشيخ المفيد: ج 2 - ص 117 - 118
7- مناقب ابن شهراشوب: ج11/:4
8- الطبري: ج6 ص263 .
9- سبايا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم / الشيخ مكي فاضل.

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

نقاط وتوجيهات هامة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري حول كيفية حضور الهيئات والمواكب الإيرانية في المسيرة الأربعينية الحاشدة. ألقاها في «الملتقى الوطني الأول للهيئات النشيطة في الأربعين»



يجب أن يجسّد الأربعين في كل عصر الوقوف في وجه يزيد الزمان والدفاع عن حسين الزمان. وكما وقفت زينب الكبرى في وجه يزيد زمانها قائلة له: «فكد كيدك، وناصب جهدك، فوالله لن تمحو ذكرنا»، لابد أن يصرخ الأربعين بنفس هذه الصرخة في وجه يزيد زمانه أيضاً.

لو كنا ونحن في سنة 1437 للهجرة، نهتف باسم كربلاء في سنة 61 للهجرة فقط، لما أضحى هذا الأربعين يُرعب الأعداء. ولو أقيم الأربعين بشكل صحيح، عندذاك سيكون أربعيناً حسينياً وزينبياً، وحينذاك سيخيف أمريكا إذا ما أضيف إليه شخص واحد.

باعتقادي لو تابعنا في هذا العام مسألة الوحدة ورص الصفوف فيما بيننا، فقد أنجزنا إنجازاً كبيراً. بمعنى أنكم وبصفتكم مرآة للثورة، ومرآة لسماحة الإمام القائد، لو استطعتم في هذا العام أن تنتهجوا النهج المهدوي، وتتبعوا الأسلوب الوحدوي، سيمثل عملكم هذا أهم وأفضل تبليغ لحسين الزمان.

يجب علينا أن نشدّد على قضية خط المقاومة، وأن نطرحها بكل قوة وتأكيد في قبال معسكر أمريكا والاستكبار وداعش وآل سعود. ولابد في هذا المضمار من التأكيد على قضية داعش وعلى دعم الكيان الصهيوني وأمريكا لهذا التنظيم الإرهابي، وعلى أن هجوم السعودية على اليمن، كان بدعمٍ من أمريكا وإذنها وضوئها الأخضر.

من الأمور المطلوبة في المسيرة الأربعينية هو الحديث عن حزب الله في لبنان ولاسيما سماحة السيد حسن نصر الله، فإنه شخصية مقبولة لدى كل الفصائل والتيارات وكافة أبناء الشعب العراقي. وحري بأن يتم التبليغ عما حققه حزب الله من نجاحات وانتصارات في سوريا ولبنان في مواجهة إسرائيل، وأن يُعرَّف هذا الخط المتمثل في حزب الله وسماحة السيد حسن نصر الله بكل ما يتسم به من عظمة وعزة بأنه أحد تجليات وامتدادات الجمهورية الإسلامية وولاية الفقيه.

باتوا يطرحون اليوم وبكل قوة في البلدان العربية قضية عدم التدخل في الشؤون الداخلية وفي قضايا البلدان الأخرى. هذا في الوقت الذي نجد فيه أمريكا والسعودية وقطر وتركيا وإسرائيل يتدخلون في شؤون البلدان الأخرى، ولكنهم يطالبوننا بعد التدخل!

باعتقادي يجب التأكيد على بحث الإسلام، وعلى أن الإمام الحسين لم ينهض من أجل الوطن، وأن نهضة عاشوراء لم تكن في سبيل الوطن والقوم والعشيرة والقبيلة والأسرة، بل كانت في سبيل الإسلام.

وظّفوا جلّ أعمالكم للشباب، «عليكم بالأحداث»، فإن شباب العراق كما هو حال شباب إيران يتقبلون أكثر. فاطرحوا عليهم قضية خط المقاومة، وفصائل المقاومة العراقية، وحزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، وشعب البحرين، وشعب إيران والجمهورية الإسلامية، وستجدون إقبالاً كبيراً.

إن استطعتم أن تثبّتوا مفهوم خط المقاومة في الأربعين، فقد حققتم إنجازاً كبيراً. حيث يجب طرح خط المقاومة وإرساء دعائمها. فلا حدود عندنا في الإسلام، والحدود ليست سوى اتفاقية معاصرة لا نقبل بها، والجنسية ليست إلا ورقة. وليس ثمة حدود في إطار الثقافة والعقيدة والإسلام والولاية مطلقاً.

مهمتكم الرئيسية هي في الأيام التي تلي الأربعين. فإن إطعام الطعام ونصب الخيم وإسداء الخدمة وما إلى ذلك في أيام الأربعين في محله، غير أن التبليغ الأساسي يبدأ بعد الأربعين، وما قبل الأربعين ليس سوى مقدمة وتمهيداً لما بعده.

الموضوع الأهم هو إيجاد العلاقات والارتباط مع الشباب. فعليكم بالتواصل مع الشباب العراقي والهيئات العراقية أو البحرينية أو الكويتية أو اللبنانية. وكما أوصى سماحة الإمام القائد القائمين على شؤون الحج بأن ينقلوا تجربة الجمهورية الإسلامية للمسلمين، والحج تجمع يضم نحو ثلاثة ملايين، والأربعين يتضمن زهاء عشرين مليوناً، حريّ بكم أن تنقلوا تجربة الجمهورية الإسلامية من دون إثارة الحساسيات.

المهم في الحديث عن سماحة الإمام القائد هو البحث عن قيادة العالم الإسلامي، وعن دور الجمهورية الإسلامية، وعن كل هذا التقدم التي حققته في ظل الولاية، فبالإمكان الدخول عن هذا الطريق للارتباط مع الشباب البحريني أو اللبناني أو العراقي.

يا حبّذا لو تمكنتم من أن تقيموا في إيران مخيّماً حسينياً على مدار السنة، وأن تدعوا الشباب العراقيين الذين تواصلتم معهم إلى إيران في ربيع الأول أو الثاني أو في شهر رمضان أو بالأخص في الحادي عشر من شباط ذكرى انتصار الثورة الإسلامية أو في يوم القدس، فإن هذا هو التبليغ؛ ذلك أن التبليغ الرئيسي لا يتم في بضعة دقائق وساعات، والتواصل في الأربعين تمهيد للتواصل في أيام ما بعد الأربعين.

حاولوا في الأربعين أن تكسبوا أكبر حدّ ممكن وأن تكون القوة الجاذبة لديكم أعلى من القوة الدافعة، فكلما قلت الحساسيات كلما زاد التكاتف والتلاحم والتعاضد.

المشرف : الشيخ ابو علي الفاطمي @@ 2015 @@

Designed by Templateism